متى يظهرُ السفيانيُّ (غضبُ اللهِ عليه)؟ وما هيَ علاماتُ ظهورِه؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاته،لقد وردَت جُملةٌ منَ الرواياتِ التي تُبيّنُ بعضَ الأحداثِ المُزامنةِ لخروجِ السفيانيّ، وتوضّحُ الأحداثَ السابقةَ على خروجِه واللاحقةَ عليها، فيمكنُ اعتبارُ هذهِ الأمورِ الثلاثةِ ـ أعني الأحداثَ السابقةَ والمُزامنةَ واللاحقةَ على خروجِه ـ مِن علاماتِ السفيانيّ، بل يمكنُ أيضاً اعتبارُ كلِّ ما جاءَت به الرواياتُ التي سلّطَت الضوءَ على شخصيّةِ السفياني الأسريّةِ والعقديّةِ والفكريّة، وعلى مشروعِه مِن بدءِ خروجِه إلى بسطِ مُلكِه على الكورِ الخمس، منَ العلاماتِ التي يُستدلُّ بها على خروجِه. ثمَّ هذه العلاماتُ بعضُها حتميّةٌ ـ كخروجِ اليمانيّ والخراسانيّ مُتزامِناً مع خروجِ السفيانيّ ـ، وبعضُها غيرُ حتميّةٍ، كما أنّ بعضَها مرويّةٌ بأسانيدَ مُعتبرة، وبعضُها مرويّةٌ بأسانيدَ غيرِ نقيّةٍ، وسنذكرُ في المقامِ جُملةً مِن تلكَ العلامات: 1ـ ملكُ بني العباسيّينَ وتفرّقُ كلمتِهم: جاءَت في الرواياتِ أنَّ مُلكَ بني العبّاسِ يتجدّدُ في آخرِ الزمانِ فيملكونَ، ثمّ يفترقُ ملكُهم، فيخرجُ حينَها السفيانيُّ والخراسانيّ يستبقانِ إلى الكوفةِ حتّى يكونَ هلاكُ العباسيّينَ على أيديهما. روى الشيخُ النعمانيُّ في [الغيبةِ ص267] بإسنادِه عن أبي جعفرٍ الباقرِ (عليهِ السلام) أنّه قالَ: « لا بدّ أن يملكَ بنو العبّاس، فإذا ملكوا واختلفوا وتشتّتَ أمرُهم خرجَ عليهم الخُراسانيّ والسفيانيّ، هذا منَ المشرقِ، وهذا منَ المغربِ، يستبقانِ إلى الكوفةِ كفرسي رهان، هذا مِن هاهُنا، وهذا مِن هاهُنا، حتّى يكونَ هلاكُهم على أيديهما، أما إنّهم لا يبقونَ منهم أحداً أبداً ». وروى في [الغيبةِ ص266] بإسنادِه عن ابنِ أبي يعفور، قالَ: « قالَ لي أبو عبدِ الله ( عليهِ السلام ) : أمسِك بيدِك هلاكَ الفُلاني - اسمُ رجلٍ مِن بني العبّاس -، وخروجَ السفياني، وقتلَ النفسِ، وجيشَ الخسفِ، والصوتَ، قلتُ: وما الصوتُ، هوَ المُنادي؟ فقالَ: نعم، وبه يُعرَفُ صاحبُ هذا الأمر، ثمَّ قال: الفرجُ كلّه هلاكُ الفلانيّ مِن بني العبّاس ». 2ـ خروجُ اليماني والخُراساني: جاءَت الرواياتُ أنّ خروجَ اليمانيّ والخراسانيّ والسفيانيّ مُتزامنٌ، فيخرجونَ في سنةٍ واحدة، في شهرٍ واحد، في يومٍ واحد. روى الشيخُ النُعمانيّ في [الغيبةِ ص264] بإسنادِه عن أبي جعفرٍ محمّدٍ بنِ عليّ (عليهما السلام) أنّه قالَ: « خروجُ السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنةٍ واحدةٍ، في شهرٍ واحد، في يومٍ واحد، نظامٌ كنظامِ الخرزِ يتبعُ بعضُه بعضاً ». 3ـ خروجُ الشيصبانيّ: جاءَت روايةٌ تفيدُ أنّه لا يخرجُ السفيانيُّ حتّى يخرجَ الشيصبانيّ قبلَه، يخرجُ منَ الكوفةِ ويقتلُ وجوهَ الشيعة. روى الشيخُ النعمانيُّ في [الغيبةِ ص313] بإسنادِه عن جابرٍ الجُعفيّ، قالَ: « سألتُ أبا جعفرٍ الباقرِ (عليهِ السلام) عن السُّفيانيّ، فقالَ: وأنّى لكُم بالسفيانيّ حتّى يخرجَ قبلَه الشيصبانيّ، يخرجُ مِن أرضِ كوفان، ينبعُ كما ينبعُ الماء، فيقتلُ وفدَكم، فتوقّعوا بعدَ ذلكَ السفيانيّ، وخروجَ القائمِ (عليهِ السلام) ». وقد وقعَ كلامٌ في تحديدِ شخصيّةِ الشيصبانيّ، ولعلّ الراجحَ أنّه كنايةٌ عن بني العبّاس. 4ـ زمانُ ومكانُ خروجِ السفيانيّ ومدّةُ مُلكِه ومساحتُها: جاءَت الرواياتُ توضّحُ أنّ خروجَ السفيانيّ يكونُ في شهرِ رجب، ومنَ الوادي اليابس، وأنّ مِن بدءِ خروجِه إلى آخرِه خمسةَ عشرَ شهراً، وأنّه يملكُ الكورَ الخمسَ تسعةَ أشهرٍ. روى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدينِ ص652] بالإسنادِ عن المُعلّى بنِ خنيس، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام): « إنّ أمرَ السفيانيّ منَ المحتوم، وخروجُه في رجب ». وروى قبلَها في [كمالِ الدين ص651] بإسنادِه عن عمرَ بنِ أذينة، قالَ: قالَ أبو عبدِ الله (عليهِ السلام): « قالَ أبي (عليهِ السلام): قالَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): يخرجُ ابنُ آكلةِ الأكبادِ منَ الوادي اليابس.. ». وروى الشيخُ النعمانيّ في [الغيبةِ ص313] بالإسنادِ عن خلّادٍ الصائغ، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام): «السفيانيُّ لا بدَّ منه، ولا يخرجُ إلّا في رجب ». وروى النعمانيُّ في [الغيبةِ ص310] بالإسنادِ عن عيسى بنِ أعين، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) أنّهُ قال: « السفيانيُّ منَ المحتوم، وخروجُه في رجب، ومِن أوّلِ خروجِه إلى آخرِه خمسةَ عشرَ شهراً، ستةُ أشهرٍ يقاتلُ فيها، فإذا ملكَ الكورَ الخمسَ ملكَ تسعةَ أشهر، ولم يزِد عليها يوماً ». وروى الصدوقُ في [كمالِ الدين ص651] بإسنادِه عن عبدِ اللهِ بنِ أبي منصورٍ البجلي، قالَ: « سألتُ أبا عبدِ الله (عليهِ السلام) عن اسمِ السفياني، فقالَ: وما تصنعُ باسمِه؟ إذا ملكَ كورَ الشامِ الخمس: دمشقَ، وحمصَ، وفلسطينَ، والأردنَ، وقنسرين، فتوقّعوا عندَ ذلكَ الفرج.. ». 5ـ بعضُ أوصافِ السفيانيّ:روى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدين ص651] بالإسنادِ عن عُمرَ بنِ يزيد قالَ : « قالَ لي أبو عبدِ الله الصادقِ عليهِ السلام : إنّكَ لو رأيتَ السفيانيّ لرأيتَ أخبثَ الناسِ، أشقرَ أحمرَ أزرق، يقولُ: يا ربّ ثاري ثاري ثمّ النار، وقد بلغَ مِن خُبثِه أنّه يدفنُ أمَّ ولدٍ له وهيَ حيّةٌ مخافةَ أن تدلَّ عليه ».وروى أيضاً بالإسنادِ عن عمرَ بنِ أذينةَ قال: « قالَ أبو عبدِ الله (عليهِ السلام): قالَ أبي (عليهِ السلام): قالَ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام): يخرجُ ابنُ آكلةِ الأكبادِ منَ الوادي اليابسِ، وهوَ رجلٌ ربعةٌ، وحشُ الوجهِ، ضخمُ الهامةِ، بوجهِه أثرُ جُدري، إذا رأيتَه حسبتَه أعوراً، اسمُه عثمانُ وأبوه عنبسة، وهوَ مِن ولدِ أبي سفيان، حتّى يأتي أرضاً ذاتَ قرارٍ ومعينٍ فيستوي على منبرِها ». 5ـ اختلافُ الراياتِ في الشام: روى الشيخُ النعمانيّ في [الغيبةِ ص289] بالإسنادِ عن جابرٍ بنِ يزيد الجعفيّ، قالَ: قال أبو جعفرٍ الباقر (عليهِ السلام): « فأوّلُ أرضٍ تخربُ أرضُ الشامِ ثمَّ يختلفونَ عندَ ذلكَ على ثلاثِ رايات : رايةُ الأصهب ، ورايةُ الأبقع ، ورايةُ السفياني ، فيلتقي السفيانيُّ بالأبقعِ فيقتتلونَ فيقتلهُ السفيانيُّ ومَن تبعَه ، ثمَّ يقتلُ الأصهبَ ، ثمَّ لا يكونُ له همّةٌ إلّا الإقبال نحوَ العراق.. ». 6ـ هلاكُ الجبّارينَ في قرقيسياء: روى النعمانيُّ في [الغيبةِ ص315] بالإسنادِ عن عبدِ اللهِ بنِ أبي يعفور، قالَ: « قالَ لي أبو جعفرٍ الباقر (عليهِ السلام ): إنَّ لولدِ العبّاسِ والمروانيّ لوقعة بقرقيسياء يشيبُ فيها الغلامُ الحزور، ويرفعُ اللهُ عنهم النصرَ، ويوحي إلى طيرِ السماءِ وسباعِ الأرض: اشبعي مِن لحومِ الجبّارينَ، ثمَّ يخرجُ السفياني ». 7ـ الصيحةُ الإبليسيّة: جاءَت الرواياتُ أنّ مِن علاماتِ ظهورِ مولانا الحُجّةِ (عجّلَ اللهُ فرجه) هيَ صيحةُ جبرئيل (عليهِ السلام) باسمِ ونسبِ الإمامِ (عليهِ السلام) وأنّ الحقَّ معه، وأنّ بعدَها يصيحُ إبليسُ بأنَّ الحقَّ في السفيانيّ. روى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدين ص652] بالإسنادِ عن أبي حمزةَ الثمالي، قالَ: « قلتُ لأبي عبدِ الله (عليهِ السلام): كيفَ يكونُ ذلكَ النداء؟ قالَ: يُنادي مُنادٍ منَ السماءِ أوّلَ النهار: ألا إنَّ الحقَّ في عليٍّ وشيعتِه، ثمّ يُنادي إبليسُ (لعنَه الله) في آخرِ النهار: ألا إنَّ الحقَّ في السفيانيّ وشيعتِه، فيرتابُ عندَ ذلكَ المُبطلون ». وروى النعمانيُّ في [الغيبةِ ص272] بالإسنادِ عن زُرارةَ بنِ أعين ، قالَ : « سمعتُ أبا عبدِ الله (عليهِ السلام) يقولُ: يُنادي منادٍ منَ السماء: إنَّ فلاناً هوَ الأمير، وينادي مُنادٍ: إنّ عليّاً وشيعتَه هُم الفائزون، قلتُ: فمَن يقاتلُ المهديَّ بعدَ هذا؟ فقالَ: إنَّ الشيطانَ يُنادي: إنَّ فلاناً وشيعتَه هُم الفائزون - لرجلٍ مِن بني أميّة -، قلتُ: فمَن يعرفُ الصّادقَ منَ الكاذب؟ قالَ: يعرفُه الذينَ كانوا يروونَ حديثَنا، ويقولونَ: إنّه يكونُ قبلَ أن يكون، ويعلمونَ أنّهم هُم المُحقّونَ الصّادقون ». نكتفي بهذا المقدارِ، وتوجدُ علاماتٌ أخرى ترَكنا ذكرَها خشيةَ الإطالةِ. ويجدرُ التنبيهُ على أنّ حصولَ بعضِ الأحداثِ الخارجيّةِ التي يمكنُ أن تنطبقَ عليها بعضُ الأحداثِ التي جاءَت في لسانِ الرواياتِ على أنّها مِن أماراتِ خروجِ السفيانيّ وعلاماتِ الظهورِ ونحوِ ذلك، لا يعني أنّ هذهِ الأحداثَ هيَ المعنيّةُ في لسانِ الروايات، فاختلافُ الراياتِ في الشامِ مثلاً يُعدُّ حدثاً ممّا يكونُ قُبيلَ خروجِ السفيانيّ أو مُزامناً لخروجِه، إلّا أنّه لا يمكنُ تشخيصُ كونِ الاختلافِ الحاصلِ فعلاً هيَ المعنيّةَ بالرواياتِ، أو أن تُطبّقَ علامةُ الشيصبانيّ على شخصيّةٍ ما بالحدسِ والظنّ، ولذا ينبغي للمؤمنينَ الحذرُ في تطبيقِ العلاماتِ الواردةِ في الرواياتِ على الواقعِ الخارجيّ بناءً على الظنِّ والتخمينِ والحدسِ ونحوِ ذلك. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق