موقف الشيعة من عبدالله بن عمر بن الخطاب

السؤال : ما موقف الشيعة من عبد الله بن عمر بن الخطّاب؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب:

يعدّ عبد الله بن عمر بن الخطّاب (ت73هـ) من أكثر الصحابة رواية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، بعد أبي هريرة، وإليه يرجع الجمهور في الرواية.

ولكنْ ما يتعلّق بالجواب عن هذا السؤال، فإنّ الأدلّة الشرعيّة قد أوجبت على المسلمين اتّباع أهل البيت (ع) ووجوب نصرتهم وحرمة خذلانهم، ولَـمّا كان عبد الله بن عمر ممّنْ لم يبايع أمير المؤمنين (ع)، ولم ينصره، ولم يقاتل معه في حروبه، فهو – إذنْ – قد خالف وصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فاستحقّ بذلك أنْ يكون غير مرضيٍّ وغير عادلٍ. وَهَاكَ بعض الأدلّة والشواهد التي تبيّن حقيقة حاله.

1- نقل ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر في حال عبد الله بن عمر: ولم يميز أيضاً بين إمام الرشد وإمام الغيّ، فإنّه امتنع من بيعة عليّ عليه السلام. وطرق على الحجّاج بابه ليلاً ليبايع لعبد الملك، كيلا يبيت تلك الليلة بلا امام، بزعمه أنّه روى عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: (من مات ولا إمام له مات ميته جاهليّة)، حتّى بلغ من احتقار الحجّاج له واسترذاله حاله، أن أخرج رجله من الفراش، فقال اصفق بيدك عليها. [شرح نهج البلاغة ج13 ص242].

2- قال السيّد ابن طاووس (ت 664هـ): « وامتنع عبد الله بن عمر عن بيعة عليّ عليه السّلام وبايع الحجّاج من بعد». [طرف من الأنباء والمناقب في شرف سيّد الأنبياء ص226].

وقال عن ابن عمر: « مع ما تواتر وثبت عند المسلمين: من انكشاف سرّه بعداوة عليّ بن أبي طالب وبني هاشم، وقعوده من مبايعتهم ونصرتهم، وما أوجبه الله ورسوله من التمسّك بهم، وهذا لا يحتاج إلى روايةٍ؛ لأنّه لا خلاف بين المسلمين في قعود عبد الله بن عمر عن بيعة عليّ بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام، وعن نصرة بني هاشم » [الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ص 206].

3- قال الشيخ المفيد - بعد أن ذكر بعض مَن تخلّفوا عن بيعة الأمير (ع)، ومنهم عبد الله بن عمر -: « أمّا تأخّر مَن سمّيت عن الخروج مع أمير المؤمنين (ع) إلى البصرة فمشهور، ورأيهم في القعود عن القتال معه ظاهر معروف » [الجمل، ص44].

4- إنّ لأئمة أهل البيت (ع) كلاماً بحقّ ابن عمر، وهو الفيصل في بيان حاله.

قال الإمام عليّ (ع): « إنّ عبد الله بن عمر وسعد أخذلا الحقّ، ولم ينصرا الباطل، متى كانا إمامين في الخير فيتبعان ». [الأمالي للشيخ الطوسي ص164].

5- وروى الكشيّ بسنده عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: « كتب علي عليه السلام إلى والي المدينة: لا تعطينّ سعداً ولا ابن عمر من الفيء شيئاً ». [اختيار معرفة الرجال ج1 ص197].

وروى الكشيّ عن محمّد بن مسعود، قال أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، عن محمّد بن زياد، عن سلمة بن محرز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: « ألا أخبركم بأهل الوقوف، قلنا: بلى. قال: أسامة بن زيد وقد رجع، فلا تقولوا إلّا خيراً، ومحّمد بن مسلمة، وابن عمر مات منكوباً - أي على غير قصد واستقامة - » [اختيار معرفة الرجال ج1 ص234 ـ 235].

6- وقد روى الطبريّ الشيعيّ معجزةً للإمام عليّ بن الحسين (ع)، فكان جواب ابن عمر على ذلك قوله: « هؤلاء قوم يتوارثون السحر كابراً عن كابر » [دلائل الامامة ص212].

وممّا يؤيّد موقفه السلبيّ من أمير المؤمنين (ع) أنّه - فيما بعد - ندم على عدم نصرته للإمام عليّ (ع). قال السيوطيّ: « وأخرج الحاكم والبيهقيّ وصحّحه عن ابن عمر قال: ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت من هذه الآية، أنّي لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله ». [الدر المنثور في التفسير بالمأثور ج6 ص90].

وعليه: فمع صريح النصوص بوجوب نصرة أهل البيت وعدم خذلانهم، كما في دعاء النبيّ (ص) لعليّ (ع) في حديث الغدير المتواتر: «... اللهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله »، نخلص إلى أنّ ابن عمر ليس من الصحابة المرضيّين عند الله تعالى ورسوله الأكرم (صلّى الله عليه وآله).