سؤال حولَ العقلِ والجهل
وصيّةٌ الإمامِ الكاظم (ع) لهشامٍ بينَ العقلِ والجهل يقولُ: خلقَ اللهُ العقلَ مِن نورٍ مِن يمينِ عرشِ الله، وخلقَ الجهلَ مِن بحرٍ أجاجٍ ظلمائي. ما معنى أجاج ظلمائيّ ؟ فعندَما قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ للعقلِ أدبِر فأدبر ثمَّ قالَ له أقبِل فأقبَل. وقالَ للجهلِ أدبِر فأدبَر ثمَّ قالَ له أقبِل فلم يُقبِل. سؤالي هُنا العقلُ عندَما قالَ له اللهُ أدبِر فأدبر وأقبِل فأقبَل، هل كانَ هنالكَ نفسٌ أمّارةٌ للعقلِ ولكن تغلّبَ عليها الجهلُ، فلمّا قالَ له أقبِل فلم يُقبِل هُنا النفسُ الإمّارةُ دخلَت، أليسَ كلامي صحيحاً؟ أم النفسُ الإمّارةُ فقط تأتي على الجهلِ وليس العقل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أمّا بالنسبةِ إلى السؤالِ الأوّل: المرادُ منَ البحرِ الأجاج، أي منَ المادّةِ الظلمانيّةِ الكدرة أو بوساطتِها، وظلمانيّتُه لكونِه خالياً مِن نورِ المعرفة، أو غيرَ قابلٍ للهدايةِ أو آلةٍ لضلالةِ صاحبِه. (مرآةُ العقولِ للمجلسي: 1 / 66). أمّا بالنسبةِ إلى السؤالِ الثاني: فالعقلُ شأنُه الطاعةُ والإنقيادُ، والجهلُ شأنُه التمرّدُ والعصيان، فمَن يهتدي بعقلِه ويتبعُه يفُز بالجنانِ، ومَن يأتمِر بأوامرِ الجهلِ يجرُّ إلى نفسِه النيران. ولذا لا يتصوّرُ في العقلِ التمرّدُ والعصيان، فإنّهما مِن شأنِ الجهل. قالَ المازندرانيّ في بيانِ الجهلِ الواردِ في الحديثِ بأنّه: إمّا النفسُ باعتبارِ تعلّقها بالبدنِ والحالاتِ المُقابلة للحالاتِ المذكورة لأنّ ذلكَ التعلّقَ وتلكَ الحالاتِ منشأ لظُلمةِ النفسِ وانكسافِها وميلِها إلى الشرورِ، أو أمرٍ مقابلٍ لذلكَ الجوهرِ النورانيّ مُتعلّقٌ بالنفسِ وروحٍ خبيثٍ لها يدعوهُ إلى الشرِّ والفساد. (شرحُ الكافي للمازندراني: 1 / 68). وبناءً على هذا الكلام: فالجهلُ هو النفسُ الأمّارة، أو هوَ أمرٌ يدعو النفسَ إلى الشرّ والفساد. أجارَنا اللهُ تعالى. والمقامُ لا يقتضي الحديثَ طويلاً عن هذا الأمر، فموضوعُ العقلِ والجهل والمُرادُ منهُما متشعّبٌ طويل. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق