كيفَ يقضي الإمامُ المهديُّ (ع) وقتَه في زمنِ الغيبة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : في العادةِ هناكَ ظلالٌ سلبيّةٌ عندَ استخدامِ كلمةِ (يقضي وقتَه) فالمعنى الذي يتبادرُ للذهنِ هو أنَّ الإنسانَ يعيشُ فراغاً يدعوهُ للبحثِ عن أيّ شيءٍ يملأ به هذا الفراغَ، وفي هذهِ الحالةِ يكونُ الوقتُ حِملاً ثقيلاً على الإنسانِ لا يمكنُ الهروبُ منه إلّا مِن خلالِ إشغالِ النفسِ بأمرٍ يجعلُها لاهيةً عن هذا الوقت، بينَما الإنسانُ الذي يكونُ في عملٍ دائمٍ ومُستمرٍّ يكونُ في حالةٍ منَ السّباقِ مع الزمنِ وعندَها لا يُسألُ عن كيفَ يقضي وقتَه؟ وإنّما يُسألُ عن كيفَ يُنجزُ عملَه خلالَ الظرفِ الزمانيّ المحدود؟ وعليهِ هناكَ فرقٌ بينَ الإنسانِ الذي يعيشُ على هامشِ الحياةِ وبعيداً عن فلسفتِها وغاياتِها، وبينَ الإنسانِ الذي يعيشُ الحياةَ ببصيرةٍ ووعيٍ وهو يسعى للكمالِ الروحيّ والمعنوي، فالأوّلُ يلخّصُ الحياةَ في الشهواتِ والرغباتِ فيعيشُ فراغاً بعدَ إشباعِه لهذهِ الشهوات، والثاني يبحثُ عن إشباعِ الروحِ بالفضائلِ والكمالاتِ والقيمِ الأخلاقيّة، وعندَها لا يمكنُ أن يصيبَه الفراغُ لأنَّ الكمالَ ليسَ له حدٌّ يقفُ عندَه، فكلّما تكاملَ الإنسانُ وجدَ الطريقَ أمامَه مفتوحاً، ومِن هُنا وجبَ علينا التحفّظُ على صيغةِ السؤالِ فيما يتعلّقُ بصاحبِ العصرِ والزمانِ (عليهِ السلام) فليسَ منَ المُناسبِ في حقِّه السؤالُ بهذهِ الصيغة. أمّا الإجابةُ المُباشرةُ على هذا السؤالِ إذا تجاوَزنا ما فيهِ مِن ظِلالٍ سلبيّة، فهيَ إمّا أن تكونَ على نحوِ التفصيلِ وإمّا أن تكونَ على نحوِ الإجمال، والتفصيلُ محالٌ لأنّه يدخلُ في إطارِ الغيبِ وليسَ لنا طريقٌ للوقوفِ على ما يقومُ به الإمامُ الحُجّةُ تفصيلاً، وأمّا على نحوِ الإجمالِ فنحنُ نعلمُ أنَّ الإمامَ المهديَّ (عليهِ السلام) يأتمرُ بأمرِ اللهِ ويفعلُ ما يكونُ مُعبّراً عن إرادةِ اللهِ تعالى، وحالهُ في ذلكَ حالُ رسولِ اللهِ وجميعِ الأئمّةِ المعصومينَ سلامُ اللهِ عليهم.
اترك تعليق