مَن هي الأبوَابُ التي أمرَنَا اللهُ بالإتيَانِ مِنْها؟!!
الكَرِيم الكَرِيم/: قَالَ تعَالى في كِتَابِه العَزِيزِ٠٠ (ليسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ والمَغرِبِ ولكنَّ البِرَّ مَن آمنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ) وقَالَ تعَالى: (وأتُواالبُيُوتَ مِن أبوَابِهَا) ٠٠ ما المَقصُودُ منَ الأبوَابِ، هل هم الأئمَّةُ المَعصُومُونُ (صلوات الله عليهم أجمعين) أو أصحَابُ الإجتِهَادِ والتَّقلِيدِ في مَضمُونِ الآيةِ الشَّرِيفةِ، يُرجَى التَّوضِيحُ كمَا هو مَذكُورٌ في الأحَادِيثِ الشَّرِيفةِ؟ ٠٠ خَادِمُ آلِ مُحمَّدٍ (ص).
الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه.
ذَكرَ صَاحِبُ كِتَابِ تَفسِيرِ "نُور الثَّقلَينِ" خُلاصَةً لمَا وَردَ في تَفَاسِيرِ الشِّيعَةِ عن المُرَادِ مِن قَولِه تعَالى {وأتُوا البُيُوتَ مِن أبوَابِها} البقرة: 189، فقَالَ:
جاءَ في كِتَابِ "الإحتِجَاج" للطَّبرْسِي: وعن الأصبَغِ بنِ نَباتَةَ قَالَ: كُنتُ عندَ أمِيرِ المُؤمنِينَ (عليه السلام) فجَاءَه ابنُ الكَوا فقَالَ: يا أمِيرَ المُؤمنِينَ، قَولُ اللهِ (عزَّ وجلَّ):
(وليسَ البِرُّ بأنْ تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ولكنَّ البِرَّ مَن اتَّقَى وأتُوا البُيُوتَ مِن أبوَابِهَا) فقَالَ (عليه السلام): "نحنُ البُيُوتُ أمرَ اللهُ أنْ تُؤتَى أبوَابُها، نحنُ بَابُ اللهِ وبُيُوتُه التي يُؤتَى منْه، فمَن بَايَعَنا وأقرَّ بوِلَايَتِنا فقَد أتَى البُيُوتَ مِن أبوَابِها، ومَن خَالَفَنا وفَضَّلَ عَليْنا غَيرَنا فقَد أتَى البُيُوتَ مِن ظُهُورِها، إنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) لو شاءَ عرَّفَ النَّاسَ نَفسَه حتى يَعرِفُوهُ ويأتُوهُ مِن بَابِه، ولكنْ جَعَلَنا أبوَابَه وصِراطَه وسَبِيلَه وبَابَه الَّذي يُؤتَى منْه، قَالَ: فمَن عَدلَ عن وِلَايَتِنا وفَضَّلَ عَليْنا غَيرَنا فقَد أتَى البُيُوتَ مِن ظُهُورِها، وإنَّهم عن الصِّرَاطِ لنَاكِبُونَ" والحَدِيثُ طَوِيلٌ أخَذْنا منْه مَوضِعَ الحَاجَةِ.
وعن أمِيرِ المُؤمنِينَ (عليه السلام) حَدِيثٌ طَوِيلٌ، وفيه: وقد جَعلَ اللهُ للعِلْمِ أهلاً وفَرضَ على العِبَادِ طَاعَتَهم بقَولِه: (وأتُوا البُيُوتَ مِن أبوَابِها) والبُيُوتُ هي بُيُوتُ العِلْمِ الَّذي اسْتوْدَعَتْه الأنبِيَاءُ، وأبوَابُها أوصِيَاؤُهُم.
وفي تَفسِيرِ العيَّاشِي عن سَعدٍ عن أبِي جَعْفرٍ (عليه السلام) قَالَ: سَألتُه عن هذِهِ الآيةِ: (وليسَ البِرُّ بأنْ تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِها ولكنَّ البِرَّ مَن اتَّقَى وأتُوا البُيُوتَ مِن أبوَابِها) فقَالَ: آلُ مُحمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) أبوَابُ اللهِ وسَبِيلُه، والدُّعَاةُ إلى الجنَّةِ، والقَادةُ إليْها، والأدِلَّاءُ عَليْها إلى يومِ القِيَامةِ.
وفي مَجمَعِ البَيَانِ: (وليسَ البِرُّ بأنْ تَأتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا) فيْه وُجُوهٌ:
أحدها: أنَّه كانَ المُجرِمُونَ لا يَدخُلُونَ بُيُوتَهم مِن أبوَابِها ولكنَّهُم كَانُوا يُنقَّبُونَ في ظُهُورِ بُيُوتِهم، أي في مُؤخَّرِها نَقباً يَدخُلُونَ ويَخرُجُونَ منْه، فنُهُوا عن التَّديُّنِ بذلِك، رَواهُ أبو الجُارُودِ عن أبِي جَعْفرٍ (عليه السلام).
وثَانِيها: أنَّ مَعنَاه ليسَ البِرُّ أنْ تَأتُوا الأمُورَ مِن غَيرِ جِهَاتِها، ويَنبَغِي أنْ تَأتُوا الأمُورَ مِن جِهَاتِها أيَّ الأمُورِ كانَ، وهو المَروِيُّ عن جَابرٍ عن أبِي جَعْفرٍ (عليه السلام).
وثَالِثُها: قَالَ أبو جَعْفرٍ (عليه السلام): آلُ مُحمَّدٍ أبوَابُ اللهِ وسُبُلُه والدُّعَاةُ إلى الجنَّةِ والقّادةُ إليْها، والأدِلَّاءُ عَليْها إلى يومِ القِيَامةِ.
وقَالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "أنا مَدِينةُ العِلمِ وعليٌّ بَابُها، ولا تُؤتَى المَدِينةُ إلَّا مِن بَابِهَا"
ويُروَى: "أنا مَدِينةُ الحِكمَةِ). انتَهى.
وبالنِّسبَةِ لقَولِكُم: هل يُمثِّلُ المُجتَهِدُونَ أنَّهم الأبوَابُ التي أمَرَ اللهُ بالإتيَانِ مِنْها؟ الجَوابُ: نعم، إذا كانَ المُجتَهِدُ جَامِعاً لشَرائِطِ التَّقلِيدِ المُتعَارَفِ عَليْها في فِقهِ الإماميَّةِ يَكُونُ منَ الأبوَابِ التي أمَرَنا اللهُ بالإتيَانِ مِنْها؛ لأنَّه رُجُوعٌ مَشرُوعٌ ثَبتَ دَلِيلُه منَ الكِتَابِ والسُّنةِ الصَّحِيحةِ والسِّيرَةِ العُقلَائيَّةِ القَطعِيَّةِ المُمضَاةِ شَرعاً.
ودُمتُم سَالِمينَ.
اترك تعليق