رأي الشيعة بالصحابي حذيفة بن اليمان (ت 36 هـ)
السؤال : ما هو رأي الشيعة بحذيفة بن اليمان وهل كان معتقدا بعقائد الشيعة ؟
الجواب :
حذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي صحابي جليل، صاحب سر الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وحليف الأنصار، شهد أحدا وما بعد ذلك من المشاهد وتوفّى بالمدائن.
قال الشيخ الطوسي: (حذيفة بن اليمان ، أبو عبد الله ، سكن الكوفة ، ومات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين يوما) رجال الطوسي ، ص35.
وقال: ( حذيفة بن اليمان العبسي ، وعداده في الأنصار ، وقد عد من الأركان الأربعة ) رجال الطوسي ،60
والأركان الأربعة هم الذين لم يغيروا ولم يبدلوا وناصروا أمير المؤمنين ع، واعتقدوا إمامته .
وقال ابن حجر - من السنة - في ترجمته : (حليف الأنصار صحابي جليل من السابقين صح في مسلم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، وأبوه صحابي أيضا استشهد بأحد ومات حذيفة في أول خلافة علي سنة ست وثلاثين). [تقريب التهذيب، ج1/ ص 192].
كان حذيفة مواليا مخلصا متبعا لأهل البيت ع حتى أنه قبل مماته أوصى أبناءه بمبايعة علي ع وطاعته. قال ابن عبد البر : (وقتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفّين ، وكانا قد بايعا عليّا بوصية أبيهما إياهما بذلك). [الاستيعاب، ج1/ ص 339].
وقال المؤرخ المسعودي ( ت 346 ): ( وقد كان حذيفة عليلا بالكوفة في سنة ست وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي فقال: أخرجوني وادعوا « الصلاةَ جامعةً » فوضع على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وعلى آله، ثم قال: أيها الناس، إن الناس قد بايعوا علياً فعليكم بتقوى الله وانصروا علياً ووازروه، فوالله إنه لعلى الحق آخراً وأولًا، وإنه لخير من مضى بعد نبيكم ومن بقي إلى يوم القيامة، ثم أطبق يمينه على يساره ثم قال : اللهم اشهد، إني قد بايعت علياً، وقال : الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم، وقال لابنيه صفوان وسعد: احملاني وكونا معه، فستكون له حروب كثيرة فيهلك فيها خلق من الناس، فاجتهدا أن تستشهدا معه، فإنه والله على الحق، ومن خالفه على الباطل، ومات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام. [مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج2/ ص383 ـ 384].
وروى الحاكم: ( حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا عبد الله بن موسى ثنا سعد بن أوس عن بلال بن يحيى قال لما حضر حذيفة الموت وكان قد عاش بعد عثمان أربعين ليلة قال لنا أوصيكم بتقوى الله والطاعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب). [المستدرك، ج 3/ ص 380].
ومِـمّا قاله حذيفة في فضائل عليٍّ (ع): (لقد أيد الله تبارك وتعالى رسوله والمؤمنين بعلي بن أبي طالب في موقفين ، لو جمع جميع أعمال المؤمنين لما عدل بهما يوم بدر ويوم الخندق). [المعيار والموازنة، أبو جعفر الإسكافي، ص91].
وهو من القائلين بأفضلية الإمام علي (ع) على جميع الصحابة. قال أبو بكر الباقلاني: (والقول بتفضيل علي رضوان الله عليه مشهور عند كثير من الصحابة، كالذي يروى عن عبد الله بن عباس، وحذيفة بن اليمان...). [مناقب الائمة الاربعة، ص 294].
وقال عبد العزيز بن الصديق الغماري: ( الذين ذهبوا إلى تفضيل علي عليه السلام على جميع الصحابة أبي بكر فمن بعده، منهم: سلمان الفارسي، وأبو ذر، والمقداد، وخباب ، وجابر، وزيد بن الأرقم، وأبو الطفيل عامر بن واثلة، وعمار بن ياسر، وأبي بن كعب، وحذيفة. [الباحث عن علل الطعن في الحارث، ص 14].
فهو في مصطلح أهل الحديث رافضي كونه يفضل عليا (ع) على الشيخين، وهو - على حسب نصوص الإمامية - من القائلين بإمامة الإمام علي (ع)، فلم يغير أو يبدل.
سُئل الفضل بن شاذان (ت 260 هـ) عن حذيفة وابن مسعود فقال كما روى الكشي: (وسئل عن ابن مسعود وحذيفة؟ فقال: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود، لان حذيفة كان ركنا وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم. [اختيار معرفة الرجال، ص 178 ـ 179].
ومعنى كلام الفضل صريحٌ في أنّ حذيفة لم يخلط ولم يمل مع القوم بل كان معارضا لهم.
وروى الشيخ الصدوق بسنده إلى الفضل بن شاذان الثقة: ( سأل المأمون علي بن موسى الرضا عليهما السلام أن يكتب له محض الاسلام على سبيل الايجاز والاختصار فكتب عليه السلام له ... والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم (صلى الله عليه وآله) ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة اليماني... ) عيون أخبار الرضا ( ع ). [ج2/ ص129 ـ 134].
ومن مواقفه في نصرة الإسلام أنه تم فتح بعض البلاد على يديه، إذْ قال ابن عبد البر: (وشهد حذيفة نهاوند فلما قتل النعمان بن مقرّن أخذ الراية، وكان فتح همذان والرّيّ والدينور على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة اثنتين وعشرين) الاستيعاب. [ج1/ ص 339 ].
وقد روى الكشي والشيخ المفيد في كتاب الاختصاص بسند موثق، واللفظ للكشي: (جبريل بن أحمد الفاريابي البرناني، قال حدثني الحسن بن خرزاد قال حدثني ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون، منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة (رحمة الله عليهم) وكان علي عليه السلام يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلوا على فاطمة عليها السلام ). [اختيار معرفة الرجال، ج1 /ص 32 ـ 34 ].
ثُمَّ إنّ حذيفة من رواة حديث النص على الأئمة الاثني عشر، إذْ روى الخزاز القمي بسند إلى حذيفة، قال (عن حذيفة اليمان قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته، فمن عمل بها فاز وغنم ومن انجح وتركها حلت به الندامة، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة، فكأني أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، ومن تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين، ومن تخلف عنهم كان من الهالكين .
فقلت: يا رسول الله على من تخلفنا؟ قال: على من خلف موسى ابن عمران قومه؟ قلت: على وصيه يوشع بن نون. قال: فإن وصي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب عليه السلام قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله قلت: يا رسول الله فكم يكون الأئمة من بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين عليه السلام، أعطاهم الله علمي وفهمي، خزان علم الله ومعادن وحيه. قلت: يا رسول الله فما لأولاد الحسن؟ قال: إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين، وذلك قوله تعالى: { وجعلها كلمة باقية في عقبه } قلت: أفلا تسميهم لي يا رسول الله؟ قال: نعم، إنه لما عرج بي إلى السماء ونظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته به، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة، ورأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا ومحمدا ومحمدا وموسى وجعفرا والحسن والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري. فقلت: يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟ قال: يا محمد إنهم هم الأوصياء والأئمة بعدك، خلقتهم من طينتك، فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم، فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب. ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته فيما يقول: اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي ). [كفاية الأثر، ص 136 ـ 138].
وقال محمد رضا المامقاني في حاشية كتاب تنقيح المقال: ( وقد تلخّص ممّا ذكرنا أنّ الرجل ممّا لا ينبغي الريب في وثاقته وعدالته وجلالته، وعلوّ شأنه، وارتفاع مكانه). [تنقيح المقال في علم الرجال، ج 18 /ص 159]، وانظر ترجمته في: معجم رجال الحديث للسيد الخوئي، [ج5 /ص 226].
اترك تعليق