ملحد: لماذا يحاسبنا الإله إذا كان هو من خلق الشيطان وأعطاه السلطة العليا؟

شُبهةٌ مِنْ مُلحد: الجِنُّ لهُ عقلٌ يُفكّرُ فيهِ و يتّخِذُ القراراتِ سواء في الخيرِ أو في الشّر كما يفعل الكائن البشري وبما أنّ الجنّ يؤثر عن طريق السحر الذي هو مذكورٌ في الدستور الإسلامي و أعني به القرآن و كذلك يؤثرُ من غيرِ سحرٍ كالعين و الصدّ عن ذكر الله و الإيقاع بالفواحش و المنكرات ،التساؤلُ لماذا يحاسبنا الاله على ذلكَ و هو خالقُ كُلّ شيء حتى الجن اي أنّنا نحن بني البشر لا نملكُ الإرادةَ الحُرّةَ لفعلِ شيءٍ فالشيطانُ لهُ سلطةٌ عُليا عَلينا فلماذا نحاسَبُ على أفعالٍ بسببِ كائنٍ غيرِ مرئي يُوسوِسُ لنا و يُغرينا كما تُغري السلطةُ أو المالُ البشر

: اللجنة العلمية

الجوابُ :

أولاً : لا شُبهةَ في أنّ شياطين الجنِّ هيَ مِن مخلوقاتِ الله تباركَ وتعالى، كما لا شكَّ من أنّ لها تأثيراً في كثيرٍ ممّا ذكرهُ السائل .

غيرَ أنّ الله تباركَ وتعالى الذي خلقَ الشيطانَ وأعطاهُ تلكَ القابليات، قد خلقَ الإنسانَ وأعطاهُ قُدراتٍ تحميهِ من بأس الشيطانِ وأذاه، أي أنّ الله قد أعطى للإنسانِ قوّةً معاكسةً لقوةِ الشيطانِ بإمكانِها أنْ تحمِيَهُ مِن أفعالِه .

ثانياً : ماذا يعني قولُك ( انّنا لا نملكُ الإرادةَ الحرّة لفعل شيء ) وتحديداً ماذا تَعني ( بالإرادةِ الحرّة ) هل تريدُ بذلكَ أنّ الإنسانَ يجبُ أنْ يمتلكَ حُرّيةً مُطلقةً حتى يستَحِقَّ حسابَهُ مِن قِبَلِ الله ؟.!!

أو أنّك تقصدُ أنّ الإنسانَ يجبُ أنْ يتمتّعَ بهامشٍ مِنَ الحُرّيةِ التي يجوزُ معها حسابُه؟!!فإنْ كانَ مُرادُك الأوّل، فهوَ باطلٌ قطعاً، لأنّ الحرّيةَ المُطلقةَ لا وجودَ لها إلاّ في عالمِ الفرضيّاتِ، وأقولُها بضِرسٍ قاطعةٍ لا توجدُ فلسفةٌ على وجهِ الكون تُؤمنُ بالحرّيةِ المُطلقة .

وإنْ كانَ مُرادُكَ الثّاني، فهوَ صحيحٌ فالإنسانُ لابُدَّ أنْ يكونَ لهُ هامشٌ منَ الحُرّيةِ والإختيارِ حتى تَصحَّ محاسبَتُهُ عندَ إرتكابهِ المُخالفةَ .

وفي الفروضِ التي ذَكرَها السائلُ في سؤالهِ هناكَ هامشٌ واضحٌ من الحرّية، وإلاّ فعندي لهُ سؤالان :

السؤالُ الأوّلُ : هل بإمكانِ السائلِ الإمتناعُ عن إمتثالِ وَسوسةِ الشيطان ِأو لا ؟.

السؤالُ الثاني : هل وسوسةُ الشيطانِ عامّةٌ لكُلّ البشرِ أو خاصّةٌ بالسائل ؟.

ففيما يتعلّقُ بالسؤالِ الأوّلِ، لا شكّ في إمكانيّةِ إمتناعِ السائلِ عن الإمتثالِ لِلكثير من وَساوسِ الشيطان، وإلاّ وجبَ أنْ يكونَ قاتلاً أوسارقاًأو فاعلاً للشّر، ولا أظنُّ عاقلاً يقولُ ذلك ، إذن حُرّيةُ الإختيارِ موجودة .

أمّا فيما يتعلّقُ بالسؤالِ الثاني، فلا إشكالَ في أنّ وسوسةَ الشيطانِ عامّةٌ لكلّ البَشر، وعليهِ نسألُ السؤالَ التاليَ ، لماذا لم يكنْ كلّ النّاس قتلةً ومجرمين وأشراراً؟!!لماذا نرى النّاسَ منهُمُ المستقيمُ المُحِبُّ للخَير ومنهم عكسُ ذلكَ!، اليستْ وسوسةُ الشيطانِ عامّةً لكُلِّ أحد!! فكيفَ إختارَ هؤلاءِ الخيرَ واختارَ أُولائك الشّر؟، أليسَ هذا دليلَ وجودِ حرّيةٍ لَدى الإنسانِ في إختيارِ ما يريد ؟.

ثالثاً : إنّ الوجدانَ يشهدُ أيضاً بأنّ هنالكَ عقلاًوضميراً لدى الإنسانِ يُوحي إليه فعلَ الخيرِ، فلماذا تركَ الإنسانُ ما يوحى إليهِ من فِعلِ الخَيرِ واتّبَعَ الشيطانَ،؟ أليسَ هذا اختياراًوحريةً في الانتقاء ؟.

رابعاً : إنّ وَساوِس الشيطانِ  للإنسانِ يمكنُ تقسيمُها إلى أربعةِ أقسام ٍوهي :

1- ما يُشكِّلُ خطراً على نفسه  .

2- ما يشكِّل نفعاً لنفسه .

3- ما يشكِّلُ خطراً على غَيره .

4- ما يُشكِّل نفعاً لِغيره .

السؤالُ هوَ: لماذا نرى الإنسانَ عادةً يمتنعُ إمتناعاً شديداً عن إمتثالِ الأوّل ، ويندفعُ إندفاعاً شديداً عن إمتثالِ الثاني خصوصاً إذا كانتِ المنفعةُ كبيرةً!!!  ؟.

لماذا نرى الإنسانَ يتساهلُ عادةً في إمتثالِ الثالثِ ويتماهلُ في تحقيقِ الرّابع ٍ!!؟. اليسَ هذا إختيارٌ مَحض !!!؟.