لمِاذَا يَجبُ التَّقلِيدُ في فُروعِ الدينِ ولا يَجبُ في الأُصُول؟!!
علي عبد الحكيم الصالحي: السَّلامُ عليكُم.. هناكَ من يَقُول: إنَّ أصولَ الدينِ العامَّةَ لا تَقلِيدَ فيها، لكنْ لها فُروعٌ، وهذِه الفُروعُ يَجبُ على المكَلَّفِ التَّقلِيدُ فيها. فما هو رأيُ الشَّارع ِالمقَدسِ بهَذا الموْضُوعِ جَزاكمُ اللهُ خَيراً؟
الأخُ علي المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه.
أُصولُ الدينِ أُمورٌ عَقائِديةٌ يَنبَغِي عَقْدُ القلْبِ عليْها والإيمَانُ بها بشِكلٍ قَطعيٍّ وجَزميٍّ، والتَّقلِيدُ لا يُفِيدُ الجَزمَ والقَطعَ، بل أقصَى ما يُفِيدُه الظنَّ المعْتبرَ إذا كُنتَ تَثِقُ بِمَن تُقلِّدُه، ومِن هنا وَجبَ البَحثُ والتَّقصِّي عن الحَقائقِ في أُصولِ الدينِ حتى يَتوصَّلَ الإنسَانُ بِنَفْسِه إلى حَقِيقةِ هذِه العَقائِدِ ويُؤمِنَ بها عنْ يَقينٍ وتَدبُّرٍ، وهذا بخِلافِه في فُروعِ الدينِ (كالعِبادَاتِ من صَومٍ وصَلاةٍ وحَجٍّ وزكَاةٍ ونحوِها)، فهي أُمورٌ عَملِيةٌ - وليْستْ جَوانِحيةً عَقدِيةً كالْأصُولِ - يُمكِنُ الإكْتِفاءُ بها بالظَّنِ المعْتبَرِ الذي قَامتِ الأدِّلةُ على حُجيَّتهِ كالتَّقليدِ للِمرْجعِ الجَامِعِ للشَّرائطِ.
هذا الجَوابُ عن سُؤالِكمْ إذا كانَ المقْصُودُ منهُ فُروعَ الدينِ، أما إذا كانَ مَقْصودُكمْ الأُمورَ الفَرعِيةَ في العَقائِدِ كَتفَاصيلِ يومَ القِيامةِ مثلاً والرَّجعةِ ونحوِها، فالقَولُ فيهَا هو جَوازُ التَّقلِيدِ، لأنَّ أغلَبَها أُمورٌ سَمعِيةٌ خَاضِعةٌ للتَّحقِيقِ السَّندِي والدِّلالِي، وفي مِثلِها يُمكِنُ الرُّجوعُ لِأهلِ الِخبرَةِ لِمَعْرفةِ صِحَّتِها من عَدمِه.
ودُمتُم سَالِمينَ
اترك تعليق