لماذا صارَ العدلُ أصلاً مِن أصولِ الدين دونَ غيره؟

▪ «سؤالٌ»: مِن أسماءِ اللهِ تعالى العدلُ لماذا صارَ العدلُ أصلاً مِن أصولِ الدين دونَ غيره؟

الجوابُ:

بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

جميعُ المذاهبِ الإسلاميّة تدينُ بالأصولِ الثلاثة، (التوحيد-النبوّة-المعاد) غيرَ أنَّ العدليّةَ وهما (الإماميّةُ والمُعتزلة) يدينانِ بالعدل لأهمّيّتِه، وذلكَ لأنّ مذهبَ الأشاعرةِ قد اختلفوا معَ العدليّة، في ثبوتِ هذهِ الصّفةِ لله تعالى فإنّهم ذهبوا إلى أنّ الظلمَ ليسَ قبيحاً على اللهِ تعالى بل كلُّ ما يفعلهُ الله سواءٌ كانَ ظُلماً أو عدلاً فهوَ حسن، أي ينفونَ الحُسنَ والقبيحَ العقليّين.

ولكنَّ العدليّةَ قالوا باستحالةِ ذلك، وأنَّ العقلَ يُدرِكُ بنفسِه حُسنَ العدلِ وقُبحَ الظلم وأنّ القبيحَ يُمتنعُ صدورُه منَ اللهِ تعالى، ولأجلِ ذلك خصّصوا العدلَ مِن بينِ صفاتِ اللهِ تعالى بجعلِه مِن أصولِ الدين.

والعدلُ يترتّبُ عليهِ الكثيرُ منَ الصّفاتِ الإلهيّةِ الأخرى، مثلَ إثباتِ النبوّةِ والإمامةِ والمعاد، لأنَّ هناكَ صلةٌ بينَه وبينَ النبوّة، فإنَّ العدلَ الإلهيَّ يقتضي إرسالَ الأنبياءِ لهدايةِ البشر، وخلافُ ذلكَ يحصلُ الظلم، بمعنى أنَّ اللهَ لا يمكنُ أن يُعذّبَ أحداً لكُفرِه، ما لم يبعَث له نبيّاً مُنذراً ((وما كنًا مُعذّبينَ حتّى نبعثَ رسولاً)) [الإسراء – 15]، كما أنَّ هنالكَ صلةٌ بينَه وبينَ الإمامة، فوجودُ العدلِ الإلهي يقتضي أن يكونَ هناكَ خلفاءُ مِن بعدِ النبيّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم- لضمانِ إقامةِ العدل، وتطبيقِ أحكامِ الشريعة كما أنَّ هنالكَ صلةٌ بينَه وبينَ المعاد، وذلكَ أنَّ العدلَ يستلزمُ الاطمئنانَ بالوعدِ الإلهيّ للتفريقِ بينَ المُطيعينَ والعاصين، ولولا وجودُ العدلِ في المعاد لضاعَت حقوقُ الناس، وهذا أمرٌ معيبٌ لا يمكنُ أن يتّصفَ به اللهُ سبحانَه وتعالى. ومِن خلالِ هذا الترابطِ الموجودِ بينَ العدلِ والصفاتِ الأخرى، تتبيّنُ لنا أهميّةُ العدلِ وانّه يجبُ أن يكونَ أحدَ أصولِ الدين.

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً..