لماذا لم يذكر القرآن الديانة البوذية مع علم الله بكل ما يحدث في العالم؟
عمانويل/: لماذا لم يذكر القرآن حتى ولو بالإشارة الديانة البوذية مثلاً، مع أن المفروض أن الله يعلم ما يحدث في العالم كله، وليس ما يراه رسول الإسلام فقط.
الأخ عمانويل ..
نرى أنه قد اشتبه عليك أمر مهم وجوهري، وعليك أن تفرق وأن لا تأخذنا بالمصطلحات، فإن مفردة الدين لها معنى لغوي ولها معنى اصطلاحي تأسيسي.
أما بحسب اللغة، فهو مشتق من الفِعل دَانَ، أي اعتنق واعتقد بفكرٍ ما أو مذهبٍ ما وسار في رِكابه وعلى هداه.
وأما بحسب الإصطلاح والعرف الشرعي، فيطلق على الشرائع الصادرة بواسطة الرسل (ع ).
أو هو اسم لجميع ما تعبد الله به خلقه وأمرهم بالقيام به.
وعليه إذا لاحظنا هذين التعريفين نجد بوضوح ما قصدته من مفردة الدين، فأنت قطعاً لا تريد من الدين معناه الإصطلاحي، وأن البوذية هي دين سماوي منزل من قبل الله، وفيه تعاليم صاغتها السماء، لأن هذا ما لا يعترف به البوذيون أنفسهم، فهم لا يرون أن تعاليم بوذا هي تعاليم سماوية أو هي شريعة سماوية نزلت على بوذا، بل يعتقدون أن كتبهم ليست منزلة، بل هي عبارة منسوبة إلى بوذا أو حكاية لأفعاله سجّلها بعض أتباعه، ونصوص تلك الكتب تختلف بسبب انقسام البوذيين، فبوذيّو الشمال اشتملت كتبهم على أوهام كثيرة تتعلق ببوذا، أما كتب الجنوب فهي أبعد قليلاً عن الخرافات، إلا أنها بأجمعها تحكي عن أقوال وأفعال بوذا.
إن قلت: إن هذه التي تسمونها طريقة وليست ديناً سماوياً لها أتباع، وأتباعها ليسوا بقليل، فكان من الضروري أن يتم ذكر طريقتهم بسلب أو إيجاب.
قلت: إن القرآن كما أنه لم يذكر البوذية، كذلك لم يذكر ما تسمى بالديانة الهندوسية والزرادشتية، مع أن لهم أتباعاً كثراً، وهذا لا يعني أن يتركهم بلا إشارة من قريب أو بعيد، بل نجد القرآن بوضوح أشار إلى بطلان أي طريقة أو مذهب لم تكن تعاليمه مستمدة من وحي السماء، كما في قوله تعالى: (وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الْإسلامِ دِيناً فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)، فهذه الآية الكريمة فيها إشارة شاملة وعامة لكل طريقة أو مذهب بشري وليس إلهي.
اترك تعليق