هل أهلُ السنّةِ والجماعة كفّارٌ، من حيث عدم إيمانهم بالأئمّةِ الإثني عشرَ عليهم السّلام ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الكفرُ بمعنى الإخراجِ مِن دائرةِ الإسلامِ لا ينطبقُ إلّا على مَن أنكرَ المبدأ والمعادَ والنبوّةَ أو كذّبَ بما جاءَ بهِ النّبيُّ محمّدٌ (صلّى اللهُ عليه وآله)، فكلُّ مَن شهدَ الشهادتينِ ولم يُكذِّب بشيءٍ مِن رسالةِ الإسلامِ مِن غيرِ شبهةٍ أو تأويلٍ يُعدُّ مُسلِماً ولا يجوزُ تكفيرُه وإخراجُه عَن دائرةِ الإسلامِ، وعليهِ فإنَّ أهلَ السنّةِ مُسلمونَ تجري عليهم أحكامُ المُسلمِ مِن غيرِ خلافٍ بينَ علماءِ الشيعةِ، أمّا الإمامةُ كأصلٍ فهيَ مِن مُختصّاتِ مذهبِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) وقد إستدلّوا على صحّتِها بالأدلّةِ القطعيّةِ منَ القرآنِ والسنّةِ والعقلِ، ومعَ وضوحِها ظلَّت موردَ خلافٍ معَ المذاهبِ الإسلاميّةِ الأخرى، وعليهِ إذا كانَ المقصودُ منَ الكُفرِ هوَ ما يقعُ في قبالِ الإيمانِ والتصديقِ فأهلُ السنّةِ كافرونَ بإمامةِ أهلِ البيتِ، والكفرُ بهذا المعنى يعدُّ وصفاً موضوعيّاً لواقعِ الحالِ وليسَ حُكماً شرعيّاً يترتّبُ عليهِ أحكامُ الكافرِ، فلو سألنا السنّيَّ هل هوَ مؤمنٌ بإمامةِ أهلِ البيتِ أم كافرٌ بها؟ لقالَ أنّهُ كافرٌ من دون أيّ تردّدٍ، ومِن هُنا يجبُ التفريقُ بينَ الكُفرِ الذي يُخرجُ الإنسانَ مِن دائرةِ الإسلامِ وبينَ الكُفرِ الذي يُحدّدُ الموقفَ الإيمانيّ مِن قضيّةٍ مُعيّنةٍ، وعليهِ فإنَّ الإسلامَ هو الدّائرةُ الأوسعُ التي تتحرّكُ داخلها كلُّ المذاهبِ الإسلاميّةِ، ويظلُّ النزاعُ والخلافُ بينَ هذه المذاهبِ مُستمرّاً ولا يمكنُ الوصولُ إلى محطّةٍ تتنازلُ فيها جميعُ المذاهبِ لصالحِ مذهبٍ واحد، وفي هذا الوضعِ على المُسلمِ أن يتعاملَ مع هذا التنوّعِ بما يُحقّقُ اللُّحمةَ الاجتماعيّة ويخدمُ الأهدافَ والمصالحَ المُشتركةَ، مِن دونِ أن يتوقّفَ الحوارُ الموضوعيُّ القائمُ على الدّليلِ العلميّ والبرهانِ المنطقي، ويظلُّ الوضعُ بهذا الشّكلِ حتّى تتجلّى الحقيقةُ يومَ القيامةِ، قالَ تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفصِلُ بَينَهُم يَومَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ)
اترك تعليق