صفات الأنبياء التي في الإمام المهدي (عج)

ما هي صفات الأنبياء التي في الإمام المهدي (عجل الله فرجه)؟

:  الشيخ محمد باقر آل حيدر

بسم الله الرحمن الرحيم لا يخفى أنّ الأنبياء والأوصياء مع اشتراك جميعهم بكونهم مبعوثين من قبل الله تعالى، ينفرد بعضهم بالاشتراك في جهاتٍ خاصّةٍ مع بعض الأنبياء أو الأوصياء الآخرين، كمشابهة النبيّ يحيى (عليه السلام) للإمام الحسين (عليه السلام) من جهة المظلوميّة والقتل ونحوهما. وكذلك إمامنا المنتظر (صلوات الله عليه)، فقد شابه الأنبياء والأوصياء في جوانب متعددةٍ، وسنستعرض – في هذا المقام - بعضاً ممّا وصل إلينا من خلال الروايات الشريفة: 1ـ طول العمر: حيث شابه إمامنا (صلوات الله عليه) بعض الأنبياء والحجج كآدم ونوح والخضر (عليهم السلام) من جهة طول العمر، وقد أشار القرآن إلى طول عمر النبيّ نوح (عليه السلام) بقوله: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14]. وروي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): أن الله تعالى إنما أطال في عمر العبد الصالح الخضر (عليه السلام) ليحتجّ به على عباده وليقطع حجّة المعاندين [ينظر: كمال الدين ص٣٥٢، الغيبة ص١٠٤]. 2ـ خفاء الولادة: شابه امامنا (عليه السلام) نبيي الله إبراهيم وموسى (عليهما السلام) بخفاء الولادة، إذ المعروف أنّ أمّ إبراهيم (عليه السلام) وضعت ولدها في غارٍ خوفاً من نمرود، وأنّ أمّ موسى (عليه السلام) وضعت ولدها في النيل خوفاً من فرعون، وهكذا إمامنا (عليه السلام)، فإنّه قد أخفيت ولادته خوفاً من العباسيّين، ولم يطلع الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) على أمره إلّا خاصّة المؤمنين، حيث ورد عن الامام زين العابدين ( عليه السلام) « في القائم منا سننٌ من ستة من الأنبياء عليهم السلام.. وأما من إبراهيم (عليه السلام) فخفاء الولادة..» [كمال الدين ص321]. 3ـ الغيبة: حيث غاب (صلوات الله عليه) كما غاب من قبلُ أنبياء الله إدريس وصالح وابراهيم ويوسف وموسى وغيرهم (عليهم السلام)، وكذلك غيبة الحجج الإلهيّين بين موسى وعيسى (عليهما السلام)، ويمكن مراجعة الروايات الواردة في غيبة كلّ واحدٍ منهم في كتاب (كمال الدين) للشيخ الصدوق. 4ـ جهالة الناس به: كان نبي الله يوسف (عليه السلام) بين الناس ويجهلونه، فلا يعرفون أنّه نبيٌّ، وكذلك إمامنا (عليه السلام)، روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: «وأما سنّته من يوسف فالسـتر، جعـل الله بينـه وبـين الخلـق حجاباً يرونه ولا يعرفونه» [كمال الدين ص379]. 5ـ طول الوعد: حيث أطال الله وعده إيّانا بظهور إمامنا (صلوات الله عليه)، وكذلك طال الوعد على نوح (عليه السلام) وقومه، وعلى موسى (عليه السلام) وقومه، فإنّ نوح (عليه السلام) لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله عز وجل جبرئيل الروح الأمين بسبعة نوات فقال: يا نبيَّ الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إنَّ هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلَّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فاني مثيبك عليه واغرس هذه النوى فإنَّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين. فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصَّنت وأثمرت وزها الثمر عليها بعد زمنٍ طويلٍ استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أنْ يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكّد الحجة على قومه، حتى عاود ذلك سبع مرات فما زالت ترتد طائفةٌ بعد طائفةٍ إلى أنْ عاد إلى نيف وسبعين رجلاً فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل [كمال الدين ص٣٥٢، الغيبة للطوسي ص١٠٤]. 6ـ الخوف: ورد في تسمية امامنا (عليه السلام) بالخائف، كما أورد السيد ابن طاووس في زيارة الصاحب (عليه السلام) في يوم الجمعة «السلام عليك أيها المهذّب الخائف» [جمال الأسبوع ص41] وورد الخبر عن الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام): أنّه شابه موسى (عليه السلام) بدوام خوفه [ينظر: كمال الدين ص355]، وخوف موسى (عليه السلام) معروف ففي قوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 21]. 7ـ اختلاف الناس فيه: حيث يقولون في كما قالوا في نبيّ الله عيسى (عليه السلام) أنّه مات وما هو بميت [ينظر: كمال الدين ص354]، وكذلك شابه صالحاً (عليه السلام) حيث روي: أنّ قومه أنكروه وما صدّقه إلّا علماؤهم [ينظر: كمال الدين ص165]. 8ـ قيامه بالسيف: فبقيامه (صلوات الله عليه) يشابه جدّه المصطفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث روي: أنّه سيقتل أعداء الله وأعداء رسوله (صلى الله عليه وآله) والجبارين والطواغيت، وينصر بالرعب ولا تردّ له راية [ينظر: كمال الدين ص355]. 9ـ صلاح أمره في ليلة: بمعنى تهيؤ الأمور والظروف المؤاتية لظهوره (صلوات الله عليه)، حيث روي: أنّه (عليه السلام) شابه يوسف (عليه السلام) بأنّ الله يصلح أمره في ليلةٍ واحدةٍ [ينظر: كمال الدين ص357]، حيث صلح الأمر ليوسف (عليه السلام) في ليلة، فإذا هو من سجينٍ الى عزيز مصر. 10ـ أذيّة شيعته: حيث روي: أنّه (عليه السلام) شابه موسى (عليه السلام) بتعب شيعته بما لقوا من الأذى من بعده [ينظر: كمال الدين 355]. أعان الله شيعته وأجزل مثوبتهم، وعجل بظهوره وجعلنا من المسلمين لأمره و أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه، وليرجع القارئ إلى الروايات الشريفة في المقام التي أفرد لها العلّامة المجلسيّ باباً خاصّاً لها في بحار الأنوار بعنوان: (ما فيه (عليه السلام) من سنن الأنبياء، والاستدلال بغيباتهم على غيبته (صلوات الله عليهم)). والحمد لله رب العالمين، وصلّى على محمّد وآله الطاهرين.