هل فعلًا هندُ بنتُ عُتبة أكلَت كبدَ الحَمزة؟ وما الدّليل؟

الجوابُ: 

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،

إنَّ منَ القضايا التاريخيّةِ المشهورةِ بل المُسلّمةِ أنَّ هندَ بنتَ عُتبة ـ أمَّ معاويةَ بنِ أبي سفيان ـ لاكَت كبدَ سيّدِنا الحمزةِ بنِ عبدِ المُطّلِب (عليهِ السلام)، وبسببِ ذلكَ عُيّرَت بـ(آكلةِ الأكباد)، وصارَ هذا اللقبُ تعييراً لنسلِها إلى أبدِ الدّهر، فصارَ ابنُها معاوية يُطلَقُ عليه (ابنُ آكلةِ الأكباد)، وكذلكَ يزيدُ بنُ معاوية ـ كما في زيارةِ عاشوراء ـ، وكذلكَ السفيانيُّ الذي يخرجُ آخرَ الزّمانِ كما في رواياتِ الملاحمِ والظهور. 

فهذهِ القضيّةُ منَ القضايا المشهورةِ حتّى أنَّ جلَّ أو كلَّ كتبِ السيرةِ والتاريخ ذكرَتها أو أشارَت لها، فهيَ منَ المُسلّماتِ عندَ المُسلمين ـ شيعةً وسنّة ـ، لم نجِد أحداً منَ المُؤرّخينَ أو المُحدّثينَ أو غيرِهم مِن عُلماءِ المُسلمينَ المُعتبرين يُشكّكُ بها، والرّواياتُ الواردةُ فيها كثيرةٌ جدّاً في كتبِ المُسلمين، بل حتّى نفس بني أميّة لم يتمكّنوا منَ التشكيكِ فيها أو الخدشِ بها، معَ أنَّ مهنتَهم التلاعبُ بالحقائقِ وإنكارُ الثوابت.

وقد جاءَ في بعضِ الرّواياتِ أنّه لمّا لاكَت هندُ كبدَ حمزة (عليهِ السلام) وصارَ جُلموداً، ولفظَتهُ مِن فيها، سمّاها رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وأصحابُه بـ(آكلةِ الأكباد)، كما نصَّ على ذلكَ عمرُ بنُ الخطّاب في رسالتِه إلى مُعاويةَ بنِ أبي سُفيان [ينظر: بحارُ الأنوار ج30 ص287ـ296]. 

وسنذكرُ الرّواياتِ والأخبارَ الواردةَ في بيانِ هذهِ القضيّةِ ونجعلُها على قِسمين: 

 

القسمُ الأوّل: بيانُ الحادثةِ في كلماتِ المُؤرّخينَ والمُحدّثين: 

تعدُّ هذهِ الحادثةُ ـ كما أشَرنا سابقاً ـ منَ الحوادثِ المشهورة، ولهذا ذُكرَت في جُلِّ كتبِ السيرةِ والمَغازي، فمِن جُملةِ مَن نقلَها: المؤرّخُ ابنُ إسحاق (ت80هـ) في [المَغازي ج1 ص333]، 

المؤرّخُ الواقديُّ (ت207) في [المغازي ج1 ص286] عن لسانِ وحشي قاتلِ حمزة، والمؤرّخُ البلاذريّ (ت279هـ) في [أنسابِ الأشراف ج1 ص322]، والمؤرّخُ اليعقوبيّ (ت284) في [تاريخِه ج2 ص47]، والمؤرّخُ الطبريّ (ت210هـ) في [تاريخِه ج2 ص204]، وأبو الفرجِ الأصفهاني (ت356هـ) في [الأغاني ج15 ص130]، وغيرُهم كثيرون. 

وهذهِ جُملةٌ منَ الأخبارِ التي تحكي حادثةَ أكلِ هند بنتِ عُتبةَ لكبدِ الحمزةِ (عليهِ السلام)، وهيَ مرويّةٌ في كتبِ المُحدّثينَ والمُؤرّخين، مِن طُرقِ الصّحابةِ والتابعين:

الأوّلُ: خبرُ عبدِ اللهِ بنِ مسعود: روى أحمدُ بنُ حنبل في [المُسنَد ج1 ص463]، وابنُ أبي شيبةَ في [المُصنّفِ ج8 ص492]، وابنُ سعدٍ في [الطبقاتِ الكُبرى ج3 ص13]، وابنُ عساكر في [تاريخِ دِمشق ج70 ص175] بالإسنادِ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعود: « ..فنظروا فإذا حمزةُ قد بُقرَ بطنُه، وأخذَت هندُ كبدَه، فلاكَتها فلم تستطِع أن تأكلَها.. ».

الثاني: خبرُ صالحٍ بنِ كيسان: روى ابنُ إسحاقَ في [المَغازي ج1 ص333]، والطبريّ في [التاريخ ج2 ص204]، وأبو الفرجِ الأصفهاني في [الأغاني ج15 ص130] عن صالحٍ بنِ كيسان قالَ: « وبقرَت عن كبدِ حمزة (عليهِ السلام)، فأخرجَت كبدَه فلاكَتها، فلم تستطِع أن تسيغَها فلفظَتها.. ».

الثالث: خبرُ الواقديّ: نقلَ الواقديُّ في [المغازي ج1 ص286] عن وحشي ـ قاتلِ حمزة ـ قالَ: « .. فشققتُ بطنه، فأخرجتُ كبدَه، فجئتُ بها إلى هندَ بنتِ عُتبة، فقلتُ: ماذا لي إن قتلتُ قاتلَ أبيك؟ قالَت: سَلَبي، فقلتُ: هذهِ كبدُ حمزة، فمضغَتها ثمَّ لفظَتها، فلا أدري لم تسِغها أو قذرَتها.. ».

الرابعُ: خبرُ عروةَ بنِ الزّبير: روى البيهقيُّ في [دلائلِ النبوّةِ ج3 ص282] بالإسنادِ عن عروةَ بنِ الزّبير: « ..ووجدوا حمزةَ بنِ عبدِ المُطّلب ـ عمَّ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) ـ قد بُقرَ بطنُه، واحتُملَت كبدُه، حملَها وحشيّ، وهوَ قتلَهُ وشقَّ بطنَه، فذهبَ بكبدِه إلى هند بنتِ عتبة في نذرٍ نذرَتهُ حينَ قُتلَ أباها يومَ بَدر.. ».

الخامسُ: خبرُ موسى بنِ عُقبة: قالَ ابنُ كثير في [البدايةِ والنهاية ج5 ص419]: « ذكرَ موسى بنُ عقبة أنَّ الذي بقرَ كبدَ حمزة وحشيّ، فحملَها إلى هند، فلم تستطِع أن تسيغَها ».

أقولُ: لا مجالَ لإنكارِ الحادثةِ بالقدحِ في هذهِ الأخبار، بأنَّ جُملةً مِنها ضعيفةٌ أو مُرسلة، فإنّها ـ معَ تعاضدِها ببعضِها البعض، وعدمِ جريانِ قواعدِ الحديثِ في مشهوراتِ التاريخ، ووجودِ الشواهدِ عليها كوقوعِ المثلةِ به وغيرِ ذلك ـ ليسَت هيَ العُمدة في إثباتِ الحادثة، بل شهرةُ الحادثةِ وقبولُ العُلماءِ لها وورودُ طائفةٍ كبيرةٍ منَ الرواياتِ عندَ المُسلمينَ في ذلك، كما سيأتي ذكرُ جُملةٍ مِنها في القسمِ الثاني. 

 

القسمُ الثاني: توصيفُ أولادِ وذُرّيّةِ هندٍ بـ(ابنِ آكلةِ الأكباد) على لسانِ الصّحابةِ والتابعين:

وردَت في كُتبِ المُسلمينَ أخبارٌ كثيرةٌ جدّاً تفوقُ حدَّ الإحصاء، تدلُّ على توصيفِ الصّحابةِ والتابعينَ وغيرِهم لهند بـ(آكلةِ الأكباد)، وذلكَ عندَ ذكرِهم لمعاويةَ أو يزيد أو السّفياني ونعتِهم بـ(ابنِ آكلةِ الأكباد)، أو عندَ ذكرِ مساوئِ بني أميّةَ ومخازيهم فيقولونَ: مِن بني أميّةَ هندُ آكلةُ الأكباد، ونحو ذلك. 

وهذهِ جُملةٌ منَ الرّواياتِ الواردةِ في مصادرِ المُسلمينَ ـ شيعةً وسنّةً ـ، في توصيفِ الصّحابةِ والتابعينَ لمُعاوية بـ(ابنِ آكلةِ الأكباد): 

1ـ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ عليٌّ بنُ أبي طالب (عليهِ السلام):

روى ابنُ عساكِر في [تاريخِ دمشق ج59 ص137]: « أنّهُ لمّا ظهرَ أمرُ معاويةَ بالشامِ وتابعوهُ على أمرِه... فنزلَ عن المِنبر، وهوَ يقول: إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون، ذهبَ بها ابنُ أكّالةِ الأكباد ». ونقلَهُ ابنُ أبي الحديدِ في [شرحِ نهجِ البلاغة ج3 ص95] عن ابنِ ديزيل، وابنُ كثير في [البدايةِ والنهاية ج8 ص138]، والحافظُ الذهبيّ في [سيرِ أعلامِ النُّبلاء ج3 ص141، وتاريخِ الإسلام ج3 ص541]، والقاضي المَغربيّ في [شرحِ الأخبار ج2 ص91]

ونقلَ ابنُ أبي الحديد في [شرحِ نهجِ البلاغة ج16 ص163] كتاباً لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) لعمرو بنِ العاص: « ..فإن يمكِّنُ اللهُ منكَ ومِن ابنِ آكلةِ الأكباد، ألحقتُكما بمَن قتلَهُ اللهُ مِن ظَلمةِ قُريش على عهدِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم)... ». ونقلَهُ ابنُ ميثمَ البحرانيّ في [شرحِ نهجِ البلاغة ج5 ص86].

وروى ابنُ أعثمَ الكوفي في [الفتوح ج2 ص537] أنَّ معاويةَ كتبَ كتاباً لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، فكتبَ إليه (عليهِ السلام): « .. وليسَ إبطائي عنكَ إلّا لوقتٍ أنا بهِ مُصدّقٌ وأنتَ بهِ مُكذِّب، وكأنّي بكَ وأنتَ تعجُّ في الحربِ عجيجَ الجمالِ بأثقالِها، وكأنّي بكَ وأنتَ تدعوني يا ابنَ آكلةِ الأكبادِ جَزعاً منَ النفاقِ المُتتابِع والقضاءِ الواقِع ومصارعَ بينَ مصارع إلى كتابِ الله، وأنتُم بهِ كافرون، لحدودِه جاحدون ».

وروى ابنُ أعثمَ في [الفتوحِ ج2 ص560] أنَّ معاويةَ كتبَ كتاباً لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، فأجابَهُ (عليهِ السلام) بكتابٍ طويل، وممّا جاءَ فيه: « وذكرتَ أنّهُ ليسَ لي ولأصحابي عندَك إلّا السيف، فلقَد أضحكتَني بعدَ استعبارٍ يا بنَ آكلةِ الأكباد، متى لقيتَ بني عبدِ المُطّلب؟ فسيطلبُكَ مَن يستبطِنُ ويقرّبُ ما يستبعِدُ وترَه، عليكَ سيوفٌ قد عرفتَ نصالَها في أخيكَ وخالِك وجدِّك وعمِّ أمِّك وأسلافِك، فإن تكُن الدائرةُ عليكَ تصطلمُكَ عزائمُ الدينِ وحكمُ الكِتاب، وإن تحلَّ منّا بعاجلِ ظفرٍ فلا ضيرَ إنّا إلى ربِّنا لمُنقلبون ».

وروى الموفّقُ الخوارزميّ في [المناقبِ ص252]: أنَّ أميرَ المؤمنين (عليهِ السلام) كتبَ إلى معاويةَ كتاباً، وجاءَ فيه: « فأمّا ما ذكرتَ مِن أنّكَ تطلبُهم في البرِّ والبحرِ فأقسمُ باللهِ لئِن لم تنتهِ وتنزِع عن سفهِك يا بنَ آكلةِ الأكبادِ لتجدنَّهم يطلبونَك ولا يكلّفونَك طلبَهم ».

ونقلَ الزرنديّ الحنفيّ في [نظمِ دُررِ السِّمطين ص97] أنَّ معاويةَ أرسلَ كتاباً يفتخرُ فيه على أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام): « فقالَ عليٌّ: أيفتخرُ عليَّ ابنُ آكلةِ الأكباد؟! اكتُب إليهِ يا قنبر: إنَّ لي سيوفاً بدريّةً وسهاماً هاشميّة، قد عرفتَ مواقعَ نصالِها في أقاربِك وعشايرِك يومَ بدرٍ ما هيَ منَ الظالمينَ ببعيد.. ». 

ورواهُ ابنُ عساكرَ في [تاريخِ دمشق ج42 ص521] بنحوٍ آخرَ بإسنادِه عَن أبي عُبيدة: « .. فقالَ عليٌّ: أبالفضائلِ يفخرُ عليَّ ابنُ آكلةِ الأكباد؟! ثمَّ قال: اكتُب يا غُلام: مُحمّدٌ النبيّ أخي وصِهري * وحمزةُ سيّدُ الشهداءِ عمّي.. إلى آخرِه ». ونقلهُ البلاذريّ في [أنسابِ الأشراف ج5 ص111]، والصفديّ في [الوافي بالوافيّات ج21 ص184]، وابنُ كثير في [البدايةِ والنهاية ج8 ص9]، وابنُ كرامة في [تنبيهِ الغَافلين ص83]، والباعونيّ الشافعيّ في [جواهرِ المطالِب ج2 ص131]، وياقوتُ الحَموي في [مُعجمِ الأدباء ج14 ص48]، والفتّالُ النيسابوريّ في [روضةِ الواعظينَ ص87]، والشيخُ المُفيد في [رسالةٍ في أقسامِ المولى ص38]، والشيخُ الكراجكيّ في [كنزِ الفوائد ص122]، والشيخُ الطبرسي في [الاحتجاجِ ج1 ص265]، وابنُ شهرِ آشوب في [مناقبِ آلِ أبي طالب ج2 ص19]

وروى نصرُ بنُ مزاحمَ في [وقعةِ صفّين ص315]، وابنُ عساكرَ في [تاريخِ دِمشق ج50 ص118] بالإسنادِ عن صعصعةَ بنِ صوحان: « أنَّ عليّاً كانَ مصافَّ أهلِ الشامِ يوماً بصفّينَ حتّى يبدرَ رجلٌ مِن حِمير مِن آلِ ذي يزن اسمُه كريبُ بنُ الصّباح.. فخرجَ إليهِ عليُّ بنُ أبي طالب، فناداهُ عليّ: ويحكَ يا كريب، إنّي أحذّرُكَ الله، وأدعوكَ إلى كتابِ الله وسنّةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم)، ويلَك لا يُدخِلُك ابنُ أكّالةِ الأكبادِ النار... ».

ونقلَ المسعوديّ في [مروجِ الذهب ج2 ص418]: « وقد كانَ معاويةُ دسَّ أناساً مِن أصحابِه الى الكوفةِ يُشيعونَ موتَه، وأكثرَ الناسُ القولَ في ذلكَ حتّى بلغَ عليّاً، فقالَ في مجلسِه: قد أكثرتُم مِن نعيّ معاوية، واللهِ ما ماتَ ولا يموتُ حتّى يملكَ ما تحتَ قدمِي، وإنّما أرادَ ابنُ آكلةِ الأكبادِ أن يعلمَ ذلكَ مِنّي، فبعثَ مَن يشيعُ ذلكَ فيكم ليعلمَ ويتيقّنَ ما عندي فيه.. »، ونقلَهُ الإسكافيّ في [لُطفِ التدبير ص184]، ونقلَ نحوَه الآمرتسريّ في [أرجحِ المطالِب ص678] عن الخَطيبِ الخوارزميّ وفيه: « قالَ أميرُ المؤمنينَ: كلا أو تخضّبَ هذهِ مِن هذه ـ يعني لحيتَه مِن هامتِه ـ، ويتلاعبُ بها ابنُ آكلةِ الأكباد ـ أو لائكةِ الأكباد ـ ».

ونقلَ نصرُ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص179] أنَّ الأجلحَ الكنديّ لمّا ضربَهُ الأشترُ رثَتهُ أختُه حينَ أتاها مُصابه: « وقالَ أميرُ المؤمنينَ ـ حينَ بلغَهُ مرثيتُها أخاها ـ: أما إنهنَّ ليسَ بمُلكهنَّ ما رأيتُم منَ الجَزع، أما إنّهم قد أضرّوا بنسائِهم فتركوهنَّ أيامى خزايا بائسات، مِن قبلِ ابنِ آكلةِ الأكباد، اللهمَّ حمِّلهُ آثامَهم وأوزارَهم وأثقالاً معَ أثقالِهم ».

وكتبَ المُحقّقُ عبدُ السلامِ هارون في الهامِش: «آكلةُ الأكبادِ يعني بِها هِنداً بنتَ عُتبةَ بنِ ربيعة، وهيَ أمُّ معاوية، يُروى أنّها بقرَت عَن كبدِ حمزة فلاكَتها وقالَت: شفيتُ مِن حمزةَ نفسي بأُحُدٍ * حتّى بقرتُ بطنَهُ عن الكَبد ».

وروى ابنُ أعثم في [الفتوحِ ج3 ص141]: « قالَ: فدنا القومُ بعضُهم مِن بعض، وجعلَ عليٌّ يقولُ لأصحابِه: تقدّموا على بركةِ اللهِ وعليكُم بالسّكينةِ والوقار، وسيماء الخيرِ وزينةِ الإسلام، فإنّكم إنّما تقاتلونَ ابنَ آكلةِ الأكباد والأبترَ ابنَ الأبتر والوليدَ بنَ عُقبة شاربَ الخمرِ المجلودَ في الإسلام، وقبلَ اليوم ما قاتلوني وشتموني وأنا إذ ذاكَ أدعوهُم إلى الهُدى ودينِ الحق، وهُم يدعونَني إلى عبادةِ الأصنام، إن هذا لخطبٌ جليل ».

ونقلَ الشافعيُّ الشيرازي في [توضيحِ الدلائلِ ورقة 358] أنَّ معاويةَ أرسلَ رجُلاً مُتنكّراً يسألُ أميرَ المؤمنين (عليهِ السلام) عن مسائلَ سألَهُ عَنها ملكُ الرّوم، فلمّا ذكرَ ذلكَ الرّجل: « فقالَ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام) قاتلَ اللهُ ابنَ آكلةِ الأكباد ما أضلَّه وأضلَّ مَن معَه... ». ورواهُ الشيخُ الصّدوقُ في [الخِصال ص440] بالإسنادِ عن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام)، ونقلَهُ ابنُ شُعبةَ الحرّاني في [تُحفِ العقول ص228]، والشيخُ الطبرسيّ في [الاحتجاج ج1 ص399]، 

وروى الشيخُ الصّدوقُ في [الأمالي ص365] بالإسنادِ عن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام) قالَ: « أتى رأسُ اليهودِ عليّاً بنَ أبي طالب (عليهِ السلام) عندَ مُنصرفِه عن وقعةِ النهروان وهوَ جالسٌ في مسجدِ الكوفة فقالَ: يا أميرَ المؤمنين إنّي أريدُ أن أسألَكَ عَن أشياءَ لا يعلمُها إلّا نبيٌّ أو وصيُّ نبيّ... وأمّا السّادسةُ يا أخا اليهودِ فتحكيمُهم الحَكمينِ ومُحاربةُ ابنِ آكلةِ الأكباد وهوَ طليقٌ مُعاندٌ للهِ عزَّ وجل ولرسولِه والمؤمنينَ منذُ بعثَ اللهُ محمّداً إلى أن فتحَ اللهُ عليهِ مكّةَ عنوةً فأخذتُ بيعتَهُ وبيعةَ أبيهِ لي معَه في ذلكَ اليوم وفي ثلاثةِ مواطنَ بعدَه، وأبوهُ... فأعلمتُ الرأيَ في ذلكَ، وشاورتُ مَن أثقُ بنصيحتِه للهِ عزَّ وجل ولرسولِه صلّى اللهُ عليهِ وآله ولي وللمؤمنين فإنَّ رأيَهُ في ابنِ آكلةِ الأكبادِ كرأيي... فمالَت إلى المصاحفِ قلوبٌ ومَن بقيَ مِن أصحابي بعدَ فناءِ أخيارِهم وجهدِهم في جهادِ أعداءِ الله وأعدائِهم على بصائرِهم وظنّوا أنَّ ابنَ آكلةِ الأكبادِ لهُ الوفاءُ بما دعا إليه، فأصغوا إلى دعوتِه وأقبَلوا بأجمعِهم في إجابتِه فأعلمتُهم أنَّ ذلكَ منهُ مكرٌ ومِن ابنِ العاصِ معَه ». ونقلَهُ الشيخُ المُفيد في [الاختصاصِ ص176]، والقاضي المَغربيّ في [شرحِ الأخبار ج1 ص345]، والدّيلميّ في [إرشادِ القلوب ج2 ص354].

ونقلَ ابنُ جريرٍ الطبري في [نوادرِ المُعجزات ص62]: « ومِنها: قد ذكرَ أنَّ أعثمَ الكوفي - وهوَ رجلٌ معاندٌ - قالَ: لمّا كانَ يومُ صِفّين برزَ رجلٌ مِن أهلِ الشام، فقالَ له أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام): ارجِع فلابدَّ خلّفَك ابنُ آكلةِ الأكباد نارَ جهنّم.. ».

ونقلَ ابنُ شهرِ آشوب في [مناقبِ آلِ أبي طالب ج2 ص103]: « وقالَ له (عليهِ السلام) حذيفةُ بنُ اليمان في زمنِ عُثمان: إنّي واللهِ ما فهمتُ قولكَ ولا عرفتُ تأويلَهُ حتّى بلغتُ ليلتي أتذكّرُ ما قلتَ لي بالحرّةِ وإنّي مقيل: كيفَ أنتَ ـ يا حُذيفة ـ إذا ظلمتِ العيونُ العينَ والنبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) بينَ أظهرِنا، ولم أعرِف تأويلَ كلامِك إلّا البارحة، رأيتُ عتيقاً ثمَّ عُمر تقدّما عليكَ، وأوّلُ اسمِهما عين، فقالَ: يا حذيفةُ نسيتَ عبدَ الرحمنِ حيثُ مالَ بها إلى عُثمان. وفي روايةٍ: وسيضمُّ إليهم عمرو بنُ العاص معَ معاويةَ بنِ آكلةِ الأكباد، فهؤلاءِ العيونُ المُجتمعةُ على ظُلمي ».

وروى السيّدُ ابنُ طاووس في [اليقين ص321ـ323] بالإسنادِ عَن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام) قالَ: « قالَ ابنُ عبّاس: كنتُ أتتبّعُ غضبَ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام) إذا ذكرَ شيئاً أو هاجَهُ خبر، فلمّا كانَ ذاتَ يومٍ كتبَ إليهِ بعضُ شيعتِه منَ الشامِ يذكرُ في كتابِه: أنَّ معاويةَ وعُمرَ بنَ العاص وعُتبةَ بنَ أبي سفيان والوليدَ بنَ عقبة ومروان إنّه ينقصُ أصحابَ رسولِ الله، ويذكرُ كلَّ واحدٍ مِنهم ما هوَ أهله... قالَ عليّ: .. فالآنَ يا بنَ عبّاس قُرنت بابنِ آكلةِ الأكبادِ وعُمرَ وعُتبةَ والوليدِ ومروانَ وأتباعِهم.. ».

وقالَ أحمدُ بنُ سهلٍ البلخيّ في [البدءِ والتاريخ ج2 ص177]: « فيما خبّرَ عَن عليٍّ بنِ أبي طالب (صلواتُ اللهِ عليه) في ذكرِ الفتنِ بالشام قالَ: فإذا كانَ ذلكَ خرجَ ابنُ آكلةِ الأكباد على إثرِه ليستولي على مِنبرِ دِمشق، فإذا كانَ ذلكَ فانتظروا خروجَ المهديّ »، ونقلَه السفارينيُّ في [أهوالِ يومِ القيامةِ وعلاماتِها الكُبرى ص24]، ونقلَه الشيخُ النّعمانيُّ في [الغيبةِ ص317]، والشيخُ الطوسي في [الغيبةِ ص461] كلاهُما عَن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام) عَن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام).

وروى الشيخُ الصّدوقُ في [كمالِ الدّين ص651] بالإسنادِ عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام): « يخرجُ ابنُ آكلةِ الأكبادِ منَ الوادي اليابسِ وهوَ رجلٌ ربعة، وحشُ الوجهِ، ضخمُ الهامةِ، بوجهِه أثرُ جُدري إذا رأيتَهُ حسبتَهُ أعور، اسمُه عثمانُ وأبوهُ عنبسة، وهوَ مِن ولدِ أبي سُفيان حتّى يأتي أرضاً ذاتَ قرارٍ ومعين فيستوي على مِنبرها ». ونقلَهُ قطبُ الدينِ الرّاوندي في [الخرائجِ والجرائح ج3 ص1150].

2ـ الإمامُ الحسنُ المُجتبى (عليهِ السلام):

روى الحافظُ الطبرانيُّ في [المُعجمِ الكبير ج3 ص82]، وابنُ عساكرَ في [تاريخِ دِمشق ج59 ص28]، والبلاذريُّ في [أنسابِ الأشراف ج3 ص10]: أنّهُ سبَّ معاويةُ بنُ حديج أميرَ المؤمنينَ (عليهِ السلام) عندَ معاويةَ سبّاً قبيحاً، فجاءَه الإمامُ الحسنُ (عليهِ السلام) قالَ: « أنتَ معاويةُ بنُ حديج؟ فسكتَ، فلَم يُجِبه ثلاثاً، ثمَّ قال: أنتَ السبّابُ عليّاً عندَ ابنِ آكلةِ الأكباد؟.. ». ورواهُ ابنُ أبي الحديدِ المُعتزلي في [شرحِ نهجِ البلاغة ج16 ص18]. 

ونقلَ الباعونيُّ الشافعي في [جواهرِ المطالِب ج2 ص215]: « لمّا قدمَ معاويةُ المدينةَ صعدَ المِنبرَ فخطبَ ونالَ مِن عليٍّ، فقامَ الحسنُ فحمدَ اللهَ وأثنى عليه، ثمَّ قال: إنَّ اللهَ لم يبعَث نبيّاً إلّا وجعلَ لهُ عدوّاً منَ المُجرمين، فأنا ابنُ عليٍّ وأنتَ ابنُ صخر، وأنا ابنُ فاطمةَ الزّهراء بنتِ محمّد (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم) وأنتَ ابنُ هند آكلةِ الأكباد، وجدّتُك نثيلةُ وجدّتي خديجةُـ فلعنَ اللهُ ألأمَنا حسبَاً وأخملَنا ذِكراً وأعظمَنا كُفراً وأشدّنا نِفاقاً. فصاحَ أهلُ المسجد: آمينَ آمينَ آمين. فقطعَ معاويةُ الخُطبةَ ونزلَ عن المِنبر ودخلَ منزلَه ». 

وروى الشيخُ الطبرسيّ في [الاحتجاجِ ج1 ص420] ـ بعدَ أن ساقَ الروايةَ الآنفة ـ: « ورويَ أنّه لمّا قدمَ معاويةُ الكوفةَ قيلَ له: إنَّ الحسنَ بنَ عليٍّ مرتفعٌ في أنفسِ الناسِ فلو أمرتَهُ أن يقومَ دونَ مقامِك على المِنبر فتُدركهُ الحداثةُ والعيّ فيسقط مِن أنفسِ الناسِ وأعينهم، فأبى عليهم وأبوا عليهِ إلّا أن يأمرَهُ بذلكَ فأمرَه... فقامَ معاويةُ فخطبَ خُطبةً عييّةً فاحشة، فسبَّ فيها أميرَ المؤمنين (عليهِ الصّلاةُ والسلام)، فقامَ إليهِ الحسنُ بنُ عليّ (عليهما السلام) فقالَ له ـ وهوَ على المِنبر ـ: ويلَك يا بنَ آكلةِ الأكباد أو أنتَ تسبُّ أميرَ المؤمنين (عليهِ السلام) وقد قالَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم): مَن سبَّ عليّاً فقد سبَّني، ومَن سبَّني فقد سبَّ الله، ومَن سبَّ اللهَ أدخلَهُ اللهُ نارَ جهنّمَ خالداً فيها مُخلّداً ولهُ عذابٌ مُقيم؟.. ».

ونقلَ ابنُ شهرِ آشوب في [مناقبِ آلِ أبي طالب ج3 ص186]: « وقالَ معاويةُ للحسنِ بنِ عليّ: أنا أخيرُ مِنكَ يا حسن، قالَ: وكيفَ ذاكَ يا ابنَ هِند؟ قالَ: لأنَّ الناسَ قد أجمَعوا عليَّ، ولم يُجمعوا عليكَ، قالَ: هَيهاتَ هيهات لشرَّ ما علوتَ يا ابنَ آكلةِ الأكباد المُجتمعونَ عليكَ رجلانِ بينَ مُطيعٍ ومُكره، فالطايعُ لكَ عاصٍ لله، والمكروهُ معذورٌ بكتابِ الله، وحاشا للهِ أن أقولَ أنا خيرٌ مِنك، فلا خيرَ فيك، ولكنَّ اللهَ برّأني منَ الرّذائلِ كما برّأكَ منَ الفضائل ».

3ـ الإمامُ الحُسينُ بنُ عليّ (عليهِ السلام): 

روى ابنُ عساكرَ في [تاريخِ دِمشق ج63 ص205] بالإسنادِ عن ابنِ عبّاس أنَّ معاويةَ كتبَ كتاباً إلى الوليد: « أن أرسِل إلى الحُسينِ بنِ عليّ معَ شُرطيٍّ حتّى يتلقينه، فبينا أنا عندَه وقد أرسلَ إليهِ فأقرأهُ كتابَ معاوية، فقالَ: " أنتَ تُرسِلُ بي إليهِ يا ابنَ أكّالةِ الأكباد؟! ». وذكرَهُ ابنُ منظور في [مُختصرِ تاريخِ دمشق ج26 ص332].

4ـ الصحابيُّ عبدُ اللهِ بنُ عبّاس: 

روى البلاذريُّ في [أنسابِ الأشراف ج5 ص106] بالإسنادِ عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام) أنَّ معاويةَ أرسلَ كتاباً إلى عبدِ اللهِ بنِ عبّاس، فكتبَ إليهِ ابنُ عبّاس: « ... فما أنتَ والخلافةَ يا مُعاوية، وأنتَ طليقُ الإسلام، وابنُ رأسِ الأحزاب، وابنُ آكّالةِ الأكباد؟!.. ». ونقلَهُ ابنُ قُتيبةَ في [الإمامةِ والسياسة ج1 ص100]، والموفّقُ الخوارزميّ في [المناقبِ ص258]، ونقلَ نحوَه ابنُ أعثمَ الكوفي في [الفتوحِ ج3 ص153].

وروى نصرُ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص318]، وأبو جعفرٍ الإسكافيّ في [المعيارِ والمُوازنة ص145] أنّهُ خطبَ في أهلِ العراقِ لمّا التقوا بصفّينَ معَ أهلِ الشام، وكانَ ممّا قالَهُ: « ثمَّ إنّه قد ساقنا قضاءُ اللهِ وقدرُه إلى ما ترونَ حتّى كانَ فيما اضطربَ مِن حبلِ هذهِ الأمّةِ أنَّ ابنَ آكلةِ الأكبادِ وجدَ مِن طُغامِ الناسِ أعواناً على عليٍّ بنِ أبي طالب.. ».

ونقلَ ابنُ حمدون في [التذكرةِ الحمدونيّة ج4 ص302] روايةَ دخولِ جابرِ بنِ عبدِ الله الأنصاريّ على معاويةَ وأنَّ معاويةَ ناشدَهُ أن يأخذَ صِلتَه ـ وقد نقلناها عندَ ذكرِ كلامِ جابر ـ فقالَ جابر: « واللَّهِ لا يجمعُني وإيّاهُ بلدٌ أبداً . فلمّا خرجَ لقيَ عبدَ اللَّهِ بنَ عبّاس وعبدَ الرّحمنِ بنَ سابط، فقالَ لهُ ابنُ عبّاس: قد بلغَني ما كانَ مِن ابنِ آكلةِ الأكباد، وكهفِ النفاق، ورأسِ الأحزاب، هلمَّ إليَّ أشاطِرُكَ مالي كما قاسمتَني مالَك، ولكَ نصفُ داري كما أسكنتَني دارَك ».

5ـ الصحابيُّ جابرُ بنُ عبدِ الله الأنصاري:

روى البلاذريّ في [مروجِ الذّهب ج3 ص115] أنَّ جابراً « قدمَ إلى معاويةَ بدمشق، فلم يأذَن له أيّاماً، فلمّا أذنَ له قالَ: يا معاوية، أما سمعتَ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم يقول: «مَن حجبَ ذا فاقةٍ وحاجةٍ حجبَهُ اللهُ يومَ القيامة، يومَ فاقتِه وحاجتِه» فغضبَ معاويةُ، وقالَ له لقد سمعتُه يقول: « إنّكُم ستلقونَ بعدي أثرةً، فاصبروا حتّى ترِدوا على الحوض» أفلا صبرت؟ قال: ذكّرتني ما نسيت، وخرج فاستوى على راحلته ومضى، فوجّهَ إليهِ معاويةُ بستّمائةِ دينار، فردّها وكتبَ إليه.. وقالَ لرسولِه: قُل له: واللهِ يا ابنَ آكلةِ الأكبادِ لا وجدتَ في صحيفتِك حسنةً أنا سببُها أبداً ».

وروى محمّدُ بنُ الحسنِ القُمّيّ في [العقدِ النّضيد ص44ـ45] عن الإمامِ الصّادقِ عن الباقرِ عن السجّادِ (عليهم السلام) قالَ: « حدّثني جابرُ بنُ عبدِ الله الأنصاريّ في بعضِ الأيّامِ بعدَ مُضيّ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، قالَ: أُحدّثُكَ يا سيّدي بحديثٍ رأيتُ مِن أميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب وسمعتُه... فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، لكَ مثلُ هذا المحلِّ وابنُ هند آكلةِ الأكبادِ يضربُ وجهكَ بالسّيف؟! .. ».

6ـ الصّحابيُّ قيسُ بنُ سعدِ بنِ عُبادةَ الخَزرجي: 

روى ابنُ أعثمَ الكُوفي في [الفتوحِ ج3 ص110] أنَّ معاويةَ دعا النّعمانَ بنَ بشيرٍ ومُسلمةَ بنِ مخلد وعاتبَهُما على خروجِ الأنصارِ معَ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام): « قالَ: وبلغَ ذلكَ قيسَ بنَ سعدِ بنِ عُبادة، فقالَ: يا معشرَ الأنصار، إنَّ ابنَ آكلةِ الأكبادِ قالَ كذا وكذا، وقد أجابَ عَنكم صاحبُكم النّعمانُ بنُ بشير، ولعمري لئِن وترتموهُ في الإسلامِ فقد وترتموهُ في الجاهليّة، وأنتُم اليومَ معَ ذلكَ اللواءِ الذي كانَ جبريلُ عليهِ السلام عَن يمينِه وميكائيلُ عَن يسارِه، اليومَ تقاتلونَ معَ لواءِ أبي جهلٍ بنِ هشام ولواءِ الأحزاب ».

وروى ابنُ أعثمَ في [الفتوح ج3 ص127] أنَّ معاويةَ اغتمَّ لمّا قتلَ قنبرُ غلامَ معاوية، فسلّاهُ بسرُ بنُ أرطأة وعمرو بنُ العاص، « فبلغَ ذلكَ أصحابَ عليٍّ، قالَ: فقامَ قيسُ بنُ سعدِ بنِ عُبادة إلى عليٍّ فقالَ: أميرُ المؤمنين، لا يهولنّكَ أمرُ ابنِ آكلةِ الأكباد، ومَن معَهُ مِن أصحابِه، فواللهِ إنّا لو قُتِلنا عَن آخرِنا حتّى لا يبقى منّا أحدٌ لعلِمنا أنّنا على بصيرةٍ مِن دينِنا ويقينٍ مِن أمرِنا، فلا ترتفِع بقولِ بسرِ بنِ أبي أرطاة فقبّحَ اللهُ بسراً وأصلاهُ نارَ جهنّم ».

7ـ الصحابيُّ أبو أيّوبَ الأنصاري: 

روى نصرُ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص366] أنَّ معاويةَ كتبَ إلى أبي أيّوبَ كتاباً، وقد كانَ كتابُه إلى أبي أيّوبَ سطراً واحداً: « لا تنسى شيباءُ أبا عذرتِها، ولا قاتلَ بكرِها . فلم يدرِ أبو أيّوبُ ما هو؟ فأتى بهِ عليّاً وقالَ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ معاويةَ ابنَ أكّالةِ الأكباد، وكهفَ المُنافقين، كتبَ إليَّ بكتابٍ لا أدري ما هو؟ فقالَ لهُ عليٌّ: وأينَ الكِتاب؟ فدفعَهُ إليهِ فقرأه، وقالَ: نعَم، هذا مثلٌ ضربَه لك.. ».

8ـ الصحابيُّ علقمةُ بنُ قيسَ النّخعي: 

روى الحافظُ النسائيُّ في [السُّننِ الكُبرى ج5 ص167، وخصائصِ أميرِ المؤمنينَ ص149] بالإسنادِ عَن علقمةَ بنِ قيس قالَ: « قلتُ لعليٍّ: تجعلُ بينَكَ وبينَ بنِ أكلةِ الأكبادِ حَكماً... ». ونقلَهُ عليّ الحنفيّ في [فلكِ النّجاة ص52].

9ـ الصحابيُّ المُغيرةُ بنُ نوفلَ بنِ الحارث: 

روى ابنُ سعدٍ في [الطبقاتِ الكُبرى ج8 ص40، وص233] بالإسنادِ عن بنِ أبي ذئب: « أنَّ أمامةَ بنتَ أبي العاص قالَت للمُغيرةِ بنِ نوفل بنِ الحارِث: إنَّ معاويةَ قد خطبَني، فقالَ لها: تزوّجينَ بنَ آكلةِ الأكباد؟ فلو جعلتِ ذلكَ إليَّ، قالَت: نعَم، قالَ: قد تزوّجتُكِ ». ونقلَه عنهُ ابنُ حجرٍ في [الإصابة ج8 ص26].

10ـ الصحابيّةُ عائشةُ بنتُ أبي بكر: 

روى البلاذريُّ في [أنسابِ الأشراف ج5 ص263]، وابنُ عبدِ البرِّ في [الاستيعاب ج1 ص332] عن مسروق قالَ: « قالَت عائشةُ ـ حينَ قُتلَ حِجر ـ: لو علمَ معاويةُ أنَّ عندَ أهلِ الكوفةِ منعةً وغيرةً ما اجترأ على قتلِ حِجرٍ وأصحابِه، ولكنَّ ابنَ آكلةِ الأكبادِ علمَ أنَّ الناسَ قد ذهبوا ».

11ـ التابعيُّ سفيانُ بنُ أبي ليلى الهمداني: 

روى أبو الفرجِ الأصفهانيّ في [مقاتلِ الطالبيّين ص44] عنهُ أنّهُ قالَ للإمامِ الحسنِ (عليهِ السلام) ـ بعدَ وقوعِ الصِّلح ـ: « ..وسلّمتَ الأمرَ إلى اللّعينِ ابنِ اللّعين، ابنِ آكلةِ الأكباد.. ». ونقلَهُ عنهُ ابنُ أبي الحديد في [شرحِ نهجِ البلاغة ج16 ص44].

12ـ التابعيُّ عبدُ اللهِ بنُ هاشم المرقال بنِ عتبةَ بنِ أبي وقّاص: 

روى نصرُ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص357] أنَّ عبدَ الله أخذَ الرايةَ بعدَ استشهادِ أبيه وخطبَ خطبةً وقالَ فيها: « ..القتالُ معَ عليٍّ أفضلُ منَ القتالِ معَ معاويةَ ابنِ أكّالةِ الأكباد .. ».

13ـ التابعيُّ الكبيرُ مالكُ بنُ الحارثِ النّخعي:

وروى محمّدُ بنُ الحسنِ القُمّيّ في [العقدِ النّضيد ص44ـ45] عن الإمامِ الصّادقِ عن الباقرِ عن السجّادِ (عليهم السلام) قالَ: « حدّثني جابرُ بنُ عبدِ الله الأنصاريّ في بعضِ الأيّامِ بعدَ مُضيّ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، قالَ: أُحدّثُكَ يا سيّدي بحديثٍ رأيتُ مِن أميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب وسمعتُه... فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، لكَ مثلُ هذا المحلِّ وابنُ هندَ آكلةِ الأكبادِ يضربُ وجهكَ بالسّيف؟! .. ».

6ـ الصّحابيُّ قيسُ بنُ سعدِ بنِ عُبادةَ الخَزرجي: 

روى ابنُ أعثمَ الكُوفي في [الفتوحِ ج3 ص110] أنَّ معاويةَ دعا النّعمانَ بنَ بشيرٍ ومُسلمةَ بنِ مخلد وعاتبَهُما على خروجِ الأنصارِ معَ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام): « قالَ: وبلغَ ذلكَ قيساً بنَ سعدٍ بنِ عُبادة، فقالَ: يا معشرَ الأنصار، إنَّ ابنَ آكلةِ الأكبادِ قالَ كذا وكذا، وقد أجابَ عَنكم صاحبُكم النّعمانُ بنُ بشير، ولعمري لئِن وترتموهُ في الإسلامِ فقد وترتموهُ في الجاهليّة، وأنتُم اليومَ معَ ذلكَ اللواءِ الذي كانَ جبريلُ عليهِ السلام عَن يمينِه وميكائيلُ عَن يسارِه، اليومَ تقاتلونَ معَ لواءِ أبي جهلٍ بنِ هشام ولواءِ الأحزاب ».

وروى ابنُ أعثمَ في [الفتوح ج3 ص127] أنَّ معاويةَ اغتمَّ لمّا قتلَ قنبرُ غلامَ معاوية، فسلّاهُ بسرُ بنُ أرطأة وعمرو بنُ العاص، « فبلغَ ذلكَ أصحابَ عليٍّ، قالَ: فقامَ قيسُ بنُ سعدِ بنِ عُبادة إلى عليٍّ فقالَ: أميرُ المؤمنين، لا يهولنّكَ أمرُ ابنِ آكلةِ الأكباد، ومَن معَه مِن أصحابِه، فواللهِ إنّا لو قُتِلنا عَن آخرِنا حتّى لا يبقى منّا أحدٌ لعلِمنا أنّنا على بصيرةٍ مِن دينِنا ويقينٍ مِن أمرِنا، فلا ترتفِع بقولِ بسرِ بنِ أبي أرطاة فقبّحَ اللهُ بسراً وأصلاهُ نارَ جهنّم ».

7ـ الصحابيُّ أبو أيّوبَ الأنصاري: 

روى نصرُ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص366] أنَّ معاويةَ كتبَ إلى أبي أيّوبَ كتاباً، وقد كانَ كتابُه إلى أبي أيّوبَ سطراً واحداً: « لا تنسى شيباءُ أبا عذرتِها، ولا قاتلَ بكرِها . فلم يدرِ أبو أيّوبُ ما هو؟ فأتى بهِ عليّاً وقالَ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ معاويةَ ابنَ أكّالةِ الأكباد، وكهفَ المُنافقين، كتبَ إليَّ بكتابٍ لا أدري ما هو؟ فقالَ لهُ عليٌّ: وأينَ الكِتاب؟ فدفعَه إليهِ فقرأهُ، وقالَ: نعَم، هذا مثلٌ ضربَه لك.. ».

8ـ الصحابيُّ علقمةُ بنُ قيسَ النّخعي: 

روى الحافظُ النسائيُّ في [السُّننِ الكُبرى ج5 ص167، وخصائصِ أميرِ المؤمنينَ ص149] بالإسنادِ عَن علقمةَ بنِ قيس قالَ: « قلتُ لعليٍّ: تجعلُ بينَكَ وبينَ بنِ أكلةِ الأكبادِ حَكماً... ». ونقلَهُ عليّ الحنفيّ في [فلكِ النّجاة ص52].

9ـ الصحابيُّ المُغيرةُ بنُ نوفلَ بنِ الحارث: 

روى ابنُ سعدٍ في [الطبقاتِ الكُبرى ج8 ص40، وص233] بالإسنادِ عن بنِ أبي ذئب: « أنَّ أمامةَ بنتَ أبي العاص قالَت للمُغيرةِ بنِ نوفل بنِ الحارِث: إنَّ معاويةَ قد خطبَني، فقالَ لها: تزوّجينَ بنَ آكلةِ الأكباد؟ فلو جعلتِ ذلكَ إليَّ، قالَت: نعَم، قالَ: قد تزوّجتُكِ ». ونقلَه عنهُ ابنُ حجرٍ في [الإصابة ج8 ص26].

10ـ الصحابيّةُ عائشةُ بنتُ أبي بكر: 

روى البلاذريُّ في [أنسابِ الأشراف ج5 ص263]، وابنُ عبدِ البرِّ في [الاستيعاب ج1 ص332] عن مسروق قالَ: « قالَت عائشةُ ـ حينَ قُتلَ حِجر ـ: لو علمَ معاويةُ أنَّ عندَ أهلِ الكوفةِ منعةً وغيرةً ما اجترأ على قتلِ حِجرٍ وأصحابِه، ولكنَّ ابنَ آكلةِ الأكبادِ علمَ أنَّ الناسَ قد ذهبوا ».

11ـ التابعيُّ سفيانُ بنُ أبي ليلى الهمداني: 

روى أبو الفرجِ الأصفهانيّ في [مقاتلِ الطالبيّين ص44] عنهُ أنّهُ قالَ للإمامِ الحسنِ (عليهِ السلام) ـ بعدَ وقوعِ الصِّلح ـ: « ..وسلّمتَ الأمرَ إلى اللّعينِ ابنِ اللّعين، ابنِ آكلةِ الأكباد.. ». ونقلَهُ عنهُ ابنُ أبي الحديد في [شرحِ نهجِ البلاغة ج16 ص44].

12ـ التابعيُّ عبدُ اللهِ بنُ هاشم المرقال بنِ عتبةَ بنِ أبي وقّاص: 

روى نصرُ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص357] أنَّ عبدَ الله أخذَ الرايةَ بعدَ استشهادِ أبيهِ وخطبَ خطبةً وقالَ فيها: « ..القتالُ معَ عليٍّ أفضلُ منَ القتالِ معَ معاويةَ ابنِ أكّالةِ الأكباد .. ».

13ـ التابعيُّ الكبيرُ مالكُ بنُ الحارثِ النّخعي:

روى سليمُ بنُ قيس الهلالي في [كتابِه ص334ـ335] عن أبي ذرٍّ الغِفاري قالَ: « ... فخرجَ مالكٌ الأشترُ على فرسٍ له أدهم مُجنب وسلاحُه مُعلّقٌ على فرسِه وبيدِه الرُّمحُ وهوَ يقرعُ بهِ رؤوسَنا ويقول: أقيموا صفوفَكم. فلمّا كتبَ الكتائبَ وأقامَ الصّفوفَ أقبلَ على فرسِه حتّى قامَ بينَ الصفّين فولّى أهلَ الشامِ ظهرَهُ وأقبلَ علينا بوجهِه، فحمدَ اللهَ وأثنى عليه وصلّى على النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، ثمَّ قال: أمّا بعد، فإنّهُ كانَ مِن قضاءِ اللهِ وقدرِه اجتماعُنا في هذهِ البُقعةِ منَ الأرضِ لآجالٍ قد اقتربَت وأمورٍ تصرّمَت، يسوسُنا فيها سيّدُ المُسلمينَ وأميرُ المؤمنينَ وخيرُ الوصيّينَ وابنُ عمِّ نبيِّنا وأخوهُ ووارثهُ، وسيوفُنا سيوفُ الله، ورئيسُهم ابنُ آكلةِ الأكبادِ وكهفُ النفاقِ وبقيّةُ الأحزابِ يسوقُهم إلى الشقاءِ والنار..». ورواهُ الموفّقُ الخوارزميّ في [المَناقب ص220].

14ـ الصّحابيُّ أو التابعيُّ الكبيرُ صعصعةُ بنُ صوحانَ العَبدي:

روى المُوفّقُ الخوارزميّ في [المناقِب ص226]: « ودعا معاويةُ الأحمرَ في هذا اليومِ مولى أبي سُفيان وكانَ شُجاعاً بطلاً، وحثَّهُ على قتلِ الأشترِ أو عبدِ اللهِ بنِ بديل، فقالَ الأحمر: إنَّ عليّاً لا يقتلهُ غيري، فقالَ معاوية: مهلاً يا أحمَر، لا تُبارِز عليّاً، وبرزَ الأحمرُ ونادى: أينَ ابنُ أبي طالب؟ فصاحَ عليهِ صعصعةُ بنُ صوحان وقالَ: لعنَ اللهُ ابنَ آكلةِ الأكباد، حيثُ أمرَكَ بمُناجزةِ خيرِ العِباد ».

15ـ التابعيّ زيادُ بنُ عبيد (زيادٌ بنُ أبيه): 

نقلَ ابنُ أبي الحديدِ المُعتزلي في [شرحِ نهجِ البلاغة ج16 ص181] أنَّ معاويةَ أرسلَ كتاباً إلى زياد بنِ أبيه يتوعّدُه لمّا كانَ والياً على فارِس: « فلمّا وردَ الكتابُ على زياد قامَ فخطبَ النّاسَ، وقال: العجبُ مِن ابنِ آكلةِ الأكباد، ورأسِ النّفاق، يهدّدُني وبيني وبينَه ابنُ عمِّ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وزوجُ سيّدةِ نساءِ العالمين وأبو السِّبطين... »، ونحوه في [ص183]، ونقلَه أيضاً كثيرٌ منَ المُؤرّخين، كابنِ قُتيبةَ الدينوريّ في [الأخبارِ الطِّوال ص219]، وابنِ عساكر في [تاريخِ دِمشق ج19 ص175]، وابنِ الأثيرِ في [أسدِ الغابة ج2 ص216، والكاملِ في التاريخ ج3 ص415، وص443]، والبلاذريّ في [أنسابِ الأشراف ج5 ص189]، واليعقوبيّ في [التاريخ ج2 ص218]، والطبريُّ في [التاريخِ ج4 ص129]، ونصرٌ بنُ مزاحم في [وقعةِ صفّين ص366]ٍ، وابنُ أعثم في [الفتوحِ ج4 ص298]، والنويريّ في [نهايةِ الإربِ في فنونِ الأدب ج20 ص304]، 

ونقلَ إبراهيمُ الثقفي في [الغاراتِ ج2 ص648]: « وكانَ كتابُ زيادِ بنِ عُبيد إلى معاويةَ بنِ أبي سُفيان: أما بعد فقد بلغَني كتابُكَ يا بنَ بقيّةِ الأحزاب، وابنِ عمودِ النّفاق، ويا بنِ آكلةِ الأكباد، أتُهدّدُني وبيني وبينَك ابنُ عمِّ رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله في سبعينَ ألفاً، قواطعٌ سيوفُهم، وأيمُ اللهِ لئِن رميتَ ذلكَ منّي لتجدَني أحمرَ ضرّاباً بالسّيف ».

وروى الطبريُّ في [التاريخ ج4 ص129] بالإسنادِ عن سلمةَ بنِ عُثمان، قالَ: « كتبَ بسرٌ إلى زياد: لئِن لم تقدُم لأصلبنَّ بنيكَ، فكتبَ إليه" إن تفعَل فأهلُ ذاكَ أنت، إنّما بعثَ بكَ ابنُ آكلةِ الأكباد... ».

ونقلَ إبراهيمُ الثقفي في [الغارات ج2 ص392]: « .. وغلبَ ابنُ الحَضرمي على ما يليهِ منَ البَصرةِ وجباها، واجتمعَت الأزدُ على زياد، فصعدَ المِنبرَ فحمدَ الله، وأثنى عليهِ ثمَّ قال: ...وليسَ ابنُ آكلةِ الأكبادِ في بقيّةِ الأحزابِ وأولياءِ الشيطان بأدنى إلى الغلبةِ مِن أميرِ المؤمنينَ عليّ في المُهاجرينَ والأنصار ».

16ـ التابعيّ كعبُ الأحبار:

روى المِروزيّ في [الفِتن ص178] عن كعب: « يهزمُ السّفيانيُّ الجماعةَ مرّتين.. وهوَ ابنُ آكلةِ الأكباد »، وكتبَ المُحقّقُ الدّكتورُ سُهيل زكّار في الحاشية: « هندُ أمُّ معاويةَ بنِ أبي سُفيان حيثُ لاكَت كبدَ حمزةَ بنِ عبدِ المُطّلِب إثرَ استشهادِه يومَ أُحُد ».

وروى المِروزيُّ في [الفِتنِ ص178] عن كعب قالَ: « إذا وقعَ الاختلافُ الآخرُ في بني العبّاس وذلكَ بعدَ خروجِ السّفيانيّ ابنِ آكلةِ الأكبادِ وفي اختلافِهم الآخرِ الفَناء.. ».

وروى المِروزي في [الفِتن ص178] عن كعب قالَ: « .. ويجلسُ ابنُ آكلةِ الأكبادِ على مِنبرِ دِمشق.. ». ونقلَه ابنُ طاوس في [التشريفِ بالمِننِ ص124].

17ـ الشيخُ مُعاذُ بنُ جبل: 

نقلَ ابنُ شاذان في [الفضائِل ص77ـ78]: « قالَ جابرُ بنُ عبدِ الله الأنصاريّ (رضيَ اللهُ عنه): كنتُ أنا ومعاويةَ بنِ أبي سُفيان بالشام، فبينَما نحنُ ذاتَ يومٍ إذ نظَرنا إلى شيخٍ وهوَ مُقبِلٌ مِن صدرِ البرّيّةِ مِن ناحيةِ العِراق فقالَ معاويةُ عرّجوا بنا إلى هذا الشيخِ لنسألَهُ مِن أينَ أقبلَ والى أينَ يُريد... فقالَ أنا معاويةُ أنا الشجرةُ الزّكيّةُ والفروعُ العليّة أنا سيّدُ بني أميّة فقالَ لهُ الشيخ بل أنتَ اللّعينُ ابنُ اللّعين على لسانِ نبيّهِ في كتابِه المُبين إنَّ اللهَ قالَ في قولِه تعالى والشجرة الملعونة في القرآنِ والشجرةُ الخبيثةُ والعروقُ المُخبّثةُ الخسيسةُ الذي ظلمَ نفسَه وربَّه وقالَ فيهِ نبيُّهُ الخلافةُ مُحرّمةٌ على آلِ أبي سُفيان الزّنيمِ ابنِ آكلةِ الأكبادِ الفاشي ظلمُه في العبادِ فعندَها اغتاظَ معاويةُ وحنقَ عليه فردَّ يدَهُ إلى قائمِ سيفِه وهمَّ بقتلِ الشيخ ».

ونقلَ مُحمّدُ بنُ الحسنِ القُمّيّ في [العقدِ النّضيد ص134] عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص، قالَ: « خرجَ معاويةُ ذاتَ يومٍ إلى خارجِ دمشقَ راكباً على بغلةٍ شهباء للتفرّج، وعن يمينِه أبو الأعورِ السّلمي، وعن شمالِه عمرو بنُ العاص، وبينَ يديهِ ولداه: خالدٌ ويزيد، فلمّا أصحرَ إذا شيخٌ قد أقبلَ مِن صدرِ البَرّيّةِ... فقالَ معاوية: هل تعرفُني يا شيخ؟ فقالَ الشيخُ: لا أٌفكّرك، قالَ: أنا الشمعةُ المُضيئة، أنا اليَنبُوعةُ الزكيّة، وأنا سيّدُ بني أُميّة، قالَ الشيخُ: لعلّكَ ابنُ الدّعيّ، وعدوُّ النبيّ، وابنُ آكلةِ كبدِ حمزةَ الزّكيّ، الطّليقِ ابنِ الطّليق؟ فقالَ لهُ مُعاوية: يا شيخ، قُل خيراً فإنّكَ مقتول... ».

18ـ التابعيُّ إبراهيمُ بنُ الحسنِ الأزدي: 

روى الخصيبيُّ في [الهدايةِ الكُبرى ص125] بالإسنادِ عن ميثمَ التمّارِ قالَ: « خطبَ بِنا أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام) في جامعِ الكوفة... فقامَ إبراهيمُ بنُ الحسنِ الأزدي بينَ يدي المِنبرِ فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، هذهِ القُدرةُ التي رأيتَ بها وأنتَ على مِنبرِك، وفي دارِك خيلُ معاويةَ ابنِ آكلةِ الأكبادِ وما فعلَ بشيعتِك ما فعل... ». ونقلَهُ الديلميُّ في [إرشادِ القلوب ج2 ص273].

إلى غيرِ ذلكَ منَ الرّواياتِ والأخبارِ الكثيرةِ جدّاً في كُتبِ المُسلمين. 

 

ويتبيّنُ مِمّا تقدّم: أنَّ محاولةَ بعضِ المُعاصرينَ المُغالينَ في بني أميّة، منَ التشكيكِ في هذهِ الحادثةِ وإنكارِ ثبوتِها، هيَ محاولةٌ فاشلةٌ بامتياز؛ إذ إنّها بعيدةٌ كلَّ البُعدِ عن المنهجِ العِلميّ في كيفيّةِ التعاطي معَ مثلِ هذهِ الأحداثِ المشهورةِ المعروفةِ الذائعةِ بينَ المُسلمين عُلمائِهم وعوامِّهم، بمُختلفِ فِرقِهم ونِحلِهم، فلو كانَت مثلُ هذهِ الحادثةِ المشهورةِ يمكنُ التشكيكُ فيها فيمكنُ ـ وفقَ هذا المنهجِ الباطِل ـ التشكيكُ في كلِّ مُفردةٍ مِن مُفرداتِ التاريخ، ثمَّ لو كانَ للتّشكيكِ فيها مجالٌ لسبقَ هؤلاءِ المُغالينَ الجُددَ أسلافُهم المُغرمونَ في بني أميّةِ المعروفونَ بالتشكيكِ وإنكارِ الحقائق. 

أختمُ الكلامَ بقطعةٍ مِن قصيدةِ المُحقّقِ الشيخِ الأصفهانيّ في أسدِ اللهِ حمزة (عليهِ السلام)؛ إذ جاءَ في [الأنوارِ القُدسيّة ص176]: 

هوى على وجهِ الثرى قتيلاً * فمثّلَت هندُ بهِ تمثيلاً

حتّى غدَت تلوكُ مِنهُ الكبدا * بل كبدَ الدينِ ومُهجةَ الهُدى

فسمّيَت آكلةُ الأكبادِ * واللهُ للظّالمِ بالمِرصادِ 

وسيعلمُ الذينَ ظلموا أيَّ مُنقلبٍ ينقلبون والعاقبةُ للمُتّقين