هل تطوّر العالم الغربي بسبب الليبرالية؟
تطوّرَ العالمُ الغربيّ بسببِ الليبراليّةِ الغربيّة، فالليبراليُّ الغربيّ يؤمنُ أنَّ مرجعيّتَه هيَ العقلُ وحـدَه، أمّا المُجتمعاتُ الإسلاميّةُ تخلّفَت بسببِ تمجيدِهم وتقديسِهم للتراثِ الإسلاميّ، فاعتمادُهم على التراثِ كمرجعيّةٍ مُطلقة.. جعلَهم يراوحونَ مكانَهم كرحى الطاحون.. لكن مِن دونِ إنتاجِ الطحين.
الجواب:
في بعضِ الأجوبةِ السابقةِ تعرّضنا بشكلٍ أكثرَ تفصيلاً لليبراليّةِ والعلمانيّة وأجرينا مُقارناتٍ عديدةً بينَ الحضارةِ الغربيّةِ والحضارةِ الإسلاميّة كما سلّطنا الضوءَ على أسبابِ تقدّمِ الغربِ وتأخّرِ المُسلمين، ولذا سوفَ نكتفي هُنا بتحليلِ ما جاءَ في هذا الكلامِ مِن ادّعاءات.
فكلُّ ما تمَّ ذكرُه يعبّرُ عن وجهةِ نظرٍ مُحدّدةٍ وقد تكونُ مُفرطةً في تقييمِها للمُجتمعاتِ الغربيّة والإسلاميّة، فالادّعاءُ بأنَّ تطوّرَ العالمِ الغربيّ يرجعُ إلى الليبراليّةِ الغربيّة وحيادُ العقلِ الليبراليّ لا يمكنُ قبولهُ على إطلاقِه، فالتطوّرُ الغربيّ يعودُ إلى عواملَ مُتعدّدةٍ مِنها الاستكشافُ والاكتشافُ والتجارةُ والثورةُ الصناعيّة والتكنولوجيا وغيرُها، ومِن ثمَّ تأتي النظمُ السياسيّةُ والاجتماعيّةُ كبيئةٍ حاضنةٍ لكلِّ ذلكَ التطوّر.
أمّا اتّهامُ المُجتمعاتِ الإسلاميّة بأنّها اعتمدَت على التراثِ وحدَه في فهمِ العالمِ والحياةِ والمُجتمع، فهوَ لا يعدو أن يكونَ اتّهاماً فيهِ الكثيرُ منَ التحيّزِ والتعميم.
فمِمّا لا شكَّ فيه أنَّ الكثيرَ منَ المُسلمين فهِموا الإسلامَ على أنّه دعوةٌ إلى العلمِ والتعقّل، وقد قدّموا بالفعلِ الكثيرَ منَ المُساهماتِ العلميّةِ والتجريبيّةِ التي كانَت بمثابةِ الأرضيّةِ التي انطلقَ مِنها عصرُ النهضةِ الأوروبيّة، إلّا أنَّ تسلّطَ الحكوماتِ الشموليّة في طولِ التاريخِ الإسلاميّ هوَ الذي تسبّبَ في تجميدِ العقلِ الإسلاميّ وتحجّرِه، وعليهِ ما زالَت الفرصةُ متاحةً أمامَ المُسلمينَ في بناءِ حضارةٍ تُعزّزُ التقدّمَ الغربيّ وتضيفُ عليهِ بُعدَها الرّوحيَّ والأخلاقيّ، فالإسلامُ لا يرفضُ ما حقّقَه الغربُ مِن تقدّمٍ علميٍّ وتكنلوجيّ وإنّما يسعى لإضافةِ بُعدِه الرّوحيّ والأخلاقيّ على ذلكَ التقدّم.
وبالتالي ليسَ هناكَ تنافرٌ حتّى ننتصرَ للغربِ على حسابِ الإسلامِ أو ننتصرَ للإسلامِ على حسابِ الغربِ وإنّما هناكَ تكاملٌ يجبُ أن نفكّرَ في تحقيقِه بشكلٍ أكثرَ تفاؤلاً.
اترك تعليق