ما صحة هذا الحديث (من قال لا اله الا الله دخل الجنة وأن زنا وان سرق)

السلام عليكم سمعت حديثا وارد عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم ) مفاده انه (من قال لا اله الا الله دخل الجنة وأن زنا وان سرق). مامدا صحة الحديث عندنا الامامية؟

: السيد رعد المرسومي

 

السّلامُ عليكُم ورحمةُ الله، 

هذا الحديثُ الواردُ بهذا النّصِّ في منطوقِ السّؤالِ هوَ مِن مرويّاتِ أبناءِ العامّةِ، رواهُ البُخاريّ ومُسلمٌ وغيرُهما، وعلى هذا فلا إشكالَ في صحّتِه بناءً على منهجِ علومِ الحديثِ عندَهم، وأمّا على ضوءِ مدرسةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، فيظهرُ مِن كلماتِ عُلمائِنا أنَّ هذا الحديثَ لا إشكالَ في صِحّتِه إذا تمَّ توجيهُه توجيهاً سليماً ، وكذلكَ مُراعاةُ أهمِّ شرطٍ مُتمّمٍ لمقولةِ (لا إلهَ إلّا الله حتّى يدخلَ الجنّةَ قائلها). فأمّا توجيهُ الحديثِ فقَد تصدّى لذلكَ الشّيخُ الصّدوقُ (ره) في  كتابِه التّوحيد، في الصّفحةِ (٢٦)، حينَ روى الحديثَ، وقالَ في آخره: يَعنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ يُوَفّقُ لِلتَّوبَةِ حَتَّى يَدخُلَ الجَنَّةَ. قلتُ: إنَّ الشّيخَ الصّدوقَ يريدُ أن يقولَ: إنَّ قائلَ هذهِ المقالةِ سيُوفّقُه اللهُ عزَّ وجلَّ إلى أن يتوبَ مِن عملِ الزّنا والسّرقةِ وشُربِ الخمرِ حتّى تُصبحَ مقولةُ (لا إلهَ إلّا اللهَ) الصّادرةُ مِن عندِه خالصةً، فيدخلُ حينئذٍ الجنّةَ. وهوَ توجيهٌ سليمٌ لا غُبارَ عليه. وأمّا بيانُ الشّرطِ المُتمّمِ لهذهِ المقالةِ، فنقولُ: إنّ ذلكَ وردَ في أحاديثِنا عَن أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، والتي نبّهَت على ذلكَ ، فمنها: ما رواهُ الصّدوقُ (ره) في ثوابِ الأعمالِ بإسنادِه إلى أبي هارونَ العبديّ عَن أبي سعيدٍ الخُدريّ قالَ : كانَ رسولُ اللّهِ عليهِ السّلام جالساً وعندَه نفرٌ مِن أصحابِه فيهم عليٌّ بنُ أبي طالب إلى أن قالَ : مَن قالَ : لا إلهَ إلّا اللهَ دخلَ الجنّةَ. فقالَ رجلانِ مِن أصحابِه: فنحنُ نقولُ : لا إلهَ إلّا اللهَ. فقالَ رسولُ اللّهِ عليهِ السّلام: إنّما تُقبلُ شهادةُ أن لا إلهَ إلّا اللّهَ مِن هذا وشيعتِه الذينَ أخذَ اللّهُ ميثاقَهم ، فقالَ الرّجلانِ : فنحنُ نقولُ : لا إلهَ إلّا اللّهَ فوضعَ رسولُ اللّهِ عليه السّلام يدَه على رأسِ عليّ عليهِ السّلام ثمَّ قالَ : علامةُ ذلكَ أن لا تحلّا عُقدتَه ولا تجلِسا مجلسَه ولا تُكذّبا حديثَه. [ينظرُ كتابُ إثباتِ الهُداةِ بالنّصوصِ والمُعجزاتِ للحُرِّ العامليّ، ج3/ص82].   

وفي كتابِ بحار الأنوارِ للمجلسيّ (ج3/ص15) أوردَ روايةً مِن كتابِ فقهِ الرّضا (ع) جاءَ فيها: أنَّ رجلاً أتى أبا جعفر عليهِ السّلام فسألَه عنِ الحديثِ الذي رُوي عَن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله أنّهُ قالَ: مَن قالَ لا إلهَ إلّا الله دخلَ الجنّةَ ، فقالَ أبو جعفرٍ عليهِ السّلام : الخبرُ حقٌّ. فولّى الرّجلُ مُدبِراً، فلمّا خرجَ أمرَ بردِّه ثمَّ قالَ : يا هذا إنَّ للا إلهَ إلّا الله شروطاً ألا وإنّي مِن شروطِها. 

وفي كتابِ مُستدركِ الوسائلِ للنّوريّ الطّبرسيّ في (ج5/ص359) أوردَ عدّةَ رواياتٍ، منها: عَن عبدِ الحميدِ ، عَن معتبٍ مولى أبي عبدِ اللهِ ، عنه ، عَن أبيه عليهما السّلام ، قالَ : ( جاءَ أعرابيٌّ إلى النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ هَل للجنّةِ مِن ثمن ؟ قالَ : نعم ، قالَ : ما ثمنُها ؟ قالَ : لا إلهَ إلّا الله ، يقولُها العبدُ مُخلِصاً بها ، قالَ : وما إخلاصُها ؟ قالَ : العملُ بما بُعثَت بهِ في حقِّه ، وحبُّ أهلِ بيتي ، قالَ : فداكَ أبي وأمّي وإنَّ حُبَّ أهلَ البيتِ لمِن حقِّها ؟ قالَ : إنَّ حُبَّهم لأعظمُ حقّها. 

وعنِ البُرقيّ في المحاسن : عنِ الوشّاءِ عَن أحمدَ بنِ عائذ ، عَن أبي الحسنِ السّوّاقِ ، عَن أبانَ بنِ تغلبٍ ، عَن أبي عبدِ الله عليه السّلام ، قالَ : يا أبانُ إذا قدمتَ الكوفةَ فاروِ هذا الحديثَ، مَن شهدَ أن لا إلهَ إلّا الله مُخلِصاً ، وجبَت لهُ الجنّةُ ، قالَ : قلتُ له : إنّه يأتيني مِن كلِّ صنفٍ منَ الأصنافِ ، فأروي لهُم هذا الحديثَ؟ قالَ: نعَم ، يا أبان ، إنّه إذا كانَ يومُ القيامةِ ، وجمعَ اللهُ الأوّلينَ والآخرينَ، فيسلبُ منهُم ( لا إلهَ إلّا الله ) إلّا مَن كانَ على هذا الأمر.  

وعَن صالحٍ بنِ السّنديّ عَن جعفرٍ بنِ بشيرٍ الصّبّاحِ الحذّاءِ عَن أبانَ بنِ تغلبٍ عَن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام قالَ: إذا كانَ يومُ القيامةِ نادى مُنادٍ : مَن شهدَ أن لا إلهَ إلّا الله ، فليدخلِ الجنّةَ ، قالَ : قلتُ ، فعلامَ نُخاصمُ النّاسَ ، إذا كانَ مَن شهدَ أن لا إلهَ إلّا الله دخلَ الجنّةَ ؟ فقالَ : إنّهُ إذا كانَ يومُ القيامةِ نسوها. ودمتُم سالِمين.