هل هناكَ دورٌ لليهودِ في مقتلِ سيّدِ الشهداء ؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :   

منَ المعلومِ أنَّ القاتلَ الفعليَّ للإمامِ الحُسين (عليهِ السّلام) هوَ الحزبُ الأمويّ المُتمثّلُ في يزيدَ بنِ معاوية وبنِ زيادٍ وعمرَ بنِ سعدٍ وجميعِ مَن شاركَ في جيشِه وجُندِه، وعليهِ لا يجوزُ تبرئةُ المُجرمِ الحقيقيّ مِن خلالِ البحثِ عن بعضِ المُساهمينَ في هذهِ الجريمةِ مِن خلفِ الكواليس، صحيحٌ أنَّ التحليلَ الموضوعيَّ للأحداثِ الكُبرى في التاريخِ يقودُ في العادةِ إلى وجودِ أيادٍ خفيّةٍ خلفَها، إلّا أنّهُ لا يجوزُ التركيزُ عليها بوصفِها العاملَ الأكثرَ تأثيراً في الحدث،ِ والتاريخُ بطبعِه يهتمُّ بالأحداثِ التي تقعُ على السّطحِ ولا يهتمُ بما يكونُ خلفَ السّتار، ولذا لا نتوقّعُ أن ينقلَ لنا التاريخُ بشكلٍ واضحٍ ومُفصّلٍ مؤامراتِ اليهودِ ومكائدِهم على الإسلام، فالمعلومُ لدينا بالضرورةِ وجودُ أيادٍ خبيثةٍ لليهودِ في مُجملِ التاريخِ الإسلامي وما زالت أياديهم القذرةُ تلاحقُ هذا الدينَ الحنيف، إلّا أنَّ ذلكَ لا يمكنُ كشفُه والتعرّفُ عليهِ إلّا مِن خلالِ التحليلِ وجمعِ القرائن، فالمكائدُ بطبيعتِها تكونُ تحتَ جناحِ التكتّمِ والسرّيّةِ، ومِن هُنا نحنُ لا نستبعدُ وجودَ مساهمةٍ خفيّةٍ لليهودِ في قتلِ الإمامِ الحُسين وإن كانَت الوثائقُ التاريخيّةُ لا تمكّنُنا مِن إثباتِ ذلكَ بشكلٍ علميّ وأكاديمي، وكلُّ ما يمكنُ الاعتمادُ عليه هوَ الإشارةُ إلى وجودِ الجاليةِ اليهوديّة التي استوطنَت الكوفةَ سنةَ 20هـ وقد قُدّرَ عددُهم بسبعةِ آلافِ يهودي وهوَ عددٌ كبيرٌ إذا قارنّاهم بعددِ الشيعةِ آنذاكَ الذينَ لم يتجاوزوا الخمسةَ عشرَ ألفَ شيعيٍّ في بعضِ المصادر، وقد كانَ لليهودِ في الكوفةِ محلّةٌ تُعرَفُ باسمِهم فيها تجمّعاتُهم ومعابدُهم، ويذكرُ الرحّالةُ بنيامين: إنّ بالكوفةِ سبعةَ آلافِ يهوديّ وفيها قبرٌ يسكنُه اليهودُ وحوله كنيسٌ لهم وقد زاولوا بعضَ الحرفِ التي كانَ العربُ يأنفونَ منها كالصّياغةِ وغيرها، ومِن هُنا يمكنُنا أن نتوقّعَ أياديهم الخفيّةَ في معاونةِ بنِ زياد، ومنَ المعلومِ أنَّ أهمَّ سلاحٍ استخدمَه ابنُ زيادٍ للقضاءِ على الثورةِ الحُسينيّة في الكوفةِ هو شراءُ الذممِ بدفعِ الأموالِ الطائلة، فاستطاعَ بذلكَ تفريقَ النّاسِ عَن مُسلمٍ ومِن ثمَّ السيطرةَ على الكوفة وبذلكَ انكسرَ أهمُّ مُعينٍ للإمامِ الحُسين في ثورتِه، وهناكَ مَن يقولُ أنَّ اليهودَ هُم الذينَ أقرضوا ابنَ زيادٍ هذهِ الأموالَ وبذلكَ يكونونَ قدّموا أكبرَ خدمةٍ للمشروعِ الأموي وفي نفسِ الوقتِ انتقموا مِن رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) في حفيدِه وفلذةِ كبدِه الإمامِ الحُسين (عليهِ السّلام).