الحَديثُ المُرسَلُ عندَ الشّيعةِ والسُّنّة.

مُؤيّد/العِراق/: ما الفَرقُ بينَ الحَديثِ المُرسلِ عندَ الشّيعةِ والسُّنَةِ وعِندَ أيّهِما حجَّةٌ وغيرُ حجَّة؟

: اللجنة العلمية

الأخُ مُؤيّدٌ المُحترمُ، السَّلامُ عليكُم ورحمَةُ اللهِ وبركاتُهُ

لِلْحَديثِ الْمُرْسَلِ إِطْلَاقَيْنِ، أَحَدهُمَا بِالْمَعنى الخاصِّ: وَهُوَ مَا أَسَنَدَهُ التَّابِعِيُّ إِلَى النَّبِيِّ (ص) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ، كَقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص)...

 فَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَمْ يَسْمَعِ الْحَديثَ مِنَ النَّبِيِّ (ص)، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أحَدِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ (ص).

وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ أهْلِ السُّنَةِ، وَكَذَلِكَ الشِّيعَةُ الْإمَامِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ يُمَثِّلُونَ لِلْحَديثِ الْمُرْسَلِ بِمَا يَرْوِيهِ الطَّوْسِيُّ مَثَلًا بِإِسْنَادِهِ الْمُتَّصِلِ إِلَى اِبْنِ أَبِي عُمَيرٍ عَنِ الْإمَامِ الصَّادِقِ (ع)، فَاِبْنُ أَبِي عُمَيرُ لَمْ يَسْمَعِ الْحَديثَ مِنَ الْإمَام ِ(ع) وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَحَدِ أَصْحَابِهِ.

وَبِعِبَارَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: الْحَديثُ الْمُرْسَلُ:( بِالْمَعنى الخاصّ): هُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَ التَّابِعِيِّ وَبَيْنَ الْمَعْصُومِ (نَبِيَّاً كَانَ الْمَعْصُومُ أَمْ إمَامَاً (سَلامُ اللهِ عَلَيْهِم أَجَمْعَيْن).

وَأَمَّا الْإِطْلَاقُ الثّاني لِلْحَديثِ الْمُرْسَلِ، وَهُوَ مَا كَانَ بِالْمَعنى الْعَامِّ: فَهُوَ الْحَديثُ الَّذِي يُحذَفُ مِنْهُ جَمِيعُ رُوَاتِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَيُمَثِّلُ أهْلُ السُّنَةِ لِذَلِكَ بِمَا يَرْوِيهِ الْإمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ حَيْثُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص).

فَمَالِكٌ لَمْ يَسْمَعِ الْحَديثَ مِنَ النَّبِيِّ (ص) وَإِنَّمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ (ص) عِدَّةُ وَسَائِطَ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَيُمَثِّلُ الشِّيعَةُ لِذَلِكَ بِمَا يَرْوِيهِ الصَّدُوقُ فِي الْفَقِيهِ حِينَ يَقُولُ: قَالَ الصَّادِقُ (ع)...، وَالصَّدُوقُ لَمْ يَسْمَعِ الْحَديثَ مِنَ الصَّادِقِ (ع)، وَإِنَّمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ (ص) عِدَّةُ وَسَائِطَ كَمَا لَا يَخْفَى.

ثُمَّ إِنَّ حُكْمَ الْحَديثِ الْمُرْسَلِ - بِصَفَةٍ عَامَّةٍ - هُوَ حُكْمُ الْحَديثِ الضَّعِيفِ، وَذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِحَالِ الْوَاسِطَةِ الْمَحْذُوفَةِ، وَفقاً لِقَوَاعِدِ عِلْمِ الْحَديثِ، وَلكِنِ اِسثنى بَعْضُ أهْلِ السُّنَةِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا يَرْوِيهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنِ النَّبِيِّ  ص)، بِدَعْوَى أَنَّ أَحَادِيثَهُ الْمُرْسَلَةَ وُجِدَتْ لَهَا مَخَارِجُ أُخْرَى صَحِيحَةٌ، أَوْ لِأَنَّ عَامَّةَ رِوَايَاتِ اِبْنِ الْمُسَيِّبِ هِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَالصَّحَابَةُ حَسَبَ مُعْتَقَدِهِمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ، فَتَصِحُّ رِوَايَاتُهُ الْمُرْسَلَةُ لِهَذِهِ الْجِهَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْسُوبٌ لِلشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَتبَاعِهِ، وَأَمَّا الشِّيعَةُ الْإمَامِيَّةُ فَكَثِيرٌ مِنْهُم اِسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَرَاسِيلَ اِبْنِ أَبِي عُمَير، وَذَلِكَ لِما ذَكَرَهُ الطُّوْسِيّ (قده) فِي عُدَّةِ الْأُصولِ مِنْ أَنَّ مَرَاسِيلَ اِبْنِ أَبِي عُمَيرٍ كَمَسانيدهِ، فَهُوَ لَا يُرْسِلُ الْحَديثَ وَلَا يُسْنِدُهُ إِلَّا عَمَّن يُوثَقُ بِهِ.

وَدُمْتُم سَالِمِينَ