هل صحَّ حديث (خُلقنا من تراب، ومشينا فوق التراب)؟

السؤال: نُقل عن الإمام عليّ (ع) أنّه قال:(خُلقنا من تراب، ومشينا فوق التراب، وسنعود جميعاً تحت التراب، لا أحد أفضل من أحد إلَّا بالتقوى)، هل هذا الحديث صحيح؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

في البداية أودُّ أنْ أُلفت عناية الأخ السائل إلى أهمّية تعلُّم الحديث الشريف المتعلِّق بأهل البيت (عليهم السلام) ونشره بين المسلمين، لما ورد في بعض الأخبار من الحثِّ على فعل ذلك، كما في قوله (ص): «من تعلَّم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه، أو يعلِّمهما غيره فينتفع بهما، كان خيراً من عبادة ستّين سنة» [بحار الأنوار ج2 ص152].

وفي مقابل ذلك ينبغي الحذر الكبير من خطورة (الكذب) عليهم (عليهم السلام)، وذلك بأنْ ينسب الحديث إليهم، والحال أنّهم لم يقولوه ولم يحدِّثوا به، كما ورد عنه (ص) أنّه قال: «يا عليّ من كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» [من لا يحضره الفقيه ج4 ص٣٦٤].

ولما روي عن إمامنا وسيّدنا أبي عبد الله الصادق (ع) أنّه قال:« الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأوصياء (عليهم السلام) من الكبائر، قال: وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): من قال عليَّ ما لم أقل، فليتبوّأ مقعده من النار» [وسائل الشيعة ج12 ص ٢٤٩].

إذا اتّضح هذا نعود إلى (حديثنا) المذكور في السؤال آنفاً، فنقول: بعد البحث والتفتيش في المصادر المتاحة لم نعثر عليه في مصدرٍ من المصادر، سوى أنّ صفحات التواصل الاجتماعيّ تناقله، فلذا لا يصحُّ لنا نقله وترويجه، لعدم ثبوت كونه من حديثهم (عليهم السلام).

هذا، ولو قال قائل: بأنَّ هذا الحديث معناه صحيح، فنحن فعلاً (خُلقنا من تراب)، و(مشينا فوق التراب)، و(سنعود جميعاً تحت التراب)، و(لا أحد أفضل من أحد إلَّا بالتقوى)، فلماذا لا يصحُّ لنا نقله؟

نقول في جوابه: إنَّ أصل المسألة في (نسبة) الكلام إلى المعصوم (عليه السلام) وليس في صحّته في حدِّ نفسه، فليس كلُّ كلامٍ صحيح في نفسه يصحُّ لنا نسبته إلى المعصوم (ع)، فصحَّة الكلام شيء، ونسبته إلى المعصوم شيء آخر.

والنتيجة ممّا تقدّم: أنَّ ما نُسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) من الكلام المتقدِّم لم يثبت كونه حديثاً عنه، ولا يصحّ نقله وترويجه.. والحمد لله ربِّ العالمين.