هل يجوزُ سبُّ الرموزِ الدينيّةِ للسنّة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناكَ فرقٌ بينَ الولاءِ والبراءِ وبينَ التعرّضِ للمُخالفِ بسبِّ ما يعتقدُ بقداستِه، فما يجبُ على المؤمنِ هو موالاةُ أولياءِ اللهِ والبراءةُ مِن أعداءِ الله، وقد تضافرَت النصوصُ على وجوبِهما، بحيثُ لا يتحقّقُ الإيمانُ منَ الأساسِ إلّا بهما، قالَ تعالى: (فَمَن يَكفُر بِالطَّاغُوتِ وَيُؤمِن بِاللَّهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا)، وقالَ تعالى: (لَّا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبنَاءَهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنهُ ۖ وَيُدخِلهم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ)، وعلى ذلكَ كلُّ مَن ثبتَ بالدليلِ الصّحيحِ أنّه حادَّ اللهَ ورسولهُ يجبُ البراءةُ منه،كما أنّنا مأمورون بلعنهم، قالَ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذَابًا مُّهِينًا)، وقال تعالى: (أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم أَنَّ عَلَيهِم لَعنَةَ اللَّهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ)، وفي سورة البقرة: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ).أمّا التعرّضُ للمُخالفِ بسبِّه في نفسِه أو فيما يعتقدُ بقداستِه، فلا يجوزُ كما نصَّ القرآنُ في قولِه تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدوًا بِغَيرِ عِلمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ)، ففي الوقتِ الذي أوجبَ اللهُ على المؤمنِ البراءةَ مِن كلِّ ما يدعو مِن دونِ الله أوجبَ عليه عدمَ التعرّضِ له بالسبِّ، فاللهُ وحدُه هو الذي يحسمُ ما وقعَ بينَهم مِن خلافٍ يومَ القيامة، ولذا ختمَت الآيةُ بقولِه: (إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ)، وفي آيةٍ أخرى قالَ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا لَّستَ مِنهُم فِي شَيءٍ ۚ إِنَّمَا أَمرُهُم إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفعَلُونَ) وفي المُحصّلةِ يجبُ على المؤمنِ موالاةُ أولياءِ اللهِ وهُم النبيُّ الأعظمُ محمّد والأئمّةُ مِن أهلِ بيتِه عليهم جميعاً أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم، كما يجبُ عليه البراءةُ ممَّن خالفَهم وعاداهم وسارَ على غيرِ طريقتِهم، ولا يتوقّفُ ذلك على المُجاهرةِ باللعنِ أمامَ مَن يعتقدُ بقداستِهم.
اترك تعليق