السيدة خديجة في القرآن

السؤال: هل توجد آيات قرآنية نزلت في شأن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ورد في كتب الفريقين أنّ هناك جملة من الآيات القرآنيّة نزلت في شأن أمّ المؤمنين السيّدة خديجة بنت خويلد (عليها السلام)، نذكر في المقام بعضاً منها:

الآية الأولى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: 46].

نقل الحسن بن سليمان الحليّ عن بشر بن حبيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه سُئل عن قول الله عزّ وجلّ: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ}، قال: « سور بين الجنّة والنار، قائم عليه محمّد (صلى الله عليه وآله) وعليّ والحسن والحسين وفاطمة وخديجة (عليهم السلام)، فينادون: أين محبّونا؟ أين شيعتنا؟ فيُقبِلون إليهم، فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وذلك قوله الله تعالى: {يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ}، فيأخذون بأيديهم، فيجوزون بهم الصراط ويدخلونهم الجنّة » [مختصر بصائر الدرجات ص53]. ومثله نقل الاسترآباديّ عن الشيخ الطوسيّ بإسناده [تأويل الآيات ج1 ص176].

الآية الثانية: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [سورة فاطر: 19-22].

نقل ابن شهر آشوب عن مالك بن أنس بإسناده عن ابن عباس: « في قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ}: أبو جهل ، {وَالْبَصِيرُ}: أمير المؤمنين، {وَلَا الظُّلُمَاتُ}: أبو جهل، {وَلَا النُّورُ}: أمير المؤمنين، {وَلَا الظِّلُّ} يعني ظلّ أمير المؤمنين (عليه السلام) في الجنّة، {وَلَا الْحَرُورُ}: يعني جهنم، ثمّ جمعهم جميعاً فقال: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ}: عليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة وخديجة، {وَلَا الْأَمْوَاتُ}: كفّار مكّة » [مناقب آل أبي طالب ج2 ص278]. ونقله الاسترآباديّ من طريق العامّة أيضاً [ينظر تأويل الآيات ج2 ص480].

وروى الحاكم الحسكانيّ بإسناده عن ابن عباس: « في قول الله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ} قال: أبو جهل ابن هشام، {وَالْبَصِيرُ} قال: عليّ بن أبي طالب، ثمّ قال: {وَلَا الظُّلُمَاتُ} يعني أبو جهل المظلم قلبه بالشرك، {وَلَا النُّورُ} يعني قلب علي المملوء من النور، ثمّ قال: {وَلَا الظِّلُّ} يعني بذلك مستقرّ عليّ في الجنّة، {وَلَا الْحَرُورُ} يعني به مستقرّ أبي جهل في جهنّم، ثمّ جمعهم فقال: ( وما يستوي الاحياء ) علي وحمزة وجعفر وحسن وحسين وفاطمة وخديجة {وَلَا الْأَمْوَاتُ} كفّار مكّة » [شواهد التنزيل ج2 ص154].

الآية الثالثة: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [سورة المطففين: 27-28].

نقل محمّد بن العبّاس بالإسناد عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: « قوله تعالى {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} قال: هو أشرف شراب في الجنّة، يشربه محّمد وآل محمّد، وهم المقربون السابقون: رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليّ بن أبي طالب والأئمّة وفاطمة وخديجة » [ينظر تأويل الآيات ج2 ص777-778]. وروى مثله الحاكم الحسكانيّ بإسناده عن الباقر (عليه السلام) [ينظر شواهد التنزيل ج2 ص425].

وفي تفسير القميّ: ({وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}: وهو مصدر سنمه إذا رفعه، لأنّه أرفع شراب أهل الجنة، أو لأنّه يأتيهم من فوق، قال: أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم في عالي تسنيم، وهي عين يشرب بها المقربون، والمقرّبون آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، يقول الله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ }، رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وعليّ بن أبي طالب، وذرّيّاتهم تلحق بهم ، يقول الله: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}، والمقرّبون يشربون من تسنيم بحتاً صرفاً، وسائر المؤمنين ممزوجاً) [تفسير القمي ج2 ص411-412].

الآية الرابعة: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ } [سورة الشرح: 6-8].

روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن ابن عبّاس قال: « سأل عن قول الله: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ} قال: إنّما سُمّي يتيماً لأنّه لم يكن له نظير على وجه الأرض من الأوّلين والآخرين، فقال الله عزّ وجلّ -ممتنّاً عليه نعمة -: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا} أي وحيداً لا نظير لك {فَآوَى} إليك الناس، وعرّفهم فضلك حتّى عرفوك، {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} يقول منسوباً عند قومك إلى الضلالة، فهداهم بمعرفتك، {وَوَجَدَكَ عَائِلًا} يقول: فقيراً عند قومك يقولون: لا مال لك، فأغناك الله بمال خديجة، ثمّ زادك من فضله فجعل دعائك مستجاباً حتّى لو دعوت على حجر أن يجعله الله لك ذهباً لنقل عينه إلى مرادك، وأتاك بالطعام حيث لا طعام، وأتاك بالماء حيث لا ماء، وأغاثك بالملائكة حيث لا مغيث، فأظفرك بهم على أعدائك » [علل الشرائع ج1 ص130، معاني الأخبار ص53]. ونقل نحوه فرات الكوفيّ في [التفسير ص569]، وابن شهر آشوب عن تفسير وكيع عن ابن عبّاس [ينظر مناقب آل أبي طالب ج2 ص295].

الآية الخامسة: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [سورة الفرقان: 74].

نقل محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ - في الآية الكريمة -: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل (عليه السلام): مَن {أَزْوَاجِنَا} ؟ قال : خديجة ، قال: {وَذُرِّيَّاتِنَا}؟ قال: فاطمة ، قال: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ}، قال : الحسن والحسين ، قال: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}؟ قال: عليّ بن أبي طالب » [ينظر تأويل الآيات ج1 ص385]. ومثله روى فرات الكوفيّ عن أبي سعيد [ينظر تفسير فرات ص294-295]، وعنه الحاكم الحسكانيّ في [شواهد التنزيل ج1 ص539].

وورد في تفسير القميّ: (عن أبان ابن تغلب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، قال « نحن هم أهل البيت ». وروى غيره: « أن {أَزْوَاجِنَا} خديجة {وَذُرِّيَّاتِنَا} فاطمة و{قُرَّةَ أَعْيُنٍ} الحسن والحسين {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} علي بن أبي طالب (عليه السلام) ») [تفسير القمي ج2 ص117].

الآية السادسة: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [سورة محمد: 19].

نقل السيّد الاسترآباديّ عن محمّد الحلبيّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) – في حديثٍ -: « وقوله عز وجل {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} وهم عليّ (عليه السلام) وأصحابه {وَالْمُؤْمِنَاتِ} وهنّ خديجة وصويحباتها » [تأويل الآيات ج2 ص585-586].

الآية السابعة: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران: 33].

روى فرات الكوفيّ عن أبي مسلم الخولانيّ قال: « دخل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على فاطمة الزهراء (عليها السلام) وعائشة وهما يفتخران، وقد احمرّت وجوههما، فسألهما عن خبرهما، فأخبرتاه، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عائشة، أوما علمتِ أنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وعليّاً والحسن والحسين وحمزة وجعفر وفاطمة وخديجة على العالمين؟ » [تفسير فرات ص80].

والحمد لله رب العالمين