بعد السبيّ أين عاشت مولاتي زينب (عليها السلام)؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته لا يخفى أنّ سبايا آل الرسولِ (صلى الله عليه وآله) رجعوا إلى المدينة المنوّرة بعدما أُخذوا إلى الشام، فهل كانت السيدةُ زينبَ (عليها السلام) مع السّبايا الراجعينَ إلى المدينة أو لا؟ فيه قولان: القولُ الأول: إنّها (عليها السلام) ما رجعت إلى المدينة، وإنّما توفيت في الشام. قال السيدُ ضامن ابن شدقم في [تحفة الأزهار ج2 ق1 ص125]: « ثمّ إنّ يزيداً فكّ الأسارى، وجهّز الجميع، وأمرهم بالمسير إلى أوطانهم، سوى زينب ورقية وأمّ كلثوم بناتِ أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلال مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنّهم ماتوا بالشام ». وقال السيد مهدي القزوينيّ ـ كما في [الأضرحة والمزارات ص220] ـ: «إنّ زينب (عليها السلام) لمّا دخلت على يزيد (لعنه الله) وخطبت خطبتَها المشهورة، وعند الفراغ شهقت شهقة فماتت، فأقبرت هناك »، وعلّق عليه السيّد البراقيّ: « هذا كلامهُ أيضاً ما رأيتُ فيه خبراً، وهو أعرف بما قال ».القول الثاني: إنّها (عليها السلام) رجعت إلى المدينة مع السّبايا، وهو المعروف المشهور. وبناءً على هذا القول، فمن الطبيعي أنّ السيّدة زينب (عليها السلام) قد استقرّت في المدينة بعد ذلك؛ إذ إنّ المدينة هي موطنها الذي خرجت منه مع أخيها سيّد الشهداء (عليه السلام). وهل خرجتِ السيّدة (عليها السلام) من المدينة بعد ذلك؟ فيه أقوال: القولُ الأوّل: إنّها توفيت ودُفنت في البقيع، وهذا يعني أنّها لم تخرج من المدينةِ لمكانٍ آخرَ للاستقرار. ويستدلُّ لهذا القول: عدمُ الدليلِ على خروجها من المدينة بعد أن رجعت إليه. القولُ الثاني: إنّها هاجرت إلى مصرَ، وعاشت هناك حوالي سنة واحدة، ثم توفيت هناك ودفنت في القاهرة، ولها مرقدٌ هناك معروفٌ مشهورٌ عند المصريين. وعمدةُ ما يستدلُّ لهذا القول: وجودُ المرقدِ الزينبيّ في مصر، والأخبارُ الواردة في كتاب أخبار الزينبات المنسوب للعبيدلي. إلّا انّ التحقيق أنّ هذا الكتابَ موضوعٌ على العبيدليّ ولم تصحّ نسبته. القولُ الثالث: إنّها هاجرت إلى بلاد الشام، ودفنت في ضواحيها في قريةِ الراوية، ومرقدها هناك معروفٌ مشهورٌ لدى الشيعة. وقد نقل السيدُ سليم بن المرتضى الدمشقيّ سادن الروضة الزينبيّة: إنّه سقطتِ القبّةُ على قبرها لقدم بنائها، فظهرت على القبر صخرةٌ عظيمةٌ مكتوبٌ عليها: (هذا قبرُ السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب عليها السلام، بنت فاطمة الزهراء، توفيت في هذا المكان، وأقبرت في  رجوعها الثاني)، وحُكي أنّ المدينة أجدبت وأقحطت وأملقَ عبد الله بن جعفر حتى كاد أن يهلك، فحمل أهلهُ وأولادهُ وعيالهُ وقصدَ الشام، فلمّا بلغ إليها ماتت زوجتهُ زينب بنت علي عليها السلام، فقبرها بمكانها. ينظر: الأضرحة والمزارات للسيد البراقي ص220 وما بعدها. وتفصيلُ الكلام في ذلك موكولٌ لدراساتٍ موسّعة. والحمدُ لله ربِّ العالمين.