لماذا لم يعلن الرّسول "ص" عن بيعة علي "ع" في مكّة المكرّمة وأمام حجاج جميع الأصقاع
صاغ أحدهم شبهة ـــ أرسلها إلي صديق ــ كان قصده منها تفريغ حادثة الغدير من دلالتها العقائدية عند طوائف الشيعة، وهي: حتّى لو سلّمنا ـ ولا نسلّم ـ إنّ نبيّ الإسلام محمّد "ص" كان قد بلّغ بخلافة عليّ "ع" السّياسيّة والدّينيّة من بعده في يوم الغدير كإجراء سماوي ملزم وبايعه جميع من كان هناك؛ فإنّ الغدير لم يكن المكان الجغرافي المناسب لإبلاغ إمامته الإلهيّة الإثني عشريّة بعرضها العريض على جميع أصقاع الأرض كما هو شائع ومشتهر في أوساطنا؛ لأنّ من بقي من الحجاج مع الرّسول "ص" ليسوا سوى حجاج المدينة وما حولها والّذين لا يتجاوز عددهم في أكثر الاحتمالات المعقولة ـ لا المذهبيّة ـ خمسة آلاف أو ما يزيد عليها بقليل... وفي ضوء هذا التّحليل البسيط ومن دون حاجة للدّخول في تفاصيل صيغ حديث الغدير وأسانيده وأسبابه ومبرّراته ودواعيه يتجلّى بوضوح: إنّ ما حصل في الغدير ليس له علاقة بالإمامة الإلهيّة الإثني عشريّة وعرضها العريض كما أراد الّلاحقون تسويقها؛ إذ لو كان الأمر كذلك لكان على الرّسول "ص" تضمين بيعة عليّ "ع" والإعلان عن إمامته بمعناها الواسع والعريض في مكّة المكرّمة وأمام حجاج جميع الأصقاع، وهذا هو المعنى المعقول للبيان المتناسب مع حجم المقولة المُراد بيانها وإلزام المسلمين بها...).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ( هذا الإشكال ، عين الإستغفال..، ومن طاوعهم فيما قالوا ، فقد وقع في حفرتهم ، وهذا كل ما يريدون . فإنهم بنوا في نفي دلالة حديث الغدير على الإمامة ، أن عدد الصحابة لم يتجاوزوا الخمسة آلاف ، كما أن التبليغ بها في غدير خم ، وهو مكان منقطع لا يناسب ما يزعمه الشيعة من اهتمام النبي بمقام الإمامة والعصمة والولاية .قلنا – نقضاً - : فعلى مبناكم الواه العليل ، فإن ولاية علي ع يجب أن تكون عندكم أعظم من القرآن ، فأكثر القرآن لم يبلغه النبي إلا لصحابي أو صحابيين ، أو ثلاثة أو عشرة ، في حين على قولكم ، بلغ النبي بولاية علي لخمسة آلاف صحابياً ، وهذا ما لم يحصل لأكثر القرآن !!بل هذا ما حصل لأكثر مفردات شريعة نبينا محمد ، الضروريات ناهيك عن غيرها كالصوم والصلاة و...، فإن النبي لم يبلغ بها إلا لصحابي أو بضعة صحابة ، ثم قال : فليعلم الشاهد منكم الغائب ، وهو ما فعله النبي في حديث الغدير مع فارق الخمسة آلاف. وبالجملة : الإشكال متضمن جهلٌ عظيم ، لازمه أن ولاية علي عليه السلام أهم عند الله ورسوله من كل القرآن ومن كل ضروريات الإسلام ، إذ لم يثبت أن النبي بلغ كل القرآن أمام خمسة آلاف إنسان ، في حين فعل ذلك في حديث الغدير !! وهنا ينبغي التنبيه على إننا لم نبن عقيدتنا في الإمامة على ما عرفوا به أعلاه من المكان والزمان والعدد، حتى مع كونه قرينة، وإنّما على النص المتواتر الذي لم يرو عن النبي في الإسلام مثله في العقيدة، حسبك أن الذهبي قال -أو كما قال- ادهشتني كثرة طرق حديث الغدير. على أن أغلب منهج النبي في تبليغ الإسلام عقيدة وشرعاً، ليس إسماع كل الناس ، بل خصوص المهاجرين والانصار ، ثم يذيل النبي كل ما أمره الله بتبليغه لهم بقوله ص: (فليبلغ الشاهد منكم الغائب) فهذا هو منهج النبي ، وهو ما تعاطاه ص يوم الغدير ، وما ذكره الوهابية ( وغيرهم ) من مزعمة أن على النبي أن يسمع كل الناس مصادرة وتحكم ومغالطة واستغفال؟!!!)
اترك تعليق