مَن الذي أطلقَ مُصطلحَ الرافضةِ على الشيعةِ وفي أيّ زمنٍ ولماذا؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أصبحَ مُصطلحُ الرافضةِ مُصطلحاً خاصّاً بالشيعةِ الإثني عشريّة، يستخدمُه خصومُهم على نحوِ التعريضِ والذمِّ ويتبنّاهُ الشيعةُ على نحوِ العزّةِ والفخر، فهوَ دليلٌ على رفضِ الشيعةِ لكلِّ الطواغيتِ الذينَ تحكّموا في مصيرِ الأمّةِ الإسلاميّةِ على امتدادِ تاريخِها. وقد شاعَ بينَ أهلِ السنّةِ أنَّ هذا المُصطلحَ بدأ بالظهورِ والتشكّلِ عندَما رفضَ جماعةٌ منَ الشيعةِ القيامَ معَ زيدٍ بنِ عليّ بنِ الحُسين (عليهِ السلام) بعدَما رفضَ الاستجابةَ لهُم بضرورةِ البراءةِ منَ الخليفةِ الأوّلِ والثاني، وهذا ما ذهبَ إليهِ ابنُ تيمية وأتباعُه حيثُ قال: مِن زمنِ خروجِ زيدٍ افترقَت الشيعةُ إلى رافضةٍ وزيديّة، فإنّه لمّا سُئلَ عن أبي بكرٍ وعُمر فترحّمَ عليهما، رفضَه قومٌ فقالَ لهم رفضتموني، فسُمّوا رافضةً لرفضِهم إيّاه، وسُمّيَ مَن لم يرفُضه منَ الشيعةِ زيديّاً لانتسابِهم إليه) (منهاجُ السُّنّة، ج 1 ص 35) وهذا مُخالفٌ للكثيرِ منَ النصوصِ التاريخيّةِ التي تثبتُ استخدامَ هذا المُصطلحِ قبلَ قيامِ زيد بنِ علي، ففي الروايةِ عن الإمامِ محمّدٍ الباقرِ (عليهِ السلام) وقبلَ قيامِ زيدٍ بنِ علي، قالَ: أصمَّ اللهُ أذنيه كما أعمى عينيه إن لم يكُن سمعَ أبا جعفرٍ (عليهِ السلام) ورجلاً يقولُ إنَّ فلاناً سمّانا باسم، قالَ «وما ذاكَ الاسم؟»، قالَ سمّانا الرافضة، فقالَ أبو جعفرٍ (عليهِ السلام) بيدِه إلى صدرِه «وأنا منَ الرافضةِ وهوَ منّي» قالها ثلاثاً) (البُرقي، المحاسن ج 1 ص 157) ورويَ أنَّ الفرزدقَ لمّا أنشدَ أبياتَه المشهورةَ في مدحِ الإمامِ زينِ العابدين (عليهِ السلام) قالَ لهُ عبدُ الملكِ بنُ مروان: أرافضيٌّ أنتَ يا فرزدق؟ فقالَ الفرزدق: إن كانَ حبُّ آلِ محمّدٍ رفضاً فأنا هذاك (البيهقيُّ، المحاسن والمساوي ص 212) وغيرُ ذلكَ منَ الرواياتِ التاريخيّةِ التي تثبتُ وجودَ هذا المُصطلحِ قبلَ قيامِ زيد بنِ علي (عليهِ السلام). وبعيداً عن سببِ التسميةِ فإنّها تمثّلُ للشيعةِ عنوانَ مدحٍ وثناءٍ لأنّها تعبّرُ عن رفضِهم للباطل، كما يقولُ أبو جعفرٍ الطبري الشيعي: (إنّما قيلَ لهم رافضةٌ لأنّهم رفضوا الباطلَ وتمسّكوا بالحق) (دلائلُ الإمامةِ ص 255)، وهذا ما تؤكّدُه رواياتُ أهلِ البيت (عليهم السلام)، فعن أبي بصيرٍ قالَ: قلتُ لأبي جعفرٍ (عليهِ السلام): جُعلتُ فداكَ، اسمٌ سُمّينا به استحلّت بهِ الولاةُ دماءَنا وأموالَنا وعذابنا، قالَ و«ما هو؟»، قالَ الرافضةُ، فقالَ أبو جعفرٍ (عليهِ السلام): إنَّ سبعينَ رجلاً مِن عسكرِ فرعونَ رفضوا فرعونَ فأتوا موسى (عليهِ السلام) فلم يكُن في قومِ موسى أحدٌ أشدُّ اجتهاداً وأشدُّ حبّاً لهارونَ منهم، فسمّاهم قومُ موسى الرّافضة، فأوحى اللهُ إلى موسى أن أثبِت لهم هذا الاسمَ في التوراةِ فإنّي نحلتُهم، وذلكَ اسمٌ قد نحلكموه اللهُ» (بحارُ الأنوار ج ٦٥ ص ٩٧) وعن عليٍّ بنِ أسباط، عن عتيبةَ بيّاعِ القصب، أنّه أخبرَ أبا عبدِ الله (عليهِ السلام) أنَّ رجلاً قالَ له: إيّاكَ أن تكونَ رافضيّاً. فقالَ أبو عبدِ الله «واللهِ، لنعمَ الاسمُ الذي منحكَم اللهُ ما دمتُم تأخذونَ بقولنا، ولا تكذبونَ علينا» (بحارُ الأنوار ج ٦٥ ص ٩٧)
اترك تعليق