هل عذابُ القبرِ ثابتٌ في القرآنِ والسنّة؟
ظهرَ علي الشريفي (أحدُ مدعي الدين) بمقطعٍ ينفي وجودَ عذابِ القبر والمشكلةُ أنَّ أغلبَ الناسِ تُصدّقُ وتؤيّدُ ما يقولهُ هذا الضال. أرجو مِنكم الإجابةَ بأدلّةٍ منَ القرآنِ والسنّةِ
كلامُ هذا الرجلِ مُخالفٌ للقرآنِ والسنّة. وأمّا ما يرتبطُ بعذابِ القبر، فنعقدُ البحثَ في نُقطتين: النقطةُ الأولى: لا شكَّ في ثبوتِ الحياةِ البرزخيّة، وذلكَ للأدلّةِ الكثيرةِ، وسنتعرضُ إلى بعضِها: 1- قولهُ تعالى: (وَلاَ تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَموَاتًا بَل أَحيَاء عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ) (ال عمران/ 170). وهذهِ الآيةُ صريحةٌ في إثباتِ حياةٍ للشهداءِ قبلَ يومِ القيامةِ وهيَ لا وجودَ لها إلّا في القبرِ كما هوَ واضح. قالَ الشيخُ ناصِر مكارِم: (والمقصودُ منَ الحياةِ في الآيةِ هيَ «الحياةُ البرزخيّة» في عالمِ ما بعدَ الموتِ، لا الحياةَ الجسمانيّةَ والمادّيّةَ، وإن لم تختصَّ الحياةُ البرزخيّةُ بالشهداءِ فللكثيرِ منَ الناسِ حياةٌ برزخيّةٌ أيضاً ) تفسيرُ الأمثل - مكارِم الشيرازي (ج2/ص779) 2- قولهُ تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرزَخٌ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ) (المؤمنونَ، 99-100). وهذهِ الآيةُ تتحدّثُ عن وجودِ عالمِ البرزخِ قالَ الشيخُ الطوسي رحمَه الله وغيرُه: (هوَ الحاجزُ بينَ الموتِ والبعث). التبيانُ في تفسيرِ القُرآن - الشيخُ الطوسي (ج7/ص387)، تفسيرُ الأمثلِ - مكارِم الشيرازي (ج10/ص507) وقالَ عليٌّ بنُ إبراهيم أيضاً: (ومِن ورائِهم برزخٌ إلى يومِ يُبعثون) قالَ البرزخُ هوَ أمرٌ بينَ أمرين وهوَ الثوابُ والعِقاب بينَ الدّنيا والآخرة وهوَ ردٌّ على مَن أنكرَ عذابَ القبرِ والثوابَ والعقابَ قبلَ القيامةِ وهوَ قولُ الصّادقِ . ( تفسيرُ القُمّي: 2 / 6) وأمّا الرواياتُ الدالّةُ على الحياةِ البرزخيّةِ فهيَ كثيرةٌ مُتواترة، لا داعي لنقلِها، قالَ العلّامةُ الطباطبائي: (أقولُ: أخبارُ البرزخِ و تفاصيلُ ما يجري على المؤمنينَ و غيرهم فيهِ كثيرةٌ متواترة) تفسيرُ الميزان - العلّامةُ الطباطبائي (ج15/ص37) النفطةُ الثانية: لا شكَّ في ثبوتِ نعيمٍ وعذابٍ في القبر، وذكرَهما العلماءُ في كُتبِ العقيدة، قالَ الشيخُ الصّدوق: اعتقادُنا في النفوسِ أنّها هيَ الأرواحُ التي بها الحياة ... واعتقادُنا فيها أنّها إذا فارقَت الأبدانَ فهيَ باقيةٌ ، مِنها مُنعّمةٌ ، ومِنها مُعذّبة ، إلى أن يردَّها اللهُ تعالى بقُدرتِه إلى أبدانِها .. (الاعتقاداتُ، ص47، باب 15). وعذابُ القبرِ ثابتٌ بالقرآنِ والسنّة: أمّا الدليلُ منَ القرآنِ الكريم: قولهُ تعالى: (النَّارُ يُعرَضُونَ عَلَيهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ). (غافر/47) ولا شُبهةَ في دلالةِ هذهِ الآيةِ على عذابِ البرزخ، لأنَّ العرضَ على النارِ الذي ذُكرَ في قولِه تعالى (النَّارُ يُعرَضُونَ عَلَيهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) إنّما يكونُ قبلَ يومِ القيامةِ والحسابِ كما هوَ صريحُ الآية، ولا مكانَ له إلّا في عالمِ البرزخ، لأنَّ عذابَ يومِ القيامةِ قد ذكرَته الآيةُ بقولِه تعالى (وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ). وأمّا الدليلُ منَ السنّةِ المعصوميّةِ الشريفة: فقد دلّت الرواياتُ المتواترةُ عن النبيّ وأهلِ البيتِ صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين، قالَ نصيرُ الدينِ الطوسي: وعذابُ القبرِ واقعٌ للإمكانِ وتواترِ السّمعِ بوقوعِه. قالَ العلّامةُ الحلّي: نُقلَ عن ضرارٍ أنّهُ أنكرَ عذابَ القبرِ والإجماعُ على خلافِه. (كشفُ المُرادِ في شرحِ تجريدِ الاعتقاد، ص452). وقالَ العلّامةُ المَجلسي: (ثمَّ اعلَم أنَّ عذابَ البرزخِ و ثوابَه ممّا اتّفقَت عليهِ الأمّةُ سلفاً و خلفاً و قالَ به أكثرُ أهلِ المِللِ و لم يُنكِره منَ المُسلمينَ إلّا شرذمةٌ قليلةٌ لا عبرةَ بهم و قد انعقدَ الإجماعُ على خلافِهم سابقاً و لاحقاً و الأحاديثُ الواردةُ فيه مِن طُرقِ العامّةِ و الخاصّةِ متواترةُ المَضمون و كذا بقاءُ النفوسِ بعدَ خرابِ الأبدانِ مذهبُ أكثرِ العقلاءِ منَ الملّيّينَ و الفلاسفةِ و لم يُنكِره إلّا فرقةٌ قليلة) بحارُ الأنوارِ للعلّامةِ المجلسي (ج29/ص96) وإليكَ بعضَ الرّوايات: 1ـ روى الكُلينيّ بسندِه عن بشيرٍ الدهّان، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: إنَّ للقبرِ كلاماً في كلِّ يومٍ يقولُ: أنا بيتُ الغُربة، أنا بيتُ الوحشة، أنا بيتُ الدود، أنا القبرُ، أنا روضةٌ مِن رياضِ الجنّةِ أو حُفرةٌ مِن حُفرِ النار. (الكافي للكُليني: 3 / 242).2- قالَ عليٌّ بنُ إبراهيم: قالَ الصّادقُ عليهِ السلام البرزخُ القبرُ وفيهِ الثوابُ والعقابُ بينَ الدّنيا والآخرة. (تفسيرُ القُمّي: 1 / 19)3ـ وروى الكُليني بسندِه عن سالمٍ ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : ما مِن موضعِ قبرٍ إلّا وهوَ ينطقُ كلَّ يومٍ ثلاثَ مرّات : أنا بيتُ الترابِ ، أنا بيتُ البلاء ، أنا بيتُ الدود ، قالَ : فإذا دخلَه عبدٌ مؤمنٌ قالَ : مرحباً وأهلاً أما واللهِ لقد كنتُ أحبُّك وأنتَ تمشي على ظهرِي فكيفَ إذا دخلتَ بطني فسترى ذلكَ قال : فيفسحُ له مدُّ البصرِ ويُفتحُ له بابٌ يرى مقعدَه منَ الجنّة قالَ : ويخرجُ مِن ذلكَ رجلٌ لم ترَ عيناهُ شيئاً قطُّ أحسنَ منه فيقولُ : يا عبدَ الله ما رأيتُ شيئاً قطُّ أحسنَ مِنك فيقولُ : أنا رأيُكَ الحسنُ الذي كنتَ عليهِ وعملُك الصالحُ الذي كنتَ تعملهُ قالَ : ثمَّ تؤخَذُ روحُه فتوضعُ في الجنّةِ حيثُ رأى منزلَه ثمَّ يقالُ له : نَم قريرَ العينِ فلا يزالُ نفحةٌ منَ الجنّةِ تصيبُ جسدَه يجدُ لذّتَها وطيبَها حتّى يُبعَث ، قالَ : و إذا دخلَ الكافرُ قالَ : لا مرحباً بكَ ولا أهلاً أما واللهِ لقد كنتُ أبغضُك وأنتَ تمشي على ظهري فكيفَ إذا دخلتَ بطني سترى ذلك ، قالَ : فتضمُّ عليهِ فتجعلُه رميماً ويعادُ كما كانَ ويُفتَحُ لهُ بابٌ إلى النارِ فيرى مقعدَه منَ النار ، ثمَّ قالَ : ثمَّ إنّهُ يخرجُ منهُ رجلٌ أقبحُ مَن رأى قطُّ قالَ : فيقولُ : يا عبدَ اللهِ مَن أنت ؟ ما رأيتُ شيئاً أقبحَ مِنك ، قالَ : فيقولُ : أنا عملُك السيّءُ ، الذي كُنتَ تعملُه ورأيُكَ الخبيثُ قالَ : ثمَّ تؤخذُ روحُه فتوضَعُ حيثُ رأى مقعدَه منَ النار ، ثمَّ لم تزَل نفخةٌ منَ النارِ تصيبُ جسدَه فيجدُ ألمَها وحرّها في جسدِه إلى يومِ يُبعَثُ ويُسلّطُ اللهُ على روحِه تسعةً وتسعينَ تنّيناً تنهشُه ليسَ فيها تنّينٌ ينفُخ على ظهرِ الأرضِ فتنبتُ شيئاً . (الكافي للكُليني: 3 / 241). 4ـ وروى الكُليني بسندِه عن عمرو بنِ يزيد قالَ : قلتُ لأبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) : إنّي سمعتُك وأنتَ تقول : كلُّ شيعتِنا في الجنّةِ على ما كانَ فيهم ؟ قاَل : صدقتُك كلُّهم واللهِ في الجنّة ، قالَ : قلتُ : جُعلتُ فداكَ إنَّ الذنوبَ كثيرةٌ كبارٌ ؟ فقالَ : أمّا في القيامةِ فكلُّكم في الجنّةِ بشفاعةِ النبيّ المُطاعِ أو وصيّ النبيّ ولكنّي واللهِ أتخوّفُ عليكم في البرزخ . قلتُ : وما البرزخُ ؟ قالَ : القبرُ منذُ حينِ موتِه إلى يومِ القيامة . (الكافي للكُليني: 3 / 242). 5ـ وروى الكُليني بسندٍ مُعتبَر عن الحلبي ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : لمّا ماتَ عبدُ اللهِ بنُ أبي بنِ سلول حضرَ النبيُّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) جنازتَه فقالَ عُمر لرسولِ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : يا رسولَ الله ألم ينهكَ اللهُ أن تقومَ على قبرِه ؟ فسكتَ ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ ألم ينهكَ اللهُ أن تقومَ على قبرِه ؟ فقالَ له : ويلَك وما يدريكَ ما قلتُ إنّي قلتُ : " اللهمَّ احشُ جوفَه ناراً وأملأ قبرَه ناراً وأصلِه ناراً" قالَ أبو عبدِ الله ( عليهِ السلام ) : فأبدى مِن رسولِ اللهِ ما كانَ يكره . (الكافي للكُليني: 3 / 188). 6ـ وروى الكُليني بسندٍ صحيحٍ عن محمّدٍ بنِ مُسلم عن أحدِهما ( عليهما السلام ) قالَ : إن كانَ جاحداً للحقِّ فقُل : " اللهمَّ أملأ جوفَه ناراً وقبرَه ناراً وسلِّط عليهِ الحيّاتِ والعقارب " وذلكَ قالَه أبو جعفرٍ ( عليهِ السلام ) لامرأةِ سوءٍ مِن بني أميّة صلّى عليها أبي وقالَ هذهِ المقالةَ ، واجعَل الشيطانَ لها قريناً ، قالَ مُحمّدٌ بنُ مُسلم : فقلتُ له : لأيّ شيءٍ يجعلُ الحيّاتِ والعقاربَ في قبرِها ؟ فقالَ : إنَّ الحيّاتِ يعضُضنَها والعقاربَ يلسعنَها والشياطينَ تقارنُها في قبرِها قلتُ : تجدُ ألمَ ذلك ؟ قالَ : نعم شديداً . (الكافي للكُليني: 3 / 189). 7ـ وروى العيّاشي بسندِه عن زيدٍ الشحام قالَ : سُئلَ أبو عبدِ الله عليهِ السلام عن عذابِ القبر ؟ قالَ : إنَّ أبا جعفرٍ عليهِ السلام حدّثنا أنَّ رجلاً أتى سلمانَ الفارسي فقالَ : حدّثني فسكتَ عنهُ ثمَّ عادَ فسكتَ فأدبرَ الرّجلُ وهوَ يقول : ويتلو هذهِ الآية " إنَّ الذينَ يكتمونَ ما أنزَلنا منَ البيّناتِ والهُدى مِن بعدِما بينّاهُ للنّاسِ في الكتابِ " فقالَ له : أقبِل إنّا لو وجَدنا أميناً لحدّثناهُ ولكن أعدَّ لمُنكَرٍ ونكير إذا أتياكَ في القبرِ فسألاكَ عن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله ، فإن شككتَ أو التويتَ ضرباكَ على رأسِك بمطرقةٍ معَهما تصيرُ منهُ رماداً فقلتُ : ثمَّ مَه قالَ : تعودُ ثمَّ تُعذَّب ، قلتُ : وما مُنكَرٌ ونكير؟ قالَ : هُما قعيدا القبرِ قلتُ : أملكانِ يُعذّبانِ الناسَ في قبورِهم ؟ فقالَ : نعم. (تفسيرُ العيّاشي: 1 / 71).8ـ وروى المُفيدُ بسندِه عن أبي إسحاق الهمداني فيما كتبَ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام) إلى محمّدٍ بنِ أبي بكر إليه على مصرَ وأمرَه أن يقرأه عليهم: ... يا عبادَ اللهِ ما بعدَ الموتِ لمَن لم يُغفَر لهُ أشدُّ منَ الموت ، القبرُ ، فاحذروا ضيقَه وضنكَه وظلمتَه وغربتَه ، إنَّ القبرَ يقولُ كلَّ يوم : أنا بيتُ الغُربة ، أنا بيتُ التراب ، أنا بيتُ الوحشة ، أنا بيتُ الدودِ والهوام . والقبرُ روضةٌ مِن رياضِ الجنّة ، أو حفرةٌ مِن حُفرِ النار . إنَّ العبدَ المؤمنَ إذا دُفنَ قالَت الأرضُ له : مرحباً وأهلاً ، قد كُنتَ ممَّن أحبُّ أن يمشي على ظهري ، فإذا تولّيتُك فستعلمُ كيفَ صُنعي بك ، فتتّسعُ له مدَّ البصر ، وإنَّ الكافرَ إذا دُفنَ قالَت الأرضُ له : لا مرحباً ولا أهلاً ، قد كنتَ مِن أبغضِ مَن يمشي على ظهري ، فإذا تولّيتُك فستعلمُ كيفَ صُنعي بك ، فتضمّنُه حتّى تلتقيَ أضلاعُه .وإنَّ المعيشةَ الضّنكَ التي حذّرَ اللهُ مِنها عدوَّه عذابُ القبر ، أن يُسلّطَ اللهُ على الكافرِ في قبرِه تسعةً وتسعينَ تنّيناً ، فينهشنَ لحمَه ، ويكسرنَ عظمَه ، يتردّدنَ عليهِ كذلكَ إلى يومِ يُبعَث . لو أنَّ تنّيناً مِنها نفخَ في الأرضِ لم تُنبِت زرعاً أبداً . اعلموا يا عبادَ الله أنَّ أنفسَكم الضعيفةَ ، وأجسادَكم الناعمةَ الرّقيقةَ التي يكفيها اليسيرُ [ منَ العقابِ ] تضعفُ عن هذا ، فإن استطعتُم أن تجزعوا لأجسادِكم وأنفسِكم ممّا لا طاقةَ لكُم به ولا صبرَ لكم عليه فاعملوا بما أحبَّ الله ، واتركوا ما كرهَ الله . (الأماليّ للمُفيد، ص274) 9ـ [تفسيرُ الإمامِ العسكري عليهِ السلام] ... فقيلَ له : يا ابنَ رسولِ الله ففي القبرِ نعيمٌ ، وعذابٌ ؟ قالَ : إي ، والذي بعثَ محمّداً صلّى اللهُ عليهِ وآله بالحقِّ نبيّاً ، وجعلَه زكيّاً هادياً ، مهديّاً . وجعلَ أخاهُ عليّاً بالعهدِ وفيّاً ، وبالحقِّ مليّاً ولدى اللهِ مرضيّاً ، وإلى الجهادِ سابقاً ، وللهِ في أحوالِه موافقاً ، وللمكارمِ حائِزاً ، وبنصرِ اللِه على أعدائِه فائِزاً ، وللعلومِ حاوياً ، ولأولياءِ اللهِ موالياً ، ولأعدائِه مناوياً وبالخيراتِ ناهضاً ، وللقبائحِ رافضاً وللشيطانِ مخزياً ، وللفسقةِ المردةِ مقصيّاً ولمحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله نفساً ، وبينَ يديهِ لدى المكارهِ ترساً وجنّةً . آمنتُ به أنا ، وأبي عليٍّ بنِ أبي طالب عليهِ السلام ، عبدُ ربِّ الأرباب ، المُفضّلِ على أولي الألبابِ الحاوي لعلومِ الكتابِ ، زينُ مَن يوافي يومَ القيامةِ في عرصاتِ الحسابِ بعدَ مُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله صفيّ الكريمِ العزيزِ الوهّاب إنَّ في القبرِ نعيماً يوفّرُ اللهُ به حظوظَ أوليائِه وإنَّ في القبرِ عذاباً يُشدّدُ اللهُ به على أعدائِه . (تفسيرُ الإمامِ العسكري، ص210) 10ـ [نهجُ البلاغة] قالَ أميرُ المؤمنينَ ع في خُطبةٍ: حتّى إذا انصرفَ المُشيّعُ . ورجعَ المُتفجّعُ أُقعِدَ في حُفرتِه نجيّاً لبهتةِ السؤالِ وعثرةِ الامتحان . وأعظمُ ما هنالكَ بليّةً نزولُ الحميمِ وتصليةُ الجحيمِ وفوراتُ السعيرِ وسوراتُ الزفير . لا فترةَ مريحة . ولا دعةَ مزيحة . ولا قوّةَ حاجزةٌ . ولا موتةَ ناجزة . ولا سنّةَ مسليةَ بينَ أطوارِ الموتاتِ وعذابِ الساعات. (نهجُ البلاغة: 1 / 145). 11ـ روى الكُلينيُّ بسندٍ مُعتبَر عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : سألتُه عن أرواحِ المُشركينَ فقال : في النارِ يُعذّبونَ يقولونَ : ربّنا لا تُقِم لنا السّاعةَ ولا تُنجِز لنا ما وعدتَنا ولا تُلحِق آخرَنا بأوّلِنا. (الكافي للكُليني: 3 / 245). 12ـ وروى عليٌّ بنُ إبراهيم بسندٍ مُعتبَر عن أبي بصيرٍ قالَ : سمعتُ أبا عبدِ الله (ع) يقولُ: { فأمّا إن كانَ منَ المُقرّبينَ فروحٌ وريحان } قالَ : في قبرِه { وجنّةُ نعيم } قالَ : في الآخرةِ { وأمّا إن كانَ منَ المُكذّبينَ الضّالّين فنُزلٌ مِن حميم } في قبرِه { وتصليةُ جحيم } في الآخرة. (تفسيرُ القُمّي: 2 / 350). وروى الصّدوقُ بنفسِ المضمونِ روايتينِ بسندينِ مُختلِفين، لاحِظ: الأماليّ، ص365 و 561.13ـ وروى العيّاشيّ وعليٌّ بنُ إبراهيم والصّدوق – واللفظُ له - بأسانيدِهم عن سويدٍ بنِ غفلة ذكرَ أنَّ عليّاً بنَ أبي طالب (عليهِ السلام) وعبدَ اللهِ بنَ عبّاس ذكرا أنَّ ابنَ آدمَ إذا كانَ في آخرِ يومٍ منَ الدّنيا ، وأوّلِ يومٍ منَ الآخرة ، مُثّلَ لهُ مالهُ وولدُه وعملهُ ، فيلتفتُ إلى مالِه فيقولُ : واللهِ إنّي كنتُ عليكَ لحريصاً شحيحاً ، فما عندَك ؟ فيقولُ : خُذ مِنّي كفنَك . فيُقبِلُ إلى ولدِه فيقول : واللهِ إنّي كنتُ لكُم لمُحبّاً ، فما لي عندَكم ؟ فيقولونَ : أن نؤدّيكَ إلى حُفرتِك فنواريكَ فيها . فيُقبِلُ إلى عملِه فيقول : واللهِ إنّي كنتُ فيكَ لزاهِداً ، وإنّكَ كنتَ عليَّ لثقيلاً ، فما عندَك ؟ فيقولُ : أنا قرينُك في قبرِك ويومَ نشرِك حتّى أُعرضَ أنا وأنتَ على ربّك . فإن كانَ للهِ وليّاً أتاهُ أطيبُ خلقِ اللهِ ريحاً ، وأحسنَه منطِقاً ، وأحسنَه رياشاً ، فيقولُ : ابشِر بروحٍ وريحان وجنّةِ نعيم . فيقولُ : مَن أنتَ ؟ قالَ: أنا عملُكَ الصّالح ارتحلُ منَ الدّنيا إلى الجنّة ؟ فإنّه ليعرِفُ غاسلَه ويناشدُ حاملَه أن يُعجّلَه ، فإذا دخلَ قبرَه أتاهُ اثنان : يقالُ لأحدِهما مُنكَرٌ ، وللآخرِ نكير ، يجرّانِ أشعارَهما ، ويحكّانِ بأنيابِهما ، أصواتُهما كالرّعدِ العاصِف ، وأبصارُهما كالبرقِ الخاطِف ، ثمَّ يقولان : يا هذا مَن ربُّك ، وما دينُك ، ومَن نبيُّك ؟ فيقولُ : اللهُ ربّي وديني الإسلام ونبيّي مُحمّد . فيقولانِ : ثبّتَك اللهُ لِما تحبُّ وترضى ، فهوَ قولُ اللهِ ( تعالى ) : ( ويُثبّتُ اللهُ الذينَ آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدّنيا وفي الآخرة ) . ثمَّ يقولان : نَم وليَّ اللهِ قريرَ العينِ نومةَ الآمنِ الشابِّ الناعم ، فأنتَ لقولِ اللهِ ( عزَّ وجل ) : ( أصحابُ الجنّةِ يومئذٍ خيرٌ مُستقرّاً وأحسنُ مقيلاً ) . وأمّا عدوّ اللهِ فإنّهُ يأتيهِ أقبحَ خلقِ اللهِ وجهاً ، وأخبثَه ثياباً ، وأنتنَه ريحاً ، فيقولُ له : أبشِر بنُزلٍ مِن حميم وتصليةِ جحيم قدِمتَ شرَّ مقدَم . فيقولُ : مَن أنت ؟ فيقولُ أنا عملُك الخبيثُ ، فإنّهُ ليعرفُ غاسلَه ويناشدُ حاملَه أن يحبسَه ، فإذا دخلَ في قبرِه أتاهُ مُمتحِناً القبر ، فألقيا أكفانَه في حُفرتِه ، ثمَّ قالا : مَن ربُّك ، وما دينُك ، ومَن نبيُّك ؟ فيقولُ : لا أدري .فيقولانِ : لا دريتَ ولا هُديت ، فيضربانِ يافوخَهُ بمرزبةٍ ضربةً ما خلقَ اللهُ مِن دابّةٍ إلّا تذعرُ لها ما خلا الثقلين ، ثمَّ يفتحانِ له باباً إلى النارِ ويقولانِ له : نَم على شرِّ الحال ، فإنّهُ لمنَ الضيقِ لفي مثلِ قبّةِ القناةِ منَ الزج ، حتّى إنَّ دماغَه ليخرجُ مِن بينِ أظفارِه ولحمِه ، ويسلّطُ اللهُ عليه حيّاتِ الأرضِ وعقاربَها وهوامَّها وشياطينَها فتتناهشُه حتّى يبعثَه اللهُ ، وإنّهُ ليتمنّى قيامَ الساعةِ مِمّا هوَ فيهِ منَ الشر. (الأماليّ للصّدوق، ص347، تفسيرُ القُمّي: 1 / 369، تفسيرُ العيّاشي: 2 / 227). 14ـ وروى الكُليني بسندِه عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : إنَّ المؤمنَ إذا أخرجَ مِن بيتِه شيّعَته الملائكةُ إلى قبرِه يزدحمونَ عليه حتّى إذا انتهى به إلى قبرِه قالَت لهُ الأرض : مرحباً بكَ وأهلاً أما واللهِ لقد كنتُ أحبُّ أن يمشيَ عليَّ مِثلُك لتريَنّ ما أصنعُ بكَ فتوسعُ له مدَّ بصرِه ويدخلُ عليهِ في قبرِه ملكا القبرِ وهُما قعيدا القبرِ مُنكرٌ ونكيرٌ فيُلقيانِ فيهِ الرّوحَ إلى حقويه فيُقعدانِه ويسألانِه فيقولانِ له : مَن ربُّك ؟ فيقولُ : الله ، فيقولانِ : ما ديُنك ؟ فيقولُ : الإسلام ، فيقولانِ : ومَن نبيُّك ؟ فيقولُ : مُحمّد ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) ، فيقولانِ : ومَن إمامُك ؟ فيقولُ : فلانٌ ، قالَ : فيُنادي مُنادٍ منَ السّماء : صدقَ عبدي افرشوا له في قبرِه منَ الجنّةِ وافتحوا له في قبرِه باباً إلى الجنّةِ وألبسوهُ مِن ثيابِ الجنّةِ حتّى يأتينا وما عندَنا خيرٌ له ، ثمَّ يقالُ له : نَم نومةَ عروسٍ ، نَم نومةً لا حُلمَ فيها ، قالَ : و إن كانَ كافراً خرجَتِ الملائكةُ تُشيّعُه إلى قبرِه يلعنونَه حتّى إذا انتهى به إلى قبرِه قالَت لهُ الأرض : لا مرحباً بكَ ولا أهلاً أما واللهِ لقد كنتُ أبغِضُ أن يمشي عليَّ مِثلُك لا جرمَ لتريَنّ ما أصنعُ بكَ اليوم فتضيقُ عليه حتّى تلتقيَ جوانحُه ، قالَ : ثمَّ يدخلُ عليه ملكا القبرِ وهُما قعيدا القبرِ مُنكرٌ ونكير . قالَ أبو بصير : جُعِلتُ فداكَ يدخلان على المؤمنِ والكافرِ في صورةٍ واحدة ؟ فقالَ : لا ، قالَ : فيُقعدانِه ويُلقيانِ فيهِ الرّوحَ إلى حقويه فيقولانِ له : مَن ربُّك ؟ فيتلجلجُ ويقول : قد سمعتُ الناسَ يقولون ، فيقولانِ له : لا دريتَ ويقولانِ له : ما دينُك ؟ فيتلجلجُ ، فيقولانِ له : لا دريتَ ، ويقولانِ له : مَن نبيُّك ؟ فيقولُ : قد سمعتُ الناسَ يقولونَ ، فيقولانِ له : لا دريتَ ويُسألُ عَن إمامِ زمانِه ، قالَ : فيُنادي مُنادٍ منَ السّماءِ : كذبَ عبدي افرشوا له في قبرهِ منَ النارِ وألبسوهُ مِن ثيابِ النارِ وافتحوا له باباً إلى النارِ حتّى يأتينا وما عندنَا شرٌّ له ، فيضربانِه بمرزبةٍ ثلاثَ ضرباتٍ ليسَ منها ضربةٌ إلّا يتطايرُ قبرُه ناراً لو ضربَ بتلكَ المرزبةِ جبالَ تُهامةَ لكانَت رميماً . وقالَ أبو عبدِ الله ( عليهِ السلام ) : ويُسلّطُ اللهُ عليه في قبرِه الحيّاتِ تنهشُه نهشاً والشيطانَ يغمُّه غمّاً ، قالَ : ويسمعُ عذابَه مَن خلقَ الله إلّا الجنّ والإنس قالَ : وإنّه ليسمعُ خفقَ نعالِهم ونقضَ أيديهم وهوَ قولُ اللهِ عزّ وجل " يُثبّتُ اللهُ الذينَ آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدّنيا وفي الآخرةِ ويُضلُّ اللهُ الظالمينَ ويفعلُ اللهُ ما يشاء. (الكافي للكُليني: 3 / 239). العذابُ الفِعلي لأعداءِ اللهِ في البَرزخ: نصَّتِ الكثيرُ منَ الرواياتِ على أنّ أعداءَ اللهِ يُعذّبونَ في البرزخِ، نذكرُ بعضَها المُرتبطةَ ببعضِ الطغاةِ وأهلِ الضلال:1ـ روى ابنُ قولويه بسندِه عن عبدِ اللهِ بنِ بكير الأرجاني ، قالَ : صحبتُ أبا عبدِ الله ( عليهِ السلام ) في طريقِ مكّةَ منَ المدينةِ ، فنزَلنا منزلاً يقالُ له : عسفان ، ثمَّ مرَرنا بجبلٍ أسود عن يسارِ الطريقِ مُوحشٍ ، فقلتُ له : يا ابنَ رسولِ الله ما أوحشَ هذا الجبلَ ما رأيتُ في الطريقِ مثلَ هذا ، فقالَ لي : يا بنَ بكير أتدري أيُّ جبلٍ هذا ، قلتُ : لا ، قال : هذا جبلٌ يقالُ لهُ الكمد ، وهوَ على وادٍ مِن أوديةِ جهنّمَ ، وفيهِ قتلةُ أبي الحُسين ( عليهِ السلام ) ، استودعَهم فيه ، تجري مِن تحتِهم مياهُ جهنّمَ منَ الغسلينِ والصّديدِ والحميم ، وما يخرجُ مِن جبِّ الجوى ، وما يخرجُ منَ الفلق ، وما يخرجُ مِن اثام ، وما يخرجُ مِن طينةِ الخبال ، وما يخرجُ مِن جهنّم ، وما يخرجُ مِن لظى ومنَ الحطمةِ ، وما يخرجُ مِن سقر ، وما يخرجُ منَ الحميم ، وما يخرجُ منَ الهاوية ، وما يخرجُ منَ السّعير ، وما مررُت بهذا الجبلِ في سفري فوقفتُ به إلّا رأيتُهما يستغيثانِ إلي ، وإنّي لأنظرُ إلى قتلةِ أبي وأقولُ لهُما : هؤلاءِ فعلوا ما أسّستُما ، لم ترحمونا إذ ولّيتُم ، وقتلتمونا وحرمتمونا ، ووثبتُم على حقّنا ، واستبددتُم بالأمرِ دونَنا ، فلا رحمَ اللهُ مَن يرحمكُما ، ذوقا وبالَ ما قدّمتُما ، وما اللهُ بظلّامٍ للعبيدِ ، وأشدّهما تضرعاً واستكانةً الثاني ، فربّما وقفتُ عليهما ليتسلى عني بعضُ ما في قلبي ، وربّما طويتُ الجبلَ الذي هُما فيه ، وهوَ جبلُ الكمد . قالَ : قلتُ له : جُعِلتُ فداك فإذا طويتَ الجبلَ فما تسمَع ، قالَ : اسمعُ أصواتَهما يناديانِ : عرِّج علينا نُكلّمُك فإنّا نتوبُ ، واسمَعُ منَ الجبلِ صارِخاً يصرخُ بي : اجِبهما ، وقُل لهُما : اخسؤوا فيها ولا تكلّمون . قالَ : قلتُ له : جُعِلتُ فداكَ ومَن معُهم ، قالَ : كلُّ فرعونٍ عتى على اللهِ وحكى اللهُ عنهُ فِعالَه وكلُّ مَن علّمَ العبادَ الكُفر .فقلتُ : مَن هُم ، قالَ : نحوَ بولس الذي علّمَ اليهودَ أنَّ يدَ اللهِ مغلولةٌ ، ونحوَ نسطور الذي علّمَ النّصارى أنَّ المسيحَ ابنُ الله ، وقالَ لهم : هُم ثلاثةٌ ، ونحوَ فرعون موسى الذي قالَ : أنا ربُّكم الأعلى ، ونحوَ نمرود الذي قالَ : قهرتُ أهلَ الأرضِ وقتلتُ مَن في السّماءِ ، وقاتلُ أميرِ المؤمنينَ ( عليهِ السلام ) ، وقاتلُ فاطمةَ ومُحسن ، وقاتلُ الحسنِ والحُسين ( عليهما السلام ) ، فأمّا معاوية وعمرو ( 1 ) فما يطمعانِ في الخلاص ، ومعَهم كلُّ مَن نصبَ لنا العداوةَ ، وأعانَ علينا بلسانِه ويدِه وماله . (كاملُ الزياراتِ لابنِ قولويه، ص539). 2ـ وروى الكشيُّ بسندِه عن يونسَ بنِ عبدِ الرّحمن ، قالَ : دخلتُ على الرّضا عليهِ السلام فقالَ لي : ماتَ عليٌّ بنُ أبي حمزة ؟ قلتُ : نعم ، قالَ : قد دخلَ النار ، قالَ : ففزعتُ مِن ذلك ، قالَ : أما إنّهُ سُئِلَ عن الإمامِ بعدَ موسى أبي فقالَ : لا أعرفُ إماماً بعدَه ، فقيلَ : لا فضربَ في قبرِه ضربةً اشتعلَ قبرُه ناراً . (رجالُ الكشي: 2 / 742) 3ـ روى الصفّارُ بسندِه عن بشيرٍ النبّال عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام أنّه قالَ كنتُ خلفَ أبي وهوَ على بغلتِه فنفرَت بغلتُه فإذا رجلٌ شيخٌ في عنقِهِ سلسلةٌ ورجلٌ يتّبعُه فقالَ يا عليّ بنَ الحُسين اسقِني اسقِني فقالَ الرّجلُ لا تسقِه لاسقاهُ الله قالَ وكانَ الشيُخ مع وى ه . (بصائرُ الدرجات، ص304) ورواهُ بأسانيدَ عديدةٍ، فراجع. الاستعاذةُ مِن عذابِ القبر نصّتِ العديدُ منَ الرّواياتِ والأدعيةِ على الاستعاذةِ مِن عذابِ القبر، وهيَ دالّةٌ على وجودِ عذابٍ فيها، ولو لم يكُن عذابٌ في القبر، فلا معنى للاستعاذةِ مِنها. 1ـ روى الكُلينيّ بسندٍ مُعتبَرٍ عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ : كانَ أبي (عليهِ السلام) يقولُ إذا أصبحَ : بسمِ اللهِ وباللهِ وإلى اللهِ وفي سبيلِ الله وعلى ملّةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، اللهمَّ إليكَ أسلمتُ نفسي وإليكَ فوّضتُ أمري وعليكَ توكّلتُ يا ربَّ العالمين ، اللهمَّ احفظني بحفظِ الإيمانِ مِن بينِ يدي ومِن خلفي و عن يميني وعن شمالي ومِن فوقي ومِن تحتي ومِن قبلي ، لا إلهَ إلّا أنت ، لا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله ، نسألُكَ العفوَ والعافيةَ مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ في الدّنيا والآخرة ، اللهمَّ إنّي أعوذُ بكَ مِن عذابِ القبرِ ومِن ضغطةِ القبرِ ومِن ضيقِ القبرِ ... (الكافي للكُليني: 2 / 525). 2ـ وروى الكُلينيّ بسندٍ مُعتبَر عن سماعةَ ، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ : إذا وضعتَ الميّتَ في القبرِ قُلت : اللهمَّ (هذا) عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك نزلَ بكَ وأنتَ خيرُ منزولٍ به " فإذا سللتَه مِن قبلِ الرّجلينِ ودلّيتَه قلتَ : " بسمِ الله وباللهِ وعلى ملّةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله) ، اللهمَّ إلى رحمتِك لا إلى عذابِك ، اللهمَّ افسِح له في قبرِه ولقِّنه حُجّتَه وثبِّته بالقولِ الثابتِ وقِنا وإيّاهُ عذابَ القبر " و إذا سوّيتَ عليهِ الترابَ قُل : " اللهمَّ جافِ الأرضَ عن جنبيهِ وأصعِد روحَه إلى أرواحِ المؤمنينَ في علّيّينَ وألحِقهُ بالصّالحين. (الكافي للكُليني: 3 / 197). أسبابُ عذابِ القبر: هناكَ أسبابٌ عديدةٌ لعذابِ القبرِ نذكرُ بعضَ ما عثَرنا عليهِ في الرواياتِ، مِن قبيلِ بُغضِ أهلِ البيت (ع)، والصّلاةِ من دونِ وضوء، وعدمِ نُصرةِ الضّعفاءِ معَ القُدرة، والتهاونِ بالبولِ، والمشي بالنميمةِ، واليمينِ الفاجرة ، وأمّا الموتُ ليلةَ أو يومِ الجمعة فإنّه يرفعُ عذاب القبر. 1ـ روى البُرقي بسندٍ مُعتبَر عن صفوانَ الجمّال ، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام ، قالَ: أقعدَ رجلٌ منَ الأحبارِ في قبرِه ، فقيلَ له : إنّا جالدوكَ مائةَ جلدةٍ مِن عذابِ الله ، قالَ : لا أطيقُها ، فلَم يزالوا يقولونَ حتّى انتهى إلى واحدةٍ ، فقالوا : ليسَ مِنها بُدٌّ ، فقالَ : فبمَ تجلدوني ؟ قالوا نجلدُكَ لأنّكَ صلّيتَ صلاةً يوماً بغيرِ وضوء ، ومررتَ على ضعيفٍ فلم تنصُره ، فجُلدَ جلدةً مِن عذابِ اللهِ فامتلى قبرُه ناراً. (المحاسنُ للبُرقي: 1 / 78). 2ـ وروى البُرقي بسندِه عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام ، قالَ : إنّ جلَّ عذابِ القبرِ في البول . (المحاسنُ للبُرقي: 1 / 78). 3ـ وروى الكُلينيّ بسندٍ صحيحٍ عن الحلبي ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : إذا صلّيتَ على عدوّ اللهِ فقُل : " اللهمَّ إنَّ فُلاناً لا نعلمُ مِنهُ إلّا أنّهُ عدوٌّ لكَ ولرسولِك ، اللهمَّ فاحشُ قبرَه ناراً واحشُ جوفَه ناراً وعجِّل بهِ إلى النارِ فإنّه كانَ يتولّى أعداءَك ويُعادي أولياءَك ويُبغضُ أهلَ بيتِ نبيّك ، اللهمَّ ضيِّق عليهِ قبرَه " فإذا رُفعَ فقُل : " اللهمَّ لا ترفَعه ولا تُزكِّه. (الكافي للكُليني: 3 / 189).4ـ وروى الصّدوقُ بسندِه عن رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله): ومَن مشى في نميمةٍ بينَ اثنينِ سلّطَ اللهُ عليهِ في قبرِه ناراً تُحرِقُه إلى يومِ القيامةِ وإذا خرجَ مِن قبرِه سلّطَ اللهُ عليهِ ( شُجاعاً ) تنّيناً أسود ينهشُ لحمَه حتّى يدخلَ النار. (ثوابُ الأعمالِ للصّدوق، ص284). 5ـ وروى الصّدوقُ بسندِه عن زيدٍ بنِ عليّ عن أبيهِ عن جدِّه عن عليٍّ (ع) قالَ : عذابُ القبرِ يكونُ منَ النميمةِ ، والبولِ ، وعزبِ الرجلِ عن أهله. (عللُ الشرائع: 1 / 309). 6ـ وروى الصّدوقُ: وقالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : مَن ماتَ يومَ الجُمعةِ أو ليلةَ الجُمعةِ رفعَ اللهُ عنهُ عذابَ القبر.وقالَ أبو جعفرٍ عليهِ السلام : ليلةُ الجُمعةِ ليلةٌ غرّاء ويومُها يومٌ أزهَر وليسَ على وجهِ الأرضِ يومٌ تغربُ فيهِ الشمسُ أكثرُ معتقاً منَ النارِ مِن يومِ الجُمعة ، ومَن ماتَ يومَ الجُمعة كتبَ اللهُ له براءةً مِن عذابِ القبر ، ومَن ماتَ يومَ الجُمعةِ أعتقَ منَ النار. (مَن لا يحضرُه الفقيه: 1 / 138). ورواهُ عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام). (مَن لا يحضرُه الفقيه: 1 / 423). 7ـ وروى الليثيُّ الواسطيّ عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) أنّهُ قال: كيفَ يسلمُ مِن عذابِ القبرِ المُتسرّعُ إلى اليمينِ الفاجرة؟ (عيونُ الحِكمِ والمواعظ، ص 384). ما يوجبُ الأمانَ مِن عذابِ القبر: وردَ في الرواياتِ بعضُ الأمورِ التي توجبُ رفعَ عذابِ القبر، كإدمانِ قراءةِ سورةِ المُلك، والحجِّ بشرطِها وشروطِها، والولدِ الصّالحِ يعملُ أعمالَ الخير، وصيامِ يومٍ مِن آخرِ شهرِ رجب، أو بعضِ أيّامِه، والاهتمامِ بالوضوءِ، وقيامِ ليلةٍ كاملةٍ بالعبادة، وقراءةِ سورةِ التكاثرِ عندَ النومِ، ووضعِ الجريدتينِ معَ الميّت في قبرِه. 1ـ روى الكُليني بسندٍ مُعتبَر عن سديرٍ، عن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام) قالَ : سورةُ المُلك هيَ المانعةُ تمنعُ مِن عذابِ القبرِ وهيَ مكتوبةٌ في التوراةِ سورةُ الملك ومَن قرأها في ليلتِه فقد أكثرَ وأطابَ ولم يُكتَب بها منَ الغافلين وإنّي لأركعُ بها بعدَ عشاءِ الآخرةِ وأنا جالسٌ وإنَّ والدي (عليهِ السلام) كانَ يقرأها في يومِه وليلتِه ومَن قرأها إذا دخلَ عليهِ في قبرِه ناكرٌ ونكيرٌ مِن قبلِ رجليهِ قالَت رجلاهُ لهُما ليسَ لكُما إلى ما قبلي سبيلٌ قد كانَ هذا العبدُ يقومُ عليَّ فيقرأ سورةَ المُلك في كلِّ يومٍ وليلةٍ وإذا أتياهُ مِن قبلِ جوفِه قالَ لهما : ليسَ لكُما إلى ما قبلي سبيلٌ ، قد كانَ هذا العبدُ اعتادَ قراءةَ سورةَ الملكِ وإذا أتياهُ مِن قِبلِ لسانِه قالَ لهُما : ليسَ لكُما إلى ما قِبلي سبيل ، قد كانَ هذا العبدُ يقرأ بي في كلِّ يومٍ وليلةٍ سورةَ الملك . (الكافي للكُليني: 2 / 633). 2ـ وروى الكُليني بسندِه عن جابر ، عن أبي جعفرٍ ( عليهِ السلام ) قال : قالَ رسولُ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : الحاجُّ ثلاثةٌ فأفضلُهم نصيباً رجلٌ غُفرَ له ذنبُه ما تقدّمَ مِنهُ وما تأخّر ووقاهُ اللهُ عذابَ القبرِ و أمّا الذي يليهِ فرجلٌ غُفرَ له ذنبُه ما تقدّمَ منهُ ويستأنفُ العملَ فيما بقيَ مِن عُمرِه وأمّا الذي يليهِ فرجلٌ حُفظَ في أهلِه ومالِه . (الكافي للكُليني: 4 / 262). 3ـ وروى الكُليني بسندِه عن الفضلِ ابنِ أبي قرّة ، عن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السلام قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : مرَّ عيسى ابنُ مريم عليهِ السلام بقبرٍ يُعذّبُ صاحبُه ثمَّ مرَّ به مِن قابلٍ فإذا هوَ لا يُعذّب ، فقالَ : يا ربِّ مررتُ بهذا القبرِ عامَ أوّل فكانَ يُعذّبُ ومررتُ به العامَ فإذا هو ليسَ يُعذّب ؟ فأوحى اللهُ إليه أنّه أدركَ لهُ ولدٌ صالحٌ فأصلحَ طريقاً وآوى يتيماً فلهذا غفرتُ له بما فعلَ ابنُه ، ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : ميراثُ اللهِ عزَّ وجل مِن عبدِه المؤمنِ ولدٌ يعبدُه مِن بعدِه ، ثمَّ تلا أبو عبدِ الله عليهِ السلام آيةَ زكريّا عليهِ السلام " ( ربِّ ) هَب لي مِن لدُنكَ وليّاً * يرثُني ويرثُ مِن آلِ يعقوب واجعَله ربِّ رضيّاً. (الكافي للكُليني: 6 / 4). 4ـ روى الصّدوقُ بسندِه عن عليٍّ بنِ سالم ، عن أبيهِ ، قالَ : دخلتُ على الصّادقِ جعفرٍ بنِ مُحمّد ( عليهما السلام ) في رجب وقد بقيَت منهُ أيّامٌ ، فلمّا نظرَ إليّ قالَ لي : يا سالِم ، هل صُمتَ في هذا الشهرِ شيئاً ؟ قلتُ : لا واللهِ يا بنَ رسولِ الله . فقالَ لي : لقد فاتكَ منَ الثوابِ ما لم يعلَم مبلغَهُ إلّا اللهُ عزَّ وجل ، إنَّ هذا شهرٌ قد فضّلَه اللهُ وعظّمَ حُرمتَه ، وأوجبَ للصّائمينَ فيهِ كرامتَه . قالَ : فقلتُ له : يا بنَ رسولِ الله ، فإن صُمتُ ممّا بقيَ شيئاً ، هل أنالُ فوزاً ببعضِ ثوابِ الصائمينَ فيه ؟ فقالَ : يا سالمُ ، مَن صامَ يوماً مِن آخرِ هذا الشهرِ ، كانَ ذلكَ أماناً له مِن شدّةِ سكراتِ الموتِ ، وأماناً له مِن هولِ المطلعِ وعذابِ القبر ، ومَن صامَ يومينِ مِن آخرِ هذا الشهر ، كانَ له بذلكَ جوازٌ على الصراطِ ، ومَن صامَ ثلاثةَ أيّامٍ مِن آخرِ هذا الشهر ، أمنَ يومَ الفزعِ الأكبر مِن أهوالِه وشدائدِه ، وأعطيَ براءةً منَ النار. (الأماليّ للصّدوق، ص65).5ـ وروى الصّدوقُ بسندِه عن عبدِ الرحمنِ ابنِ سمرة ، قالَ : كُنّا عندَ رسولِ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) يوماً ، فقالَ : إنّي رأيتُ البارحةَ عجائبَ . قالَ : فقُلنا : يا رسولَ الله ، وما رأيتَ ؟ حدِّثنا بهِ فداكَ أنفسُنا وأهلونا وأولادُنا. فقالَ : رأيتُ رجلاً مِن أمّتي ، وقد أتاهُ ملكُ الموتِ ليقبضَ روحَه ، فجاءَه برُّه بوالديه فمنعَه مِنه ، ورأيتُ رجُلاً مِن أمّتي قد بسطَ عليهِ عذابُ القبر ، فجاءَه وضوءهُ فمنعَه منها. (الأماليّ للصّدوق، ص301). 6ـ روى الصّدوقُ بسندِه عن جابرٍ بن إسماعيلَ ، عن الصّادقِ جعفرٍ بنِ محمّد ، عن أبيهِ ( عليهما السلام ) : أنَّ رجلاً سألَ عليّاً بنَ أبي طالب ( عليهِ السلام ) عن قيامِ الليلِ بالقرآن . فقالَ له : أبشِر مَن صلّى منَ الليلِ عُشرَ ليلةٍ للهِ مُخلِصاً ابتغاءَ مرضاةِ الله ، قالَ اللهُ عزَّ وجل لملائكتِه : اكتبوا لعبدي هذا منَ الحسناتِ عددَ ما أنبتَ في الليلِ مِن حبّةٍ وورقةٍ وشجرةٍ ، وعددَ كلِّ قصبةٍ وخوطٍ ومرعى ، ومَن صلّى تُسعَ ليلةِ أعطاهُ اللهُ عشرَ دعواتٍ مُستجاباتٍ وأعطاهُ كتابَه بيمينِه يومَ القيامة...ومَن صلّى ليلةً تامّةً تالياً لكتابِ اللهِ عزّ وجل راكعاً وساجداً وذاكراً ، أُعطيَ منَ الثوابِ ما أدناهُ يخرجُ منَ الذنوبِ كما ولدَته أمُّه ، ويُكتبُ له عددَ ما خلقَ اللهُ منَ الحسناتِ ومثلَها درجاتٍ ، ويثبتُ النورَ في قبرِه ، وينزعُ الإثمَ والحسدَ مِن قلبِه ، ويُجارُ مِن عذابِ القبر ، ويُعطى براءةً منَ النار ، ويُبعثُ منَ الآمنين ، ويقولُ الربُّ تباركَ وتعالى لملائكتِه : ملائكتي ، انظروا إلى عبدي أحيا ليلةً ابتغاءَ مرضاتي ، أسكنوهُ الفردوسَ وله فيها مائةُ ألفِ مدينةٍ في كلِّ مدينةٍ جميعُ ما تشتهي الأنفسُ وتلذُّ الأعينُ ، وما لا يخطرُ على بالٍ سِوى ما أعددتُ له منَ الكرامةِ والمزيدِ والقُربة. (الأماليّ للصّدوق، ص367). 7ـ روى الطبرسيّ عن النبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم ) قالَ : مَن قرأ " ألهاكُم التكاثر " عندَ منامِه وقيَ مِن فتنةِ عذابِ القبر . (مكارمُ الأخلاق، ص289). 8ـ روى الراونديّ بسندِه عن ثوبانَ قالَ : كُنّا [ مُحدقينَ ظ ] بالنبيّ [ صلّى اللهُ عليهِ وآله ] في مقبرةٍ فوقفَ ، ثمَّ مرَّ ثمَّ وقفَ ، ثمَّ مر . فقلتُ : بأبي أنتَ وأمّي يا رسولَ الله ! ما وُقوفكَ بينَ هؤلاءِ القبور ؟ فبكى رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله بكاءً شديداً وبكينا ، فلمّا فرغَ قالَ : يا ثوبان ! هؤلاءِ يُعذّبونَ في قبورِهم ، سمعتُ أنينَهم فرحمتُهم ودعوتُ اللهَ أن يُخفّفَ عنهم ، ففعل ، فلو صاموا هؤلاء [ أيّامَ رجبٍ وقاموا فيها ، ما عُذّبوا في قبورِهم . فقلتُ : يا رسولَ الله ] صيامُه وقيامُه أمانٌ مِن عذابِ القبر ؟ قالَ : نعَم يا ثوبان والذي بعثَني بالحقِّ نبيّاً ما مِن مُسلمٍ ولا مُسلمةٍ يصومُ يوماً مِن رجب ، وقامَ ليلةً ( 6 ) يريدُ بذلكَ وجهَ اللهِ تعالى ، إلّا كتبَ اللهُ له عبادةَ ألفِ سنة ، صيامَ نهارِها وقيامَ ليلِها ، وكأنّما حجَّ ألفَ حجّةٍ واعتمرَ ألفَ عُمرةِ مِن مالٍ حلال ، وكأنّما غزا ألفَ غزوةٍ وأعتقَ ألفَ رقبةٍ مِن ولدِ إسماعيل ، وكأنّما تصدّقَ بألفِ دينار ، وكأنّما اشترى أسارى أمّتي فأعتقَهم لوجهِ الله ، وكأنّما أشبعَ ألفَ جائعٍ ، وآمنَهُ اللهُ مِن عذابِ القبر وهولِ مُنكرٍ ونكير . (النوادرُ للرّاوندي، ص263). 9ـ ونقلَ العلّامةُ المجلسي عن دعواتِ الراوندي : قالَ أبو جعفرٍ عليهِ السلام : مَن أتمَّ ركوعَهُ لم يدخُله وحشةُ القبر. (بحارُ الأنوار: 6 / 244) 10ـ روى الكُلينيّ بسندٍ صحيحٍ عن زُرارةَ قالَ : قلتُ لأبي جعفرٍ ( عليهِ السلام ) : أرأيتَ الميّتَ إذا ماتَ لمَ تُجعَلُ معهُ الجريدة ؟ قالَ : يتجافى عنهُ العذابُ والحسابُ ما دامَ العودُ رطباً ، قالَ : والعذابُ كلُّه في يومٍ واحدٍ في ساعةٍ واحدةٍ قدرَ ما يدخلُ القبرَ ويرجعُ القومُ وإنّما جُعلَتِ السعفتانِ لذلكَ فلا يصيبُه عذابٌ ولا حسابٌ بعدَ جفوفِهما إن شاءَ الله. (الكافي للكُليني: 3 / 152) 12ـ وروى الكُليني بسندٍ صحيحٍ عن حُريزٍ ، وفُضيلٍ ، و عبدِ الرحمنِ بنِ أبي عبدِ الله قالَ : قيلَ لأبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) : لأيّ شيءٍ تُوضَعُ معَ الميّتِ الجريدة ؟ قالَ : إنّهُ يتجافى عنهُ العذابُ ما دامَت رطبةً. (الكافي للكُليني: 3 / 153) 13ـ وروى الإربلي عن مالكٍ بنِ أنس عن جعفرٍ بنِ مُحمّد عن أبيهِ عن جدِّه عليٍّ بنِ أبي طالب عليهِ السلام قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله مَن قالَ في كلِّ يومٍ مائةَ مرّةٍ لا إلهَ إلّا الله الملكُ الحقُّ المُبين كانَ له أماناً منَ الفقرِ وأمناً مِن وحشةِ القبر واستجلبَ الغِنى وفُتحَت له أبوابُ الجنّة. (كشفُ الغُمّةِ للإربلي: 2 / 377). 14ـ قالَ الصّدوقُ: وقالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : مَن ماتَ يومَ الجُمعةِ أو ليلةَ الجُمعة رفعَ اللهُ عنهُ عذابَ القبر " . (مَن لا يحضرُه الفقيه: 1 / 138، ومثلُه البُرقي في المحاسِن: 1 / 60). أما بعضُ رواياتِ ضغطةِ القبر1ـ روى الكُلينيّ بسندِه عن أبي بصيرٍ قالَ : قلتُ لأبي عبدِ الله (عليهِ السلام) : أيفلتُ مِن ضغطةِ القبرِ أحد ؟ قالَ : فقالَ : نعوذُ باللهِ مِنها ما أقلَّ مَن يفلتُ مِن ضغطةِ القبرِ إنَّ رُقيّةَ لمّا قتلَها عُثمان وقفَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) على قبرِها فرفعَ رأسَه إلى السماءِ فدمعَت عيناهُ وقالَ للنّاس : إنّي ذكرتُ هذه وما لقيتُ فرققتُ لها واستوهبتُها مِن ضمّةِ القبر قالَ : فقالَ : اللهمَّ هَب لي رُقيّةَ مِن ضمّةِ القبرِ فوهبَها اللهُ له قال : وإنَّ رسولَ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) خرجَ في جنازةِ سعدٍ وقد شيّعَهُ سبعونَ ألفَ ملكٍ فرفعَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) رأسَه إلى السّماءِ ثمَّ قال : مثلُ سعدٍ يُضَم ، قالَ : قلتُ : جُعِلتُ فداكَ إنّا نُحدّثُ أنّه كانَ يستخفُّ بالبولِ ، فقالَ : معاذَ الله إنّما كانَ مِن زعارةٍ في خلقِه على أهلِه ، قالَ : فقالَت أمُّ سعدٍ : هنيئاً لكَ يا سعد ، قالَ : فقالَ لها رسولُ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : يا أمَّ سعدٍ لا تحتمي على الله . (الكافي للكُليني: 3 / 236). 2ـ وروى الكُليني بسندِه عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام قالَ : إنَّ فاطمةَ بنتَ أسدٍ أمَّ أميرِ المؤمنين كانَت أوّلَ امرأةٍ هاجرَت إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله مِن مكّةَ إلى المدينةِ على قدميها وكانَت مِن أبرِّ الناسِ برسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله ، فسمعَت رسولَ اللهِ وهوَ يقول : إنَّ الناسَ يُحشرونَ يومَ القيامةِ عُراةً كما ولدوا فقالَت : وا سوأتاه ، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : فإنّي أسألُ اللهَ أن يبعثَكِ كاسية .وسمعتُه يذكرُ ضغطةَ القبر ، فقالَت : واضعفاهُ ، فقالَ لها رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله : فإنّي أسألُ اللهَ أن يكفيكِ ذلك ، وقالت لرسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله يوماً : إنّي أريدُ أن أعتقَ جاريتي هذه ، فقالَ لها : إن فعلتِ أعتقَ اللهُ بكلِّ عضوٍ مِنها عضواً مِنك منَ النار ، فلمّا مرضَت أوصَت إلى رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وأمرَت أن يُعتَقَ خادمُها ، واعتقلَ لسانُها فجعلَت تومي إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله إيماءً ، فقبلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وصيّتَها . فبينَما هوَ ذاتَ يومٍ قاعدٌ إذ أتاهُ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السلام وهوَ يبكي فقالَ له رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : ما يُبكيكَ ؟ فقالَ : ماتَت أمّي فاطمة ، فقالَ رسولُ الله : وأمّي واللهِ وقامَ مُسرِعاً حتّى دخلَ فنظرَ إليها وبكى ، ثمَّ أمرَ النساءَ أن يُغسّلنَها وقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآله : إذا فرغتنَّ فلا تُحدِثنَ شيئاً حتّى تُعلمنَني ، فلمّا فرغنَ أعلمنَه بذلكَ ، فأعطاهنَّ أحدَ قميصيهِ الذي يلي جسدَه وأمرهنَّ أن يُكفنَّها فيهِ وقالَ للمُسلمينَ : إذا رأيتموني قد فعلتُ شيئاً لم أفعَله قبلَ ذلكَ فسلوني لمَ فعلتُه ، فلمّا فرغنَ مِن غسلِها وكفنِها دخلَ صلّى اللهُ عليهِ وآله فحملَ جنازتَها على عاتقِه ، فلم يزَل تحتَ جنازتِها حتّى أوردَها قبرَها ، ثمَّ وضعَها ودخلَ القبرَ فاضطجعَ فيه ، ثمَّ قامَ فأخذَها على يديهِ حتّى وضعَها في القبرِ ثمَّ انكبَّ عليها طويلاً يناجيها ويقولُ لها : ابنُكِ ، ابنُك [ ابنُك ] ثمَّ خرجَ وسوّى عليها ، ثمَّ انكبَّ على قبرِها فسمعوهُ يقول : لا إلهَ إلّا الله ، اللهمَّ إنّي أستودعُها إيّاكَ ثمَّ انصرَف ، فقالَ له المُسلمون : إنّا رأيناكَ فعلتَ أشياءَ لم تفعَلها قبلَ اليوم فقالَ : اليومَ فقدتُ برَّ أبي طالب ، إن كانَت ليكونُ عندَها الشيءُ فتؤثرُني به على نفسِها وولدِها وإنّي ذكرتُ القيامةَ وأنَّ الناسَ يُحشرونَ عُراةً ، فقالَت : وا سوأتاه ، فضمنتُ لها أن يبعثَها اللهُ كاسيةً وذكرَت ضغطةَ القبرِ فقالَت وا ضعفاه ، فضمنتُ لها أن يكفيَها اللهُ ذلك ، فكفّنتُها بقميصي واضطجعتُ في قبرِها لذلك ، وانكببتُ عليها فلقّنتُها ما تُسألُ عنه ، فإنّها سُئلَت عن ربِّها فقالَت وسُئلَت عن رسولِها فأجابَت وسُئلَت عن وليّها وإمامِها فارتجَّ عليها ، فقلتُ : ابنُك ، ابنُك [ ابنُك ] . (الكافي للكُليني: 1 / 453). 3ـ روى الكُليني بسندٍ مُعتبَرٍ عن يونس قالَ : سألتُه عن المصلوبِ يُعذّبُ عذابَ القبر ؟ قالَ : فقالَ : نعَم إنَّ اللهَ عزَّ وجل يأمرُ الهواءَ أن يضغطَه. وفي روايةٍ أخرى سُئلَ أبو عبدِ الله (عليهِ السلام) عن المصلوبِ يصيبُه عذابُ القبرِ فقالَ : إنَّ ربَّ الأرضِ هوَ ربُّ الهواء فيُوحي اللهُ عزَّ وجلَّ إلى الهواءِ فيضغطُه ضغطةً أشدَّ مِن ضغطةِ القبر . (الكافي للكُليني: 3 / 241). 4ـ وروى الكُليني بسندِه عن أبي بصيرٍ ، عن أحدِهما ( عليهما السّلام ) قالَ : لمّا ماتَت رُقيّةُ ابنةُ رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) قالَ رسولُ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : الحقي بسلفِنا الصالحِ عُثمانَ بنِ مظعون وأصحابه قالَ : وفاطمةُ ( عليها السلام ) على شفيرِ القبرِ تنحدرُ دموعُها في القبرِ ورسولُ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) يتلقّاهُ بثوبِه قائماً يدعو قالَ : إنّي لأعرفُ ضعفَها وسألتُ اللهَ عزَّ وجل أن يجيرَها مِن ضمّةِ القبر . (الكافي للكُليني: 3 / 241). 5ـ روى الحسينُ بنُ سعيدٍ بالإسنادِ عن بشيرٍ النبّال قالَ : سمعتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام يقولُ : خاطبَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله قبرَ سعدٍ فمسحَهُ بيدِه واختلجَ بينَ كتفيه فقيلَ له يا رسولَ الله رأيناكَ خاطبتَ واختلجَ بينَ كتفيك وقلتَ : سعدٌ يُفعَلُ بهِ هذا ؟ فقالَ : إنّهُ ليسَ مِن مؤمنٍ إلّا ولهُ ضمّةٌ. (الزهد، ص88). أسبابُ ضغطةِ القبر: ذُكرَت في الرواياتِ أسبابٌ عديدةٌ لضغطةِ القبر، نذكرُ بعضَ ما عثَرنا عليه: 1ـ روى الصدوقُ بسندٍ مُوثّقٍ عن إسماعيلَ بنِ مُسلمٍ السكوني ، عن الصادقِ جعفرٍ بنِ مُحمّد ، عن أبيه ، عن آبائِه ، عن عليٍّ ( عليهم السلام ) ، قالَ : قالَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : ضغطةُ القبرِ للمؤمنِ كفّارةٌ لِما كانَ مِنه مِن تضييعِ النّعم. (الأمالي للصّدوق، ص632). 2ـ تقدّمَ في روايةِ سعدٍ بنِ معاذ أنّهُ ضُغطَ لسوءِ خُلقِه معَ أهله. ما يُوجِبُ النجاةَ مِن ضغطةِ القبر: ذُكرَت العديدُ منَ الأعمالِ التي توجبُ النجاةَ مِن ضغطةِ القبر، كزيارةِ الحُسين (ع) شوقاً، والوفاةِ في نفسِ سنةِ الزيارة، والمؤمنِ يموتُ بينَ زوالِ الخميسِ وزوالِ الجُمعة، وحجِّ أربعِ حججٍ، وقراءةِ سورةِ النساءِ كلَّ جُمعة، ومَن قرأ سورةَ يس وماتَ في يومِه، والإدمانِ على قراءةِ سورةِ الزُّخرف، وقراءةِ سورةِ القلمِ في صلاةِ فريضةٍ أو نافلة، وشفاعةِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله).1ـ روى ابنُ قولويه بسندِه عن محمّدٍ بنِ مُسلم ، عن أبي جعفرٍ ( عليهِ السلام ) ، قالَ : لو يعلمُ الناسُ ما في زيارةِ الحُسينِ ( عليهِ السلام ) منَ الفضلِ لماتوا شوقاً وتقطّعَت أنفسُهم عليهِ حسرات ، قلتُ : وما فيه ، قالَ : مَن أتاهُ تشوّقاً كتبَ اللهُ لهُ ألفَ حجّةٍ مُتقبّلةٍ وألفَ عُمرةٍ مبرورةٍ وأجرَ ألفِ شهيدٍ مِن شُهداءِ بدرٍ وأجرَ ألفِ صائمٍ ، وثوابَ ألفِ صدقةٍ مقبولةٍ وثوابَ ألفِ نسمةٍ أريدَ بها وجهُ الله ، ولم يزَل محفوظاً سنتَه مِن كلِّ آفةٍ أهونُها الشيطان ، ووكّلَ بهِ ملكٌ كريمٌ يحفظُه مِن بينِ يديهِ ومِن خلفِه ، وعن يمينِه وعن شمالِه ، ومِن فوقِ رأسِه ومِن تحتِ قدمِه .فإن ماتَ سنتَهُ حضرَتهُ ملائكةُ الرّحمةِ يحضرونَ غُسلَه وأكفانَه والاستغفارَ له ، ويشيّعونَه إلى قبرِه بالاستغفارِ له ، ويُفسَحُ له في قبرِه مدَّ بصرِه ، ويؤمنُه اللهُ مِن ضغطةِ القبر ومِن مُنكرٍ ونكير أن يُروّعانه ، ويُفتحُ له بابٌ إلى الجنّة ، ويُعطى كتابَه بيمينِه ، ويُعطى لهُ يومَ القيامةِ نورٌ يضيءُ لنورِه ما بينَ المشرقِ والمغرب ، ويُنادي مُنادٍ : هذا مِن زوّارِ الحُسينِ شوقاً إليه ، فلا يبقى أحدٌ يومَ القيامةِ إلّا تمنّى يومئذٍ أنّه كانَ مِن زوّارِ الحُسين ( عليهِ السلام ). (كاملُ الزياراتِ لابنِ قولويه، ص270). 2ـ روى الصدوقُ بسندٍ صحيحٍ عن أبانَ بنِ تغلب ، عن الصادقِ جعفرٍ بنِ مُحمّد ( عليهما السلام ) : أنّهُ قالَ : مَن ماتَ ما بينَ زوالِ الشمسِ مِن يومِ الخميسِ إلى زوالِ الشمسِ مِن يومِ الجُمعةِ منَ المؤمنينَ ، أعاذَه اللهُ مِن ضغطةِ القبر. (الأماليّ للصّدوق، ص355) 3ـ روى الصّدوقُ بسندٍ صحيحٍ عن منصورٍ بنِ حازم قالَ : سألتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام عمَّن حجَّ أربعَ حججٍ مالهُ منَ الثواب؟ قالَ : يا منصورُ مَن حجَّ أربعَ حججٍ لم تُصِبه ضغطةُ القبرِ أبداً ، وإذا ماتَ صوّرَ اللهُ الحجَّ الذي حجَّ في صورةٍ حسنةٍ مِن أحسنِ ما يكونُ منَ الصورِ بينَ عينيه ، تُصلّي في جوفِ قبرِه حتّى يبعثَه اللهُ مِن قبرِه ويكونَ ثوابُ تلكَ الصلاةِ له ، واعلَم أنَّ صلاةً مِن تلكَ الصلاةِ تعدلُ ألفَ ركعةٍ مِن صلاةِ الآدميّين . (الخصالُ للصّدوق، ص216). 4ـ روى الصّدوقُ بسندِه عن أميرِ المؤمنينَ عليهِ السلام قالَ : مَن قرأ سورةَ النساءِ في كلِّ جُمعةٍ أؤمنَ مِن ضغطةِ القبر. (ثوابُ الأعمال للصّدوق، ص105). 5ـ وروى الصّدوقُ بسندِه عن أبي نصرٍ عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام قالَ : إنَّ لكلِّ شيءٍ قلباً وإنَّ قلبَ القرآنِ يس ومَن قرأها قبلَ أن ينامَ أو في نهارِه قبلَ أن يمشي كانَ في نهارِه منَ المحفوظينَ والمرزوقين حتى يمسيَ ومن قرأها في ليلة قبل أن ينامَ وَكّلَ الله به مائة ألفِ ملك يحفظونهُ من كلّ شيطانٍ رجيم ومن كلّ آفةٍ وإن مات في يومه أدخله الله الجنة.
اترك تعليق