كيف نعرف شخصية اليماني؟
السؤال: كيف نعرف شخصية اليماني الذي يظهر قبل الامام (ع) ويقال إنّه يمهّد لظهور الامام (ع)؟ هناك كُثر مَن يدّعون أنّهم اليمانيّ، كيف لنا أن نعرف الصادق من الكاذب؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا إشكال في أنّ خروج اليمانيّ من العلامات الحتميّة لظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، ويكون خروجه قبيل الظهور المقدّس بفترة زمنيّة، وهو شيعيّ موالٍ لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ومتبرّئ من أعدائه، ففي الخبر عن هشام بن الحكم: « لمّا خرج طالب الحقّ [الكنديّ، وهو من الخوارج] قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): نرجو أن يكون هذا اليمانيّ؟ فقال: لا، اليمانيّ يوالي عليّاً (عليه السلام)، وهذا يبرأ » [الأمالي ص661].
وقد وُصفت رايته بأنّها أهدى الرايات، ففي الحديث الصادقيّ: « وليس فيها راية أهدى من راية اليمانيّ يهدي إلى الحقّ » [كمال الدين ص650، الأمالي ص661]، وفي الحديث الباقريّ: « وليس في الرايات أهدى من راية اليمانيّ، هي راية هدى لأنّه يدعو إلى صاحبكم » [الغيبة ص264].
ويكون خروج اليمانيّ من اليمن؛ إذ إنّ اسم (اليماني) يدلّ على أنّه من بلاد اليمن، فيُقال للنسبة إليها: يمنيّ ويمانٍ ويمانيّ، كما صرّحت الأحاديث بخروجه من اليمن، ففي الحديث العلويّ: « خمس من علامات القائم (ع): اليماني من اليمن، والسفياني، والمنادي ينادي بالسماء... » [عيون الحكم ص244]. وفي الحديث الباقريّ: « .. وخروج السفيانيّ من الشام، واليماني من اليمن.. » [كمال الدين ص328 و331]. وفي الحديث الصادقيّ: « ..وخروج السفيانيّ من الشام، واليماني من اليمن.. » [إثبات الرجعة ص66].
ودلّت الروايات على تقارن خروج اليمانيّ مع خروج السفيانيّ والخراسانيّ، ففي الحديث الباقريّ: « خروج السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد » [الغيبة ص264]، ومثله في الحديث الصادقيّ [كمال الدين ص650].
وقد بيّنت الروايات: أنّ خروج السفيانيّ في شهر رجب، فينتج عن ذلك: أنّ خروج اليمانيّ يكون في شهر رجب أيضاً، ففي الحديث الصادقيّ: « السفيانيّ لا بدّ منه، ولا يخرج إلّا في رجب » [الغيبة ص313]، ومثله في حديث صادقيّ آخر [كمال الدين ص652].
فينبغي – حينئذٍ – ملاحظة العلامات الواردة لخروج السفيانيّ:
منها: تشتّت ملك بني العبّاس بعد تجدّد ملكهم في آخر الزمان، ففي الحديث الباقريّ: « لا بدّ أن يملك بنو العبّاس، فإذا ملكوا واختلفوا وتشتّت أمرهم خرج عليهم الخراسانيّ والسفيانيّ، هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان » [الغيبة ص267].
ومنها: اختلاف الرايات في الشام، ففي الحديث الباقريّ: « فأول أرض تخرب أرض الشام ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه ، ثم يقتل الأصهب ، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق » [الغيبة ص289].
ومنها: هلاك الجبارين في قرقيسياء، ففي الحديث الباقريّ: « إن لولد العبّاس والمروانيّ لوقعة بقرقيسياء يشيب فيها الغلام الحزور، ويرفع الله عنهم النصر، ويوحي إلى طير السماء وسباع الأرض: اشبعي من لحوم الجبارين، ثم يخرج السفياني » [الغيبة ص315].
ومنها: زمان ومكان خروجه ومدّة ملكه ومساحتها، ففي الحديث الصادقيّ: « السفيانيّ من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً » [الغيبة ص310].
ومنها: الصيحة الإبليسيّة، ففي الحديث الصادقيّ: « ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس (لعنه الله) في آخر النهار: ألا إنّ الحقّ في السفيانيّ وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون » [كمال الدين ص652].
فهذه العلامات وغيرها – ممّا ذكرناها وأشرنا لها في جواب عن علامات خروج السفياني – تعدّ من علامات خروج اليمانيّ أيضاً؛ لتقارن خروجهما في وقت واحد.
فإنّ هذه العلامات واضحة جليّة، لا يقع الالتباس فيها، فإنّ مثل كون اليمانيّ من اليمن واضح في أنّه لا يكون من البصرة أو غيرها من البلاد عدا اليمن، وكذلك كونه من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ظاهر في أنّه لا يكون مخالفاً لأهل البيت (عليهم السلام)، وكذلك كونه داعياً لصاحب الزمان (عجل الله فرجه) يعني أنّه لا يدعو لنفسه.
وتقارن خروجه مع خروج السفيانيّ والخراسانيّ، يزيل كلَّ التباس، مع ما لخروج السفيانيّ من علامات جليّة واضحة؛ كالصيحة الإبليسيّة، ووقعة قرقيسياء، واختلاف الرايات، وغيرها، فإنّ هذه الحوادث تقع متتالية متناسقة، وقد عبّرت الروايات عنها بأنّها « كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً »، فإنّ نسبة وقوع الالتباس فيها ضعيفٌ جداً.
نعم، يحاول بعض الأدعياء تأويل هذه العلامات الواضحة لتنطبق عليهم، ولكن كلّ تلك التأويلات تذهب أدراج الرياح بمجرّد التفطّن لتتابع تلك العلامات كنظام الخرز، وكون جملة منها جليّة واضحة لا يمكن وقوع الالتباس فيها، فسرعان ما يتبيّن سخافة تلك التأويلات وتضاربها وعدم انسجامها.
وينبغي للمؤمنين الحذر من التسرّع في تصديق أصحاب الدعاوى، وعليهم الرجوع إلى الفقهاء والعلماء، فإنّ المعصومين (عليهم السلام) أرجعوا الشيعة إلى الفقهاء الأمناء.
والحمد لله ربّ العالمين
اترك تعليق