مشاركة الإمام الكاظم (ع) في ثورة النفس الزكية
السؤال: هناك روايةٌ نقلها أبو الفرج الاصفهانيُّ مفادُها: أنَّ الإمام موسى بن جعفر (صلوات الله عليهما) بايع محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بالنفس الزكية، وقاتل باعتباره جنديَّاً عنده أمام بني العباس؟ هل يمكن معرفة موقف الامام الكاظم (عليه السلام) من ثورات بني عمومته ضد الجائرين؟
الجواب:
هذا من المفتريات على الإمام الكاظم (عليه السلام)، فإنّه لم يبايع محمّد بن عبد الله، ولا كان جنديّاً تحت إمرته، ولا شارك في ثورات بني الحسن (عليه السلام)؛ لأسبابٍ عديدة.
أمّا الخبر الذي أشار إليه السائل فهو ما نقله أبو الفرج الأصفهانيّ بقوله:
(أنبأنا بكّار بن أحمد، قال: حدّثنا الحسن بن الحسين، عن سليمان بن نهيك، قال: كان موسى وعبد الله ابنا جعفر، عند محمّد بن عبد الله، فأتاه جعفر فسلّم، ثمّ قال: تحبّ أنْ يُصطلَم أهل بيتك؟ قال: ما أحبّ ذلك.
قال: فإنْ رأيت أنْ تأذن لي فإنّك تعرف علّتي.
قال: قد أذنتُ لك. ثمّ التفت محمّدٌ بعدما مضى جعفر إلى موسى وعبد الله ابني جعفر فقال: الحقا بأبيكما، فقد أذنتُ لكما. فانصرفا. فالتفت جعفر فقال: ما لكما؟ قال: قد أذن لنا.
فقال جعفر: ارجعا، فما كنتُ بالذي أبخلُ بنفسي وبكما عنه، فرجعا فشهدا محمّداً) [مقاتل الطالبيين ص170].
ويلاحظ على هذا الخبر:
أوّلاً: لو نظرنا في السند لوجدنا فيه أكثر من علّة، فأبو الفرج الأصفهانيّ – راوي الخبر وصاحب الكتاب - مجهول الحال لدى الإماميّة، ولم يوثّقه أحد، وكذا حال سليمان بن نهيك فإنّه مجهول، فالرواية ساقطة سنداً.
وثانياً: تفرّدت المصادر الزيديّة بهذا النقل، ومنها كتاب مقاتل الطالبيّين للأصفهانيّ الزيديّ، فلم تشر لذلك كتب التاريخ، خاصّة أنّ الإماميّة أعرف بأخبار الإمام الكاظم (عليه السلام) من غيرهم.
وثالثاً: هذا التفرّد جاء ليضفي شرعيّةً على تلك الثورة بعد بروز الموقف السلبيّ للإمام الصادق (عليه السلام) من تنصيب محمد بن عبد الله قائداً للثورة ضدّ الأمويّين في اجتماع الأبواء، وبعد رفضه المشاركة في ثورته سنة 145هـ، وهي روايةٌ ذكرها أبو الفرج الاصفهانيُّ بثمانية أسانيد.
وفيها أخبر الصادق (عليه السلام): بمقتل محمّد، وأنَّ الخلافة من نصيب المنصور، لكنّهم لم يسمعوا كلامه، واتّهمه عبد الله المحض بالحسد - كما في رواية الأصفهانيّ -، وتمّ قتله كما أخبر الإمامُ الصادق (ع) [ينظر: مقاتل الطالبيّين ص140ـ142].
ورابعاً: من المستبعد أنْ يغامر الإمام الصادق (عليه السلام) بإرسال ابنه للمشاركة في ثورةٍ على العباسيّين، وهو يعلم بترصّد المنصور له عبر عيونه، ولو أرسل الصادق (عليه السلام) ولده لعلم ذلك المنصور عبر جواسيسه ونقلة الأخبار آنذاك، خاصّة أنّهم يزعمون: أنّ أوّل قتيلٍ من أعوان المنصور اشترك في قتله الإمام الكاظم وأخوه عبد الله، وما كان هذا ليخفى على قادة جيش المنصور وجنوده وجواسيسه.
وخامساً: لو راجعنا حديث المنصور مع الإمام الصادق (عليه السلام) في سنة 147هـ - أي بعد سنتين من ثورة محمد بن عبدالله المحض -، يتّضح لنا موقف الإمام الصادق (عليه السلام) وعدم مشاركته هو أو ولديه في الثورة، فممّا قاله المنصور للصادق (عليه السلام): (اتّخذك أهل العراق إماماً يجبون إليك زكاة أموالهم، وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل، قتلني الله إنْ لم أقتلك!
فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ سليمان (عليه السلام) أُعطِي فشكر، وإنّ أيوب ابتُلِي فصبر، وإنّ يوسف ظُلِم فغفر، وأنت من ذلك الشيخ [كذا في المصدر والصحيح: السنخ] فقال له أبو جعفر: إليّ وعندي أبا عبد الله البريء الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحمٍ أفضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم...) [المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ج8 ص106ـ107]، ونقل قريباً منه أبو الفرج الأصفهانيّ في [مقاتل الطالبيين ص232ـ233].
فلو أنّ الإمام الصادق (عليه السالم) أرسل ابنه الإمام الكاظم (عليه السلام) لَمَا خفي ذلك على المنصور، خاصّة مع وجود عيونٍ له على بيوت العلويّين عامّة، وبيت الإمام الصادق خاصّة.
وسادساً: ممّا يؤكّد ما تقدّم - من عدم مشاركة الإمام الكاظم (ع) في تلك الثورة -: هو تعقّب المنصور المشاركين فيها، وعدم تعقّبه الإمام (ع)، خصوصاً أنّ عليّ بن محمّد بن عبد الله المحض – وهو ابن زعيم الثورة – قد اعترف للمنصور وسرد أسماء المشاركين في الثورة.
نقل الأصفهانيُّ عن عبد الله ابن عمر: (إنّ عليّ بن محمّد بن عبد الله بن الحسن لمّا أخذه أبو جعفر اعترف له، وسمّى أصحاب أبيه...) [مقاتل الطالبيين ص197].
ونقل الأصفهانيّ عن هارون بن موسى الفرويِّ قال: (وخرج عبد الواحد بن أبي عون مع محمّد بن عبد الله - وكان من دوس، وكان منقطعاً إلى عبد الله بن الحسن -، فطلبه أبو جعفر فيمَن طلب بعد مقتل محمّد، فتوارى عند محمّد بن يعقوب بن عيينة، فمات عنده) [مقاتل الطالبيين، ص 193]. هذا النصّ الذي فيه (فطلبه أبو جعفر فيمن طلب بعد مقتل محمد، فتوارى...) يدلّ على تتبّع المنصور للثائرين.
ويدلّ نصٌّ آخر على معرفة المنصور بمشاركة ولدي الحسن بن زيد ومعرفته بموقعهما في المعركة، وهو ما نقله أبو الفرج الأصفهانيّ عن عيسى قال: (قال أبو جعفر للحسن بن زيد: كأنّي أنظر إلى ابنيك واقفين على رأس محمّد بسيفين عليهما قباء، أن قال: يا أمير المؤمنين، قد كنتُ أشكو إليك عقوقهما قبل اليوم، قال: أجل، فهذا من ذاك) [مقاتل الطالبيين ص187].
وممّن شارك في الثورة - وكان المنصور على علمٍ بأمره - المرجي عليّ بن جعفر بن إسحاق، جاء في الرواية: (قال عيسى: قال أبو جعفر لجعفر بن إسحاق: مَن المرجى هذا؟ فعل الله به وفعل؟ قال: يا أمير المؤمنين ذاك ابني، والله لئن شئت أنْ أنتفي منه لأفعلنَّ) [مقاتل الطالبيين ص187].
ولَـم يخفَ على السلطة حالُ ابن عجلان أحد المشاركين بالثورة، إذْ أمر والي المدينة جعفر بن سليمان بقطع يده، فقد نقل الأصفهانيّ عن الواقديّ قال: (كان ابن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدهم غير مدافع، وكان له حلقةٌ في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) يفتي فيها الناس ويحدّثهم، فلمّا خرج محمّد بن عبد الله بن الحسن خرج معه، فلمّا قُتِل محمّد وولى جعفر بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس المدينة، بعث إلى ابن عجلان، فأتى به، فسكت، فقال له: أخرجت مع الكذّاب؟ وأمر بقطع يده، فلم يتكلّم ابن عجلان بكلمة، إلّا أّنَّه كان يحرّك شفتيه بشيءٍ لا يُدري ما هو، فظنّ أنّه يدعو، فقام مَن حضر جعفراً من فقهاء المدينة وأشرافها، فقالوا له: أصلح الله الأمير، محمّد بن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدهم، وإنّما شُبّه عليه وظنّ أنّه المهدي الذي جاءت فيه الرواية) [مقاتل الطالبيين ص193].
ونقل الأصفهانيّ عبد الله بن يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر قال: (أراد بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر - وكانوا خرجوا مع محمّد بن عبد الله - أن يظهروا بعد قتله، فقال أبي للحسن بن معاوية: لا نظهر جميعاً، فإنّا إنْ فعلنا أخذك جعفر بن سليمان من بيننا. قال: وجعفر يومئذٍ على المدينة. فقال: لا بدّ من الظهور. فقال له: فإنْ كنتَ فاعلاً فدعني أتغيّب، فإنّه لا يقدم عليك ما دمت متغيّباً. قال: لا خير في عيشٍ لست فيه. فلمّا ظهروا أخذ جعفر بن سليمان الحسن... فضربه أربعمائة سوط) [مقاتل الطالبيين ص201].
وقال أبو الفرج: (وممّن أخذه أبو جعفر من آل أبي طالب، وحبسه، وضربه بالسوط من أصحاب محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أمه وأمّ إخوته يزيد وصالح ابني معاوية: فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وأمّها أمّ ولد. وخرجوا جميعاً مع محمّد بن عبد الله. واستعمل الحسن بن معاوية على مكّة. فلمّا قتل محمّد بن عبد الله أخذه أبو جعفر فضربه بالسوط وحبسه. فلم يزل في الحبس حتّى مات أبو جعفر، فأطلقه المهدي) [مقاتل الطالبيين ص202].
ولقد تتبَّع المنصور المشاركين في ثورة محمد الذين فروا إلى البلاد البعيدة، من هؤلاء: عبد الله الأشتر بن محمّد بن عبد الله قائد الثورة، قال الأصفهانيُّ: (كان عبد الله بن محمّد بن مسعدة المعلّم أخرجه بعد قتل أبيه إلى بلد الهند فقتل بها، ووجّه برأسه إلى أبي جعفر المنصور، ثمّ قدم بابنه محمّد بن عبد الله بن محمّد بعد ذلك وهو صغير على موسى بن عبد الله بن الحسن. وابن مسعدة هذا كان مؤدّباً لولد عبد الله بن الحسن) [مقاتل الطالبيين ص206ـ207].
بل إنّ المنصور وجلاوزته لم يتركوا المشاركين في ثورة محمّد حتّى بعد موتهم بشهورٍ أو سنين من تلك الثورة، نقل أبو الفرج عن حميد بن عبد الله الفرويّ قال: (لمّا قُتل محمّد تغيّب عبد الله بن عطاء فمات متوارياً، فلمّا خرج نعشه بلغ خبره جعفر بن سليمان، فأنزله من نعشه فصلبه، ثمّ كُلِّم فيه فأنزله بعد ثالثة، وأذن في دفنه) [مقاتل الطالبيين ص191]، فكيف والحال هذا يتناسون أمر موسى بن جعفر (عليه السلام) لو افترضنا مشاركته في تلك الثورة؟
وكان المنصور يسجن بعض المشاركين في الثورة، ولا ينسى أمرهم حتّى بعد مرور سنين على الثورة، نقل الأصفهانيُّ عن الواقديّ قال: (خرج عبد الله بن عمر بن العمريّ مع محمّد بن عبد الله هو وأخوه وأبو بكر بن عمر، فلم يزل معه حتّى انقضى أمره وقتل، فاستخفى عبد الله بن عمر، ثمّ طُلِب فوُجِد، فأُتِي به أبو جعفر، فأمر بحبسه فحبس في المطبق سنين، ثمّ دعا به فقال: ألم أفضّلك وأكرمك، ثمّ تخرجُ عليَّ..) [مقاتل الطالبيين ص193ـ194].
أقول: تدلّ هذه الروايات بمجموعها على معرفة المنصور بتفاصيل حركة محمّد ومَن ثار معه، وتدلّ على تعقّب المنصور لمَن بقي حيّاً من الثائرين، وتقصّي أخبارهم، فلو شارك الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في ثورة محمّد - مع هذا الحال الذي قدمناه - لعلم المنصور بذلك وتتبّعه وعاقبه كما فعل مع مَن ذكرناهم. لكن تاريخ الفرق الإسلاميّة وكتبهم لا تذكر من ذلك شيئاً ممّا يدلّ على عدم مشاركته في الثورة، وإنّما هو افتراءٌ من الزيديّة.
وسابعاً: الذي يؤكّد ما ذكرته - من عدم إرسال الصادق (عليه السلام) ولده -: ما رواه أبو الفرج الأصبهانيُّ عن أيوب بن عمر قال: (لقي جعفر بن محمّد أبا جعفر فقال: يا أمير المؤمنين، أردُدْ عليّ عين أبي زياد آكل من سعفها. قال: إيّاي تكلم بهذا الكلام؟ والله لأزهقنّ نفسك. قال: لا تعجل، قد بلغتُ ثلاثاً وستين، وفيها مات أبي وجدّي عليّ بن أبي طالب، فعليّ كذا وكذا إنْ آذيتك بشيءٍ أبداً، وإنْ بقيت بعدك إنْ آذيت الذي يقوم مقامك، فرَقَّ له وأعفاه) [مقاتل الطالبيين ص184].
يبيّن هذا النصّ بوضوحٍ رؤية الصادق (عليه السلام)، فهو يتعهّد بعدم إيذاء الخليفة، وكان عمره حينها ثلاثاً وستين عاماً، فبناءً على أنّه ولد سنة (80 هـ) – كما هو رأي الطبرسيّ وابن عنبة وابن طلحة والجعابيّ واللالكائيّ والبخاريّ والذهبيّ – يكون كلامه المتقدّم مع المنصور العباسيّ سنة (143 هـ)، أي: قبل ثورة محمّد بسنتين.
ولقد أعطى الإمام (عليه السلام) كلمةً للمنصور، وحاشاه من أنْ يخلف وعده، وتعهّدُه هذا يدلّ على عدم خروجه بنفسه مع أحد الثوّار للإطاحة بالمنصور وحكمه، ويدلّ على عدم إرسال ولده للثورة على المنصور - كما زعموا -.
وثامناً: لا يذكر التاريخ أنّ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) توارى بعد الثورة كما فعل من شارك بها، مثل الحسين بن زيد وأخوه عيسى، وهذا سلوك العقلاء. وهذا يكذّب اشتراكه في تلك الثورة.
قال الأصفهانيُّ - في ترجمة الحسين بن زيد -: (الحسين بن زيد بن علي (عليه السلام)، وممن توارى منهم مَن شهد مع محمّد وإبراهيم (عليهما السلام)، توارياً طويلاً، فلم يطلب وأمن) [مقاتل الطالبيين ص257].
وقال: (وممّن توارى منهم في هذه الأيام فمات متوارياً: عيسى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب) [مقاتل الطالبيين ص268].
روى الأصفهانيُّ: (أنّ عيسى بن زيد انصرف من وقعة باخمرى بعد مقتل إبراهيم، فتوارى في دور بن صالح بن حي، وطلبه المنصور طلباً ليس بالحثيث، وطلبه المهدي وجدَّ في طلبه حيناً فلم يقدر عليه) [مقاتل الطالبيين ص278].
وقد كان المنصور على علمٍ بمشاركة الحسين بن زيد في الثورة، فقد روى أبو الفرج عن علي بن محمّد النوفليّ عن أبيه قال: (كان عيسى والحسين ابنا زيد بن عليّ مع محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن في حروبهما من أشدّ الناس قتالاً وأنفذهم بصيرة، فبلغ ذلك عنهما أبا جعفر، فكان يقول: ما لي ولابني زيد، وما ينقمان علينا؟ ألم نقتل قتلة أبيهما ونطلب بثأرهما ونشفي صدورهما من عدوهما؟) [مقاتل الطالبيين ص269].
أقول: إنّ قوله: (فبلغ ذلك عنهما أبا جعفر) يدلّ على وصول أخبار الثورة وتفاصيلها للمنصور كما سبق وذكرتُ. فلو كان أوّل قتيلٍ من جيش المنصور قد هلك على يد الإمام الكاظم (عليه السلام) كما زعموا لكان من الأخبار المشهورة، ولوصل خبره إلى المنصور، ولاشتدَّ في طلبه، ولصار إلى معاقبته ومعاقبة أبيه.
وقال أبو الفرج - في ترجمة أبي أحمد الزبير عبد الله بن الزبير المحدث -: (... فلمّا قُتِل محمّد توارى فلم يزل في تواريه...) [مقاتل الطالبيين ص194ـ195].
ولا شكّ أنّ الجهاز الأمنيّ العباسيّ من القوّة بحيث يعرف المشاركين في تلك الثورة، خاصّة المشاركين بقتل الجيش العباسيّ، فما كان ليخفى على ذاك الجهاز بكلّ إمكانيّاته مشاركة الإمام الكاظم (عليه السلام) لو كان قد شارك في ثورة محمّد بن عبد الله المحض.
وتاسعاً: إذا راجعنا مصادر الجمهور نجد أنّ ثورات العلويّين وقيامهم لم تكن من شؤون الإمام الكاظم (عليه السلام)، فقد ذكر الخطيب البغداديُّ عن الإمام موسى بن جعفر أنّه قد تعهّد للمهدي العباسيّ بعدم القيام ضدّه أو ضدّ ولده، فقال الخليفة للإمام الكاظم (ع) فيما نقله البغداديّ: (وقال: أبا الحسن، إنّي رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في النوم يقرأ عليَّ كذا، فتؤمنني أنْ تخرج عليَّ أو على أحدٍ من ولدي؟ فقال: آلله، لا فعلتُ ذاك، ولا هو من شأني، قال: صدقت...) [تاريخ بغداد ج13 ص32، وينظر: المنتظم ج9 ص87، تهذيب الكمال ج29 ص49].
وقوله: «ولا هو من شأني» صريحٌ في بيان نهجه من عدم الخروج على العباسيّين وقتالهم، وهذا ينقض مشاركته في ثورة محمّد.
وعاشراً: شهد السري بن عبد الله – وهو من ولد الحارث بن العبّاس بن عبد المطّلب، وأحد أعوان العباسيّين – لموسى بن جعفر بعدم المشاركة في الثورات، فممّا قاله – كما نقل الأصفهانيّ –: (والله ما يزيدكم البغيُ إلّا ذلّة، ولو كنتم مثل بني عمّكم سلمتم - يعني موسى بن جعفر - وكنتم مثله، فقد عرف حقّ بني عمّه وفضلهم عليه، فهو لا يطلب ما ليس له) [مقاتل الطالبيين ص302ـ303].
اترك تعليق