ما سَببُ عَداءِ ابْنِ تَيميةَ لأهْلِ البيْتِ (ع)؟!!
الوافي عدي: ما سَببُ عَداءِ ابْنِ تَيميةَ الَّلعِينِ وحِقدِه الدَّفِينَ لأهْلِ الْبَيتِ (عليهم السلام)؟
الأخُ المحُتْرمُ.. السَّلامُ عَليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبرَكَاتُهُ.
قد تَخْفى علَينا الأسْبابُ والدوافِعُ الحقِيقيةُ وراءَ بَعضِ الأقْوالِ عند بعضِ الأشْخاصِ، ولكن كلُّ ما نملِكُهُ هو بياناتُهمُ الصَّادِرةُ عنهُم والتي خطَّتْها يَمِينُهمْ، وعند تَتبُّعِنا لابنِ تَيميةَ وَجدْناهُ كَثِيرَ التَّحامُلِ على أهلِ الْبيتِ (عليهم السلام)، حتى أنهُ خَالفَ في تَحامُلهِ هَذا القرآنَ والسُّنةَ الصَّحِيحةَ معاً، وإليكُم إنمُوذَجاً واحِداً فقط:
من الثَّابتِ في القُرآنِ الْكريمِ والسُّنةِ الشَّريفةِ تَفضِيلُ الأنْبِياءِ والصَّالِحينَ وأهْلِ العِلْمِ على غَيرِهمْ، وهذا المعْنى زَخرَتْ به آياتُ القُرآنِ الكَريمِ والأحَاديثُ الشَّرِيفةُ بِكَثْرة:
يَقُول تعالى: (إنَّ اللهَ اصطَفى آدمَ ونوُحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمْرانَ على العَالمِينَ ذُريةً بَعضُها من بَعضٍ). (آل عمران: 33- 34).
ويَقُول تعالى: (وكُلاً فَضلْنَا على العَالمِينَ ومن آبائِهِمْ وذُرِيَّاتهِم وإخْوانِهِم واجْتبيْنَاهُم وهَدينَاهُم إلى صِراطٍ مُستقيمٍ). (الأنعام: 86- 87).
ويَقُول تعالى: (قُل لا أسأَلُكُم عليهِ أجْراً إلا المودَّةَ في القُربى). (الشورى: 23).
وجاءَ عن النبِّيِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَولُه في عليٍ وفاطمةَ والحسنِ والحسينِ (عليهم السلام): "الَّلهُمَ هَؤلاءِ أهلُ بيَتِي فأَذْهِبْ عنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهِيراً". (صحيح مسلم ح / 2424، سنن الترمذي ح / 3205، 3787، 3871 وغيرُهُما).
وعِندَما نَزلَ قولُه تعالى: (إنَّ اللهَ وملَائِكتَهُ يُصلُّونَ على النبِّيِ يا أيُّها الذينَ آمنُوا صلُّوا عليهِ وسلِّمُوا تَسلِيماً). (الأحزاب: 56) أقْبلَ الصَّحابةُ يَسْألونَ رسُولَ اللهِ، فَقالُوا: كَيفَ نُصلِّي عَليكَ يا رسولَ اللهِ؟
فقَالَ: "قُولوا: اللَّهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كَما صلَّيتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، وبَارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كَما باركْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنكَ حَميدٌ مَجيدٌ". (رواه البخاري وغيره).
وأيضاً جاءَ عن النبِّيِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَولُه: (إنِّي تاركٌ فِيكُم ما إنْ تمَسَّكتُم به لَن تَضِلُّوا بَعدِي، أحَدُهمُا أعْظَمُ من الآخَرِ، كتابَ اللهِ، حَبلٌ مَمدودٌ من السَّماءِ إلى الأرضِ، وعِترَتي أهلَ بَيتِي ولن يَتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحَوضَ، فَانظُروا كيف تَخلُفُوني فِيهما) (مُختَصرُ صحيحِ الجامعِ الصغيرِ للسيوطي والألباني، رقم الحديث 1726ـ 2458).
فَكما نُلاحِظُ أنَّ هذِه الآيَاتِ تُشِيرُ من حيثُ الكُبرَى إلى جوازِ التَّفضيلِ لِقَومٍ دُونَ قَومٍ، ومن حيثُ الصُّغرَى تُشِيرُ إلى تَفضيلِ أهلِ البَيتِ (عليهم السلام) بالخُصوصِ، فماذا قَال ابنُ تَيميةَ عن تَقديمِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) وتَفضيلِهِم؟ قَال في "منهاج السُّنةِ النبويَّةِ ج3 ص 268: إنَّ فكرةَ تَقديمِ آلِ الرسُولِ في الخِلافةِ (هيَ من أثَرِ الجَاهِليةِ في تَقديمِ أهلِ بَيتِ الرُّؤَساءِ). انتهى.
والنَّتيجةُ: صَارَ عِندَنا الأمْرُ هكَذا: اللهُ ورَسولُه يقولانِ شيئاً وابنُ تَيميةَ يَقُولُ شيئاً آخرَ مُخالِفاً له، وكأنَّه لم تَرِدْ آيةٌ ولا رِوايةٌ (ولو ضعيفةٌ) في فَضلِهِم ولُزومِ تَقدِيمهِم (وخَاصةً أميرِ المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) الذي هو محلُّ الشَّاهدِ في كَلامِهِ المتَقدِّمِ) يُمكِنُ للآخِرينَ الإستِنادُ إليها، بلْ رمَى فِعلُهُم بالجاهليةِ الجَهلاءِ.
هكذا هو ابنُ تَيميةَ في تَعامُلِه مع أهلِ بيتِ النبِّيِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وشِيعَتهِم. واللهُ حَسيبُه على نَصْبِه وتَحامُلِه الباطِلِ هَذا.
ودُمتمْ سَالِمينَ.
اترك تعليق