ما حكمُ الحديثِ المرويّ عن عائشةَ : "مَا رَأَيتُ أَحَدًا أَشبَهَ سَمتًا وَهَديًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللهِ (صَ)مِن فَاطِمَةَ" ؟

ما حكمُ الحديثِ المرويّ عن عائشةَ : "مَا رَأَيتُ أَحَدًا أَشبَهَ سَمتًا وَهَديًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِن فَاطِمَةَ بِنتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَت: "وَكَانَت إِذَا دَخَلَت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيهَا وَقَبَّلَهَا، وَأَجلَسَهَا فِي مَجلِسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيهَا قَامَت مِن مَجلِسِهَا، فَقَبَّلَتهُ وَأَجلَسَتهُ فِي مَجلِسِهَا

: السيد عبدالهادي العلوي

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،  هذا الحديثُ أخرجَه جماعةٌ مِن كبارِ مُحدّثي أهلِ السنّة مِن طريقِ عائشةَ بنتِ طلحةَ عن عائشةَ بنتِ أبي بكر بنِ أبي قحافة، في مدوّناتِهم الحديثيّةِ، وحكمَ عليهِ جُملةٌ منَ العلماءِ بالصحّةِ والحُسنِ كما سيأتي.  الحديثُ ـ حسبَ بحثِنا ـ مدارُه على أبي يوسفَ إسرائيل بنِ يونس بنِ أبي إسحاقَ السبيعيّ الكوفيّ، يرويهِ عن ميسرةَ بنِ حبيب النهديّ الكوفيّ، عن المنهالِ بنِ عمرو الأسديّ الكوفيّ، عن عائشةَ بنتِ طلحةَ بنِ عُبيد الله، عن عائشةَ بنتِ أبي بكر، وهؤلاءِ جميعُهم ثقاتٌ أثبات، نصَّ أئمّةُ الجرحِ والتعديلِ على وثاقتِهم. وقد رواهُ عن إسرائيلَ بنِ يونس جماعة، وهُم: عمرو بنُ محمّدٍ العنقزيّ الكوفيّ [الثقة]، والنضرُ بنُ شميل المازنيّ المروزيّ البصريّ [الثقة]، وإسماعيلُ بنُ جعفر بنِ أبي كثيرٍ الأنصاريّ [الثقة]، وعثمانُ بنُ عمر بن فارسَ العبديّ البصريّ [الثقة]. أخرجَه إسحاقُ بنُ راهويه في [المُسند ج5 ص8 ح2104] من طريقِ عمرو بنِ محمّد العنقزيّ.  وأخرجَه ابنُ راهويه في [المُسند ج5 ص8 ح2103]، والحافظُ البخاريّ في [الأدبِ المُفرد ص202 ح974] مِن طريقِ النضرِ بنِ شميل المازنيّ المروزيّ.  وأخرجَه الحافظُ الطبرانيّ في [المُعجم الأوسطِ ج4 ص242] من طريقِ إسماعيلَ بنِ جعفر.   وأخرجَه الحافظُ البخاريّ في [الأدبِ المُفرد ص209 ح1000]، والحافظُ الترمذيّ [السننُ ج5 ص361 ح3964]، والحافظُ النسائيّ في [السّننِ الكبرى ج5 ص96 ح8369، وص392 ح9237] وفي [فضائل الصحابة ص77]، والحافظُ أبو داودَ السجستانيّ في [السُّننِ ج2 ص522 ح5217]، والحاكمُ النيسابوريّ في [المُستدرَكِ على الصحيحين ج3 ص154، وص159، وج4 ص273] وفي [فضائلِ فاطمة الزهراء ص46 ح22]، والحافظُ البيهقي في [السُّننِ الكُبرى ج7 ص101]، والحافظُ ابنُ حبّان في [الصحيحِ ج15 ص403]، وابنُ أبي عاصم في [الآحادِ والمثاني ج5 ص358، وص368]، والدولابي في [الذريّةِ الطاهرة ص139]، وأبو بكرٍ المقري في [الرخصةِ في تقبيلِ اليد ص91]، وابنُ عبدِ البر في [الاستيعابِ ج4 ص1896]، جميعُهم بطرقِهم عن عثمانَ بنِ عمر البصريّ.  إذن: الحديثُ يُروى عن إسرائيل مِن أربعِ طُرق، وبهذا يظهرُ وجهُ النظرِ فيما ذكرَه الحافظُ الطبرانيّ في [المُعجمِ الأوسط ج4 ص242] بعدَما ساقَ الحديثَ مِن طريقِ إسماعيلَ بنِ جعفر: « لم يروِ هذا الحديثَ عن إسرائيلَ إلّا عثمانُ بنُ عمر وإسماعيلُ بنُ جعفر »؛ إذ رواهُ عمرو العنقزيّ كما عندَ ابنِ راهويه، والنضرُ بنُ شميل كما عندَ ابنِ راهويه والبُخاريّ، والحديثُ معروفٌ مشهورٌ من طريقِ عثمانَ بنِ عمر البصريّ كما توضّحَ ممّا تقدّم.  قالَ الحافظُ الترمذيّ في [السُّننِ ج5 ص362] بعدَما أخرجَ الحديث: « هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ مِن هذا الوجه »، هكذا وردَ في المطبوعةِ من سننِ الترمذيّ، وقالَ الزيلعيّ في [نصبِ الراية ج6 ص156]: « قالَ الترمذيّ: حديثٌ حسن، وفي بعضِ النُّسخ: حديثٌ صحيح ». قالَ الحاكمُ النيسابوريّ في ثلاثةِ مواضعَ منَ [المُستدرك ج3 ص154، وص160، وج4 ص273]: «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخين ولم يُخرجاه »، ووافقَه الحافظُ الذهبيّ في التلخيص.  وقالَ أيضاً في [فضائلِ فاطمةَ الزهراء ص35]: « وقد صحَّت الروايةُ أنّ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) كانَ يقومُ إليها ويستقبلُها ويقبّلُ يدَها كلّما دخلَت عليه؛ إجلالاً بذلكَ لأمّها خديجةَ ثمّ لها، كما حدّثناهُ أبو العبّاس.. » ثمَّ ساقَ الحديثَ مِن طريقِ عُثمانَ بنِ عُمر عن إسرائيل، ثمّ قالَ: «هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ على شرطِ الشيخينِ صاحبَي الصحيح، فإنّ رواتَه كلّهم ثقاتٌ ». وقد صرّحَ المُحدّثُ الألبانيّ بصحّتِه في جُملةٍ مِن كُتبه، كـ [صحيحِ الأدبِ المُفرد ج1 ص368، ومشكاةِ المصابيح ج3 ص13 ح4689، وصحيحُ الترمذيّ ج3 ص241 ح3039، وصحيحُ وضعيفُ سُننِ أبي داود ح5217، وغيرها]. وقالَ المُحقّقُ شعيب الأرنؤوط في تحقيقِه على [سيرِ أعلامِ النبلاء ج2 ص127 هـ2]: « إسنادُه حسن ». ونقلَته المُحقّقةُ أمّ شعيب الوادعيّة في كتابِ [الصحيحُ المُسنَدِ مِن فضائلِ أهلِ بيتِ النبوّة ص70 ح86] ـ الذي أشرفَ عليهِ وقدّمَ له مُقبلٌ بنُ هادي الوادعي ـ مِن طريقِ أبي داودَ في السُّنن، وقالَت: « هذا حديثٌ حسن ».وقالَ المُحقّقُ السلفيّ عليّ رضا بنُ عبدِ الله في تحقيقِه على [فضائلِ فاطمة الزهراء ص46 ح22] للحاكمِ النيسابوريّ: « حديثٌ صحيح ». هذه جملةٌ مِن كلماتِ علماءِ المُخالفينَ ومُحقّقيهم ممَّن صرّحَ بصحّةِ الحديثِ أو حُسنِه، وقد أشَرنا ـ فيما تقدّمَ ـ إلى وثاقةِ رواتِه وضبطِهم وكونِهم منصوصينَ على وثاقتِهم لدى أئمّةِ التعديلِ والتجريح.والحمدُ لله ربّ العالمين.