من هم أهل البيت ؟

: السيد رعد المرسومي

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله اختلف الفريقان (الشيعة والسنّة) في مفهوم على أهل البيت، فالشيعة الإماميّة ـ كما هو معروفٌ عنهم ـ ذهبوا إلى أنّ المعنيّين بـ(أهل البيت) هُمُ الذين جَـلَّلَهُم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بكسائه، وقال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، فأذهِبْ عنهم الرجسَ وطَهِّرهُم تطهيرا» وذلك عِندَ نزول الآية الكريمة ﴿إنّما يُريدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُم الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تَطهيرا﴾ [الأحزاب: 33].

وأمّا أهل السُّـنّة فلهم آراء ثلاثة:

الرأي الأوّل: أنّ أهل البيت هم بنو هاشم دون نسائه (صلّى الله عليه وآله).

الرأي الثاني: أنّ هذه الآية نزلت في نساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) خاصّة.

الرأي الثالث: أنّ أهل البيت هم نساؤهُ (صلّى الله عليه وآله)، والهاشميّون عامّة.

وأمّا الدليل الذي يستند إليه الشيعة فيما ذهبوا إليه، فهي عدّة روايات عن الصحابة من أهمّها ما ثبت عن أمّ سلمة في أكثر من طريق أنّها قالت: نزلت هذه الآية ﴿إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا﴾ في بيتي، فأخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين بعد أنْ غشّاهم بالكساء، فقال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي فأذهِبْ عنهم الرِّجس وطهِّرهم تطهيرا»، فقالت أمّ سلمة: فأدخلـتُ رأسي البيت فقلت يا رسول الله وأنا معكم؟ قال: إنّكِ على خير (مرّتين).وفي رواية قال لها النبيّ (صلّى الله عليه وآله): أنت على مكانك وأنت إلى خير. وقد أخرج هذا الحديث الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (ج3/ ص52-53)، والترمذيّ في (سننه) في باب (مناقب فاطمة)، وأحمد في مسنده وغيرهم. قال الترمذيّ: «هذا حديثٌ حسن، وهو أحسن شيءٍ روي في هذا الباب».

وأمّا أهل السنّة فالرأي الأوّل ساقط ولا عبرة به، لأنّه من رواية المفسّر أبي بكر النقّاش المتّهم بالكذب كما في لسان الميزان لابن حجر العسقلانيّ، وهكذا الحال مع الرأي الثاني فهو لا عبرة به، لأنّه من رواية التابعي عكرمة الذي لم يسمع من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وإنّما سمع من الصحابة، فحديث يعدُّ مقطوعاً، فضلاً عن أنّ نقّاد الحديث اختلفوا في شأنه، إذْ بعضهم كذّبه، وبعضهم الآخر وثّقه كما في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلانيّ، وكذلك هو معروفٌ بمذهبه الخارجيّ. فلم يبقَ إلّا الرأي الثالث، وهو أشهر الآراء وأكثرها اعتماداً عند أهل السنّة، وعمدة أدلّتهم هو السياق الذي فهموا منه أنّ نساء النبي (صلّى الله عليه وآله) داخلات في مفهوم أهل البيت، بدعوى أنّ من تَدبّرَ القرآن لا يشكّ في أنّ نساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) داخلات في هذه الآية، فإنّ سياق الكلام معهنّ كما ذهب إلى ذلك ابن كثير وغيره من المفسّرين عند تفسيرهم الآية (33) من سورة الأحزاب.

والردُّ على الدليل بأنْ نقول: إنّ هذا الكلام مردودٌ، وذلك لأنّ التعليل بحجّة السياق ـ في هذا المورد ـ يُعَـدُّ تعليلاً واهياً، إذْ لا خلاف بين أهل العلم في أنّ قاعدة السياق تجري في كلام الله تعالى، وتطّردُ في جميع المواضع التي يُستعان بها على فهم المراد من الآية، إلّا إذا وُجِدَ دليلٌ يصرف الكلام عن سابقه ولاحقه، فحينئذٍ يُضرَبُ صَفْحاً عن هذه القاعدة، ويُتمسّكُ بالدليل، إذْ إنّ قاعدة السياق تنصُّ على «أنّها بيان اللفظ أو الجملة في الآية بما لا يُخرجها عن السابق واللاحق، إلّا بدليل صحيح يجب التسليم له»، وَفْقاً لـما ورد في كتاب «دلالة السياق القرآنيّ» للدكتور عبد الحكيم القاسم، (ج1/ص93)، وكذلك «قواعد الترجيح عند المفسّرين»، تأليف حسين بن عليّ الحربيّ، (ج1/ص125 - 127). فإذا عرفت ما تقدّم، فما نحن فيه إنّما هو من هذا القبيل، إذْ يوجد هنا دليلٌ بيّن لا يقبل الشكّ يصرف آية التطهير عن الآيات التي سبقتها والتي تلتها، وهذا الدليل هو نزول آية التطهير نفسها بصورةٍ منفصلةٍ عمّا سبقها وما تلاها، فإنّ جميع الأحاديث الواردة في شأن نزول هذه الآية تُوَكِّدُ نزولها منفردة في بيت أمّ سلمة. نعم، لو كان نزول الآيات في سورة الأحزاب وَفْقاً لِـما نقرأه اليوم، أي من قوله تعالى: ﴿يا أيُّها النبيّ قلْ لأزواجكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدُّنيا...﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وٱذكُرْنَ ما يُتْلى في بيُوتِكُنَّ من آيات الله والحكمة إنّ الله كان لطيفاً خبيراً﴾ [الأحزاب: 34]، وجاء النبيّ (ص) من بعد هذا النزول الذي توسّطت فيه آية التطهير، فصنع ما صنعه في قصّة الكساء، لصارت حجّة السياق قويّة؛ لكنّ هذا النزول لم يكنْ كذلك مطلقاً، وإنّما كان مُقتصراً على (آية التطهير) حَسْب، فلا يُمكن ـ إذنْ ـ أنْ نُعَوِّلَ على حجّة السـياق لِـما تقدّم، والمنهج القويم الذي يجب ﭐتّباعه في مثل هذه الحالات هو أنْ نُحَكِّمَ ما ثبت عن رسول الله (ص) في تبيين ما نزل من القرآن الكريم، وقد ثبت عنه (ص) في أكثر من حديث صحيح أنّ هذه الآية تختصُّ بالخمسة (أهل الكساء)، فالتعَـبُّدُ والتسليم بما ثبت عن الرسول (ص)، وعدم الاجتهاد فيه أَولى لأُولي الألباب. ودمتم سالمين.

مفهوم أهل البيت

سؤال:

من هم أهل البيت؟

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله

اختلف الفريقان (الشيعة والسنّة) في مفهوم على أهل البيت.

فالشيعة الإماميّة ـ كما هو معروفٌ عنهم ـ ذهبوا إلى أنّ المعنيّين بـ(أهل البيت) هُمُ الذين جَـلَّلَهُم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بكسائه، وقال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، فأذهِبْ عنهم الرجسَ وطَهِّرهُم تطهيرا» وذلك عِندَ نزول الآية الكريمة ﴿إنّما يُريدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُم الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تَطهيرا﴾ [الأحزاب: 33].

وأمّا أهل السُّـنّة فلهم آراء ثلاثة:

الرأي الأوّل: أنّ أهل البيت هم بنو هاشم دون نسائه (صلّى الله عليه وآله).

الرأي الثاني: أنّ هذه الآية نزلت في نساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) خاصّة.

الرأي الثالث: أنّ أهل البيت هم نساؤهُ (صلّى الله عليه وآله)، والهاشميّون عامّة.

وأمّا الدليل الذي يستند إليه الشيعة فيما ذهبوا إليه، فهي عدّة روايات عن الصحابة.

من أهمّها:

ما ثبت عن أمّ سلمة في أكثر من طريق أنّها قالت: نزلت هذه الآية ﴿إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا﴾ في بيتي، فأخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين بعد أنْ غشّاهم بالكساء، فقال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي فأذهِبْ عنهم الرِّجس وطهِّرهم تطهيرا»

فقالت أمّ سلمة: فأدخلـتُ رأسي البيت فقلت يا رسول الله وأنا معكم؟ قال: إنّكِ على خير (مرّتين).وفي رواية قال لها النبيّ (صلّى الله عليه وآله): أنت على مكانك وأنت إلى خير.

وقد أخرج هذا الحديث الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (ج3/ ص52-53).

والترمذيّ في (سننه) في باب (مناقب فاطمة)،

وأحمد في مسنده وغيرهم.

قال الترمذيّ: «هذا حديثٌ حسن، وهو أحسن شيءٍ روي في هذا الباب».

وأمّا أهل السنّة:

فالرأي الأوّل: ساقط ولا عبرة به، لأنّه من رواية المفسّر أبي بكر النقّاش المتّهم بالكذب كما في لسان الميزان لابن حجر العسقلانيّ.

وهكذا الحال مع الرأي الثاني: فهو لا عبرة به، لأنّه من رواية التابعي عكرمة الذي لم يسمع من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وإنّما سمع من الصحابة، فحديثه يعدُّ مقطوعاً.

فضلاً عن أنّ نقّاد الحديث اختلفوا في شأنه، إذْ بعضهم كذّبه، وبعضهم الآخر وثّقه كما في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلانيّ.

وكذلك هو معروفٌ بمذهبه الخارجيّ.

فلم يبقَ إلّا الرأي الثالث، وهو أشهر الآراء وأكثرها اعتماداً عند أهل السنّة، وعمدة أدلّتهم هو السياق الذي فهموا منه أنّ نساء النبي (صلّى الله عليه وآله) داخلات في مفهوم أهل البيت، بدعوى أنّ من تَدبّرَ القرآن لا يشكّ في أنّ نساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله) داخلات في هذه الآية، فإنّ سياق الكلام معهنّ كما ذهب إلى ذلك ابن كثير وغيره من المفسّرين عند تفسيرهم الآية (33) من سورة الأحزاب.

والردُّ على الدليل بأنْ نقول: إنّ هذا الكلام مردودٌ، وذلك لأنّ التعليل بحجّة السياق ـ في هذا المورد ـ يُعَـدُّ تعليلاً واهياً، إذْ لا خلاف بين أهل العلم في أنّ قاعدة السياق تجري في كلام الله تعالى، وتطّردُ في جميع المواضع التي يُستعان بها على فهم المراد من الآية، إلّا إذا وُجِدَ دليلٌ يصرف الكلام عن سابقه ولاحقه، فحينئذٍ يُضرَبُ صَفْحاً عن هذه القاعدة، ويُتمسّكُ بالدليل.

إذْ إنّ قاعدة السياق تنصُّ على «أنّها بيان اللفظ أو الجملة في الآية بما لا يُخرجها عن السابق واللاحق، إلّا بدليل صحيح يجب التسليم له»، وَفْقاً لـما ورد في كتاب «دلالة السياق القرآنيّ» للدكتور عبد الحكيم القاسم، (ج1/ص93)، وكذلك «قواعد الترجيح عند المفسّرين»، تأليف حسين بن عليّ الحربيّ، (ج1/ص125 - 127).

فإذا عرفت ما تقدّم، فما نحن فيه إنّما هو من هذا القبيل، إذْ يوجد هنا دليلٌ بيّن لا يقبل الشكّ يصرف آية التطهير عن الآيات التي سبقتها والتي تلتها، وهذا الدليل هو نزول آية التطهير نفسها بصورةٍ منفصلةٍ عمّا سبقها وما تلاها، فإنّ جميع الأحاديث الواردة في شأن نزول هذه الآية تُوَكِّدُ نزولها منفردة في بيت أمّ سلمة.

نعم، لو كان نزول الآيات في سورة الأحزاب وَفْقاً لِـما نقرأه اليوم، أي من قوله تعالى: ﴿يا أيُّها النبيّ قلْ لأزواجكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدُّنيا...﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وٱذكُرْنَ ما يُتْلى في بيُوتِكُنَّ من آيات الله والحكمة إنّ الله كان لطيفاً خبيراً﴾ [الأحزاب: 34]، وجاء النبيّ (ص) من بعد هذا النزول الذي توسّطت فيه آية التطهير، فصنع ما صنعه في قصّة الكساء، لصارت حجّة السياق قويّة.

لكنّ هذا النزول لم يكنْ كذلك مطلقاً، وإنّما كان مُقتصراً على (آية التطهير) حَسْب، فلا يُمكن ـ إذنْ ـ أنْ نُعَوِّلَ على حجّة السـياق لِـما تقدّم.

والمنهج القويم الذي يجب ﭐتّباعه في مثل هذه الحالات هو أنْ نُحَكِّمَ ما ثبت عن رسول الله (ص) في تبيين ما نزل من القرآن الكريم.

وقد ثبت عنه (ص) في أكثر من حديث صحيح أنّ هذه الآية تختصُّ بالخمسة (أهل الكساء)، فالتعَـبُّدُ والتسليم بما ثبت عن الرسول (ص)، وعدم الاجتهاد فيه أَولى لأُولي الألباب.

ودمتم سالمين.