روايات أن المبغض لعلي (ع) هو ( ابن زنا ) موجودة في كتب أهل السنة قبل الشيعة.
شهاب/المغرب/: يروى ابن بابويه القمي في كتابه ( من لا يحضره الفقيه )( 2 / 580 ) وهو أحد الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة:[ وقال الصادق عليه السلام : " إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفة ، قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف ؟ قال : نعم ، قيل له وكيف ذاك ؟ قال : لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا " ]. وقد أشار إلى صحة الحديث محقق الكتاب علي أكبر غفاري فقال في هامش رقم ( 3 ):[ رواه المصنف في الصحيح في ثواب الأعمال ص 115 عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام ]. لن أقف مع بشاعة الطعن بحجاج بيت الله وقذفهم بـ "أولاد زنا" فهذا له موطن آخر ، ولكن سأقف لبيان السبب في تواجد أولاد الزنا في حجاج بيت الله الحرام وانعدامهم في زوار قبر الحسين رضي الله عنه .. لا شك ولا ريب بأن السبب هو تواجد أهل السنة وسائر الفرق المخالفة للإمامية في الحج ، بينما لا يكون زوار قبر الحسين رضي الله عنه إلا من الشيعة الإمامية فلا يكون فيهم أولاد زنا .. وهذا التفسير له شواهد عديدة من مروياتهم ، وسأكتفي بشاهدٍ واحد هو ما رواه ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني عن محمد الباقر رحمه الله في كتابه ( الكافي )( 8 / 285 ):[ والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا ]. وقد علَّق على هذا الحديث علامتهم ومحققهم محمد إسماعيل المازندراني الخاجوئي في كتابه ( الرسائل الفقهية )( 1 / 106 ):[ وهو صريح في أن مخالفينا أولاد الزنا ]. فتبين أن علة نظر الله تعالى عشية عرفة لزوار قبر الحسين رضي الله عنه قبل حجاج بيته الحرام ، لخلو الزوار من غير الشيعة الإمامية فلا يكون فيهم أولاد زنا ، وأما في الحج فيتواجد غيرهم فيكون فيهم أولاد زنا .. ولكن من يستقرئ الواقع وخصوصا ممن عاش بين أظهر الشيعة في العراق سيجد بطلان هذا التقرير ؛ إذ أن هناك أعداداً كبيرة من طوائف سنة العراق - ممن يتولون أبا بكر وعمر وعثمان ويقرون بخلافتهم ولا يرون الإمامة الإلهية ولا يخرجون خمس الإمام المعصوم - يشاركون الشيعة بزيارة قبر الحسين رضي الله عنه ويقدمون له النذور ويطلبون عنده قضاء الحاجات ، ولا شك بأن هؤلاء أولاد زنا لإنكارهم إمامة الأئمة الاثنى عشر وعدم إخراجهم خمس الإمام المعصوم .. ولا شك أيضاً بأن بعضهم يزور قبر الحسين رضي الله عنه عشية يوم عرفة .. وكيف سينظر الله تعالى إلى هؤلاء الزوار قبل الحجاج ، وقد تواجد أولاد الزنا في المكانين ؟!
الأخ شهاب .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم عليك أن تعرف أن المراد بهذه الروايات بعد الجمع بين مطلقها ومقيدها هو المبغض لعلي ( عليه السلام ) وهي لا تنفرد بذكرها مصادر الشيعة الإمامية فقط بل هي موجودة في كتب أهل السنة ومصاردهم أيضا ترويها بعدة طرق عن الصحابة ، واليك جملة منها :
1 - عن أبي سعيد الخدري قال: كنا معشر الأنصار نبور [ باره يبوره بورا: جربه واختبره] أولادنا بحبهم عليا رضي الله عنه، فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا أنه ليس منا .[ أسنى المطالب للحفاظ الجزري ص ٨، شرح ابن أبي الحديد ١ ص ٣٧٣]
2 - عبادة بن الصامت كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشدة .[أسنى المطالب ص ٨، نهاية ابن الأثير ١ ص ١١٨].
قال الحافظ الجزري في (أسنى المطالب) ص 8 بعد ذكر هذا الحديث: وهذا مشهور من قديم وإلى اليوم أنه ما يبغض عليا رضي الله عنه إلا ولد الزنا.
3 - أخرج الحافظ الحسن بن علي العدوي قال حدثنا أحمد بن عبدة الضبي عن أبي عيينة عن ابن الزبير عن جابر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نعرض أولادنا على حب علي بن أبي طالب. رجاله رجال الصحيحين كلهم ثقات.
4 - أخرج الحافظ ابن مردويه عن أحمد بن محمد النيسابوري عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أحمد قال سمعت الشافعي يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: قال أنس بن مالك: ما كنا نعرف الرجل لغير أبيه إلا ببغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
5 - أخرج ابن مردويه عن أنس في حديث: كان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثم يقف على طريق علي رضي الله عنه فإذا نظر إليه أومأ بإصبعه:
يا بني تحب هذا الرجل؟! فإن قال: نعم. قبله. وإن قال: لا، خرق به الأرض وقال له: إلحق بأمك.
6 - أخرج الحافظ الطبري في كتاب الولاية بإسناده عن علي عليه السلام إنه قال: لا يحبني ثلاثة: ولد الزنا. ومنافق. ورجل حملت به أمه في بعض حيضها.
7 - أخرج الحافظ الدارقطني وشيخ الاسلام الحموي في فرائده بإسنادهما عن أنس مرفوعا قال: إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر ثم ينادي مناد من بطنان العرش: أين محمد!
فأجيب: فيقال لي: ارق. فأكون أعلاه ثم ينادي الثانية: أين علي! فيكون دوني بمرقاةفيعلم جميع الخلايق أن محمدا سيد المرسلين وأن عليا سيد المؤمنين : قال أنس: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله: من يبغض عليا بعد؟! فقال: يا أخا الأنصار لا يبغضه من قريش إلا سفحي، ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعي، ولا من ساير الناس إلا شقي.
هذا الحديث ضعفه السيوطي لمكان إسماعيل بن موسى الفزاري في سنده. وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال مطين: كان صدوقا. وقال النسائي: لا بأس به. وعن أبي داود: إنه صدوق في الحديث روى عنه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، وأبو داود والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، والساجي، وأبو يعلى وغيرهم. ولم يذكر غمز فيه عن أحد من هؤلاء الأعلام، نعم: ذنبه الوحيد أنه شيعي علوي المذهب.
8 - عن أبي بكر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: معشر المسلمين!
أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد .[لرياض النضرة، للحافظ محب الدين الطبري 2 ص 189]
9 - عن أبي مريم الأنصاري عن علي عليه السلام قال: لا يحبني كافر ولا ولد زنا .[ شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 373]
10 - أخرج ابن عدي والبيهقي وأبو الشيخ والديلمي عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: من لم يعرف عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدى الثلاث: إما منافق. و إما ولد زانية. وإما امرؤ حملت به أمه في غير طهر .[ الصواعق لابن حجر ص 103، 139، الفصول المهمة 11، الشرف المؤبد ص 103 وليس فيه كلمة: والعرب ]
11 - روى المسعودي في (مروج الذهب) ج 2 ص 51 عن كتاب الأخبار لأبي الحسن علي بن محمد بن سليمان النوفلي بإسناده عن العباس بن عبد المطلب قال:
كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي بن أبي طالب فلما رآه أسفر في وجهه فقلت:
يا رسول الله! إنك لتسفر في وجه هذا الغلام. فقال: يا عم رسول الله والله لله أشد حبا له مني، ولم يكن نبي إلا وذريته الباقية بعده من صلبه وإن ذريتي بعدي من صلب هذا، إنه إذا كان يوم القيامة دعى الناس بأسمائهم وأسماء أمهاتهم إلا هذا وشيعته فإنهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحة ولادتهم.
12 - عن ابن عباس قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: رأيت النبي صلى الله عليه وآله عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه فقلت: ومن هذا الذي يلعنه رسول الله؟! قال: هذا الشيطان الرجيم. فقلت: والله يا عدو الله لأقتلنك ولأريحن الأمة منك. قال: والله ما هذا جزائي منك. قلت: وما جزاؤك مني يا عدو الله؟! قال: والله ما أبغضك أحد قط إلا شركت أباه في رحم أمه.
أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 ص 290، والكنجي في (الكفاية) ص 21 عن أربع من مشايخه.
روى شيخ الاسلام الحموي في فرايده في الباب الثاني والعشرين من طريق أبي الحسن الواحدي بإسناده، والزرندي في (نظم درر السمطين) عن الربيع بن سلمان قال: قيل للشافعي: إن قوما لا يصبرون على سماع فضيلة لأهل البيت فإذا أراد أحد يذكرها يقولون: هذا رافضي قال: فأنشأ الشافعي يقول:
إذا في مجلس ذكروا عليا * وسبطيه وفاطمة الزكية فأجرى بعضهم ذكرى سواهم * فأيقن انه لسلقلقيه إذا ذكروا عليا أو بنيه * تشاغل الروايات الدنية وقال: تجاوزا يا قوم! هذا * فهذا من حديث الرافضيه برئت إلى المهيمن من أناس * يرون الرفض حب الفاطميه على آل الرسول صلاة ربي * ولعنته لتلك الجاهلية وقد نظم هذه الأثارة كثير من الشعراء قديما وحديثا يضيق المجال بذكر شعرهم ومنه قول الصاحب ابن عباد:
بحب علي تزول الشكوك * وتصفو النفوس ويزكو النجار فمهما رأيت محبا له * فثم العلاء وثم الفخار ومهما رأيت بغيضا له * ففي أصله نسب مستعار فمهد على نصبه عذره * فحيطان دار أبيه قصار . انتهى
[ راجع فيما تقدم كتاب الغدير للعلامة الأميني ج4 ص322]
فهذه النقولات - كما ترى - من مصادر سنية وليست شيعية حتى تقول بإختصاص هذه الروايات في المصادر الشيعية فقط ، وهي شأنها شأن الروايات السنية الواردة في صحيح مسلم وغيره التي تقول أن المبغض لعلي ( عليه السلام ) منافق .
وبهذا البيان يتضح الجواب على إشكالكم بخصوص أهل السنة الذين يزورون الحسين (عليه السلام) يوم عرفة ، فهم من محبيه جزما ، ومعه لا تنطبق الروايات المذكورة عليهم.
ودمتم سالمين
اترك تعليق