وعود الله المتحققه
"السلام عليكم تأريخياً ، ما هي الوعود والمواعيد التي وعد الله سبحانه وتعالى بها وتحققت ؟ جزاكم الله خير الجزاء ."
الجوابُ:
أخي الكريم، إنَّ جميعَ الوعودِ التي وعدَ اللهُ تباركَ وتعالى بها أنبياءَه قد تحقّقَت، ولا يوجدُ وعدٌ واحدٌ لم يتحقَّق، لأنَّ عدمَ تحقّقِ الوعدِ الإلهي لأنبياِئه لازمُه إمّا كذبُ الأنبياءِ وحاشاهُم مِن ذلك، وإمّا عجزُ الله، تعالى عن ذلكَ علوّاً كبيراً.
قالَ تباركَ وتعالى: (فَلاَ تَحسَبَنَّ اللَّهَ مُخلِفَ وَعدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ). (إبراهيم 48).
وسأذكرُ طائفةً منَ الوعودِ التي تحقّقَت مُعتمِداً بذلكَ على كتابِ اللهِ تعالى باعتبارِه أوثقَ مصدرٍ يمكنُ الاعتمادُ عليه.
أوّلاً: وعدُ اللهِ تعالى لنبيّهِ نوحٍ عليهِ السلام في نجاتِه وأهلِه ومَن آمنَ به منَ الغرق، وإهلاكِ القومِ الظالمين.
قالَ تباركَ وتعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَمرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلنَا احمِل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ). (هود 41).
ثانياً: وعدُه تباركَ وتعالى لكليمِه موسى بنِ عمران عليهِ السلام بانتصارِه على فرعونَ وسحرتِه.
قالَ تعالى: (فَأَوجَسَ فِي نَفسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) قُلنَا لا تَخَف إِنَّكَ أَنتَ الأَعلَى (68) وَأَلقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلقَف مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيدُ سَاحِرٍ وَلا يُفلِحُ السَّاحِرُ حَيثُ أَتَى (69) فَأُلقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى). (طه 67-70).
وكذلكَ وعدُه تباركَ وتعالى لموسى عليهِ السلام بنجاتِه منَ الغرقِ وهلاكِ فِرعون.
قالَ تباركَ وتعالى: (وَلَقَد أَوحَينَا إِلَى مُوسَى أَن أَسرِ بِعِبَادِي فَاضرِب لَهُم طَرِيقًا فِي البَحرِ يَبَسًا لاَّ تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخشَى (77) فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُم (78) وَأَضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَمَا هَدَى). (طه 78-79).
ثالثاً: وعدُه لخليلِه إبراهيم عليهِ السلام بجعلِه وبعضِ ذُرّيّتِه أئمّةَ هُدى.
قالَ تباركَ وتعالى: (وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ). (البقرة 125). وقد تحقّقَ الوعدُ الإلهيّ بالفعل حيثُ جعلَه وأبناءَه إسماعيلَ وإسحاق ويعقوب أئمّةً يهدونَ بأمرِ اللهِ تعالى.
قالَ تباركَ وتعالى: (فَلَمَّا اعتَزَلَهُم وَمَا يَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبنَا لَهُ إِسحَقَ وَيَعقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلنَا نَبِيًّا). (مريم 50).
وقالَ تعالى: (وَاذكُر فِي الكِتَابِ إِسمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا). (مريم 55).
رابعاً: وعدُه تباركَ وتعالى لمريمَ بنتِ عمران عليها السلام بالمسيحِ عليهِ السلام وظهورِ أمرِه.
قالَ تعالى: (إِذ قَالَتِ المَلآئِكَةُ يَا مَريَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنهُ اسمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهدِ وَكَهلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَت رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَم يَمسَسنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتَّورَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرَائِيلَ أَنِّي قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُم أَنِّي أَخلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللَّهِ وَأُبرِىءُ الأكمَهَ والأَبرَصَ وَأُحيِي المَوتَى بِإِذنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُم). (آل عمران 46-48).
خامساً: وعدُه لرسولِ الله وخاتمِ رُسلِه صلّى اللهُ عليهِ وآله بفتحِ مكّةَ ودخولِ المسجدِ الحرام.
قالَ تعالى: (لَقَد صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤيَا بِالحَقِّ لَتَدخُلُنَّ المَسجِدَ الحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُم وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَم تَعلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتحًا قَرِيبًا). (الفتح 28).
سادِساً: وعدُه تباركَ وتعالى المُسلمينَ بالنصرِ بعدَ أن تتغلّبَ دولةُ الرّومِ على الإمبراطوريّةِ الفارسيّة وذلكَ أنَّ الرومَ لمّا غلبَهم فارس فرحَ مُشركو قُريشٍ بذلكَ مِن حيثُ أنَّ أهلَ فارس لم يكونوا أهلَ كتاب، وساءَ ذلكَ المُسلمين، فأخبرَ اللهُ تعالى أنَّ الرومَ وإن غلبَهم فارس، فإنَّ الرّومَ ستَغلِبُ فيما بعد فارس.
قالَ تباركَ وتعالى: (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدنَى الأَرضِ وَهُم مِّن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ (3) فِي بِضعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ (4) بِنَصرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعدَ اللَّهِ لا يُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يَعلَمُونَ). (الرّوم 2-6).
ودُمتَ مُوفّقاً.
اترك تعليق