هل يحسُّ الإنسانُ بألمِ أهلِه عليه بعدَ موته ؟

أنا مش قادرا أصبر على موت ابني الشاب الذي توفي بحادث سيارا وأصبحت أكره الناس وأتمنى أعرف كل شيء عن ابني المتوفي وهل يحسّ بي أم لا والله تعبت جدااا (هل يحسُّ الإنسانُ بألمِ أهلِه عليه بعدَ موته ؟)

: الشيخ عباس الجشعمي

الجوابُ:

الأخُ السائلُ الكريم، كانَ اللهُ في عونِك ومَنَّ عليكَ بالصبرِ وحُسنِ الأجر، ورحمَ اللهُ ولدَكم الفقيدَ بواسعِ رحمتِه.

أخي الكريم، علينا جميعاً أن نُسلّمَ لحقيقةٍ ثابتةٍ ألا وهيَ أنّنا جميعاً راحلونَ إلى ربّنا تباركَ وتعالى وما بقاؤنا هُنا إلّا تأخيرُ آجال، فكلٌّ منّا ينتظرُ أجلَه الذي هوَ ذات يومٍ آتٍ لا محالة.

ولا شكَّ أنَّ ذهابنا عن هذهِ الدّنيا كلّها خاضعٌ لحكمةِ اللهِ تباركَ وتعالى فبعضٌ يموتُ جنيناً وآخرُ وليداً صغيراً أو شابّاً أو شيخاً فكلُّ ذلكَ خاضعٌ لتقديراتِه تباركَ وتعالى، وهوَ أرحمُ الرّاحمين.

ولعلَّ اللهَ تعالى امتحنَك بأخذِ ولدِك وهوَ شابٌّ ليختبرَ صبرَك فيجزيك أوفرَ الجزاء.

كما أنّه لعلَّ اللهَ تعالى مُطّلعٌ في علمِه الأزلي أنَّ ابنَك هذا ورقةٌ بيضاءُ فأرادَ أن يأخذَها قبلَ أن تتلوّثَ فيُسكنُه جنّتَه العالية.

أمّا عن سؤالِك أنّ ابنَك يحسُّ بك أم لا؟.

الجوابُ: منَ المُمكنِ أن يحسَّ بمُعاناتك ويرى ما أنت عليه.

نعَم، وردَ عن أئمّةِ الهُدى عليهم السلام أنَّ الميّتَ يزورُ أهله وأنّه يعلمُ بما يعملونَ منَ العملِ الصالحِ أو الطالح.

فقد روى الكُليني رحمَه الله تعالى عن حفصٍ بنِ البُختري، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: إنَّ المؤمنَ ليزورُ أهلَه فيرى ما يحبُّ ويُسترُ عنه ما يكرَه وإنَّ الكافرَ ليزورُ أهلَه فيرى ما يكرَه ويُسترُ عنهُ ما يحبّ قالَ: ومِنهم مَن يزورُ كلَّ جمعةٍ ومِنهم مَن يزورُ على قدرِ عملِه. (الكافي الكُليني (3/ 276)).

وروى الكُلينيّ ايضاً عن أبي بصير، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: ما مِن مؤمنٍ ولا كافرٍ إلّا وهوَ يأتي أهلَه عندَ زوالِ الشمسِ فإذا رأى أهلَه يعملونَ بالصالحاتِ حمدَ اللهَ على ذلك وإذا رأى الكافرُ أهلَه يعملونَ بالصالحات كانَت عليهِ حسرة. (الكافي الكُليني (3/ 277)

كما وردَ أنَّ الميّتَ يستأنسُ بزيارةِ أهلِه ويفرحُ بهم.

حيثُ روى الكُليني رحمَه الله عن إسحاقَ بنِ عمار، عن أبي الحسن (عليهِ السلام) قالَ: قلتُ له: المؤمنُ يعلمُ بمَن يزورُ قبرَه؟ قالَ: نعَم ولا يزالُ مُستأنساً به ما دامَ عندَ قبرِه فإذا قامَ وانصرفَ مِن قبرِه دخلَه مِن انصرافِه عن قبرِه وحشةٌ. (الكافي الكُليني (3/ 275)."