ورد في الروايات ان النبي الأكرم (ص) كان معه ملك يساعده ويؤيده ويجنبه الأخطاء، فلماذا لا يكون مثل هذا الملك مع سائر الناس حتى يجتنبون الأخطاء والذنوب ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوردَ الكلينيّ في الكافي مجموعةً من الروايات في باب الروح التي يسدّدُ بها الأنبياء والأئمة، وتدلّ هذه الروايات على عظيم شأنهم وعلوّ مرتبتهم، فقد خصّهم الله بهذه الروح دون سائر الخلق لأنهم إمّا أنبياء وإمّا أئمة، وهذه مرتبة خاصّة لا يمكنُ أن يشترك فيها جميع البشر، ومن هنا ليس هناك مبرّر للتظلم من قبل من ليس عنده هذه الروح، فكلّ إنسان قد يسرّه الله لما خلق له، فهذه الروح أمرٌ خاصٌ بمن جعلهم الله واسطة بينه وبين خلقه، وهي مرتبة خاضعة لسُنّة الإصطفاء الإلهي، فالله يصطفي وينتجبُ من خلقه من يشاء ليكون حجّة بينه وبين عباده، ولا يصحّ أن يقوم جميع البشر بهذه المهمّة، ومن هنا كان التباين بين البشر ضرورة حياتية وضرورة تؤكدها حِكمة الخلق والأدوار المتعددة التي يجبُ أن يؤدوها، فإذا كان عمل النبيّ أو الإمام لا يقاس بعمل سائر العباد كذلك لا يقاس تكليفهم بتكليف العباد، فالله عادلٌ في حكمه يكلف كلّ واحد بمقدار ما أعطاه من مقدرات ومن ثمّ يحاسبه بمقتضى تلك المقدرات، قال تعالى: (لا يكلفُ الله نفساً إلا وسعها) وقد تحمّل الأنبياء والأوصياء من الأذى ما لا يتحمله عامّة البشر، فصعوبة المهمة التي كلفوا بها استوجبت أن يمدّهم الله بعونه وتوفيقه، وهذه الروح من مصاديق ذلك العون والتسديد، وفي نفس الوقت لم يحرم الله بقية العباد وإنما الجميعُ خاضع لهذا التوفيق والعون الإلهي، كلٌ بقدر طاقته وإستعداده وبقدر جهده وإخلاصه. كما يجب أن نفهم أنّ تسديد الروح للمعصوم ليست على سبيل الجبر والإلزام فيخرج فعله عن نطاق حريته وإختياره، فكما أنّ روح التقوى وروح الإيمان يمنعان الإنسان من المعصية مع قدرته عليها، كذلك يجب أن نفهم الروح التي تسدّد الأنبياء والاوصياء، وقد بيّنا في إجابةٍ سابقة أنّ العصمة لا تجعلُ المكلف خارجَ حدود التكليف، كما أنها لا تجعلهُ خارجَ حدود بشريته فيخرج عن شعوره بالملذات وهوى النفس. وعليه بابُ النجاة مفتوحٌ أمام الجميع، وليس هناك ناجٍ من غير تكليف أو عمل يؤدّيه بإختياره وجهده سواء كان نبيّاً أو كان من عامة الناس.
اترك تعليق