فائدة دعاء الفرج للإمام المهدي (عج)

هل لدعاء الفرج فائدةٌ تُرجى بالنسبة إلى: أ- الإمام المهدي (عليه السلام)؟ب- للشخص الداعيّ نفسه؟ج- للظهور أيْ: هل من الممكن أنْ يساهم دعاؤنا في تقديم الظهور وتعجيله؟ أرجو أنْ تكون

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب

مشفوعةً بالروايات الصحيحة والأدلة العقليَّة، مع خالص شكري وامتناني ودعائي لكم بالتوفيق.

الجواب:

إنَّ الدعاء بتعجيل الفرج للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) له فوائد عظيمةٌ تشمل مختلف الجوانب العقائديَّة، الروحيَّة، الأخلاقيَّة، والثقافيَّة. ولا يمكن حصر بركة هذا الدعاء في جانبٍ واحدٍ دون آخر، كما لا يمكن التمييز بشكلٍ دقيقٍ بين فائدته للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، أو فائدته للداعي، أو فائدته لعصر الظهور؛ لأنَّ الدعاء في جوهره يحمل نوراً وبركةً تشمل الجميع، هو تفاعلٌ حيٌّ مع قضية الإمام، وارتباطٌ وجدانيٌّ وعمليٌّ به. ومع ذلك، ما يهم المؤمن بشكلٍ خاصٍّ هو الأثر الذي يتركه هذا الدعاء في نفسه وسلوكه، وفي علاقته بدينه وعقيدته، وفيما يأتي بعض الفوائد التي يمكن تلخيصها في الآتي:

أولاً: أنَّ الدعاء بالفرج للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يُعَدُّ تجسيداً عملياً للإقرار بمقامه الشريف، وإمامته، وغيبته، وسائر شؤونه، وهو تعبيرٌ عن الولاء الحقيقيّ له. وقد ورد في النصوص الشريفة ما يشير إلى عظيم مكانة المنتظرين له، والداعين بتعجيل فرجه، فقد جاء في دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في يوم عرفة: «اللَّهم وصلِّ على أوليائهم، المعترفين بمقامهم، والمتَّبعين لمنهجهم، والمقتفين لآثارهم، والمتمسكين بولايتهم، والمؤتمَّين بإمامتهم، والمسلّمين لأمرهم، والمجتهدين في طاعتهم، والمنتظرين أيامهم، والمادّين إليهم أعينهم، بالصلاة المباركة الزاكيَّة الناميَّة الغادية الرائحة، وسلِّم عليهم، إنَّك أنت التواب الرحيم، وخير الغافرين، واجعلنا معهم في دار السلام، برحمتك يا أرحم الراحمين» [الصحيفة السجاديَّة ص257].

ثانياً: أنَّ الدعاء للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يُعتبر من أبرز أشكال النصرة القلبيَّة واللسانيَّة، فالدعاء ليس مجرَّد كلماتٍ تُقال، بل هو تعبيرٌ صادقٌ عن الولاء والإيمان العميق بالإمام، ويجسد ما في القلب من اعتقادٍ حقيقيٍّ على اللسان، مما يعزّز الارتباط الروحيِّ مع الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف). وقد ورد في الروايات الشريفة أنّ النصرة الحقيقية لأهل البيت (عليهم السلام) تشمل القلب واللسان واليد، فقد قال الإمام الحسن (عليه السلام): «مَن أحبّنا بقلبه ونصرنا بيده ولسانه، فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها» [الأمالي للمفيد ص33].

كما روي عن الإمام الحسين (عليه السلام) قوله: «من أحبَّنا بقلبه، وأعاننا بلسانه ويده، فهو معنا في الرفيق الأعلى يوم القيامة» [معارج الوصول ص91].

ثالثاً: أنَّ الدعاء للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ليس مجرد إعلانٍ للولاء فحسب، بل هو براءةٌ من الأعداء أيضاً. فبتكرار هذا الدعاء وترديده في جميع الأوقات نؤكّد تعلقنا بالإمام وحبَّنا له، وفي الوقت نفسه نعلن تبرءنا من كلّ من يعاديه أو يقف ضد دعوته، فقد روي أنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله) رفع يديه إلى السماء بعد أنْ ذكر الأئمة الطاهرين، وقال في دعائه: «اللَّهم وال من والى خلفائي وأئمة أمتي من بعدي، وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم، واخذُل من خذلهم، ولا تُخلِ الأرض من قائمٍ منهم ظاهراً أو خائفاً مغموراً لئلَّا تبطل حجتُك ودينُك وبيناتك...» [كمال الدين ص262].

رابعاً: ورد في عددٍ من النصوص أنَّ من أبرز فوائد الدعاء للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) بالفرج هو أنَّ في فرجه يفرج الله تعالى عن المؤمنين جميعاً، فقد رُوي في التوقيع المروي: «وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنَّ ذلك فرجكم» [كمال الدين ص485]، ما يعني أنَّ فرج الأمة يتحقق عند ظهور صاحب الأمر (عجل الله فرجه الشريف)؛ لذا ينبغي الإكثار من الدعاء للإمام، لأنَّ الدعاء له يُعد سبباً لتحقيق الفرج للجميع، وينعم المؤمنون من خلاله بدولة العدل الإلهيّ.

خامساً: أنَّ المواظبة على الدعاء للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) والاهتمام بهذا الجانب أمرٌ بالغ الأهمية للنجاة من الفتن والاختلافات في عصر الغيبة، فقد ورد في بعض النصوص أنَّ الأمة ستختلف في شأن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) بعد غيبته الكبرى، ومن أهم الوسائل التي تساعد في النجاة من تلك الفتن هو الإكثار من الدعاء له والمواظبة على ذلك، مع طلب العون من الله تعالى على الثبات وعدم التراجع أو الخذلان، وقد ورد هذا المعنى في العديد من النصوص، منها ما رُوي عن الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام): «والله ليغيبنَّ غيبةً لا ينجو فيها من الهلكة إلَّا من ثبّته الله عز وجل بالقول بإمامت،ه ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه» [كمال الدين ص384].

وفي المحصلة، يمكننا أنْ نقول إنَّ دعاء الفرج للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) يربط المؤمن بالإمام المنتظر، ويعزّز ولاءه وعقيدته، مما يعود عليه بثمراتٍ عظيمةٍ في الدُّنيا والآخرة، فالدعاء هو أحد الأسباب التي يترتب عليها تعجيل الفرج، كما ورد في التوقيع الشريف: «وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنَّ ذلك فرجكم»، وعليه فإنَّ الدعاء ليس فقط وسيلةً للتقرب إلى الله تعالى، بل هو سببٌ مؤثرٌ في تسريع الفرج الذي سيعمُّ الأمة جميعاً، ويحقق العدالة الإلهيَّة في الأرض.

نسأل الله أنْ يوفقنا جميعاً لخدمة هذا الدين الحنيف، وأنْ يوفّقنا للدعاء مخلصين من أجل تعجيل فرج إمامنا المهدي عجل الله فرجه الشريف، حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.