ماهو موقف الشيعة من بن الهيثم
السلام عليكم ورحمة الله
إذا كانَ المقصودُ هوَ أبو عليّ الحسنُ بنُ الحسنِ بنِ الهيثمِ، عالمُ الرّياضيّاتِ والبصريّاتِ والفيزياءِ وعلمِ الفلكِ والهندسةِ وطبِّ العيونِ والإدراكِ البصريّ، فهوَ مِن عُلماءِ الإسلامِ الذي قدّمَ إسهاماتٍ كبيرةً وبخاصّةٍ في العلومِ التّجريبيّةِ، فهوَ الذي أثبتَ حقيقةَ أنَّ الضّوءَ يأتي منَ الأجسامِ إلى العينِ، وليسَ العكسُ كما سادَ الإعتقادُ آنذاكَ، وإليهِ تُنسَبُ مبادئُ إختراعِ الكاميرا، وهوَ أوّلُ مَن شرّحَ العينَ تشريحاً كامِلاً ووضّحَ وظائفَ أعضائِها، ولهُ كتابٌ مشهورٌ وهوَ كتابُ المناظرِ الذي إعتمدَ عليهِ كثيرٌ مِن عُلماءِ الغربِ، وهوَ بذلكَ يعدُّ مفخرةً علميّةً تُحسَبُ لعُلماءِ الإسلامِ بعيداً عَن تصنيفهِ المذهبيّ، ومعَ ذلكَ فقَد إختلفوا في أصلِه هَل هوَ عربيٌّ أم فارسيّ؟ كما إختلفوا في أنّهُ كانَ سُنّيّاً أم شيعيّاً، فبعضُ المُؤرّخينَ يُؤكّدُ أنّهُ سُنّيٌّ أشعريّ كضياءِ الدّينِ سردار ولورانس بيتاني، وجعلَهُ البعضُ مُعتزليّاً مثلَ إدوارد هودجسون، في حينِ أكّدَ البعضُ بأنّهُ شيعيٌّ كعبدِ الحميدِ صبرة.
وقد تكونُ ولادتُه في البصرةِ وتعلّمُه العلومَ الإسلاميّةُ تصلحُ كشاهدٍ على تشيُّعِه، كما أنَّ إتّصالَهُ بالدّولةِ الفاطميّةِ قد يكونُ شاهداً آخرَ، حيثُ عاشَ بنُ الهيثمِ مُعظمَ حياتِه في مصرَ، بعدَ أن دعاهُ الخليفةُ الفاطميّ الحاكمُ بأمرِ اللهِ إليها وكلّفَهُ بتنظيمِ فيضاناتِ النّيلِ، وأمدَّهُ بما يريدُ للقيامِ بهذا المشروعِ، إلّا أنَّ كلَّ ذلكَ لا يُعدُّ دليلاً على تشيُّعِه أو تسنُّنِه والمهمُّ في الأمرِ أنّهُ مِن عُلماءِ الإسلامِ الذي خدمَ البشريّةَ بمُنجزاتِه العلميّةِ. فالتّصنيفاتُ المذهبيّةُ أو تصانيفُ الجرحِ والتّعديلِ لمثلِ هؤلاءِ العُلماءِ لا جدوى منها فهوَ ليسَ راوياً للأحاديثِ أو صاحبَ مدرسةٍ فقهيّةٍ حتّى نتحقّقَ مِن إنتمائِه، وإنّما هوَ صاحبُ مدرسةٍ علميّةٍ تجريبيّةٍ فالمريضُ عندَما يراجعُ الطّبيبَ لا يسألُ عَن مذهبِه أو دينِه.
اترك تعليق