فضائل فاطمة (عليها السلام) في كتب العامّة

السؤال: ((هل يمكنكم أن تذكروا لنا إن كانت وردت في كتب أبناء العامّة بعض الفضائل لمولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام)؟)).

: الشيخ فاروق الجبوري

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا شكّ أنّ لمولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) فضائل قد ملأت الخافقين، وشاع ذكرها في السماوات والأرضين، إذ نزلت في شأنها آيات سماوية متظافرة، ووردت في حقّها أحاديث نبويّة متواترة، احتفت بها مصادر الفرق الإسلاميّة قاطبة، ومن جملتهم أبناء العامّة، بل صنّف بعض علمائهم كتباً مفردة في ذكر مناقبها وفضائلها (عليها السلام)، مثل: (فضائل فاطمة) للمحدّث ابن شاهين، (فضائل فاطمة الزهراء) للحاكم النيسابوريّ، و(الثغور الباسمة في مناقب فاطمة) للعلّامة السيوطيّ، و(إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل) للعلّامة المناويّ، وغيرها كثير من مطبوعات ومخطوطات ومفقودات.

وبطبيعة الحال لا يمكن الإتيان على جميع ما ذكروه لها (عليها السلام) من الفضائل والمناقب، لذا نقتصر على نبذة منها مع إشارة لبعض مصادرها:

1ـ في أنّ نطفة تكوينها كانت من ثمار الجنّة:

ورد عن عائشة قالت: «كنت أرى رسول الله (صلّى الله عليه[وآله] وسلّم) يقبّل فاطمة فقلت: يا رسول الله إنّي كنت أراك تفعل شيئاّ ما كنت أراك تفعله من قبل؟ قال لي: يا حميراء، إنّه لمّا كان ليلة أُسري بي إلى السماء أُدخِلت الجنّة فوقفت على شجرة من شجر الجنّة لم أرَ في الجنّة شجرة هي أحسن منها ولا أبيض منها ورقة ولا أطيب منها ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة من صلبي فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا أنا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت ريح فاطمة... الحديث» [المعجم الكبير ج22 ص401، الخصائص الكبرى ج1 ص291].

2ـ في أنّها طاهرة مطهّرة في أصل خلقتها:

روى المحبّ الطبري عن أسماء بنت عميس قالت: «قَبَّلْتُ - أي وَلَّدْتُ - فاطمة بالحسن فلم أرَ لها دماً، فقلت: يا رسول الله، إنّي لم أرَ لها دماً في حيض ولا في نفاس، فقال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم): أما علمتِ أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة لا يُرى لها دم في طمث ولا ولادة» [ذخائر العقبى ص44].

3ـ في حضور نساء الجنّة مولدها:

روى المحبّ الطبريّ أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) حكى حال خديجة عند الولادة فقال: «..فلمّا أرادت أن تضع بعثت إلى نساء قريش ليأتينها فيَلِينَ منها ما يلي النساء ممّن تلد فلم يفعلنَ وقُلن: لا نأتيك وقد صرتِ زوجة محمّد (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف، فقالت لها إحداهن: أنا أُمّك حوّاء وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم وقالت الأخرى: أنا كلثم أخت موسى وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لِنليَ من أمرك ما يلي النساء» [ذخائر العقبى ص44].

4ـ في سجودها لله تعالى لحظة ولادتها:

روى المحبّ الطبريّ أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) حكى حال خديجة عند الولادة – في تتمّة الرواية السابقة -: «..فقالت لها إحداهن: أنا أُمّك حوّاء وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم وقالت الأخرى: أنا كلثم أخت موسى وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لِنليَ من أمرك ما يلي النساء. قالت: فولدت فاطمة، فوقعتْ حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة أصبعها» [ذخائر العقبى ص45].

5ـ في تسمية الله تعالى لها باسم (فاطمة)، وفطمها ومحبيها من النار:

ورد عن ابن عبّاس عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال: «ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث، وإنّما سمّاها اللهُ فاطمةَ؛ لأنّ الله تعالى فطمها ومحبّيها من النار» [كنز العمال ج12 ص109، تاريخ بغداد ج12 ص327، ذخائر العقبى ص27].

6ـ في أنّها أشبه الخلق برسول الله (صلّى الله عليه وآله):

ورد عن عائشة قالت: «ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلّاً وهدياً برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)» [سنن الترمذي ج5 ص361]. والسمت: حُسْن الهيئة والمنظر في الدين وهيئة أهل الخير، والهدي والدلّ: من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل [ينظر: لسان العرب ج11 ص248].

7ـ في أنّها اصدق الخلق لهجة بعد أبيها:

ورد عن عائشة أنّها كانت إذا ذكرت فاطمة قالت: «ما رأيتُ أحداً كان أصدق لهجة منها إلّا أن يكون الذي وَلَدَها» [المستدرك ج3 ص160]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه).

8ـ في أنّها سيدة نساء الأمّة ونساء المؤمنين ونساء أهل الجنّة:

ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال لفاطمة: «أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنّة أو نساء المؤمنين»، وقال أيضاً: «يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين أو سيّدة نساء هذه الأمة» [صحيح البخاري ج4 ص183، ج7 ص142، صحيح مسلم ج7 ص143]. وقال الحاكم: (الأخبار ثابتة صحيحة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة، وأنّ فاطمة سيّدة نساء هذه الأمّة) [فضائل فاطمة ص35].

9ـ في أنّها سيدة نساء العالمين:

ورد عن عائشة: أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال -وهو في مرضه الذي توفي فيه -: «يا فاطمة، ألا ترضين أن ‌تكوني ‌سيّدة ‌نساء ‌العالمين، وسيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء المؤمنين؟» [المستدرك ج3 ص156]، وقال الحاكم: (هذا إسناد صحيح، ولم يخرجاه هكذا) ووافقه الذهبيّ في التلخيص.

وورد عن عمران بن حصين عنه (صلّى الله عليه وآله): «يا بنيّة، أمَا ترضين أن تكوني ‌سيّدة ‌نساء العالمين؟»[حلية الأولياء ج2 ص42، الاستيعاب ج5 ص1895].

10ـ في أنّها بضعة النبيّ:

ورد عن المسور بن مخرمة: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «فاطمة بضعة منّي، فمَن أغضبها فقد أغضبني» [صحيح البخاري ج4 ص210]، وأنّه قال: «فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها» [صحيح مسلم ج7 ص141].

11ـ في أنّها أحب أهل البيت على النبيّ

فقد أخرج الترمذيّ والحاكم - واللفظ له - بالإسناد إلى أسامة بن زيد (رضي الله عنه) قال: «كنت في المسجد فأتاني العبّاس وعليٌّ فقالا لي: يا أسامة استأذن لنا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فدخلت على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فاستأذنته فقلت له: إنّ العبّاس وعليّاً يستأذنان، قال: هل تدري ما حاجتهما؟، قلت: لا والله ما أدري، قال: لكنّي أدري!، ائذن لهما، فدخلا عليه فقالا: يا رسول الله جئناك نسألك أيّ أهلك أحبّ إليك؟. قال أحبّ أهلي إليّ فاطمة بنت محمّد» [سنن الترمذي ج5 ص342، وقال عنه: هذا حديث حسن، المستدرك ج2 ص417، وقال عنه: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، المعجم الكبير ج2 ص403، الجامع الصغير ج1 ص37،]. وللحديث ألفاظ أخرى وبطرق أخرى ترشد على أنّه (صلّى الله عليه وآله) قد صرّح أمام أصحابه بذلك أكثر من مرّة.

12ـ في أنّها ليس لها كفؤٌ مطلقاً إلّا أمير المؤمنين:

ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): «لو لم يُخلق عليٌّ ما كان لفاطمة كفؤٌ» [كنوز الحقائق ص133، ينابيع المودّة ج2 ص67].

13ـ في أنّ الله تعالى أمر بتزويجها من عليّ:

ورد عن جعفر بن محمّد عن آبائه (عليهم السلام) – في خبر خطبة فاطمة -« فقال [صلى الله عليه وآله]: يا فاطمة، إنّ الله أمرني فأنكحتُك أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً، وما زوّجتك إلّا بأمرٍ من السماء، أما علمتِ أنّه أخي في الدنيا والآخرة »، وورد مثله عن جماعة من الصحابة – منهم أسماء بنت عميس وأمّ أيمن وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله – [شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص227].

14ـ في حضور الملائكة زفافها:

ورد عن ابن عباس قال: «لمّا كانت الليلة التي زُفّت فاطمة (عليها ‌السلام) إلى علي (عليهما ‌السلام) كان النبيّ (صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلّم) أمامها، وجبريل عن يمينها، وميكائيل عن يسارها، وسبعون ألف مَلَك من خلفها، يسبّحون الله ويقدّسونه حتّى طلع الفجر» [تاريخ بغداد ج5 ص211، عيون الأخبار ص45، ذخائر العقبى ص22].

15ـ أنّ سِلمها وحربها سِلم النبيّ وحربه:

ورد عن أبي هريرة قال: «نظر النبيّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم) إلى عليٍّ والحسن والحسين وفاطمة، فقال: أنا حربٌ لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم» [مسند أحمد ج2 ص442، المستدرك ج3 ص149].

16ـ في أنّه تعالى حرّم ذريّتها على النار ببركتها (عليها السلام):

ورد عن عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان قالا: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللهُ ذرّيتَها على النار» [المستدرك ج3 ص152، فضائل فاطمة لابن شاهين ص25]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).

17ـ في أنّها أوّل من يدخل الجنّة بعد النبيّ:

ورد عن أبي هريرة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أوّل شخص يدخل عليّ الجنّة فاطمة، ومثلها في هذه الأمة مثل مريم في بني إسرائيل» [دلائل النبوة ص66، مقتل الحسين ج1 ص120].

18ـ في أنّ الناس يمنعون من النظر إلى نورها يوم القيامة:

وهو من الأحاديث المستفيضة، منها ما ورد عن عليّ (عليه السلام)، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجب: يا أيّها الناس غضّوا أبصاركم ونكّسوا، فإنّ فاطمة بنت محمد تجوز الصراط إلى الجنّة» [المستدرك ج3 ص 153، المعجم الكبير ج1 ص108]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).

19ـ في إشراقة الجنان من نور ثغرها وضحكتها:

ورد عن ابن عباس قال: «بينما أهل الجنّة في نعيمهم إذ رأوا نوراً ظنّوه شمساً، قد أشرقت بذلك النور الجنّة، فيقولون: قال ربّنا: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا}، فما هذا النور؟ فيقول لهم رضوان: ليست هذه شمس ولا قمر، ولكن هذه فاطمة وعليٌّ ضحكا، فأشرقت الجنان من نور ضحكهما [ثغريهما] وفيهما أنزل الله تعالى: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ}» [تفسير القرطبي ج19 ص138، تفسير الآلوسي ج29 ص159].

20ـ في أنّها وأهل بيتها ميزان أعمال الناس:

ورد عن ابن عباس عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «أنا ميزان العلم، وعليّ كفّتاه، والحسن والحسين خيوطه، وفاطمة علاقته، والأئمّة من أُمّتي عموده، يوزن فيه أعمال المحبّين لنا، والمبغضين لنا» [الفردوس ج1 ص44، إتحاف السائل ص75].

هذا غيض من فيض وقطرة من بحور فضائلها. اللّهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها وأرضها عنّا وارزقنا زيارتها في الدنيا وشفاعتها في الآخرة يا أرحم الراحمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.