تفسير عقل المصمم

سؤال: إذا كان الكون يحتاج إلى مصمّم لأنه معقّد أليس عقل المصمّم وقدراته التنفيذية أولى بالتفسير لتعقيدها؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

لم نفهم قصدَ السائلِ على نحو الدقة، فالسؤالُ مركّبٌ من جزئين ليس بينهما رابط واضح، فثبوتُ الجزء الأول من السؤال لا يترتبُ عليه أولوية نثبتُ من خلالها ما يبحثُ عنه السائلُ في الشقّ الثاني من السؤال، فاحتياجُ الكون إلى مصمّم شيء والكلامُ عن تفسير عقلِ المصمّم بحسب ما يفترضُ السائلُ شيء آخر؛ وذلك لأنّ احتياج الكون إلى مصمّم يعود إلى مبدأ عقلي وهو مبدأ العلة والمعلول، فكلّ معلولٍ لا بدّ له من علة سواء كان المعلولُ معقداً أو غير معقد، وبالتالي تعقيدُ الكون أو عدم تعقيدهِ ليس له مدخليةٌ في أصلِ صياغة البرهان، فالكونُ يحتاج إلى مصمّم لأنه معلولٌ وكلّ معلولٍ لابدّ له من علة أوجدته.

وإذا نظرنا للجزء الثاني من السؤال نجدهُ يقومُ على وجود ربط بين أمرين:

الأول: إذا كان الكونُ يحتاج إلى مصمّم لتعقيده.

والثاني: فمن باب أولى عقل المصمّم يحتاجُ إلى تفسير، وكما هو واضحٌ لا علاقة البتة بين الأمرين حتى يكون ثبوتُ الأول يؤدي إلى ثبوت الثاني من باب الأولوية.

ويبدو أنّ السائلَ خلط بين أمرين: الأول: إثبات العلة. والثاني: إثبات صفات العلة.

في الأول نحتاج فقط إلى وجود معلولٍ حتى نحكم بضرورة وجود علة لها، وهذا يرتكزُ على مبدأ عقلي وهو قانون العلة والمعلول.

وفي الثاني نحتاجُ فيه إلى التعرّف على المعلول حتى نكتشفَ صفات العلة، فمثلاً عندما نرى جهازاً من الأجهزة الألكترونية، فنحن نحتاج إلى موقفين، ففي الأول نقولُ إنّ هذا الجهاز لم يأتِ من الفراغ وإنما هناك إنسانٌ صنعه، وفي الخطوة الثانية نقول بما أنّ الجهاز معقدٌ فلابدّ أن يكون الإنسان الذي صنعهُ مهندسٌ خبير له قدرةٌ علميةٌ كبيرة؛ لأنّ الإنسان العادي والبسيط يستحيلُ عليه صناعة جهاز معقّدٍ مثل هذا الجهاز، وكذلك نقول إنّ صانع هذا الجهاز صنعهُ من أجل غرض وهدفٍ معين وبالتالي لا بد أن يكون الصانعُ حكيماً لأنه لم يصنعه عبثاً.. وهكذا نتعرفُ على صفات العلة من خلال المعلولِ وليس من خلال دراسةِ عقل المصمّم وتفسيره.

وفي موضوع الكون نقول إنّ خالق الكون لابد أن يكون قادراً وعالماً وحكيماً .. وهكذا بقية الصفات التي نكتشفها من خلال ما هو موجودٌ في صنعه.. وإذا كان السائلُ يقصد شيئاً آخر فنرجو أن يعيد صياغة السؤال بالشكل الذي يبانُ فيه مقصوده.