مارية العبديَّة
السؤال: من هي مارية العبديَّة؟ وما هو دورها في الأحداث الحسينيَّة؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
هي مارية بنت سعد العبديَّة البصريَّة، من بني عبد القيس، ويقال لها: سعديَّة بنت منقذ، كانت تسكن مدينة البصرة في جنوب العراق، مواليَّةٌ لأهل البيت (عليهم السلام) تقيَّةٌ، شجاعةٌ، إحدى المجاهدات في البصرة، لها مكانةٌ عاليةٌ عند الشيعة) [أعلام النساء المؤمنات ص718]. وقد (قتل زوجها وأولادها يوم الجمل مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)) [النصرة لشيعة البصرة ص173].
قال العلَّامة المامقانيُّ في الكنى: (يُستفاد كونها إماميَّةً تقيَّةً ممَّا روي عن أبي جعفر الطبريّ: من أنَّها كانت تتشَّيع، وكانت دارها مألفاً للشيعة يتحدَّثون فيها، وقد كان ابن زياد بلغه إقبال الحسين (عليه السلام) ومكاتبة أهل العراق له، فأمر عامله أنْ يضع المناظر ويأخذ الطريق) [تنقيح المقال ج3 ص83].
كان لها دورٌ مهمٌ في أحداث حركة الحسين (عليه السلام) آنذاك، فقامت بفتح منزلها لأشراف أهل البصرة من أجل التشاور في أمر نصرة الحسين (عليه السلام)، وبالفعل فقد تمخَّض عن تلك الندوات والاجتماعات في منزلها المبارك أنَّ البعض من هؤلاء قد لحق بركب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) واستشهد معه.
قال الطبريُّ: (قال أبو مخنف: وذكر أبو المخارق الراسبيّ قال: اجتمع ناسٌ من الشيعة بالبصرة في منزل امرأةٍ من عبد القيس يُقال لها مارية ابنة سعد ـ أو منقذ ـ أياماً، وكانت تتشيَّع، وكان منزلها لهم مألفاً يتحدَّثون فيه، وقد بلغ ابن زياد إقبال الحسين، فكتب إلى عامله بالبصرة أنْ يضع المناظر ويأخذ. قال: فأجمع يزيد بن نبيط الخروج ـ وهو من عبد القيس ـ إلى الحسين، وكان له بنون عشرة، فقال: أيُّكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان له: عبد الله وعبيد الله، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: إني قد أزمعتُ على الخروج، وأنا خارج، فقالوا له: إنَّا نخاف عليك أصحاب ابن زياد، فقال: إنّي والله لو قد استوت اخفافهما بالجدد لهان عليَّ طلب من طلبني. قال: ثمَّ خرج فتقدى في الطريق حتَّى انتهى الى حسين (عليه السلام)، فدخل في رحله بالأبطح، وبلغ الحسين مجيئه، فجعل يطلبه، وجاء الرجل إلى رحل الحسين، فقيل له: قد خرج إلى منزلك، فأقبل في أثره، ولما لم يجده الحسين جلس في رحله ينتظره، وجاء البصريّ فوجده في رحله جالساً، فقال: «بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا». قال: فسلَّم عليه، وجلس إليه، فخبره بالذي جاء له، فدعا له بخير، ثمَّ أقبل معه حتَّى أتى فقاتل معه، فقُتل معه هو وابناه) [تاريخ الطبريّ ج5 ص353].
وقال العلَّامة المقرَّم: (وكانت مارية ابنة سعد ـ أو منقذ ـ أيمِّاً، وهي من الشيعة المخلصين ودارها مألفٌ لهم يتحدَّثون فيه فضل أهل البيت، فقال يزيد بن نبيط، وهو من عبد القيس لأولاده وهم عشرة: أيُّكم يخرج معي؟ فانتدب منهم اثنان عبد الله وعبيد الله، وقال له أصحابه في بيت تلك المرأة: نخاف عليك أصحاب ابن زياد، قال: والله لو استوت أخفافها بالجدد لهان عليَّ طلب من طلبني، وصحبه مولاه عامر، وسيف بن مالك، والأدهم بن أمية، فوافوا الحسين بمكَّة، وضمُّوا رحالهم إلى رحله حتَّى وردوا كربلاء، وقتلوا معه) [مقتل الحسين ص١٤٤].
وقال العلَّامة القرشي: (ولبَّى نداء الحق يزيد بن نبيط البصريّ، وكان ـ فيما يقول المؤرخون ـ يتردد إلى دار مارية ابنة سعد أو منقذ، وكانت دارها من منتديات الشيعة، وفيها تذاع فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وتنشر مآثرهم، ولما وجَّه الامام دعوته إلى أهل البصرة لنصرته استجاب لها يزيد بن نبيط، ولحق به من أولاده العشرة عبد الله وعبيد الله، وخاف عليه أصحابه أنْ يدركه الطلب من شرطة ابن زياد، فقال لهم: لو استوت اخفافها بالجدد لهان عليَّ طلب من طلبني، واستوى على جواده مع ولديه، وصحبه مولاه عامر، وسيف بن مالك، والأدهم بن أمية، فلحقوا بالإمام في مكَّة وصحبوه إلى العراق، واستشهدوا بين يديه في كربلاء) [حياة الإمام الحسين ج2 ص328].
والنتيجة النهائيَّة من كلِّ ذلك، أنَّ السيِّدة مارية العبديَّة (رضوان الله عليها) من النساء المواليات لأهل البيت (عليهم السلام)، وقد كان لها دورٌ مهمٌ في نصرة الإمام الحسين (عليه السلام).. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق