موقف الشيعة من عبد الله بن أُُبي
السؤال: مَن هو عبد ﷲ بن أُُبيّ؟ وهل هو صحابيّ؟ وما موقف الشيعة منه؟
الجواب:
هو عبد الله بن أبي بن أُبي سلول، من كبار الخزرج في المدينة، توفي في السنة التاسعة للهجرة، كان رأس النفاق، وزعيمَ المنافقين، حاقداً على الإسلام والنبيّ (صلى الله عليه وآله)، وقد كان أهل المدينة يريدون تنصيبه زعيماً لهم، إلّا أنّ أحلامه تحطّمت بمجيء النبيّ للمدينة وإسلام الأوس والخزرج.
قال ابن كثير: (فلمّا كانت وقعة بدر العظمى، وأظهر الله كلمته، وأعزّ الإسلام وأهله، قال عبد الله بن أبي بن سلول، وكان رأساً في المدينة، وهو من الخزرج، وكان سيّد الطائفتين في الجاهليّة، وكانوا قد عزموا على أنْ يملّكوه عليهم، فجاءهم الخير وأسلموا واشتغلوا عنه، فبقي في نفسه من الإسلام وأهله، فلما كانت وقعة بدر، قال: هذا أمرٌ قد توجّه، فأظهر الدخول في الإسلام، ودخل معه طوائف ممَن هو على طريقته ونحلته، وآخرون من أهل الكتاب، فمن ثَمَّ وجد النفاق في أهل المدينة ومَن حولها من الأعراب) [تفسير القرآن العظيم ج1 ص75].
ويُعدُّ الرجل من الصحابة حسب ما دلّت عليه بعض الروايات، وإنْ كان للجمهور تأويلاتٌ لها لإخراجه من الصحابة، روى مسلم بن الحجّاج: «قال: سمع عمرو جابر بن عبد الله يقول: كنّا مع النبيّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في غزاة، فكسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاريّ: يا للأنصار، وقال المهاجريّ: يا للمهاجرين، فقال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): ما بال دعوى الجاهليّة؟! قالوا: يا رسول الله، كسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار. فقال: دعوها، فإنها مُنتِنةٌ. فسمعها عبد الله بن أبي فقال: قد فعلوها؟! والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، قال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: دعه، لا يتحدّث الناس أنّ محمّداً يقتل أصحابه) [صحيح مسلم ج8 ص19].
قال النوويُّ: (ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ولإظهارهم الإسلام، وقد أمر بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر؛ ولأنَّهم كانوا معدودين في أصحابه (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، ويجاهدون معه؛ إمّا حميّةً، وإمّا لطلب دُنياً أو عصبيّة لمَن معه من عشائرهم) [شرح صحيح مسلم ج16 ص139].
وروى مسلم عن حذيفة: قال النبيّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم): «في أصحابي اثنا عشر منافقاً، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجملُ في سمّ الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة» [صحيح مسلم ج8 ص 122].
وقد كان عبد الله بن أُبي ساعياً لإثارة الفتن داخل المجتمع الإسلاميّ، فنزلت بشأنه آياتٌ عديدةٌ، من ذلك: ما جاء في تفسير القميّ: ({وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فهم ثلاث مائة منافقٍ رجعوا مع عبد الله بن أبي سلول) [تفسير القمي ج1 ص148].
قال الشريف المرتضى: (ومن ذلك: قوله تعالى: {لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} وجاءت الرواية: بأنَّ قائلَ ما حُكِيَ في الآية عبد اللّه بن أبي بن سلول) [الذخيرة في علم الكلام ص397].
وقال الشيخ الطبرسيّ: (وغضب ابن أبي، وعنده رهطٌ من قومه فيهم زيد بن أرقم - حديث السن -، فقال ابن أبي: قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما مثلنا ومثلهم إلّا كما قال القائل: (سمِّنْ كلبَك يأكلك)، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة، ليُخرِجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ - يعني بالأعزّ نفسه، وبالأذلّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)) [مجمع البيان ج10 ص22].
وقال الشيخ الطوسيّ: (وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} نزلت في عبد الله بن أبي سلول) [الرسائل العشر ص132].
وقال - في تفسير قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} -: (قيل نزلت في رجلين اقتتلا، وقيل: في فئتين، وذلك أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يخطب، فنازعه عبد الله بن أبي بن سلول المنافق) [المبسوط ج7 ص262].
وقال ابن فهد الحليُّ: (وللمنافق ما قاله النبيُّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم) على عبد الله بن أبي سلول: اللّهمّ احش جوفه ناراً، واملأ قبرَه ناراً، واصله نارك) [الرسائل العشر ص304].
إذن: عبد الله بن أبي من صحابة النبيّ المنافقين، والشيعة تتبرّأ منه، وليس كلُّ الصحابة عدولاً، بل فيهم المنافق والمؤمن، وهو ما يتوافق مع ما جاء في الآيات القرآنيّة، وذكرته كتب السيرة والتاريخ.
اترك تعليق