ما الفرقُ بينَ الرسولِ والنبي في القران ؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله، إنّ الفرقَ بينَ الرسولِ (ص) والنبيّ (ص)، يمكنُ بيانُه مِن جهتين، إحداهُما مِن جهةِ ما وردَ عن أئمّةِ أهلِ البيتِ (ع) في هذا الصّددِ، والجهةُ الأخرى ما وردَ مِن آراءَ عن أهلِ العلم، وإليكَ البيان: أمّا الجهةُ الأولى، فقد وردَت عدّةُ رواياتٍ عن أئمّةِ أهلِ البيتِ (ع) تُبيّنُ هذا الفرقَ، مِنها ما رواهُ الكُلينيّ في كتابِه الكافي (ج1/ص670) طبعةُ دارِ الحديثِ وما بعدَها): 1 . عِدَّةٌ مِن أَصحَابِنَا ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصرٍ ، عَن ثَعلَبَةَ بنِ مَيمُونٍ ، عَن زُرَارَةَ ، قَالَ : سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السَّلَامُ عَن قَولِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : « وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا »: مَا الرَّسُولُ؟ وَمَا النَّبِيُّ ؟ قَالَ : « النَّبِيُّ : الَّذِي يَرى فِي مَنَامِهِ ، وَيَسمَعُ الصَّوتَ ، وَلَا يُعَايِنُ المَلَكَ. وَالرَّسولُ : الَّذِي يَسمَعُ الصَّوتَ ، وَيَرى فِي المَنَامِ ، وَيُعَايِنُ المَلَكَ » . قُلتُ : الإِمَامُ مَا مَنزِلَتُهُ ؟ قَالَ : « يَسمَعُ الصَّوتَ ، وَلَا يَرى ، وَلَا يُعَايِنُ المَلَكَ » . 2 . عَلِيُّ بنُ إِبرَاهِيمَ ، عَن أَبِيهِ ، عَن إِسمَاعِيلَ بنِ مَرَّارٍ، قَالَ : كَتَبَ الحَسَنُ بنُ العَبَّاسِ المَعرُوفِيُّ إِلَى الرِّضَا عَلَيهِ السَّلَامُ : جُعِلتُ فِدَاكَ ، أَخبِرنِي : مَا الفَرقُ بَينَ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ وَالإِمَامِ ؟ قَالَ : فَكَتَبَ أَو قَالَ : « الفَرقُ بَينَ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ وَالإِمَامِ، أَنَّ الرَّسُولَ : الَّذِي يَنزِلُ عَلَيهِ جَبرَئِيلُ ، فَيَرَاهُ ، وَيَسمَعُ كَلَامَهُ ، وَيَنزِلُ عَلَيهِ الوَحيُ ، وَرُبَّمَا رَأى فِي مَنَامِهِ نَحوَ رُؤيَا إِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلَامُ . وَالنَّبِيُّ رُبَّمَا سَمِعَ الكَلَامَ ، وَرُبَّمَا رَأَى الشَّخصَ وَلَم يَسمَع . وَالإِمَامُ هُوَ الَّذِي يَسمَعُ الكَلَامَ ، وَلَا يَرَى الشَّخصَ ». 3 . مُحَمَّدُ بنُ يَحيى ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مَحبُوبٍ ، عَنِ الأَحوَلِ ، قَالَ : سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السَّلَامُ عَنِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ وَالمُحَدَّثِ . قَالَ : « الرَّسُولُ : الَّذِي يَأتِيهِ جَبرَئِيلُ قُبُلًا، فَيَرَاهُ ، وَيُكَلِّمُهُ ، فَهذَا الرَّسُولُ . وَأَمَّا النَّبِيُّ ، فَهُوَ الَّذِي يَرى فِي مَنَامِهِ نَحوَ رُؤيَا إِبرَاهِيمَ ، وَنَحوَ مَا كَانَ رَأى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ مِن أَسبَابِ النُّبُوَّةِ قَبلَ الوَحيِ حَتّى أَتَاهُ جَبرَئِيلُ عَلَيهِ السَّلَامُ مِن عِندِ اللَّهِ بِالرِّسَالَةِ ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ - حِينَ جُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةُ ، وَجَاءَتهُ الرِّسَالَةُ مِن عِندِ اللَّهِ - يَجِيئُهُ بِهَا جَبرَئِيلُ ، وَيُكَلِّمُهُ بِهَا قُبُلًا ، وَمِنَ الأَنبِيَاءِ مَن جُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةُ ، وَيَرى فِي مَنَامِهِ ، وَيَأتِيهِ الرُّوحُ ، وَيُكَلِّمُهُ ، وَيُحَدِّثُهُ مِن غَيرِ أَن يَكُونَ يَرى فِي اليَقَظَةِ . وَأَمَّا المُحَدَّثُ ، فَهُوَ الَّذِي يُحَدَّثُ ، فَيَسمَعُ ، وَلَا يُعَايِنُ، وَلَا يَرى فِي مَنَامِهِ». ومِنها ما وردَ في كتابِ الاختصاص، للشيخِ المُفيد، (ص ٣٤٠)، وهيَ كما يلي: أحمدُ بنُ مُحمّدٍ بنِ عيسى ، عن أبيه . ، ومحمّدٌ بنُ خالدٍ البرقي، والعبّاسُ بنُ معروف ، عن القاسمِ بنِ عروة ، عن بريدٍ بنِ مُعاوية العجلي قالَ : سألتُ أبا جعفرٍ عليهِ السلام عن الرسولِ والنبيّ والمُحدِّث فقالَ : الرسولُ الذي تأتيهِ الملائكةُ ويعاينُهم وتبلغُه عن اللهِ تعالى ، والنبيُّ الذي يرى في منامِه فما رأى فهوَ كما رأى ، والمُحدّثُ الذي يسمعُ الكلامَ – كلامَ الملائكةِ - ويُنقَرُ في أذنيه ويُنكَتُ في قلبِه ( يُنظر: البحارُ ج7/ص293 ) . وعنهُ ، عن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ بنِ أبي نصر ، عن ثعلبةَ بنِ ميمون ، عن زُرارةَ قالَ : سألتُ أبا جعفرٍ عليهِ السلام عن قولِ اللهِ عزَّ وجل : " وكانَ رسولاً نبيّاً علِمنا الرسولَ ومَن النبيُّ ؟ فقالَ : النبيُّ هوَ الذي يرى في منامِه ويسمعُ الصوتَ ولا يعاينُ المَلَك والرسولُ يعاينُ الملكَ ويُكلّمُه ، قلتُ : فالإمامُ ما منزلَتُه ؟ قالَ : يسمعُ الصوتَ ولا يرى ولا يعاينُ المَلك، [ينظر: الكافي ج1/ص176]. الهيثمُ بنُ أبي مسروقٍ النهدي، وإبراهيمُ بنُ هاشم ، عن إسماعيلَ بنِ مهران قالَ :كتبَ الحسنُ بنُ العبّاسِ المعروفي إلى أبي الحسنِ الرّضا عليهِ السلام جُعلتُ فداكَ أخبرني ما الفرقُ بينَ الرسولِ والنبيّ والإمامِ فكتبَ إليه - أو قالَ له - : الفرقُ بينَ الرسولِ والنبيّ والإمامِ أنَّ الرسولَ هوَ الذي ينزلُ عليهِ جبرئيلُ فيراهُ ويُكلّمُه ويسمعُ كلامَه وينزلُ عليهِ الوحي وربّما أوتيَ في منامِه نحوَ رؤيا إبراهيم، والنبيُّ ربّما سمعَ الكلامَ وربّما رأى الشخصَ ولم يسمَع الكلام، والإمامُ يسمعُ الكلامَ ولا يرى الشخصَ.إبراهيمُ بنُ محمّدٍ الثقفي قالَ : حدّثني إسماعيلُ بنُ يسار، عن عليٍّ بنِ جعفرٍ الحضرمي ، عن زرارةَ بنِ أعين قالَ : سألتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام عن قولِه تعالى : " وما أرسلنا مِن قبلِك مِن رسولٍ ولا نبيٍّ ( ولا مُحدّث ) " فقالَ : الرسولُ الذي يأتيهِ جبرئيلُ قبلاً فيُكلّمُه فيراهُ كما يرى الرجلُ صاحبَه، وأمّا النبيُّ فهوَ الذي يؤتى في منامِه نحوَ رؤيا إبراهيم ونحوَ ما كانَ يرى مُحمّدٌ صلّى اللهُ عليهِ وآله ومِنهم مَن يجتمعُ له الرسالةُ والنبوّةُ وكانَ مُحمّدٌ صلّى اللهُ عليهِ وآله ممَّن جُمعَت له الرسالةُ والنبوّة، وأمّا المُحدّثُ فهو الذي يسمعُ كلامَ الملكِ ولا يراهُ ولا يأتيهِ في المنام. ( البحارُ ج7/ص294 ). وأمّا الجهةُ الأخرى، فقد ذكرَ أهلُ العلمِ عدّةَ آراءٍ في الفرقِ بينَهما، مِنها: الأوّلُ: الرسولُ مَن يصلُه الوحيُ الإلهيُّ عن طريقِ جبرائيلَ والنبيُّ مَن يصلُه الوحيُ عن طریقِ الملائكةِ أو بالإلهامِ أو الرؤيا الصادقةِ في المنامِ. قالَ الجرجانيُّ في التعريفات : (النبيُّ مَن أوحيَ إليهِ بملكٍ أو ألهمَ في قلبِه أو نُبّهَ بالرؤيا الصّالحة. فالرسولُ أفضلُ بالوحي الخاصِّ الذي فوقَ وحي النبوّةِ؛ لأنَّ الرّسولَ هوَ مَن أوحى إليهِ جبرائيلُ خاصّةً بتنزيلِ الكتابِ منَ الله). [ينظر: التعريفاتُ للجرجانيّ، بابُ الرسولِ، والنبيّ].والثاني: أنّ النبوّة والرسالة مفهومان متغايران حيث إنّ النبوة متقوّمة في الاتّصال بعالم الغيب والإنباء عنه، وأمّا الرسالة فهي متقوّمة بتحمل الرسول إبلاغ كلام من المرسل إلى المرسل إليه، وأنّ وصف أي إنسان بأحد هذين الوصفين فإنّما هو بسبب هذين الملاكين المتمايزين.والثالث: أنّ مقام النبوّة أعلى وأسمى من مقام الرسالة، لأنّ الحيثية المقوّمة للنبوة هي حيثية الاتّصال والارتباط بالمقام الربوبي، واستعداد النفس لوعي ما ينزل به الوحي من المبدأ الأعلى، وأمّا الحيثية المقوّمة للرسالة فهي حيثية تحمل تنفيذ عمل أو إبلاغ قول من المرسل، وأين شرف الاتّصال باللّه والمبدأ الأعلى من شرف تحقيق وتنفيذ عمل في الخارج أو إبلاغ كلام عن شخص إلى غيره.وبالطبع انّ في مجال الانطباق على المصاديق يكون النبيّ أفضل من الرسول، وذلك لأنّه في حال اجتماع النبوة والرسالة في شخص واحد فيكون نبياً ورسولاً فإنّ فضيلته وشرفه إنّما ينبعان من كونه نبياً لا من كونه رسولاً، وإذا ما كان لرسالته فضل أيضاً، فبلا ريب أنّ الفضل النابع من جهة النبوة أفضل من الفضل والشرف النابعين من جهة الرسالة.والرابع: النبوّة أساس رسالة الإنسان من اللّه سبحانه، إذ رسالة الإنسان من جانب اللّه ـ كما قلنا ـ لإبلاغ أمره أو زجره لا تتحقّق إلاّ باتّصاف الرسول بالنبوة، وأنّ الرسول الذي أُمرنا باتّباعه ووجوب طاعته هو الرسول المبعوث من قبل اللّه، لا أي رسول حتّى لو كان ملكاً أو كان رسولاً من قبل إنسان آخر. وعلى هذا الأساس تكون المرتبة الأُولى هي مرتبة النبوة والارتباط بعالم الغيب، وبعد ذلك تتعقبها مرتبة الرسالة.والخامس: أنّ النسبة بين مفهوم النبي وبين مفهوم الرسول الخاص ـ أعني: الإنسان المبعوث من جانب اللّه سبحانه ـ هي نسبة التساوي بحيث كلّما صدقت النبوّة صدقت بتبعها الرسالة، وأنّ الأنبياء الفاقدين للرسالة حالة شاذّة ونادرة لا تتجاوز عدد الأصابع. ومن المعلوم أنّ الشاذ النادر لا يمكن أن يعتبر ملاكاً للتمايز والمقارنة، أضف إلى ذلك إنّ مثل تلك النبوة الفاقدة للرسالة ليس لها مفهوم واضح. وعلى هذا الأساس فلا فرق بين أن نقول: «محمّد رسول اللّه وخاتم النبيّين» و بين أن نقول: «وخاتم الرسل» للتلازم بين الأمرين من حيث المصداق. وعلى فرض كون مفهوم النبي أعمّ من الرسول ويكون شاملاً للأنبياء الذين ليست لديهم رسالة، ففي هذه الحالة أيضاً يكون إيصاد باب النبوة ملازماً لإيصاد باب الرسالة.بقيت هناك نكتة وهي أنّ القرآن الكريم قد استعمل عبارة «خاتم النبيّين» ولم يستعمل عبارة «خاتم الرسل» فما ذلك إلاّ لأجل أنّ النبوة أساس للرسالة من جانب اللّه، وأنّ ختم النبوة يلزم منه ختم الرسالة قطعاً.وبعبارة أُخرى: إذا ختم مقام الاتّصال بالوحي وتلقي الرسالة والأوامر، فحينئذ ينتفي موضوع الرسالة قطعاً.وعلى فرض كون مفهوم النبي أعمّ من الرسول ويكون شاملاً للأنبياء الذين ليست لديهم رسالة، ففي هذه الحالة أيضاً يكون إيصاد باب النبوة ملازماً لإيصاد باب الرسالة.بقيت هناك نكتة وهي أنّ القرآن الكريم قد استعمل عبارة «خاتم النبيّين» ولم يستعمل عبارة «خاتم الرسل» فما ذلك إلاّ لأجل أنّ النبوة أساس للرسالة من جانب اللّه، وأنّ ختم النبوة يلزم منه ختم الرسالة قطعاً.وبعبارة أُخرى: إذا ختم مقام الاتّصال بالوحي وتلقي الرسالة والأوامر، فحينئذ ينتفي موضوع الرسالة قطعاً. [الآراء من الثاني إلى الخامس هي للشيخ السبحانيّ في كتابه الفكر الخالد في بيان العقائد، (ص167 وما بعدها)].والسادس: وهو ما بيّنه السيّد الطباطبائيّ في باب (كلام في النبوة)، إذْ قال: والله سبحانه بعد ما ذكر هذه الحقيقة (وهي وصف إرشاد الناس بالوحي) في كلامه كثيرا عبر عن رجالها بتعبيرين مختلفين فيه تقسيمهم إلى قسمين أو كالتقسيم: وهما الرسول والنبي، قال تعالى: " وجيء بالنبيين والشهداء " الزمر - 69، وقال تعالى:" يوم يجمع الله الرسل ماذا أجبتم " المائدة - 109، ومعنى الرسول حامل الرسالة، ومعنى النبي حامل النبأ، فللرسول شرف الطاعة بين الله سبحانه وبين خلقه والنبي شرف العلم بالله وبما عنده.وقد قيل إنّ الفرق بين النبي والرسول بالعموم والخصوص المطلق فالرسول هو الذي يبعث فيؤمر بالتبليغ ويحمل الرسالة، والنبي هو الذي يبعث سواء أمر بالتبليغ أم لم يؤمر. لكن هذا الفرق لا يؤيده كلامه تعالى: (واذكر في الكتاب موسى أنه كان مخلصا وكان رسول نبيا) مريم - 51، والآية في مقام المدح والتنظيم ولا يناسب هذا المقام التدرج من الخاص إلى العام كما لا يخفى.وكذا قوله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي " الحج - 51، حيث جمع في الكلام بين الرسول والنبي ثم جعل كلا منهما مرسلا لكن قوله تعالى: " ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء " الزمر - 69، وكذا قوله تعالى: " ولكن رسول الله وخاتم النبيين " الأحزاب - 40، وكذا ما في الآية المبحوث عنها من قوله تعالى: " فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " إلى غير ذلك من الآيات يعطي ظاهرها أن كل مبعوث من الله بالإرسال إلى الناس نبي ولا ينافي ذلك ما مر من قوله تعالى: وكان رسولا نبيا الآية، فإن اللفظين قصد بهما معناهما من غير أن يصيرا اسمين مهجوري المعنى فالمعنى وكان رسولا خبيرا بآيات الله ومعارفه، وكذا قوله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الآية لإمكان أنْ يقال: إنّ النبي والرسول كليهما مرسلان إلى الناس، غير أن النبي بعث لينبئ الناس بما عنده من نبأ الغيب لكونه خبيرا بما عند الله، والرسول هو المرسل برسالة خاصة زائدة على أصل نباء النبوة كما يشعر به أمثال قوله تعالى: ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالحق " يونس - 47، وقوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " الاسراء - 15، وعلى هذا فالنبي هو الذي يبين للناس صلاح معاشهم ومعادهم من أصول الدين وفروعه على ما اقتضته عناية الله من هداية الناس إلى سعادتهم، والرسول هو الحامل لرسالة خاصة مشتملة على اتمام حجة يستتبع مخالفته هلاكه أو عذابا أو نحو ذلك قال تعالى: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " النساء - 165، ولا يظهر من كلامه تعالى في الفرق بينهما أزيد مما يفيده لفظاهما بحسب المفهوم، ولازمه هو الذي أشرنا إليه من أن للرسول شرف الوساطة بين الله تعالى وبين عباده وللنبي شرف العلم بالله وبما عنده وسيأتي ما روي عن أئمة أهل البيت " عليهم السلام " من الفرق بينهما.وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: وكان رسولا نبيا الآية قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ولا يرى في المنام ويعاين.أقول: وفي هذا المعنى روايات أخر، ومن الممكن ان يستفاد ذلك من مثل قوله تعالى: " فأرسل إلى هارون " الشعراء - 13، وليس معناها ان معنى الرسول هو المرسل إليه ملك الوحي بل المقصود ان النبوة والرسالة مقامان خاصة أحدهما الرؤيا وخاصة الآخر مشاهدة ملك الوحي، وربما اجتمع المقامان في واحد فاجتمعت الخاصتان، وربما كانت نبوة من غير رسالة، فيكون الرسالة أخص من النبوة مصداقا لا مفهوما كما يصرح به الحديث السابق عن أبي ذر حيث يقول: قلت: كم المرسلون منهم؟فقد تبين ان كل رسول نبي ولا عكس، وبذلك يظهر الجواب عما اعترضه بعضهم على دلالة قوله تعالى: " ولكن رسول الله وخاتم النبيين " الأحزاب - 40، أنه انما يدل على ختم النبوة دون ختم الرسالة مستدلا بهذه الرواية ونظائرها.والجواب: أنّ النبوة أعم مصداقا من الرسالة وارتفاع الأعم يستلزم ارتفاع الأخص ولا دلالة في الروايات كما عرفت على العموم من وجه بين الرسالة والنبوة بل الروايات صريحة في العموم المطلق.[ تفسير الميزان ج2/ص143].ثُمَّ لا بُدَّ من الأخذ بعين الاعتبار أنّ الجهة الأولى المعتمدة على الروايات ناظرة إلى شخص الرسول وشخص النبيّ وشخص المحدّث، في حين أنّ الجهة الثانية التي عرض لها أهل العلم والمفسّرون ناظرة إلى وظيفة كلٍّ منهما. ودمتم سالمين.
اترك تعليق