كيفَ نعالجُ مُخالفةَ الآيةِ للّغةِ العربيّة؟
اذا وجدنا آيات قرآنيه مخالفه في اعرابها لقواعد اللغه العربيه هل الخطأ في الايه او في قواعد اللغه العربيه؟ وكيف نعالج مخالفه الايه للغه العربيه؟
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخُ السائلُ الكريم، ينبغي التنبيهُ إلى أمرين.
الأمرُ الأوّل: إنَّ قواعدَ اللغةِ العربيّةِ إنّما استُحصلَت عن طريقِ الاستقراء، فعلماءُ اللغةِ العربيّة استقرأوا استعمالاتِ العربِ في زمنِ الفصاحةِ فوجدوا العربَ يتكلّمونَ هكذا. ومنَ البديهيّ المعلومِ أنَّ هذا الاستقراءَ مَهما بالَغنا فيه لم يكُن مُحيطاً بكلِّ دقائقِ اللغةِ العربيّة بل يبقى ناقِصاً.
وتبقى الاستعمالاتُ القرآنيّةُ أدقُّ وأعمقُ ممّا سطرَه علماءُ اللّغة، لذلكَ نراهُم يستدلّونَ على صحّةِ قواعدِهم بآياتِ القرآنِ الكريم.
الأمرُ الثاني: إنَّ جُملةً منَ الإشكالاتِ التي أُثيرَت حولَ مُخالفةِ القرآنِ لقواعدِ اللّغةِ العربيّة، هيَ إشكالاتٌ غيرُ واقعيّةٍ ناجمةٌ عن جهلِ المُستَشكلِ بقواعدِ اللغة.
ولأجلِ أن يقفَ السائلُ على حقيقةِ الأمرِ الثاني، وهوَ جهلُ المُستشكلِ بقواعدِ اللغةِ العربيّة سأذكرُ طائفةً منَ الإشكالاتِ كمثالٍ على ما قُلت.
1- قولهُ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ) (المائدة /70).
يقولُ المُستشكِلُ كانَ على القرآنِ أن ينصبَ (الصابئونَ) فيقولُ (والصابئينَ) لأنّها معطوفةٌ على اسمِ إنّ.
والجوابُ على ذلك: إنَّ الواوَ الداخلةَ على (الصّابئون) هيَ واوٌ استئنافيّةٌ وليسَت عاطفةً حتّى تقتضي ما ذكرَه المُستشكِل.
2- ما جاءَ في سورةِ البقرةِ وهوَ قولُه تباركَ وتعالى: (وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ). (البقرة/125).
وتحديداً عندَ قولِه تعالى: (لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ) يقولُ المُستشكِل كانَ على القرآنِ أن يرفعَ الظالمينَ فيقول: (لا ينالُ عهدي الظالمون).
والإشكالُ ينحلُّ إذا أعرَبنا الآيةَ بشكلٍ مُفصّلٍ، وإعرابُها كما يلي:
إنَّ قولَه (ينال) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بالضمّة.
وقولُه تعالى (عهدي) فاعلٌ مرفوعٌ بالضمّةِ المُقدّرةِ على الياء.
وكلمةُ (الظالمين) جمعُ مذكّرٍ سالم مفعولٌ به منصوبٌ بالياءِ ومنَ المعلومِ أنَّ جمعَ المُذكّرِ السالمِ يُنصَبُ بالياء، وعليهِ فالآيةُ موافقةٌ للقواعدِ النحويّةِ تماماً.
3- قوله تعالى: (فَاستَمتَعُوا بِخَلاقِهِم فَاستَمتَعتُم بِخَلاَقِكُم كَمَا استَمتَعَ الَّذِينَ مِن قَبلِكُم بِخَلاَقِهِم وَخُضتُم كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَت أَعمَالُهُم فِي الُّدنيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ). (التوبة/70).
يقولُ المُستشكِل: كانَ يجبُ أن يُجمعَ اسمُ الموصولِ العائدُ على ضميرِ الجمع فيقول: (خضتم كالذينَ خاضوا).
والجوابُ على ذلك: إنَّ كلمةَ (كالذي) مُتعلّقٌ بمحذوفٍ وهيَ مفعولٌ مُطلَق والمعنى (خوضاً كالذي خاضوه).
ودمتُم في حفظِ اللهِ تعالى.
اترك تعليق