ما المقصودُ بالسبيلِ في هاتين الآيتينِ الكريمتين في سورةِ الشورى

ما المقصودُ بالسبيلِ في هاتين الآيتينِ الكريمتين في سورةِ الشورى: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيهِم مِن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظلِمُونَ النَّاسَ وَيَبغُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ أُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِن عَزمِ الأُمُورِ) الآيةُ 41 والآيةُ 42 مِن سورةِ الشورى؟

الجوابُ:

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرحيم

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين

وصلّى اللهُ على مُحمّدٍ وآلِه الطيّبينَ الطاهرين.

في قولِه تعالى: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيهِم مِن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظلِمُونَ النَّاسَ وَيَبغُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ أُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِن عَزمِ الأُمُورِ)

ثلاثةُ أمور:

الأوّلُ: حقُّ المظلومِ في الانتصارِ لنفسِه شرعاً.

الثاني: ليسَ لأحدٍ منعُ المظلومِ منَ الانتصارِ لحقِّه.

الثالثُ: فضيلةُ العفو.

مِن نواميسِ الفطرةِ الإنسانيَّة حبُّ العدل, ومنَ العدلِ أن ينتصرَ المظلومُ لنفسِه منَ الظالِم, وليسَ عليهِ مِن سبيل, أيُّ عقوبةٍ تمنعُه مِن نيلِ حقِّه, إنَّما السبيلُ – وهُنا جاءَ مُعرَّفاً بالألفِ واللَّام (السَّبيل) بعدَ أن جاءَ في سياقِ النكرة (سبيل) – فيكونُ معناهُ المعنى السَّابقُ نفسُه الذي ذُكِرَ أوّلاً, كما في قولِه تعالى : (كَمَا أَرسَلنَا إِلَىٰ فِرعَونَ رَسُولًا * فَعَصَىٰ فِرعَونُ الرَّسُولَ) فيكونُ الرَّسولُ الذي ذُكرَ ثانيَّاً نفسُه المذكورُ أوّلاً, والمعنى إنَّما السبيلُ (العقوبةُ) على الذينَ يمنعونَ حقَّ المظلومِ في الشَّرعِ الإلهيّ منَ الانتصارِ على الظالم, فالعقوبةُ على المانعينَ, ويؤيّدُ كونَ السّبيلِ هُنا بمعنى العقوبةِ آخرُ قولِه تعالى (أُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)

وهُنا نبّهَتِ الآيةُ على أمرٍ, وهوَ أنَّ انتصارَ المظلومِ حقٌّ له ويجوزُ إسقاطُه, وهذا ليسَ إلغاءً لحقِّ انتصارِه, بل لتسجيلِ فضيلةٍ أخلاقيَّةٍ في سجلِّ عملِه, فالعفو فضيلةٌ أخلاقيَّةٌ ترتقي بالإنسانِ في سُلَّمِ المكارم.

هذا وقد جاءَ في تفسيرِ قولِه تعالى: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيهِم مِن سَبِيلٍ) عن الإمامِ أبي جعفرٍ الباقر – عليهِ السَّلام – (ذلكَ القائمُ – عليهِ السَّلام – إذا قامَ انتصرَ مِن بني أميَّةَ ومنَ المُكذّبينَ والنُّصّاب).