مَن الذي صلى على الزهراء (ع) وشيّع جنازتها؟
السؤال: مَن الذي صلّى على الزهراء (ع)؟ ومَن هم الذين شاركوا في الصلاة عليها وتشييع جنازتها ودفنها؟ ومتى دفنت؟
الجواب:
لقد أوصت الزهراء (ع) أن تدفنَ ليلاً، وأن لا يحضر جنازتها الذين آذوها وأسخطوها، وأن يُعفى على قبرها، وهذا أمر مشهور متواتر في تراث المسلمين.
والسؤال يتعرّض إلى ثلاثة أمور:
الأوّل: متى دفنت الزهراء (ع)؟
الثاني: مَن صلى عليها؟
الثالث: أسماء الذين شاركوا في الصلاة عليها وتشييع جنازتها.
الأمر الأوّل: ما يرتبط بزمان ووقت دفن الزهراء (ع):
فنقول: إنّها دُفِنَت ليلاً، فإنّه بعد أن هدأت المدينة وخلدَ الناس إلى النوم، أخرج أمير المؤمنين جنازتها ودفنها سرّاً، ولم يُعلِم بذلك أحداً إلّا بضعَ أشخاصٍ، وهذا ممّا أجمع عليه المسلمون.
قد تسأل: لماذا دفنها أمير المؤمنين (ع) ليلاً، ولم يخبر بها أحداً؟
نقول في الجواب: إنّ الزهراء (ع) أوصت أمير المؤمنين (ع) أن تدفنَ ليلاً، وأنْ لا يحضر جنازتها الذين ظلموها وآذوها وغصبوا حقّها.
الأمر الثاني: الذين حضروا جنازتها بالصلاة عليها وتشييعها:
هم كما وردَ في مجموع الروايات:
1ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
2ـ الإمام الحسن (ع).
3ـ الإمام الحسين (ع).
4ـ سلمان المحمديّ.
5ـ المقداد.
6ـ حذيفة بن اليمان.
7ـ عمّار بن ياسر.
8ـ ابو ذرّ الغفاريّ.
9ـ عبد الله بن مسعود.
10ـ العبّاس بن عبد المطلب.
11ـ عبد الله بن العبّاس.
12ـ الفضل بن العبّاس.
13ـ عقيل بن ابي طالب.
14ـ الزبير بن العوام.
15ـ بريدة.
وتفرد عماد الدين الطبريّ بذكر:
16ـ عبد الله بن جعفر.
17ـ اُسامة.
وإليك الروايات التي ذكرت أسمائهم:
روى الكشيّ بسنده عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: « ضاقت الأرض بسبعة، بهم تُرزَقون، وبهم تُنصَرون، وبهم تمطرون، منهم: سلمان الفارسيّ، والمقداد، وأبو ذر، وعمّار، وحذيفة - رحمة الله عليهم ـ، وكان عليّ (عليه السلام) يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلّوا على فاطمة (عليها السلام). [رجال الكشي: 1 / 34].
ويبدو أنّ اسماً سقط من متن الرواية، ففي الخصال للصدوق إضافة: « عبد الله بن مسعود » [الخصال: 361].
ولعلّ هؤلاء أهمّ الحاضرين من غير بني هاشم؛ إذ ورد في بعض الروايات حضور غيرهم أيضاً.
وفي دلائل الإمامة بسنده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في خبر يذكر فيه وفاة فاطمة (عليها السلام)-: « أنّها طلبت من أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا توفيت لا أعلم أحداً إلّا أمّ سلمة زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمّ أيمن، وفضّة، ومن الرجال ابنيها، وعبد الله بن عبّاس، وسلمان الفارسيّ، وعمّار بن ياسر، والمقداد، وأبا ذر، وحذيفة. وقالت: إنّي قد أحللتك من أن تراني بعد موتي، فكُنْ مع النسوة فيمَن يغسلني، ولا تدفني إلّا ليلاً، ولا تعلم أحداً قبري » [دلائل الإمامة: 135].
وفي كتاب سليم: عن ابن عبّاس: « فلمّا كان في الليل دعا عليّ (عليه السلام) العبّاس والفضل والمقداد وسلمان وأبا ذر وعمّاراً، فقدّم العبّاس، فصلّى عليها ودفنوها.. » [كتاب سليم: 393].
وفي مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال: « شهد دفنها سلمان الفارسيّ والمقداد بن الأسود وأبو ذرّ الغفاريّ وابن مسعود والعبّاس بن عبد المطّلب والزبير بن العوام » [بحار الأنوار: 43 / 200].
قال ابن شهر آشوب: (وعنه في هذا الكتاب: أنّ أمير المؤمنين والحسن والحسين دفنوها ليلاً، وغيّبوا قبرها. وفي تاريخ الطبري: إنّ فاطمة دُفنت ليلاً، ولم يحضرها إلّا العبّاس وعليّ والمقداد والزبير. وفي رواياتنا: أنّه صلّى عليها أمير المؤمنين والحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة، وفي روايةٍ: والعبّاس وابنه الفضل. وفي روايةٍ: وحذيفة وابن مسعود) [مناقب آل أبي طالب: 3 / 138].
وقال الطبرسيّ: (وصلّى عليها أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) وعمّار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذرّ وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم في جوف الليل) [إعلام الورى: 1 / 300].
وقال الفتّال النيسابوريّ: (فلمّا أن هدأت العيون، ومضى من الليل، أخرجها عليّ والحسن والحسين (عليهم السلام)، وعمّار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذرّ وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصّه، صلّوا عليها، ودفنوها في جوف الليل) [روضة الواعظين: 153].
وقال عماد الدين الطبريّ: (فلمّا تفرّق القوم، ومضى هزيع من الليل، أحضروا نعش فاطمة، ودار به عليّ والحسن والحسين وسلمان وأبو ذرّ والمقداد والعبّاس وولداه عبد الله والفضل، وحضرها عقيل وعبد الله بن جعفر وبريدة وعمّار والزبير وأُسامة وبنات عليّ ونساءٌ من قريش، وصلّى الحاضرون على جنازة الزهراء (عليها السلام)) [كامل البهائي: 1 / 396].
الأمر الثالث: مَن الذي صلّى عليها صلاة الجنازة؟
خلاصة الجواب:
إنّ الذي تقدّمَ للصلاة عليها أمير المؤمنين (ع) كما ورد في كثير من روايات المسلمين.
وورد في رواية سليم عن ابن عّباس: أنّ أمير المؤمنين (ع) قدّمَ عمّه العباس للصلاة عليها!
وهذه الرواية يمكن تصديقها إنْ قلنا بأنّ أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) - بعد التغسيل والتكفين - صلّوا على الزهراء (عليها السلام) صلاة الجنازة مباشرة، ولمّا يحضر العبّاس وجماعة من الأصحاب، فلمّا حضروا قدّم أمير المؤمنين (عليه السلام) عمّه العباس عليهم للصلاة عليها مرة اخرى، كي لا يُحرموا من ثواب الصلاة على الزهراء (عليها السلام).
وإنْ لم نبنِ على تعدد الصلاة فيشكل تصديق الرواية؛ لمنافاتها للروايات الكثيرة التي تنصّ على أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي صلّى عليها، مضافاً إلى أنّ الزهراء (ع) معصومة، ولا يلي أمرها إلّا المعصوم، ثمّ كيف يتقدّم العبّاس على إمام زمانه في الصلاة؟! ولمعارضتها لرواية أخرى مرويّة عن ابن عبّاس: أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي صلّى على جنازة الزهراء (عليها السلام).
ووردَ في روايةٍ موضوعةٍ مكذوبة في كتب العامّة: أنّ أبا بكر هو الذي تقدّم وصلّى عليها!
قد تسأل: لماذا لا نقول بالتعدّد وأنّ أبا بكر صلّى عليها أيضاً؟
نقول في الجواب: إنّ رواية صلاة العبّاس على الزهراء (عليها السلام)، رواها سليم بن قيس في كتابه عن ابن عبّاس، ولا يمكن حملها إلّا على التعدّد، وأمّا رواية صلاة أبي بكر فقد رواها رجل كذّابٌ عن الإمام الصادق عن آبائه!! ورواها ابن سعد بسند ضعيف عن الشعبيّ وإبراهيم بن أبي موسى الأشعريّ، وكلاهما لم يحضرا الواقعة. هذا مضافاً إلى أنّ الروايات تواترت في عدم حضور الشيخين في تشييع جنازتها، وأنّ وصيّتها بدفنها ليلاً كان بسبب ظلمهما لها!! مضافاً إلى منافاتها لرواية عائشة الآتية التي تنص أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي صلّى عليها، ولم يؤذن بها والدها أبا بكر.
وتفصيل الجواب:
أولاً: تقدّم أمير المؤمنين (ع) للصلاة على الزهراء (ع):
وهي المرويّة عن جماعة من الصحابة والتابعين:
روى مسلم في صحيحه: بسنده عن الزهريّ عن عروة بن الزبير عن عائشة أنّها أخبرته: أنّ فاطمة بنت رسول الله (ص) أرسلت إلى أبى بكر الصديق تسأله ميراثها ... فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك. قال: فهجرته، فلم تكلّمه حتّى توفّيت، وعاشت بعد رسول الله (ص) ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليّ بن أبي طالب ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلّى عليها عليّ. [صحيح مسلم: 5 / 154].
ورواها البخاريّ في [صحيحه: 5/83]، وابن حبّان في [صحيحه: 11/153]، وابن شبة في [تاريخ المدينة: 1/110 و197]، والحاكم النيسابوريّ في [المستدرك: 3/162].
وروى ابن سعد قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنا معمر، عن الزهريّ، عن عروة: أنّ عليّاً صلّى على فاطمة.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنا عمر بن محمّد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ بن حسين، قال: سألت ابن عبّاس: متى دفنتم فاطمة؟ فقال: دفنّاها بليلٍ بعد هدأة. قال قلت: فمَن صلّى عليها؟ قال: عليّ. [الطبقات الكبرى: 8/ 29-30].
وفي هذه الروايات إقرار عائشة بنت أبي بكر وعبد الله بن عبّاس وعروة بن الزبير بأنّ أمير المؤمنين (ع) هو الذي صلّى على فاطمة (ع).
وأمّا رواياتنا فمتواترة بصلاة أمير المؤمنين (ع) عليها.
ثانياً: تقدّم العبّاس بن عبد المطلب للصلاة على الزهراء (ع):
روى سليم عن ابن عبّاس قال: (فلمّا كان في الليل دعا عليّ (عليه السلام) العبّاس والفضل والمقداد وسلمان وأبا ذر وعمّاراً، فقدّم العباسَ، فصلّى عليها، ودفنوها) [كتاب سليم: 393].
قال ابن سعد: (أخبرنا محمد بن عمر [الواقديّ]، حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، قالت: صلّى العباس بن عبد المطلب على فاطمة بنت رسول الله (ص)، ونزل في حفرتها هو وعليّ والفضل بن عبّاس). [الطبقات الكبرى: 8/28]، ورواها الطبريّ في [تاريخه: 2/474].
والواقديّ فيه كلام، وعمرة بنت عبد الرحمن تابعيّة تفقّهت على عائشة، ولم تلقَ الحادثة، فمن أينَ علمت بأنّ العبّاس صلّى على جنازتها؟! والحال أنّ عائشة أخبرت أنّ علياً (ع) هو الذي صلّى عليها.
قال الشريف المرتضى: (ولم يختلف أهل النقل في أنّ أمير المؤمنين - عليه السلام - هو الذي صلّى على فاطمة - عليها السلام -، إلّا رواية شاذة نادرة وردت بأنّ العبّاس - رضي الله عنه - صلى عليها). [الشافي في الأمامة: 4/113].
قال ابن عبد البر: (وماتت فاطمة - رضي الله عنها - بنت رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، وكانت أوّل أهله لحوقاً به، وصلَّى عليها عليّ بن أبي طالب. وهو الَّذي غسّلها مع أسماء بنت عميس ... وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلاً. وقد قيل: إنّه صلى عليها العبّاس بن عبد المطلب ودخل قبرها هو وعليّ والفضل). [الاستيعاب: 4/1898].
والظاهر أنه يضعّف القول الثاني.
وقال ابن الجوزيّ: (وتوفّيت ليلة الثلاثاء، لثلاث خلون من رمضان هذه السنة، وهي بنت تسع وعشرين سنة، وصلّى عليها العبّاس، ونزل في حفرتها هو وعليّ والفضل. وقال ابن عبّاس وعروة: صلّى عليها علي - رضي الله عنه -. وقال الشعبيّ وإبراهيم: صلّى عليها أبو بكر - رضي الله عنه - ودفنت ليلاً) [المنتظم: 4/95].
نقول: إنّ ابن عباس حضرَ التشييع والصلاة، وقد أخبر أنّ علياً (ع) صلّى عليها، فكيف تُقبل رواية عمرة التابعيّة التي لم تشهد الحادثة أنّ العباس - والد عبد الله - صلى عليها؟!
ثالثاً: صلاة أبي بكر على جنازة الزهراء (ع)!
قال ابن سعد: (أخبرنا محمد بن عمر حدثنا قيس بن الربيع عن مجالد عن الشعبيّ قال: صلّى عليها أبو بكر رضي الله تعالى عنه وعنها). [الطبقات الكبرى: 8/29].
أقول: محمّد بن عمر: هو الواقدي، وحاله معروف. وقيس بن الربيع: قال ابن حجر: صدوق تغيّر لمّا كبر، وأدخل عليه ابنُه ما ليس من حديثه فحدّث به. ولا يفرح بمتابعة سوار بن مصعب له، فإنّه متروك. ومجالد هو ابن سعيد: ضعيف. والشعبي هو عامر بن شراحيل: الذي تفرد برواية رضا الزهراء (ع) عن أبي بكر!
فالسند لا يصحّ إلى الشعبيّ، مضافاً إلى أنّ الشعبيّ تابعيّ لم يعاصر الحادثة، فلو سمعه من أحد الصحابة لذكره، لأنّه تفرد بالنقل هنا، وخالف رواية عائشة بنت أبي بكر.
قال الحافظ ابن حجر: (وروى الواقديّ عن طريق الشعبيّ قال: صلّى أبو بكر على فاطمة. وهذا فيه ضعفٌ وانقطاعٌ. [الإصابة: 8/267].
قال ابن سعد: (أخبرنا شبابة بن سوار، حدّثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن حمّاد، عن إبراهيم، قال: صلّى أبو بكر الصديق على فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، فكبّر عليها أربعاً) [الطبقات الكبرى: 8/29].
أقول: شبابة: صدوق يدعو إلى الإرجاء. وعبد الأعلى: متروك الحديث، وهو آفة الحديث. وحمّاد هو ابن مسلم: صدوق له أوهام. وإبراهيم هو النخعيّ: وهو تابعيّ لم يدرك الحادثة.
فالسند لا يصحّ إلى إبراهيم؛ لوجود راوٍ متروك فيه، كما أنّ أبراهيم لم يدرك الحادثة.
قال البيهقي: (وأمّا الرواية فيه عن عليّ - رضي الله عنه -: فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة القاضي، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عون بن سلام، ثنا سوار بن مصعب، عن مجالد، عن الشعبيّ: أنّ فاطمة - رضي الله عنها - لمّا ماتت دفنها عليّ - رضي الله عنه – ليلاً، وأخذ بضبعي أبي بكر الصديق، فقدّمه، يعني في الصلاة عليها. كذا روي بهذا الاسناد. والصحيح عن ابن شهاب الزهريّ عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - في قصة الميراث: أنّ فاطمة بنت رسول الله (ص) عاشت بعد رسول الله (ص) ستة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنهما – ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلّى عليها عليّ - رضي الله عنه –) [السنن الكبرى للبيهقي: 4/29].
أقول: سوار بن مصعب: متروك.
وروى صلاة أبي بكر بعضُ الكذابين عن الإمام جعفر الصادق عن آبائه!
قال ابن عدي - في ترجمة عبد الله بن محمّد بن ربيعة بن قدامة بن مظعون، يكنّى أبا محمّد مصيصي -: (ثنا محمّد بن هارون بن حسان البرقيّ بمصر، ثنا محمّد بن الوليد بن أبان، ثنا محمّد بن عبد الله القدامي - كذا قال، وإنّما هو عبد الله بن محمد القداميّ -، قال مالك بن أنس أخبرنا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، قال: توفّيت فاطمة بنت رسول الله (ص) ليلاً، فجاء أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعيد وجماعة كثير سمّاهم مالك، فقال أبو بكر لعليّ: تقدّم فصلّ عليها، قال: لا والله، لا تقدّمت وأنت خليفة رسول الله (ص)، قال: فتقدّم أبو بكر، فصلّى عليها، فكبّر عليها أربعاً ودفنها ليلاً).
ثمّ قال ابن عدي: (وعامّة حديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ما تبيّن لي من رواياته واضطرابه فيها، ولم أرَ للمتقدّمين فيه كلاماً فأذكره). [الكامل في الضعفاء: 4/258].
وقال الذهبي في ترجمته: (أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب، منها: وذكر هذا الحديث) [ميزان الاعتدال: 2/488].
قال الحافظ ابن حجر: (وروى الواقديّ عن طريق الشعبيّ قال: صلّى أبو بكر على فاطمة. وهذا فيه ضعف وانقطاع. وقد روى بعضُ المتروكين عن مالك عن جعفر بن محمّد عن أبيه نحوه. ووهّاه الدارقطنيّ وابن عدي) [الإصابة: 8/267].
أقول: هذا القول من الأقوال الغريبة الشاذّة، بل من الأخبار المكذوبة التي لا شكّ في وضعها، ونقدها مضيعةٌ للوقت، ولكن رفعاً للشبهة نلخّص:
أوّلاً: كيف لم تعلم عائشة بصلاة أبيها على ابنة رسول الله (ص)! وهي تروي صلاة عليّ (ع) على الزهراء (ع)!
ثانياً: أنّ عائشة أخبرت أنّ أباها لم يعلم بخبر دفنها، فكيف صلى عليها! [ينظر: المستدرك للحاكم: 3/162].
ثالثاً: الروايات متواترة في صلاة أمير المؤمنين (ع) على الزهراء (ع).
والخلاصة: إنّ أمير المؤمنين (ع) هو الذي صلى على الزهراء (ع)، ويحتمل أنّ العبّاس صلى عليها أيضاً، ولكن بعد صلاة عليّ (ع)، ومن المستحيل صلاة أبي بكر على فاطمة (ع).
والحمد لله ربّ العالمين.
اترك تعليق