ما هو خبر الاحاد و ما هو الحديث الضعيف والحديث المرسل؟

ماهو الخبرُ الآحادُ وحُجّيّتُه عندَ أهلِ السنّةِ والشيعة، وكذلكَ الخبرُ المُرسَل والخبرُ الضعيفُ وحُجّيّتُهما عندَهما

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،قسّمَ عُلماءُ الفنِّ الخبرَ مُطلقاً قِسمين، أحدُهما الخبرُ المتواتر، والآخرُ: خبرُ الآحاد. والخبرُ المتواتِر هوَ ما يرويهِ عددٌ كثيرٌ منَ الرواةِ يستحيلُ في العادةِ تواطؤهم أو توافقُهم على الكذب، ويحصلُ مِن خبرِهم العلمُ لسامعِه. فلذا هوَ خارجٌ عن محلِّ البحث. وأمّا خبرُ الآحادِ فهوَ كلُّ خبرٍ لم يبلُغ حدَّ التواترِ مهما كثُرَ رواتُه، ويُقسَمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ معروفة، هيَ: المشهورُ (ويُسمّى المُستفيض على رأي)، والعزيزُ والغريب.  ثمَّ إنّ خبرَ الآحادِ تارةً يكونُ محفوفاً بالقرينةِ التي توجِبُ العلمَ بصدورِه منَ المعصوم، وتارةً يكونُ غيرَ محفوفٍ بالقرينة. فالأوّلُ لم يقَع فيهِ خلافٌ بينَ أهلِ العلم ، وأمّا الثاني: أعني خبرَ الآحادِ غيرَ المحفوفِ بالقرينةِ القطعيّةِ فهوَ الذي وقعَ فيه الخلافُ بينَ أهلِ العلم، فلذا عرضوا لنقاشِه ودراستِه في بحثِ حُجّيّةِ أخبارِ الآحادِ في علمِ أصولِ الفقهِ وعلمِ الرّجال، فقسّموا الخبر إلى أقسامٍ أربعةٍ هيَ صحيحٌ وموثّقٌ وحسنٌ وضعيفٌ، فذهبَ القسمُ الأكبرُ مِنهم إلى أنَّ الخبرَ إذا كانَ رواتُه منَ العدولِ الإماميّةِ فهوَ خبرٌ صحيحٌ يُعمَلُ به، خصوصاً إذا لم يُخالِف ظاهرَ القرآنِ ولا السنّةَ المقطوعَ بها، وهكذا الحالُ معَ الخبرِ الموثّقِ الذي بعضُ رواتِه أو كلُّهم منَ المُخالفينَ في العقيدةِ ولكنّهم ثقاتٌ فيما ينقلونَه عن مشايخِهم كما ذهبَ إلى ذلكَ الشيخُ الطوسيّ وفريقٌ مِن عُلمائِنا، وخالفَهم فريقٌ آخر فلم يحتجَّ بأخبارِ المُخالفينَ في العقيدةِ حتّى لو كانوا ثقاتاً كالشهيدِ الثاني وغيرِه مِن أهلِ العلم. [ينظر: مقباسُ الهدايةِ في علمِ الدرايةِ للشيخِ المامقانيّ، وكتابُ دروسٍ في علمِ الدرايةِ للشيخِ أكرم بركات العامليّ، (ص29 وما بعدَها)، وحُجّيّةُ خبرِ الواحدِ في كتابِ الكفايةِ للآخوندِ الخراساني (قدّس)، وغيرُه ممّن بحثَ حُجيّةَ خبرِ الآحاد]. وأمّا أهلُ السنّةِ فخبرُ الآحادِ عندَهم يقسمُ إلى صحيحٍ وحسنٍ وضعيف، فيحتجّونَ بالصّحيحِ إذا اجتمعَت فيهِ شروطٌ خمسةٌ، هيَ: أن يكونَ رواتُه ثقاتاً، ومِن أهلِ الضبطِ والحفظِ والإتقان، فلا يسهونَ ولا يهملون، والإسنادُ مُتّصلٌ مِن مبدأهِ إلى رسولِ اللهِ (ص) وأن يكونَ خالياً مِن كلِّ شذوذٍ وعلّة. وهُم يُقدّمونَ الأحاديثَ في صحيحي البُخاريّ ومُسلم على ما موجودٌ في السّننِ الأربعِ المعروفةِ كسُننِ أبي داودَ أو الترمذيّ أو النسائيّ أو ابنِ ماجه، وعموماً فالأحاديثُ في الكتبِ الستّةِ عندَهم لها ميّزةٌ في التقدّمِ على الموجودِ في غيرِها منَ السّننِ والمسانيدِ والمُصنّفاتِ. [ينظر: كتابُ تدريبِ الرّاوي للسيوطيّ، بابُ أقسامِ الصّحيح]. نعم، بعضُ المذاهبِ الفقهيّةِ عندَهم كالمالكيّةِ والشافعيّةِ ربّما يقدّمونَ الأحاديثَ التي في الموطّأ لمالكٍ أو في مُسندِ الشافعيّ على غيرِهما منَ الأحاديثِ لشروطٍ مذهبيّةٍ مأخوذةٍ في اعتبارِ كلِّ إمامٍ مِن أئمّةِ المذاهبِ لديهم، كما هوَ معروفٌ بينَ عُلمائِهم، ولكن عموماً الاحتجاجُ بأحاديثِهم جارٍ وفقَ ما بيّنّاهُ آنفاً. وأمّا الحديثُ المُرسَل: فلهُ إطلاقانِ، عامٌّ وخاصّ. فالمُرسَلُ بالمعنى العامّ هو َما حُذفَ جميعُ رواتِه أو بعضُهم أو تجيءُ في عباراتِهم لفظةٌ عن بعضِ رجالِه أو عن بعضِ أصحابِه، ومثالهُ ما رواهُ الصّدوقُ (ره) في معاني الأخبارِ (267) عن محمّدٍ بنِ موسى بنِ المتوكّلِ حدّثنا عليٌّ بنُ الحُسين السعدِ آبادي عن أحمدَ بنِ أبي عبدِ اللهِ البُرقيّ عن أبيهِ عن ابنِ أبي عُمير عن بعضِ أصحابِنا عن أبي عبدِ الله (ع) قالَ: قالَ رسولُ اللهِ (ص): ما بينَ قبري ومِنبري روضةٌ مِن رياضِ الجنّة. والمُرسَلُ بالمعنى الخاصِّ ما أرسلَه التابعيُّ إلى النبيّ (ص) مِن غيرِ ذكرِ الواسطة، كقولِ سعيدٍ بنِ المسيّبِ قالَ رسولُ الله (ص) ...إلخ. وهذا المعنى هوَ الأشهرُ عندَ جمهورِ أهلِ السنّة. وقد اختلفَ في حُجيّةِ المُرسَل إلى أقوالٍ ثلاثة: الأوّلُ: أنّه حُجّةٌ مُطلقاً إذا كانَ المُرسَلُ ثقةً، وهوَ المنسوبُ إلى مُحمّدٍ بنِ خالدٍ البُرقيّ وابنِه أحمدَ مِن أصحابنا ، وجمعٍ منَ العامّةِ كالآمديّ ومالكٍ بنِ أنس وغيرِهما. والثاني: أنّهُ غيرُ حُجّة، وهوَ المنسوبُ إلى العلّامةِ في التهذيبِ في أحدِ قوليه وآخرينَ منَ العامّة. والثالثُ: أنّه غيرُ حُجّةٍ إلّا إذا علمَ أنّ مُرسلَهُ ثقةٌ لا يُرسلُ ولا يروي إلّا عن ثقةٍ كابنِ أبي عُمير مِن أصحابِنا وسعيدٍ بنِ المُسيّبِ عندَ الشافعيّ. وهذا القولُ منسوبٌ للشيخِ في العدّةِ والعلّامةِ في النهايةِ والشهيدِ في الذكرى وغيرِهم. [ينظر: دروسٌ في علمِ الدرايةِ للشيخِ أكرم بركات العامليّ، ص93 وما بعدَها].وأمّا الحديثُ الضعيفُ، فالمعروفُ بينَ جمهورِ أهلِ العلمِ أنّه غيرُ حُجّة، إلّا إذا كانَ ضعفُ الحديثِ ناشِئاً مِن سوءِ حفظِ أحدِ رواتِه أو خطئِهم أو نحوِ ذلك، وانضمَّ إلى ذلكَ بعضُ القرائنِ التي تقوّي مِن صدورِه منَ المعصومِ، خصوصاً أن يكونَ العملُ بمتنِ الحديثِ جارٍ بينَ أهلِ العلمِ مِن غيرِ شكٍّ فيه، فحينئذٍ يحتجُّ بالحديثِ الضعيف، وإلّا فلا، وقد أُلّفَت رسائلُ علميّةٌ كثيرةٌ في هذا الصددِ تُبيّنُ أنّ هناكَ أحاديثَ ضعافاً وعليها العملُ بغيرِ خلاف. ودمتُم سالِمين.