ادّعاءات ملحد

السؤال: لقد كان الدين عبر كلّ الأزمان معادٍ للإنسان، ومعادٍ للمرأة، ومعادٍ للحياة، ومعادٍ للسلام، ومعادٍ للعقل، ومعادٍ للعلم. لقد كانت فكرة الإله ضارة ليس فقط للبشرية بل بالأرض. وقد حان الوقت الآن للعقل والثقافة والعلوم لتولي المسؤولية.

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

يحتوي هذا النصّ على مجموعة من الادّعاءات الكاذبة، المعبّرة عن كفر صاحبها وحقده على الدين. ويبدو أنّ هذا النصّ مقتبس من الملحدة الأمريكيّة (مادالين موراي أوهير)، رائدة الإلحاد في أمريكا، فهي المؤسّسة لمنظمة الملحدين الأمريكيّين، ورئيستها من 1963 إلى 1986م، ثمّ شغل ابنها (جون جارث موراى) رئاسة المنظمة إلى أنّ ما مات مقتولاً مع أمّه مادالين وحفيدتها سنة 1995م، وقد أطلقت عليها مجلّة لايف الأمريكية «المرأة المكروهة رقم واحد في أمريكا»، ويبدو أنّ هذا الوصف لم يزعج مادالين حيث كانت تردّده في البرامج التليفزيونية التي تستضيفها.

هذه الخلفية تجعلنا أمام نصّ يعبّر فيه صاحبه عن موقفه الشخصيّ، ومن الصعب ملاحقة المواقف الشخصيّة ومناقشتها، بخاصّة إذا كانت مجرّد ادّعاءات لا تدعمها أيّ شواهد أو أدلّة، فالملحدة مادالين لم تكن عالمة أو فيلسوفة لها رؤية معرفيّة ترتكز عليها في إلحادها، وإنّما كانت مجرّد ملحدة تنشط في مجال الإلحاد من أجل الشهرة، وقد اكتسبت هذه الشهرة في المجتمع الأمريكيّ بسبب قضيّة رفعتها لمنع تلاوة الكتاب المقدس في المدارس الأمريكيّة وكسبت هذه القضيّة، وعليه من الطبيعي أن تصرّح بمثل هذا الكلام؛ لأنّه يعبّر عن موقفها الشخصيّ من الأديان.

ومن السهل جداً للمؤمن أن يقابل هذه الادّعاءات بادّعاءات معاكسة، ولا يحقّ لها الاعتراض طالما لم تتعدَّ المسألة إبداء الآراء الشخصيّة، ولذا نحن لا نحتاج للردّ على ما جاء في كلمات مادالين إلى أكثر من تغيير طفيف في كلماتها،

فنقول:

(لقد كان الدين عبر كلّ الأزمان في خدمة الإنسان، وناصراً للمرأة، ومحافظاً على الحياة، وداعماً للسلام، ومحفّزاً للعقل، ومشجّعاً للعلم. لقد كان الإيمان بوجود إله هو السبب في منح الإنسان والحياة قيمتهما الحقيقيّة، ولولا ذلك لَمَا أصبح للحياة حِكمة، ولَمَا كان لها معنى، وقد حان الوقت الآن للعقل والثقافة والعلوم أن تعيد ارتباطها بالله).

ولا يعدّ ذلك مجرّد ادّعاء طالما هنالك نصوص دينيّة تؤيّد كلّ ذلك، ونحن هنا نختار بعض الآيات القرآنيّة للتدليل على ذلك:

أوّلاً: الدين في صلاح الإنسان:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةًۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

ثانياً: الدين ناصر المرأة:

قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، وقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

ثالثاً: محافظاً على الحياة:

قال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}.

رابعاً: داعماً للسلام:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}،

وقال: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}، وقال: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

خامساً: محفزاً للعقل:

قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}، وقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ}، وقال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.

سادساً: مشجعاً للعلم:

قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، وقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}.