تعدد وجود النبيّ وآله (ص)
السؤال: ورد في الروايات الشريفة أن الروح القدس يؤيد النبي و آله الأطهار عليهم السلام ، بالعلم و بالعصمة و التسديد ، و يبدو ان هذا مخالف لما هو ثابت من أن نور النبي و آله هو العلة في الوجود بل كما يقول العلامة المجلسي رحمه الله طبقا لروايات أهل البيت عليهم السلام أن كل الكمالات و العلوم و الفيوضات فإنها تكون من خلالهم و عبرهم ، و يقول الفلاسفة أن المعلول مهما تكامل فإنه لا يصل إلى درجة و كمال علته ، عليه : فكيف يمكن أن يكون الروح مؤيدا للنبي و آله و هو معلول عنهم و مخلوق من نورهم بل و كل فيض على كل موجود يكون منهم و من خلالهم بما فيهم الروح الأمري ، فكيف يؤيدهم من هو أقل مرتبة منهم و معلول عنهم و مستمد منهم الفضائل و المنازل الرفيعة ؟! جزاكم الله خير الجزاء
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ السؤال المذكور سيّال في موارد أخرى أيضاً، فيقال: كيف يأتي جبرئيل (عليه السلام) بالوحي مع أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أعلم الخلق مطلقاً؟
ويقال: إنّ الله تعالى خلق نور النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثمّ خلق الخلق، فكيف يقول في كتابه: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي} ونحو ذلك؟ إلى غير ذلك من الأسئلة.
ويتّضح الجواب عن كلّ هذه السؤالات بالالتفات إلى تعدّد وجود النبيّ وأهل بيته (صلوات الله عليهم)، فإنّ لهم وجوداً نوريّاً كما أنّ لهم وجوداً دنيويّاً، ولكلٍّ منهما أحكام وخصوصيّات وإنْ كان بينهما ارتباط، فالنبيّ بوجوده الدنيويّ تمثّل وتنزّل لوجوده النوريّ:
فالنبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) بوجوده النوريّ هو المخلوق الأوّل، بينما في وجوده الدنيويّ هو آخر الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام).
وفي الوجود النوريّ هو أعلم الخلق طرّاً ومنه تعلّمت الملائكة التهليل والتسبيح والتقديس، بينما في الوجود الدنيويّ يأتيهم جبرئيل (عليه السلام) بالوحي.
وفي الوجود النوريّ يعلم المقدّرات الإلهيّة، بينما في الوجود الدنيويّ تتنزّل عليهم الملائكة والروح بالمقدّرات في ليلة القدر.
وفي الوجود النوريّ شهدوا خلق الخلق، بينما في الوجود الدنيويّ: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي}.
وفي الوجود النوريّ هم المؤيّدون لكلّ الملائكة والرسل بل والمخلوقات العظيمة كروح القدس، بينما في الوجود الدنيويّ يؤيّدهم الملائكة والروح.
فالنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بوجوده الدنيويّ يأتيه جبرئيل – الذي هو مخلوق ملكوتيّ – بالوحي، وبوجوده الدنيويّ يؤيّده روح القدس، وبوجوده الدنيويّ لَـم يكن مع الأنبياء، بينما بوجوده النوريّ يتعلّم منه جبرئيل، ويؤيّد روحَ القدس، ويشهد على الأنبياء، إلى غير ذلك.
والحمد لله ربّ العالمين
اترك تعليق