لماذا استخدم الرسول (ص) اللغة العربية في مخاطبة ملوك الفرس والروم في حين انه يتقن جميع اللغات؟
السّلامُ عليكم ورحمة الله:
لم نقِف على سببٍ أكيدٍ لهذا الأمر، وقد يكونُ إعتزازاً منهُ بقوميّتِه العربيّةِ، كما هوَ المُتعارفُ اليومَ في المجالسِ الدّوليّةِ، فترى السّياسيَّ يتكلّمُ بلغةِ قومِه رغمَ تمكّنِه مِن غيرِها، وقَد يكونُ السّببُ أنَّ العربيّةَ هيَ لغةُ القرآنِ العظيمِ الذي هوَ دستورُ المُسلمينَ، والذي يجبُ أن يُبيّنَ للنّاسِ كافّةً باللّغةِ نفسِها التي نزلَ بها على قلبِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِه سواءٌ أكانوا منَ العربِ أم منَ الفُرسِ أم منَ الرّومِ أم مِن غيرهم. قالَ تعالى: {وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ} [النّحلُ : 44]، ونزولُ القرآنِ الكريمِ بالعربيّةِ دليلٌ على أهمّيتِها وأفضليّتها على بقيّةِ اللّغاتِ، والقرآنُ نفسُه يؤكّدُ حقيقةَ ذلكَ لَـمّا قالَ:﴿ إنّا أنزلناهُ قُرآناً عربيّاً لعلّكُم تعقِلونَ ﴾. ولكي يبقى الدّينُ الإسلاميّ هوَ خاتمُ الأديانِ السّماويّةِ والمُهيمنُ عليها كما هوَ المُقرّرُ في القرآن العظيم تجدُ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله يخاطبُ المشمولينَ بهذا الدّينِ بلُغتِه الأساسِ وهيَ العربيّةُ. قالَ تعالى: {وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيمِنًا عَلَيهِ فَاحكُم بَينَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِع أَهوَاءَهُم عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ} [المائدةُ : 48]، وقالَ تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتحُ : 28].
وفي ذلكَ إشارةٌ واضحةٌ إلى ضرورةِ الإهتمامِ الجادِّ والسّعي الحثيثِ في معرفةِ قوانينِ اللّغةِ العربيّةِ وفنونِها وآدابِها ما دامَ القرآنُ العظيمُ قَد نزلَ على طِبقِها ، فاللّغةُ العربيّةُ هيَ عمادُ الدِّين، ولا يمكنُ فهمُ الدِّين والتّلذّذُ بجمالِ القُرآنِ والبيانِ الحسنِ، إلّا بفهمِ لُغةِ العربِ التي بها نزلَ القُرآنُ الكريمُ. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق