مَن هوَ دحيةُ الكلبيّ ؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،إنّ دحيةَ الكلبيّ هوَ أحدُ أصحابِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، ويبدو مِن ترجمتِه وسيرتِه أنّه شخصٌ جليلٌ موالٍ للنبيّ (ص) ولأميرِ المؤمنينَ (ع)، وقد كانَ دحيةُ جميلاً جدّاً، وكانَ جبرائيلُ يأتي النبيَّ (ص) في صورتِه كما هوَ مشهورٌ في الأخبارِ بينَ الفريقين، فمِنها ما وردَ في كتابِ الإصابةِ لابنِ حجرٍ العسقلاني، (ج ٢/ص322)، إذ نقلَ عن النسائيّ بإسنادٍ صحيحٍ عن يحيى بنِ معمر عن ابنِ عُمر كانَ جبرائيلُ يأتي النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم في صورةِ دحيةَ الكلبيّ. وروى الطبرانيُّ مِن حديثِ عفيرٍ بنِ معدان عن قتادةَ عن أنس أنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وآله قالَ كانَ جبرائيلُ يأتيني على صورةِ دحيةَ الكلبي وكانَ دحيةُ رجلاً جميلاً. وروى العجليُّ في تاريخِه عن عوانةَ بنِ الحكمِ قالَ أجملُ الناسِ مَن كانَ جبرائيلُ ينزلُ على صورتِه. قالَ ابنُ قتيبة في غريبِ الحديثِ فأمّا حديثُ ابنِ عبّاس كانَ دحيةُ إذا قدمَ المدينةَ لم تبقَ معصر إلّا خرجَت تنظرُ إليه فالمعنى بالمُعصِر العاتق. وفي كتابِ أعلامِ الهداية، (ج ٣/ص86)، المجمعُ العالميُّ لأهلِ البيت، وردَ ذكرُه أيضاً في روايةٍ طويلةٍ نقتصرُ على الشاهدِ مِنها جاءَ فيها: قالت أمّ سلمة : فسألتُ فاطمة (ع): هل عندَك طيبٌ ادّخرتيهِ لنفسِك ؟ قالَت ( عليها السّلام ) : « نعم ». فأتَت بقارورةٍ فسكبَت مِنها في راحتي فشممتُ مِنها رائحةً ما شممتُ مثلَهُ قطّ ، فقلتُ : ما هذا ؟ قالت ( عليها السّلام ) : « كانَ دحيةُ الكلبي يدخلُ على رسولِ اللّهِ ( صلّى اللّهُ عليهِ واله) فيقولُ لي ( صلّى اللّهُ عليهِ وآله ) : يا فاطمةُ هاتِ الوسادةَ فاطرحيها لعمّك، فأطرحُ له الوسادةَ فيجلسُ عليها ، فإذا نهضَ سقطَ مِن بينِ ثيابِه شيءٌ فيأمرُني بجمعِه [ فسألَ عليٌّ ( عليهِ السّلام ) رسولَ اللّه ( صلّى اللّهُ عليهِ وآله ) عن ذلكَ فقالَ ( صلّى اللّهُ عليهِ وآله ) : هو عنبرٌ يسقطُ مِن أجنحةِ جبرئيل ] » ووردَ ذكرُه أيضاً في كتابِ أعيانِ الشيعةِ للسيّدِ مُحسنٍ الأمينِ العامليّ، (ج1/ص400)، جاءَ فيه: في جُمادي الآخرة سنةَ ستٍّ منَ الهجرةِ قالَ ابنُ الأثير سببُها أنّ رفاعةَ بنَ زيد الجذامي قدمَ على النبيّ (ص) في هدنةِ الحديبيّةِ وأسلمَ فكتبَ له كتاباً إلى قومِه يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا وأقبلَ دحيةُ الكلبي منَ الشامِ فأغارَ عليهِ الهنيدُ بنُ عوض الجذامي وابنُه عوض فبلغَ ذلكَ قومُ رفاعة ممَّن كانَ أسلم فنفروا إلى الهنيدِ وابنِه وأخذوا مِنهُما ما أخذاهُ مِن دحيةَ وردّوه عليه، فقدمَ دحيةُ على النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله فأخبرَه خبرَه فأرسلَ زيدَ بن حارثة في جيشٍ فقتلوا الهنيدَ وابنَه وجمعوا ما وجدوا مِن مالٍ فلمّا سمعَ بذلكَ رهطُ رفاعةَ سارَ بعضُهم إلى زيدٍ بنِ حارثة فقالوا إنّا قومٌ مسلمونَ فنادى زيدٌ في الجيشِ إنَّ اللهَ حرّمَ علينا ما أُخذَ مِن طريقِ القومِ ثمَّ توقّفَ في تسليم السّبايا فعادوا إلى رفاعةَ فقالوا إنّكَ لجالسٌ ونساءُ جذام أسارى فسارَ رفاعةُ وقومُه إلى المدينةِ وعرضَ كتابَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فأرسلَ معهم عليّاً بنَ أبي طالب إلى زيدٍ بنِ حارثة فردَّ على القومِ مالَهم حتّى كانوا ينتزعونَ لبدَ المرأةِ تحتَ الرحلِ وأطلقَ الأسارى.وأيضاً في كتابِ أعيانِ الشيعةِ للسيّدِ مُحسن الأمين العامليّ،(ج4/ص605) ذكرَ خبراً آخرَ جاءَ فيه: قالَ حذيفةُ : إنّ الناسَ كانوا يدخلونَ على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم - قبلَ الحجاب - إذا شاؤوا فنهاهُم أن يدخلَ أحدٌ عليه وعندَه دحيةُ بنُ خليفةَ الكلبي لأنّ جبرائيلَ كانَ يهبطُ عليه في صورتِه، قالَ حذيفةُ وإنّي أقبلتُ يوماً لبعضِ أموري إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم مُهجّراً رجاءَ أن ألقاهُ خالياً ، فإذا أنا بشملةٍ قد سدلَت على البابِ، فرفعتُها وهممتُ بالدخولِ فإذا أنا بدحيةَ قاعدٌ عندَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم والنبيُّ نائمٌ ، ورأسُه في حجرِ دحيةَ ، فلمّا رأيتُه انصرفتُ فلقيني عليٌّ بنُ أبي طالب ، فقالَ مِن أينَ أقبلت ؟ قلتُ مِن عندِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم قالَ وماذا صنعتَ عندَه ؟ قلتُ : أردتُ الدخولَ عليهِ في كذا وكذا فكانَ عندَه دحيةُ الكلبي ، وسألتُ عليّاً معونتي في ذلكَ الأمرِ ، قالَ : ارجِع فرجعتُ وجلستُ بالبابِ ورفعَ عليٌّ الشملةَ ودخلَ فسلّمَ فسمعتُ دحيةَ يقول : وعليكَ السلام يا أميرَ المؤمنين ورحمةُ اللهِ وبركاتُه اجلِس فخُذ رأسَ أخيكَ وابنِ عمّك مِن حِجري فأنتَ أولى الناسِ به ، فجلسَ وأخذَ رأسَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم فجعلهُ في حِجره ، وخرجَ دحيةُ منَ البيتِ ، فقالَ عليٌّ عليهِ السلام : ادخُل يا حذيفةُ فدخلتُ وجلستُ ، فانتبهَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم، فضحكَ في وجهِ عليٍّ ، ثمَّ قالَ : يا أبا الحسنِ مِن حجرِ مَن أخذتَ رأسي ؟ قالَ مِن حجرِ دحيةَ الكلبي ، فقالَ ذلكَ جبرائيلُ يا عليُّ إنَّ جبرائيلَ سلّمَ عليكَ بإمرةِ المؤمنينَ عن أمرِ اللهِ عزَّ وجل وقد أُوحيَ إليَّ عن ربّي أن أفرضَ ذلكَ على الناس . فلمّا كانَ منَ الغدِ بعثني رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم إلى ناحيةِ فدك في حاجةٍ فلبثتُ أيّاماً ثمَّ قدمتُ فوجدتُ الناسَ يتحدّثونَ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم أمرَ الناسَ أن يُسلّموا على عليٍّ بإمرةِ المؤمنينَ - الحديث.وفي كتابِ الاحتجاجِ للطبرسيّ ،ج ١/ص ٢٠٥) ذكرَ مناشدةَ أميرِ المؤمنينَ التي جاءَ فيها: قالَ أميرُ المؤمنينَ (ع): نشدتُكم باللهِ هل فيكُم أحدٌ عاينَ حبرائيلَ في مثالِ دحيةَ الكلبي غيري ؟ قالوا : لا . وفي كتابِ بحارِ الأنوارِ للمجلسيّ (ج 9/ص 549) عن عبدِ اللهِ بنِ سنان عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام عن أبيهِ عن آبائِه عليهم السلام قالَ : دخلَ عليٌّ " ع " على رسول اللهِ " ص " في مرضِه وقد أغمي َعليه ، ورأسُه في حجرِ جبرئيل ، وجبرئيلُ في صورةِ دحيةَ الكلبي فلمّا دخلَ عليٌّ " ع " قالَ جبرئيل : دونَك رأسُ ابنِ عمِّك فأنتَ أحقُّ بهِ منّي ، لأنَّ اللهَ يقولُ في كتابِه : " وأولوا الأرحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ الله " فجلسَ عليٌّ (ع ) وأخذَ رأسَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فوضعَه في حِجرِه . فلم يزَل رأسُ رسولِ اللهِ في حجرِه حتّى غابَت الشمس ، ...إلخ. وفي كتابِ الأربعونَ حديثاً في إثباتِ إمامةِ أميرِ المؤمنينَ ( ع )، للشيخِ سُليمان الماحوزي البحراني، (ص ٢٥٧) قالَ: وذكرَ الفاضلُ ابنُ أبي جمهور في كتابِ المجلي ص 416 - 417 الطبعُ الحجري : أنّ دحيةَ الكلبي كانَ كثيرَ السفرِ إلى الشام ، فلم يحضُر موتَ النبيّ صلّى اللّهُ عليهِ وآله ، فلمّا قدمَ مِن سفرِه وبلغَه الخبرُ ، قالَ : مَن الخليفةُ بعدَ رسولِ اللّه صلّى اللّهُ عليهِ واله ؟ فقيلَ له : ابنُ أبي قُحافة ، فقالَ مُتعجّباً : وكيفَ ذلك؟ وما فعلَ عليٌّ عليهِ السّلام ؟ وهو صاحبُه يومَ الغديرِ وغيره لنصِّ الرسول، فقيلَ : ها هوَ حاضرٌ في بيتِه ، ولم يصِل إلى ذلكَ ولم يتمكّن . فجاءَ حتّى دخلَ المسجدَ وأبو بكرٍ جالسٌ وإلى جنبِه عُمر ، والمسلمونَ حافّون بهما ، فقالَ دحيةُ : ما الذي أوصلكَ يا أبا بكرٍ هذا المقامَ ؟ وليسَ هوَ لك ، وإنّما هوَ لغيرِك ، وكيفَ جلستَ هذا المجلسَ وصاحبُه حاضرٌ ؟ ألستَ سمعتَ كما سمعنا ؟ وشهدتَ كما شهدنا ؟ أما كنتَ حاضراً يومَ الغدير ؟ وقد نصَّ رسولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وآلِه على ابنِ عمِّه بالخلافةِ والإمامة ، وحذّرَ مِن مُخالفتِه ، وأمرَنا وعامّةَ المسلمينَ بطاعتِه ، مالكَ وهذا المقام ؟ وكيفَ وصلتَ إليه ولستَ مِن أهلِه ؟ فقالَ له عُمر : يا أبا عمارة إنّكَ غبتَ وحضرنا ، ولم تشهَد كما شهِدنا، وإنّ الأمرَ يحدثُ بعدَه الأمر ، فقالَ دحيةُ : لا واللّهِ لم يحدُث بعدَ ذلكَ الأمرِ أمرٌ ، وإنّما فعلتُم ما فعلتُم خلافاً على اللّهِ ورسولِه ، ألا إنّي أشهدُكم أنّ سكني المدينةَ عليّ حرام ، ثمّ إنّ دحيةَ ارتحلَ بأهلِه إلى الشام ، فلم يزَل بها حتّى ماتَ. هذا ما لدينا عن دحيةَ الكلبيّ بحسبِ ما يسعُ المقام. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق