خلق الشيعة
"السلام عليكم ورحمه الله وبركاته هل الأمام علي والأئمه المعصومين من ذريته خلقوا شيعتهم بأمر من الله"
الجوابُ:
نكتفي في الإجابةِ على هذا السّؤالِ بما أفادَه العلّامةُ المَجلسي في بحارِه حيثُ قال: "وأمّا التفويضُ فيُطلَقُ على معانٍ بعضُها منفيٌّ عَنهم عليهم السلام وبعضُها مُثبَتٌ لهم، فالأوّلُ التفويضُ في الخلقِ والرّزقِ والتربيةِ والإماتةِ والإحياء، فإنَّ قوماً قالوا: إنَّ اللهَ تعالى خلقَهم وفوّضَ إليهم أمرَ الخلقِ فهُم يَخلقونَ ويرزقون ويميتونَ ويُحيون، وهذا الكلامُ يحتملُ وَجهين:
أحدُهما أن يُقال: إنّهم يفعلونَ جميعَ ذلكَ بقُدرتِهم وإرادتِهم وهُم الفاعلونَ حقيقةً، وهذا كفرٌ صريحٌ دلَّت على استحالتِه الأدلّةُ العقليّةُ والنقليّة، ولا يستريبُ عاقلٌ في كُفرِ مَن قالَ به.
وثانيهما: أنَّ اللهَ تعالى يفعلُ ذلكَ مُقارناً لإرادتِهم كشقِّ القمرِ وإحياءِ الموتى وقلبِ العصا حيّةً وغيرِ ذلك منَ المُعجزات، فإنَّ جميعَ ذلكَ إنّما تحصلُ بقُدرتِه تعالى مُقارناً لإرادتِهم لظهورِ صِدقِهم، فلا يأبى العقلُ عن أن يكونَ اللهُ تعالى خلقَهم وأكملَهم وألهمَهم ما يصلحُ في نظامِ العالم، ثمَّ خلقَ كلَّ شيءٍ مُقارِناً لإرادتِهم ومشيّتِهم.
وهذا وإن كانَ العقلُ لا يعارضُه كفاحاً لكنَّ الأخبارَ السالفةَ تمنعُ منَ القولِ به فيما عدا المُعجزاتِ ظاهراً بل صراحاً، معَ أنَّ القولَ به قولٌ بما لا يعلم إذ لم يَرِد ذلكَ في الأخبارِ المُعتبرة فيما نعلم.
وما وردَ منَ الأخبارِ الدالّةِ على ذلكَ كخُطبةِ البيان وأمثالِها فلم يوجَد إلّا في كُتبِ الغُلاةِ وأشباهِهم، معَ أنّه يُحتمَلُ أن يكونَ المُرادُ كونُهم علّةً غائيّةً لإيجادِ جميعِ المكوّناتِ، وأنّه تعالى جعلَهم مُطاعينَ في الأرضينَ والسماوات، ويطيعُهم بإذنِ اللهِ تعالى كلُّ شيءٍ حتّى الجمادات، وأنّهم إذا شاؤوا أمراً لا يردُّ اللهُ مشيّتَهم، ولكنّهم لا يشاؤونَ إلّا أن يشاءَ الله.
وأمّا ما وردَ منَ الأخبارِ في نزولِ الملائكةِ والروحِ لكلِّ أمرٍ إليهم وأنّه لا ينزلُ ملكٌ منَ السماءِ لأمرٍ إلّا بدأ بهم فليسَ ذلكَ لمدخليّتِهم في ذلك، ولا الاستشارةِ بهم، بل لهُ الخلقُ والأمرُ تعالى شأنُه، وليسَ ذلكَ إلّا لتشريفِهم وإكرامِهم وإظهارِ رفعةِ مقامِهم" (بحارُ الأنوار ج 25، ص 346.
اترك تعليق