مَن هوَ شيخُ المُهاجرينَ والأنصار؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،أمّا عندَنا معاشرَ الإماميّةِ فكلمةُ شيخٍ هُنا تدلُّ على المرتبةِ العلميّةِ العاليةِ في الدينِ الإسلاميّ التي نالها بابُ مدينةِ علمِ رسولِ اللهِ (ص) الإمامُ أميرُ المؤمنين (ع) مُستندينَ في ذلكَ إلى ما وردَ عن أبي ذرٍّ الغفاري قالَ : قدمت قافلةُ عبدِ الرحمنِ بنِ عوف الزهري منَ الشامِ إلى مكّة ، ومِن مكّةَ إلى المدينة ؛ وكانَ فيهم أبو أمامةَ الباهلي ومعاذٌ بنُ جبل ، فجعلَ النّاسُ يتذاكرونَ أبا بكرٍ وعمر ، ومِن بني أميّةَ عثمانُ بنُ عفّان ، ومن بني هاشمٍ عليٌّ بنُ أبي طالب - وذكرَ الحديثَ إلى أن قال - : ثمّ قالَ النّبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ) : « أينَ عليٌّ بنُ أبي طالب » ؟ فوثبَ إليهِ عليٌّ وقالَ : « ها أنا ذا يا رسولَ الله » . قالَ : « اُدنُ منّي » . فدنا منه فضمَّه النّبيُّ ( صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ) إلى صدرِه وقبّلَ ما بينَ عينيه ، ورأينا دموعَ عينَيِ النّبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ) تجري على خدّيه ، ثمّ أخذَ بيدِه وقالَ بأعلى صوتِه : « معاشرَ المُسلمين ، هذا عليٌّ بنُ أبي طالب ، هذا شيخُ المُهاجرينَ والأنصار ، هذا أخي وابنُ عمّي وختني ، هذا لحمي ودمي وشَعري وبَشري ، هذا زوجُ ابنتي فاطمةَ سيّدةِ النسوانِ يومَ القيامة ، هذا أبو سبطيَّ الحسنِ والحُسين سيّدَي شبابِ أهلِ الجنّة. [ينظر: نورُ الأميرِ ( ع ) في تثبيتِ خُطبةِ الغدير، أميرُ التقدّمي المعصومي، ص311]. فهذا الوصفُ معروفٌ لأميرِ المؤمنينَ لدى عُلماءِ الإماميّةِ، ولذا ذكرَه العلّامةُ الحلّي في كتابِه كشفُ اليقين ،(ص21)، والشيخُ أحمدُ بنُ محمّدٍ بنِ عليّ العاصمي في كتابِه (العسلُ المُصفّى مِن تهذيبِ زينِ الفتى في شرحِ سورةِ هل أتى،(ج2/ص388) وغيرُهما.  وأمّا أبناءُ العامّةِ فعندَهم أنّ أبا بكر هوَ شيخُ المُهاجرينَ والأنصار باعتبارِ عُمرِه وكونِه كبيراً مِن جهةِ السنِّ ليسَ إلّا، وهذا واضحٌ مِن خلالِ المُناقشةِ المعروفةِ فيما بينَ الإماميّةِ وبينَ غيرِهم منَ المذاهبِ الإسلاميّة وخصوصاً في مَن كانَ أوّل مَن أسلم، فمعَ أنّ الصّحيحَ أنّ أميرَ المؤمنينَ كانَ أوّلَ القومِ إسلاماً كما ثبتَ في غيرِ حديثٍ صحيح، كانَ لدى عُلماءِ العامّةِ بعضُ الأحاديثِ التي وردَ فيها أنّ أبا بكرٍ هوَ أوّلُ القومِ إسلاماً؟ ولـمّا تعارضَت الأحاديثُ مِن هذهِ الجهة، وجّهوا المسألةَ بادّعاءِ أنّ عليّاً (ع) أسلمَ وهوَ صبيٌّ صغيرٌ، وأبو بكرٍ أسلمَ وهوَ شيخٌ كبير، فلذا درجوا على ذلكَ واستساغوه في عباراتِهم في غيرِ مورد. [ينظر طبقاتُ الشافعيّةِ الكُبرى، ج ٤، عبدُ الوهابِ بنُ عليٍّ السبكي، ص ١٦٥]. ودمتُم سالِمين.